استشهاد راهب بني هاشم الامام الكاظم (ع)
بقلم |مجاهد منعثر منشد
قتل الهدى غدرا ليحفظ عرشه ...ويذيق راهب ال أحمد بطشه
واستبدلوا لسمي موسى فرشه ...وضعوا على جسر الرصافة نعشه
وعليه نادى بالهوان منــــــــــــاد.
تمر علينا في الايام القادمة ذكرى استشهاد الامام موسى بن جعفر 25في رجب من كل عام هجري ..وكتبنا قبل هذا البحث مقالا قد اسميناه سابع الائمة الامام موسى الكاظم بن جعفر (عليهم السلام ) وكان ملخصا عام كبداية للدخول في هذا البحث حيث تتركز هذه الدراسة بشكل خاص عن مقتطفات من حياة الامام (ع) مع اربع حكام جور وظالمين واسباب استشهاد الامام الكاظم (ع) .
ففي زمن الامام الكاظم (ع) كان حكم فاسد منحرف .وبداية مرحلة الامام لها خصائص متميزة وهي توفر إمكانية انتزاع الحكم من الخلفاء العباسيين من جهة، وخاصية مبادرة أولئك الخلفاء من جهة ثانية – وبسبب خشيتهم من تحقق تلك الإمكانية – إلى توسع نطاق حملات القمع والاضطهاد وضد كافة المسلمين المعارضين لسلطاتهم بوجه عام، وضد المسلمين الشيعة وسائر العلويين من آل بيت الرسول (ص)، وفي مقدمتهم الإمام الكاظم ذاته، بوجه خاص.
وهناك احداث وتبدلات سياسية وفكرية واجتماعية على صعيد الدولة وأنظمة الحكم وعلى صعيد المجتمع الاسلامي شهدتها المرحلة التاريخية التي ولد وعاش فيها الإمام الكاظم (عليه السلام) .
ومنها سقوط الحكم الأموي وانتقال السلطة إلى يد العباسيين ..وكان ذلك انعطافا تاريخيا حيث كانت فترة أزمة ناشئة عن تطورات اجتماعية واقتصادية وفكرية تجاوزت الأوضاع القائمة وأورثت قلقا وتخلخلا .
تزامنت ولادة الامام مع عهد آخر حاكم أموي وهو مروان بن محمد المشهور بالحمار الذي تولى السلطة سنة 127هـ وقتل على يد العباسيين سنة 132هـ. وقد عاش الإمام الكاظم في كنف أبيه الإمام الصادق (عليه السلام) حوالي عشرين عام .
وبذلك عاصر الإمام الكاظم (عليه السلام) فضلا عن آخر حاكم أموي، اربعة من الحكام العباسيين وهم، أبو العباس السفاح، ابو جعفر المنصور المهدي، موسى الهادي، هارون الرشيد، وفي زمن المنصور آلت الإمامة الى الإمام الكاظم بنص من أبيه الإمام الصادق (عليه السلام) سنة 148هـ.
وظهرت الجماعات المنحرفة الملحدة في زمن العصر العباسي الاول .
وكان الحكم العباسي يمارس اشد اساليب القمع والاضطهاد والسجون والقتل ضد الشيعة والعلويين من آل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي الممارسة التي بلغت احدى ذرواتها الأكثر عنفاً في عهد هارون العباسي 1.
وكذلك نمو وإتساع الإتجاه المؤيد لآل بيت الرسول داخل المجتمع الاسلامي، وهو الأمر الذي دفع العباسيين في بداية دعوتهم إلى تبني هذا الاتجاه من جهة، وإلى توجيه أعنف حملات القمع والاضطهاد ضده بعد تسلمهم الحكم من جهة أخرى، لشعورهم بخطر هذا الاتجاه وأصبحت مهيئة للانقضاض على هذه السلطة إبان إمامة الإمام الكاظم (ع )2 .
من هنا بدأت واجبات الامام المعصوم (ع) التي تنص عليها الامامة وكما نعتقد بها الشيعة الإمامية: حفظ الدين وحراسة الاسلام، حماية بيضة الاسلام تحصين الثغور بالعدد، جهاد الكفار، تنفيذ الاحكام،، إقامة الحدود، اختيار الامناء والاكفاء وتقليد الولايات للثقات النصحاء، جباية أموال الفئ والصدقات والخراج وتقدير العطاء، ومشارفة الأمور العامة بنفسه 3 وهو ما يعني الجهاد لاقامة حكومة اسلامية شرعية4.
- أن الحكم العباسي قد بادر للانتقال إلى صراع حاد ومكشوف، اختار هو ميدانه وأساليب ضد الإمام وشيعته وضد سائر العلويين، ومحاولته جرهم إلى ذلك الميدان.
- لقد عاصر الإمام الكاظم حكم المنصور لمدة عشر سنوات قبل أن تؤول إليه الإمامة، التي كان منعقدا لواؤها إلى أبيه الإمام الصادق. وقد شهد الإمام الكاظم اندلاع ثورة محمد ذي النفس الزكية 5.
- في المدينة ونورة ابراهيم بن عبد الله العلوي في البصرة سنة 153هـ اللتين حظيتا بالرعاية السرية دون العلنية من قبل الإمام الصادق (عليه السلام) لقد اختزن الإمام الكاظم هذا الموقف عن أبيه وأدرك دلالاته في أن لحظة الصراع العلني المكشوف مع الحكم العباسي لم تحن بعد، فظل يمارس مسؤلياته بعد أبيه بحذر وحكمة حتى وفاة المنصور 6.
ويتولى المهدي الحكم خلفاً لأبيه المنصور سنة 158 هـ واتباعه سياسة المهادنة مع الإمام والعلويين في بداية الأمر ثم اعتقاله للإمام الكاظم لفترة قصير وإطلاق سراحه 7.
- واصل الإمام من جهة موقف المهادنة العلنية مع هذا الحكم وموقف الرعاية السرية للمعارضة الشيعية العلوية .
أما موسى الهادي الذي تولى الحكم بوصية من أبيه المهدي سنة 159هـ، فقد بدأ حكمه بتشديد حملة القمع والإرهاب والاضطهاد ضد العلويين مما أدى إلى تململهم وإعلان الثورة على حكمه.
- لم يشأن الإمام الكاظم (عليه السلام) التصادم العلني مع حكم الهادي، مفضلاً تقديم الدعم والرعاية السرية للمعارضة العلوية. لذلك عندما عقد الحسين بن علي حفيد الإمام الحسن (عليه السلام) العز على الثورة ضد حكم الهادي سنة 159هـ (في واقعة فخ) ودعه الإمام الكاظم بالقول (أنت مقتول فأحدّ الضراب فإن القوم فسّاق يظهرون إيماناً ويضمرون نفاقاً وشركاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون وعند الله احتسبكم من عصبة8 .
ورغم عدم تصدر الإمام الكاظم (ع) المجابهة وإخفاء دعمه وتأييده لثورة الحسين في واقعة فخ 9.
فإن الهادي وجه اتهاما مباشرا إليه وأطلق تهديداته بقتله بقوله (والله ما خرج حسين إلا عن أمره ولا أتبع إلا محبته لأنه صاحب الوصية في أهل البيت قتلني الله أن أبقيت عليه10.
وبعد وفاة الحاكم العباسي الهادي وتولي أخوه هارون الحكم بدأت حقبة جديدة من تاريخ الصراع بين هذا الحكم وبين الإمام الكاظم (عليه السلام) وشيعته، وآل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي الحقبة التي اتسمت بمواصلة هارون بل وحتى تجاوزه لسياسة سلفه المنصور في معاداة الإمام وآل البيت وفي تشديد تسليطه سيف القمع والإرهاب والقتل ضدهم، حيث أعلن هارون العباسي صراحة (والله لاقتلهم –أي العلويين- ولأقتلن شيعتهم 11.
وقد أعقب ذلك اتخاذه عددا من الإجراءات المعادية منها إبعاد عدد كبير من قادة آل البيت والعلويين من بغداد إلى يثرب، وأمره بهدم مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) ومدينة كربلاء وارتكاب مجازر دموية بالقتل الجماعي لعدد من العلويين 12.
وهناك مواقف صريحه مع هارون الغير رشيد هي :ـ
عندما احتج الإمام (عليه السلام) على هارون بقوله انه أولى بالنبي العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) من جميع المسلمين فهو أحد أسباطه ووريثه وأنه أحق بالخلافة من غيره وذلك عندما التقيا عند مرقد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد دفع ذلك هارون إلى الأمر باعتقال الإمام (ع) وزجّه في السجن 13.
جواب الإمام الكاظم على طلب هارون تعين حدود فدك المغصوبة ليرجعها الى بني فاطمة (ع) فحددها برقعة الاسلام كله بقوله، هذه هي الحدود التي هي لنا وقد غصبت منا .14.
ادانة لعدم شرعية الحكم العباسي، وحق آل البيت والإمام الكاظم والإمامة والخلافة.
إجابة الإمام الكاظم عندما دخل على دار خارون وسأله ما هذه الدار؟ بقوله (هذه دار الفاسقين) ثم أعقب ذلك بتلاوة الاية الكريمة(الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار)15.
تحذيرة كذلك لزياد بن أبي سلمة التلبس بأي وظيفة من وظائف حكومة هارون بقوله (يا زياد، لأن اسقط من شاهق فانقطع قطعة قطعة أحب إلي من أن أتولى لهم عملاً أو أطأ بساط رجل منهم 16.
غير أن هذا التحريم والتحذير من العمل مع حكومة هارون ، لم يجر التغاضي عنه إلا في بعض الحالات التي يستثنيها الإمام بالذات للمصلحة، مثل حالة عمل علي بن يقطين كوزير في حكومة هارون 17.
وتواصلا مع موقفه في تصعيد مقاومته لحكم هارون وتحديه أرسل الإمام الكاظم برسالة إلى هارون من السجن عير فيها عن سخطه البالغ عليه، وذكره فيها بعدم شرعيته وبمصيره، وقال فيها انه لن ينقضي عليَّ يوم من البلاء حتى ينقضي عنك يوم الرخاء حتى نمضي معا إلى يوم ليس فيه انقضاء ولا يخسر فيه إلا المبطلون18.
لقد ورث الإمام الكاظم عن جده الإمام الباقر، الذي تولى الإمامة في ظل سيطرة الأمويين على الحكم، تجربة تنظيمية غنية لمواجهة حكام الجور اللاشرعيين
وهي تجربة لا بد أن يكون الإمام الكاظم قد استحضرها لمواجهة حكم هارون حيث أصبحت الحاجة لذلك شاخصة إمامة ذلك لان الثورة العباسية التي أثرت على حركات الشيعة لقنت جميع الأحزاب الاسلامية درساً بليغاً فيه أن التحرك ينبغي ان يعتمد على الخطط الطويلة الأمد والواضحة الأهداف، وان النشاط الدعوي ينبغي أن يكثف في المناطق النائية من مركز السلطة الرسمية لتبعد الشبهات عن رجالها.
وبالفعل، فقد أسست الشيعة، في العصرين الأموي والعباسي أحزاباً سرية شكلت خلايا ومنظمات يرأس كل منها الداعي قامت بالدعاية السرية وقاومت الحكومات اللاشرعية، واحتفظت بسجلات تحتوي على أسماء الدعاة، وكان من بينها سجلات خاصة بأسماء الشيعة عند بعض أصحاب الأئمة، كما كانت الأحزاب تلجأ أحيانا، إلى المناظرات والكتابة على الجدران لاطلاع الناس على مواقفها، كما تلجأ اإلى السرية والكتمان والتقية 21.
، ومهما كانت أشكال علاقة الإمام الكاظم بالأحزاب الشيعية في عصره وموقفه منها، سواء كانت بالتوجيه والإشراف المباشر أو الرعاية والإرشاد، فانه كان يقوم من جهة بتكليف جماعة من تلاميذه وأصحابه للقيام بدور وكلاء له في بعض المناطق الاسلامية وأرجع إليهم شيعته لأخذ الأحكام الدينية منهم، كما وكلهم أيضاً في قبض الحقوق الشرعية، وأذن لهم بصرفها على مستحقيها،. وفضلاً عن ذلك فإن بعض الأقاليم الاسلامية التي كانت تدين بالإمامة، تقوم بإرسال مبعوث خاص عنها إلى الإمام حينما كان في السجن فيزودون بالفتاوى والإجابات على رسائلهم كما كان يتصل بالإمام أيضاً في سجنه بالبصرة عدد من العلماء والرواة بطرق خفية وتستر شديد عن أعين السلطة 22.
زمن حكم ابو جعفر المنصور الدوانيقى
دامت فترةَ تَوَلِّي الامامِ الكاظم الامامةَ في عهدِ المنصـور نحوَ عشر سنوات ولاتوجد أي رواية يذكرها المؤرخون بأنه قد سجن الامام .ولكن كان تحت الرقابة ومتابعة العيون وأجهزة التجسّس ، حتّى مات المنصور في الثالث من ذي الحجّة سنة 158 هـ .
هذه الشخصية كانت مشهوره بالبخل حتى لقب بالدوانيقى، و مشهور بالخيانة و اللئم و عدم الوفاء حتى عند ابرز مظاهر شخصية الغدر و الفتك حتى بالقرب المقربين اليه، و كان المنصور بنى الاسطوانات الدائرية على شيعة اهل البيت و هم احياء فعرف بحقده للشيعه.
و هو الملك الثانى للدولة العباسية بعد اخيه، ابا العباس السفاح، و كان المنصور السبب الاول لسم الامام الصادق (ع) و استشهاده ..
وكانت معاناة العلويون من اشد واكبر المعاناة في زمنه .
. وكان أبو جعفر المنصور قد صادرَ أموالَ العلويين وأدخلَهُمُ السجونَ والمحابِسَ . وتَفَنَّنَ في أساليبِ القتل . و يُثقِلُهُم بالضّربِ والحديدِ حتّى يَنهكَهُم فيموتوا .
وكانت حركة الامام الكاظم (ع) في فترة حكم المنصور تعليم الناس واظهار المعجزات
التي لا تتعارض مع هذه الفترة وتنسجم مع ظروفها باسلوب علاجي لبعض الظواهر الانحرافية لتأسيس ثوابت مستقبلية .
وكان الامام (ع) لابد ان يجعل الناس تميز بين الحق والباطل حيث ابرز مايتميز به عن غيره من الادعياء وزعماء الفرق والطوائف الضالّة في زمانه ..وذلك في إبرازه للقدرات الغيبية .
بقلم |مجاهد منعثر منشد
قتل الهدى غدرا ليحفظ عرشه ...ويذيق راهب ال أحمد بطشه
واستبدلوا لسمي موسى فرشه ...وضعوا على جسر الرصافة نعشه
وعليه نادى بالهوان منــــــــــــاد.
تمر علينا في الايام القادمة ذكرى استشهاد الامام موسى بن جعفر 25في رجب من كل عام هجري ..وكتبنا قبل هذا البحث مقالا قد اسميناه سابع الائمة الامام موسى الكاظم بن جعفر (عليهم السلام ) وكان ملخصا عام كبداية للدخول في هذا البحث حيث تتركز هذه الدراسة بشكل خاص عن مقتطفات من حياة الامام (ع) مع اربع حكام جور وظالمين واسباب استشهاد الامام الكاظم (ع) .
ففي زمن الامام الكاظم (ع) كان حكم فاسد منحرف .وبداية مرحلة الامام لها خصائص متميزة وهي توفر إمكانية انتزاع الحكم من الخلفاء العباسيين من جهة، وخاصية مبادرة أولئك الخلفاء من جهة ثانية – وبسبب خشيتهم من تحقق تلك الإمكانية – إلى توسع نطاق حملات القمع والاضطهاد وضد كافة المسلمين المعارضين لسلطاتهم بوجه عام، وضد المسلمين الشيعة وسائر العلويين من آل بيت الرسول (ص)، وفي مقدمتهم الإمام الكاظم ذاته، بوجه خاص.
وهناك احداث وتبدلات سياسية وفكرية واجتماعية على صعيد الدولة وأنظمة الحكم وعلى صعيد المجتمع الاسلامي شهدتها المرحلة التاريخية التي ولد وعاش فيها الإمام الكاظم (عليه السلام) .
ومنها سقوط الحكم الأموي وانتقال السلطة إلى يد العباسيين ..وكان ذلك انعطافا تاريخيا حيث كانت فترة أزمة ناشئة عن تطورات اجتماعية واقتصادية وفكرية تجاوزت الأوضاع القائمة وأورثت قلقا وتخلخلا .
تزامنت ولادة الامام مع عهد آخر حاكم أموي وهو مروان بن محمد المشهور بالحمار الذي تولى السلطة سنة 127هـ وقتل على يد العباسيين سنة 132هـ. وقد عاش الإمام الكاظم في كنف أبيه الإمام الصادق (عليه السلام) حوالي عشرين عام .
وبذلك عاصر الإمام الكاظم (عليه السلام) فضلا عن آخر حاكم أموي، اربعة من الحكام العباسيين وهم، أبو العباس السفاح، ابو جعفر المنصور المهدي، موسى الهادي، هارون الرشيد، وفي زمن المنصور آلت الإمامة الى الإمام الكاظم بنص من أبيه الإمام الصادق (عليه السلام) سنة 148هـ.
وظهرت الجماعات المنحرفة الملحدة في زمن العصر العباسي الاول .
وكان الحكم العباسي يمارس اشد اساليب القمع والاضطهاد والسجون والقتل ضد الشيعة والعلويين من آل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي الممارسة التي بلغت احدى ذرواتها الأكثر عنفاً في عهد هارون العباسي 1.
وكذلك نمو وإتساع الإتجاه المؤيد لآل بيت الرسول داخل المجتمع الاسلامي، وهو الأمر الذي دفع العباسيين في بداية دعوتهم إلى تبني هذا الاتجاه من جهة، وإلى توجيه أعنف حملات القمع والاضطهاد ضده بعد تسلمهم الحكم من جهة أخرى، لشعورهم بخطر هذا الاتجاه وأصبحت مهيئة للانقضاض على هذه السلطة إبان إمامة الإمام الكاظم (ع )2 .
من هنا بدأت واجبات الامام المعصوم (ع) التي تنص عليها الامامة وكما نعتقد بها الشيعة الإمامية: حفظ الدين وحراسة الاسلام، حماية بيضة الاسلام تحصين الثغور بالعدد، جهاد الكفار، تنفيذ الاحكام،، إقامة الحدود، اختيار الامناء والاكفاء وتقليد الولايات للثقات النصحاء، جباية أموال الفئ والصدقات والخراج وتقدير العطاء، ومشارفة الأمور العامة بنفسه 3 وهو ما يعني الجهاد لاقامة حكومة اسلامية شرعية4.
- أن الحكم العباسي قد بادر للانتقال إلى صراع حاد ومكشوف، اختار هو ميدانه وأساليب ضد الإمام وشيعته وضد سائر العلويين، ومحاولته جرهم إلى ذلك الميدان.
- لقد عاصر الإمام الكاظم حكم المنصور لمدة عشر سنوات قبل أن تؤول إليه الإمامة، التي كان منعقدا لواؤها إلى أبيه الإمام الصادق. وقد شهد الإمام الكاظم اندلاع ثورة محمد ذي النفس الزكية 5.
- في المدينة ونورة ابراهيم بن عبد الله العلوي في البصرة سنة 153هـ اللتين حظيتا بالرعاية السرية دون العلنية من قبل الإمام الصادق (عليه السلام) لقد اختزن الإمام الكاظم هذا الموقف عن أبيه وأدرك دلالاته في أن لحظة الصراع العلني المكشوف مع الحكم العباسي لم تحن بعد، فظل يمارس مسؤلياته بعد أبيه بحذر وحكمة حتى وفاة المنصور 6.
ويتولى المهدي الحكم خلفاً لأبيه المنصور سنة 158 هـ واتباعه سياسة المهادنة مع الإمام والعلويين في بداية الأمر ثم اعتقاله للإمام الكاظم لفترة قصير وإطلاق سراحه 7.
- واصل الإمام من جهة موقف المهادنة العلنية مع هذا الحكم وموقف الرعاية السرية للمعارضة الشيعية العلوية .
أما موسى الهادي الذي تولى الحكم بوصية من أبيه المهدي سنة 159هـ، فقد بدأ حكمه بتشديد حملة القمع والإرهاب والاضطهاد ضد العلويين مما أدى إلى تململهم وإعلان الثورة على حكمه.
- لم يشأن الإمام الكاظم (عليه السلام) التصادم العلني مع حكم الهادي، مفضلاً تقديم الدعم والرعاية السرية للمعارضة العلوية. لذلك عندما عقد الحسين بن علي حفيد الإمام الحسن (عليه السلام) العز على الثورة ضد حكم الهادي سنة 159هـ (في واقعة فخ) ودعه الإمام الكاظم بالقول (أنت مقتول فأحدّ الضراب فإن القوم فسّاق يظهرون إيماناً ويضمرون نفاقاً وشركاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون وعند الله احتسبكم من عصبة8 .
ورغم عدم تصدر الإمام الكاظم (ع) المجابهة وإخفاء دعمه وتأييده لثورة الحسين في واقعة فخ 9.
فإن الهادي وجه اتهاما مباشرا إليه وأطلق تهديداته بقتله بقوله (والله ما خرج حسين إلا عن أمره ولا أتبع إلا محبته لأنه صاحب الوصية في أهل البيت قتلني الله أن أبقيت عليه10.
وبعد وفاة الحاكم العباسي الهادي وتولي أخوه هارون الحكم بدأت حقبة جديدة من تاريخ الصراع بين هذا الحكم وبين الإمام الكاظم (عليه السلام) وشيعته، وآل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي الحقبة التي اتسمت بمواصلة هارون بل وحتى تجاوزه لسياسة سلفه المنصور في معاداة الإمام وآل البيت وفي تشديد تسليطه سيف القمع والإرهاب والقتل ضدهم، حيث أعلن هارون العباسي صراحة (والله لاقتلهم –أي العلويين- ولأقتلن شيعتهم 11.
وقد أعقب ذلك اتخاذه عددا من الإجراءات المعادية منها إبعاد عدد كبير من قادة آل البيت والعلويين من بغداد إلى يثرب، وأمره بهدم مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) ومدينة كربلاء وارتكاب مجازر دموية بالقتل الجماعي لعدد من العلويين 12.
وهناك مواقف صريحه مع هارون الغير رشيد هي :ـ
عندما احتج الإمام (عليه السلام) على هارون بقوله انه أولى بالنبي العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) من جميع المسلمين فهو أحد أسباطه ووريثه وأنه أحق بالخلافة من غيره وذلك عندما التقيا عند مرقد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد دفع ذلك هارون إلى الأمر باعتقال الإمام (ع) وزجّه في السجن 13.
جواب الإمام الكاظم على طلب هارون تعين حدود فدك المغصوبة ليرجعها الى بني فاطمة (ع) فحددها برقعة الاسلام كله بقوله، هذه هي الحدود التي هي لنا وقد غصبت منا .14.
ادانة لعدم شرعية الحكم العباسي، وحق آل البيت والإمام الكاظم والإمامة والخلافة.
إجابة الإمام الكاظم عندما دخل على دار خارون وسأله ما هذه الدار؟ بقوله (هذه دار الفاسقين) ثم أعقب ذلك بتلاوة الاية الكريمة(الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار)15.
تحذيرة كذلك لزياد بن أبي سلمة التلبس بأي وظيفة من وظائف حكومة هارون بقوله (يا زياد، لأن اسقط من شاهق فانقطع قطعة قطعة أحب إلي من أن أتولى لهم عملاً أو أطأ بساط رجل منهم 16.
غير أن هذا التحريم والتحذير من العمل مع حكومة هارون ، لم يجر التغاضي عنه إلا في بعض الحالات التي يستثنيها الإمام بالذات للمصلحة، مثل حالة عمل علي بن يقطين كوزير في حكومة هارون 17.
وتواصلا مع موقفه في تصعيد مقاومته لحكم هارون وتحديه أرسل الإمام الكاظم برسالة إلى هارون من السجن عير فيها عن سخطه البالغ عليه، وذكره فيها بعدم شرعيته وبمصيره، وقال فيها انه لن ينقضي عليَّ يوم من البلاء حتى ينقضي عنك يوم الرخاء حتى نمضي معا إلى يوم ليس فيه انقضاء ولا يخسر فيه إلا المبطلون18.
لقد ورث الإمام الكاظم عن جده الإمام الباقر، الذي تولى الإمامة في ظل سيطرة الأمويين على الحكم، تجربة تنظيمية غنية لمواجهة حكام الجور اللاشرعيين
وهي تجربة لا بد أن يكون الإمام الكاظم قد استحضرها لمواجهة حكم هارون حيث أصبحت الحاجة لذلك شاخصة إمامة ذلك لان الثورة العباسية التي أثرت على حركات الشيعة لقنت جميع الأحزاب الاسلامية درساً بليغاً فيه أن التحرك ينبغي ان يعتمد على الخطط الطويلة الأمد والواضحة الأهداف، وان النشاط الدعوي ينبغي أن يكثف في المناطق النائية من مركز السلطة الرسمية لتبعد الشبهات عن رجالها.
وبالفعل، فقد أسست الشيعة، في العصرين الأموي والعباسي أحزاباً سرية شكلت خلايا ومنظمات يرأس كل منها الداعي قامت بالدعاية السرية وقاومت الحكومات اللاشرعية، واحتفظت بسجلات تحتوي على أسماء الدعاة، وكان من بينها سجلات خاصة بأسماء الشيعة عند بعض أصحاب الأئمة، كما كانت الأحزاب تلجأ أحيانا، إلى المناظرات والكتابة على الجدران لاطلاع الناس على مواقفها، كما تلجأ اإلى السرية والكتمان والتقية 21.
، ومهما كانت أشكال علاقة الإمام الكاظم بالأحزاب الشيعية في عصره وموقفه منها، سواء كانت بالتوجيه والإشراف المباشر أو الرعاية والإرشاد، فانه كان يقوم من جهة بتكليف جماعة من تلاميذه وأصحابه للقيام بدور وكلاء له في بعض المناطق الاسلامية وأرجع إليهم شيعته لأخذ الأحكام الدينية منهم، كما وكلهم أيضاً في قبض الحقوق الشرعية، وأذن لهم بصرفها على مستحقيها،. وفضلاً عن ذلك فإن بعض الأقاليم الاسلامية التي كانت تدين بالإمامة، تقوم بإرسال مبعوث خاص عنها إلى الإمام حينما كان في السجن فيزودون بالفتاوى والإجابات على رسائلهم كما كان يتصل بالإمام أيضاً في سجنه بالبصرة عدد من العلماء والرواة بطرق خفية وتستر شديد عن أعين السلطة 22.
زمن حكم ابو جعفر المنصور الدوانيقى
دامت فترةَ تَوَلِّي الامامِ الكاظم الامامةَ في عهدِ المنصـور نحوَ عشر سنوات ولاتوجد أي رواية يذكرها المؤرخون بأنه قد سجن الامام .ولكن كان تحت الرقابة ومتابعة العيون وأجهزة التجسّس ، حتّى مات المنصور في الثالث من ذي الحجّة سنة 158 هـ .
هذه الشخصية كانت مشهوره بالبخل حتى لقب بالدوانيقى، و مشهور بالخيانة و اللئم و عدم الوفاء حتى عند ابرز مظاهر شخصية الغدر و الفتك حتى بالقرب المقربين اليه، و كان المنصور بنى الاسطوانات الدائرية على شيعة اهل البيت و هم احياء فعرف بحقده للشيعه.
و هو الملك الثانى للدولة العباسية بعد اخيه، ابا العباس السفاح، و كان المنصور السبب الاول لسم الامام الصادق (ع) و استشهاده ..
وكانت معاناة العلويون من اشد واكبر المعاناة في زمنه .
. وكان أبو جعفر المنصور قد صادرَ أموالَ العلويين وأدخلَهُمُ السجونَ والمحابِسَ . وتَفَنَّنَ في أساليبِ القتل . و يُثقِلُهُم بالضّربِ والحديدِ حتّى يَنهكَهُم فيموتوا .
وكانت حركة الامام الكاظم (ع) في فترة حكم المنصور تعليم الناس واظهار المعجزات
التي لا تتعارض مع هذه الفترة وتنسجم مع ظروفها باسلوب علاجي لبعض الظواهر الانحرافية لتأسيس ثوابت مستقبلية .
وكان الامام (ع) لابد ان يجعل الناس تميز بين الحق والباطل حيث ابرز مايتميز به عن غيره من الادعياء وزعماء الفرق والطوائف الضالّة في زمانه ..وذلك في إبرازه للقدرات الغيبية .
تعليق