بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المسائل المهمة جداً في حياتنا وسلوكنا وعلاقتنا مع الآخرين مسألةُ تقييم الأشخاص وكيف نتعامل معهم، هل على أساس الماضي فقط؟ أم على أساس الحاضر؟ وما هي الأسس التي نبني عليها موقفنا العاطفي والعملي تجاههم؟ فإذا أردنا تقييم إنسانٍ ما، فإن من الجَور أن نبني على ماضيه فقط، بل يجب الأخذ بعين الاعتبار حاضر هذا الإنسان. أما الذي يختلف ماضيه عن حاضره؛ فإن الإسلام يقودنا للتعاطي معه على أساس حاضره، فالمهم هو حاضر الإنسان الآن وواقعه الحالي.
وبناءً على ذلك، فإن المعيار الذي يتعلّق بحسابات وموازين الآخرة في تقييم الأشخاص هو حالهم عند رحيلهم عن هذه الدنيا؛
فعن رسول الله (ص):
«إنّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة سبعين سنة فيحيف (يظلم) في وصيّته فيختم له بعمل أهل النار، وإنّ الرجل ليعمل بعمل أهل النار سبعين سنة فيعدل في وصيّته فيختم له بعمل أهل الجنة» (1).
فالرواية تشير إلى أن العمل الذي يختم به الإنسان حياته مؤشرٌ على حاله ووزنه في الآخرة.
* من موارد دعاء النبي والأئمة(ع)
إذاً، فالذي يجب أن يشغل بال الإنسان حقيقةً ليس الحاضر بقدر المستقبل، مستقبل دينه وسلوكه وأخلاقه والتزامه، التزامه الفكري والسياسي والعملي. فهذا الذي ينبغي أن يشغل حيّزاً كبيراً من تفكيره؛ ولهذا نجد في الأدعية عن النبي (ص) وأهل بيته (ع) الطلب من الله أن يختم حياتهم بالخير وأن يرزقهم حسن العاقبة وأن يجعل عواقب أمورهم خيراً.
وهنا، علينا أن نفكّر ماذا ينبغي أن نفعل لتكون خاتمتنا طيّبة فتحسن عاقبتنا. وما هي الأمور التي علينا أن نحذر منها ونبتعد عنها حتى لا تسوء عاقبتنا.
* عوامل مؤثرة في العاقبة
إن العوامل والأمور المؤثرة في هذا المقام كثيرة، ولكن سأكتفي بذكر المهم والمؤثر منها:
1ـ الأمن من مكر الله سبحانه وتعالى
ويكون ذلك من خلال اطمئنان الإنسان إلى عمله الماضي واعتبار نفسه متديّناً، مجاهداً ومضحّياً... وقد يصل به ذلك إلى الإعجاب بعمله والاغترار به.
وهذا الأمن من مكر الله سبحانه يؤدي إلى نتائج سلبية على المستوى الروحي. ومع الوقت يجد الإنسان نفسه في مكان آخر مع العصاة والظّالمين.
يقول أمير المؤمنين(ع) في نهج البلاغة:
«يا ابن آدم إذا رأيت ربّك سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره» (2).
فانتبه أيها الإنسان من أن تعتَبر نفسك أهلاً لهذه النّعم. لقد كان رسول الله (ص) يحذّر من هذا الأمر ويوصي المؤمن بأن يكون خائفاً وقلقاً من سوء العاقبة،
فعنه صلى الله عليه وآله وسلم:
«لا يزال المؤمن خائفاً من سوء العاقبة، لا يتيقّن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت له...» (3).
فقلق المؤمن وخوفه ينتهيان عند نزع الروح. فمتى ما دام التكليف فعلياً عليه فهو في حالة خوفٍ وقلقٍ من أن يختم حياته بعملٍ سيّئ فتسوء عاقبته لا سمح الله.
2ـ اليأس من رحمة الله
عندما يتذكر الإنسان ماضيه السّيئ ومعاصيه وآثامه وخطاياه التي قد ارتكبها ييأس من رحمة الله ويعتبر أن باب التوبة قد أُغلق بوجهه، وهذا يجعله يغرق أكثر في المعصية، وبالتالي تسوء خاتمته وعاقبته.
الله سبحانه وتعالى يقول لنا لا تيأسوا:
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (الزمر: 53).
فالآية تقرر أن باب التوبة والإنابة والرجوع إلى الله مفتوح ولا يجوز للإنسان أن ييأس من رَوح الله مهما كانت ذنوبه ومعاصيه كثيرة. إلا أنّ هناك أمراً لا بُدّ من الالتفات له، وهو أن هذا الاستغفار لا علاقة له بما تعلَّق في ذمّة الإنسان من حقوق الناس، كالاعتداء عليهم أو على أموالهم وممتلكاتهم. فلا بُدّ من إرجاع الحقوق إلى أصحابها والمسامحة منهم.
من هذين العاملين نفهم معنى أن يعيش الإنسان المؤمن بين الخوف والرجاء؛ فلا الأمن من مكر الله جائز ولا اليأس من رحمته جائز أيضاً.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المسائل المهمة جداً في حياتنا وسلوكنا وعلاقتنا مع الآخرين مسألةُ تقييم الأشخاص وكيف نتعامل معهم، هل على أساس الماضي فقط؟ أم على أساس الحاضر؟ وما هي الأسس التي نبني عليها موقفنا العاطفي والعملي تجاههم؟ فإذا أردنا تقييم إنسانٍ ما، فإن من الجَور أن نبني على ماضيه فقط، بل يجب الأخذ بعين الاعتبار حاضر هذا الإنسان. أما الذي يختلف ماضيه عن حاضره؛ فإن الإسلام يقودنا للتعاطي معه على أساس حاضره، فالمهم هو حاضر الإنسان الآن وواقعه الحالي.
وبناءً على ذلك، فإن المعيار الذي يتعلّق بحسابات وموازين الآخرة في تقييم الأشخاص هو حالهم عند رحيلهم عن هذه الدنيا؛
فعن رسول الله (ص):
«إنّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة سبعين سنة فيحيف (يظلم) في وصيّته فيختم له بعمل أهل النار، وإنّ الرجل ليعمل بعمل أهل النار سبعين سنة فيعدل في وصيّته فيختم له بعمل أهل الجنة» (1).
فالرواية تشير إلى أن العمل الذي يختم به الإنسان حياته مؤشرٌ على حاله ووزنه في الآخرة.
* من موارد دعاء النبي والأئمة(ع)
إذاً، فالذي يجب أن يشغل بال الإنسان حقيقةً ليس الحاضر بقدر المستقبل، مستقبل دينه وسلوكه وأخلاقه والتزامه، التزامه الفكري والسياسي والعملي. فهذا الذي ينبغي أن يشغل حيّزاً كبيراً من تفكيره؛ ولهذا نجد في الأدعية عن النبي (ص) وأهل بيته (ع) الطلب من الله أن يختم حياتهم بالخير وأن يرزقهم حسن العاقبة وأن يجعل عواقب أمورهم خيراً.
وهنا، علينا أن نفكّر ماذا ينبغي أن نفعل لتكون خاتمتنا طيّبة فتحسن عاقبتنا. وما هي الأمور التي علينا أن نحذر منها ونبتعد عنها حتى لا تسوء عاقبتنا.
* عوامل مؤثرة في العاقبة
إن العوامل والأمور المؤثرة في هذا المقام كثيرة، ولكن سأكتفي بذكر المهم والمؤثر منها:
1ـ الأمن من مكر الله سبحانه وتعالى
ويكون ذلك من خلال اطمئنان الإنسان إلى عمله الماضي واعتبار نفسه متديّناً، مجاهداً ومضحّياً... وقد يصل به ذلك إلى الإعجاب بعمله والاغترار به.
وهذا الأمن من مكر الله سبحانه يؤدي إلى نتائج سلبية على المستوى الروحي. ومع الوقت يجد الإنسان نفسه في مكان آخر مع العصاة والظّالمين.
يقول أمير المؤمنين(ع) في نهج البلاغة:
«يا ابن آدم إذا رأيت ربّك سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره» (2).
فانتبه أيها الإنسان من أن تعتَبر نفسك أهلاً لهذه النّعم. لقد كان رسول الله (ص) يحذّر من هذا الأمر ويوصي المؤمن بأن يكون خائفاً وقلقاً من سوء العاقبة،
فعنه صلى الله عليه وآله وسلم:
«لا يزال المؤمن خائفاً من سوء العاقبة، لا يتيقّن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت له...» (3).
فقلق المؤمن وخوفه ينتهيان عند نزع الروح. فمتى ما دام التكليف فعلياً عليه فهو في حالة خوفٍ وقلقٍ من أن يختم حياته بعملٍ سيّئ فتسوء عاقبته لا سمح الله.
2ـ اليأس من رحمة الله
عندما يتذكر الإنسان ماضيه السّيئ ومعاصيه وآثامه وخطاياه التي قد ارتكبها ييأس من رحمة الله ويعتبر أن باب التوبة قد أُغلق بوجهه، وهذا يجعله يغرق أكثر في المعصية، وبالتالي تسوء خاتمته وعاقبته.
الله سبحانه وتعالى يقول لنا لا تيأسوا:
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (الزمر: 53).
فالآية تقرر أن باب التوبة والإنابة والرجوع إلى الله مفتوح ولا يجوز للإنسان أن ييأس من رَوح الله مهما كانت ذنوبه ومعاصيه كثيرة. إلا أنّ هناك أمراً لا بُدّ من الالتفات له، وهو أن هذا الاستغفار لا علاقة له بما تعلَّق في ذمّة الإنسان من حقوق الناس، كالاعتداء عليهم أو على أموالهم وممتلكاتهم. فلا بُدّ من إرجاع الحقوق إلى أصحابها والمسامحة منهم.
من هذين العاملين نفهم معنى أن يعيش الإنسان المؤمن بين الخوف والرجاء؛ فلا الأمن من مكر الله جائز ولا اليأس من رحمته جائز أيضاً.
الهوامش:
(1) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 100، ص 200.
(2) نهج البلاغة (خطب الإمام علي(ع))، الشريف الرضي، ج 4، ص 7.
(3) بحار الأنوار، م. س، ج 6، ص 176.
تعليق