وقد تعرّض الإمام الكاظم (عليه السلام) لعدّة محاولات اغتيال فاشلة داخل السجن ، منها مارواه ابن شهرآشوب عن علي بن أبي حمزة قال: كان يتقدّم الرشيد إلى خدمه إذا خرج موسى بن جعفر من عنده أن يقتلوه ، فكانوا يهمّون به فيتداخلهم من الهيبة والزمع، فلمّا طال ذلك أمر بتمثال من خشب وجعل له وجهاً مثل وجه موسى بن جعفر، وكانوا إذا سكروا أمرهم أن يذبحوها بالسكاكين، وكانوا يفعلون ذلك أبداً. فلمّا كان في بعض الأيام جمعهم في الموضع وهم سكارى وأخرج سيّدي إليهم، فلمّا بصروا به همّوا به على رسم الصورة. فلمّا علم منهم مايريدون كلّمهم بالخزرية والتركيّة، فرموا من أيديهم السكاكين ووثبوا إلى قدميه فقبّلوهما وتضرّعوا إليه وتبعوه إلى ان شيّعوه إلى المنزل الذي كان ينزل فيه، فسألهم الترجمان عن حالهم فقالوا: إن هذا الرجل يصير إلينا في كل عام فيقضي أحكامنا ويرضي بعضنا من بعض، ونستسقي به إذا قحط بلدنا، وإذا نزلت بنا نازلة فزعنا إليه ، فعاهدهم أنه لا يأمرهم بذلك فرجعوا[1] .
ومنها مارواه الصدوق عن عمر بن واقد قال: إنّ هارون الرشيد لمّا ضاق صدره ممّا كان يظهر له من فضل موسى بن جعفر (عليهما السلام) وما كان يبلغه عنه من قول الشيعة بإمامته واختلافهم في السرّ إليه بالليل والنهار خشية على نفسه وملكه ففكّر في قتله بالسمّ، فدعا برطب فأكل منه ثم أخذ صينية فوضع فيها عشرين رطبة وأخذ سلكاً فعركه في السم وأدخله في سمّ الخياط، وأخذ رطبة من ذلك الرطب فأقبل يردّد إليها ذلك السمّ بذلك الخيط، حتى علم أنّه قد حصل السمّ فيها فاستكثر منه ثم ردّها في ذلك الرطب، وقال لخادم له: احمل هذه الصينية إلى موسى بن جعفر وقل له: إنّ أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب وتنغّص لك به، وهو يُقسم عليك بحقّه لمّا أكلتها عن آخر رطبة فإنّي اخترتها لك بيدي، ولا تتركه يُبقي منها شيئاً ، ولا يُطعم منها أحداً.
فأتاه بها الخادم وأبلغه الرسالة فقال له: ائتني بخلال ، فناوله خلالاً ، وقام بإزائه وهو يأكل من الرطب ، وكانت للرشيد كلبة تعزّ عليه، فجذبت نفسها وخرجت تجرّ سلاسلها من ذهب وجوهر حتى حاذت موسى بن جعفر (عليه السلام)، فبادر بالخلال إلى الرطبة المسمومة ورمى بها إلى الكلبة فأكلتها ، فلم تلبث أن ضربت بنفسها الأرض وعوت وتهرَّت قطعة قطعة، واستوفى (عليه السلام) باقي الرطب. وحمل الغلام الصينية حتى صار بها إلى الرشيد.
فقال له: قد أكل الرطب عن آخره؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين . قال: فكيف رأيته؟ قال: ما أنكرت منه شيئاً يا أمير المؤمنين. قال: ثم ورد عليه خبر الكلبة وأنّها قد تهرّت وماتت. فقلق الرشيد لذلك قلقاً شديداً واستعظمه ، ووقف على الكلبة فوجدها متهرئة بالسمّ، فأحضر الخادم ودعا له بسيفٍ ونطع وقال له: لتصدّقني عن خبر الرطب أو لأقتلنّك. فقال: يا أمير المؤمنين إنّي حملت الرطب إلى موسى بن جعفر وأبلغته سلامك وقمت بإزائه ، فطلب منّي خلالاً فدفعته إليه، فأقبل يغرز في الرطبة بعد الرطبة ويأكلها حتى مرّت الكلبة، فغرز الخلال في رطبة من ذلك الرطب فرمى بها فأكلتها الكلبة وأكل هو باقي الرطب، فكان ماترى يا أمير المؤمنين [2].
[1] بحار الأنوار 48: 140/16. والزمع ـ بالتحريك ـ : الدهش.
[2] بحار الأنوار 48: 222ـ 223/26.
ومنها مارواه الصدوق عن عمر بن واقد قال: إنّ هارون الرشيد لمّا ضاق صدره ممّا كان يظهر له من فضل موسى بن جعفر (عليهما السلام) وما كان يبلغه عنه من قول الشيعة بإمامته واختلافهم في السرّ إليه بالليل والنهار خشية على نفسه وملكه ففكّر في قتله بالسمّ، فدعا برطب فأكل منه ثم أخذ صينية فوضع فيها عشرين رطبة وأخذ سلكاً فعركه في السم وأدخله في سمّ الخياط، وأخذ رطبة من ذلك الرطب فأقبل يردّد إليها ذلك السمّ بذلك الخيط، حتى علم أنّه قد حصل السمّ فيها فاستكثر منه ثم ردّها في ذلك الرطب، وقال لخادم له: احمل هذه الصينية إلى موسى بن جعفر وقل له: إنّ أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب وتنغّص لك به، وهو يُقسم عليك بحقّه لمّا أكلتها عن آخر رطبة فإنّي اخترتها لك بيدي، ولا تتركه يُبقي منها شيئاً ، ولا يُطعم منها أحداً.
فأتاه بها الخادم وأبلغه الرسالة فقال له: ائتني بخلال ، فناوله خلالاً ، وقام بإزائه وهو يأكل من الرطب ، وكانت للرشيد كلبة تعزّ عليه، فجذبت نفسها وخرجت تجرّ سلاسلها من ذهب وجوهر حتى حاذت موسى بن جعفر (عليه السلام)، فبادر بالخلال إلى الرطبة المسمومة ورمى بها إلى الكلبة فأكلتها ، فلم تلبث أن ضربت بنفسها الأرض وعوت وتهرَّت قطعة قطعة، واستوفى (عليه السلام) باقي الرطب. وحمل الغلام الصينية حتى صار بها إلى الرشيد.
فقال له: قد أكل الرطب عن آخره؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين . قال: فكيف رأيته؟ قال: ما أنكرت منه شيئاً يا أمير المؤمنين. قال: ثم ورد عليه خبر الكلبة وأنّها قد تهرّت وماتت. فقلق الرشيد لذلك قلقاً شديداً واستعظمه ، ووقف على الكلبة فوجدها متهرئة بالسمّ، فأحضر الخادم ودعا له بسيفٍ ونطع وقال له: لتصدّقني عن خبر الرطب أو لأقتلنّك. فقال: يا أمير المؤمنين إنّي حملت الرطب إلى موسى بن جعفر وأبلغته سلامك وقمت بإزائه ، فطلب منّي خلالاً فدفعته إليه، فأقبل يغرز في الرطبة بعد الرطبة ويأكلها حتى مرّت الكلبة، فغرز الخلال في رطبة من ذلك الرطب فرمى بها فأكلتها الكلبة وأكل هو باقي الرطب، فكان ماترى يا أمير المؤمنين [2].
[1] بحار الأنوار 48: 140/16. والزمع ـ بالتحريك ـ : الدهش.
[2] بحار الأنوار 48: 222ـ 223/26.
تعليق