مقدمة الوصية
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إني تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي … فإنّهما لن يفترِقا حتى يردا عليّ الحوض"[1] الحمد لله وسبحانك اللهم، صلِّ على محمد وآله مظاهر جمالك وجلالك وخزائن أسرار كتابك الذي تجلت فيه الأحدية بجميع أسمائك حتى المُستأثر منها، الذي لا يعلمهُ غيرك. واللعن على ظالميهم أصل الشجرة الخبيثة.
وبعد.. فإني أرى من المناسب التعرض باقتضابٍ قاصر لموضوع الثقلين، لا من حيث المقامات الغيبيّة والمعنويّة والعرفانيّة[2]، فقلمي لا يجسر على مرتبةٍ يستعصي عرفانها، ويصعب ـ أن لم أقل يمتنع ـ تحملها على كل دائرة الوجود من الملك[3] إلى الملكوت الأعلى[4] ومنه إلى اللاهوت[5] وإلى ما يفوق فهمي وفهمك، ولا من حيث ما مَرَّ على البشرية جرّاء عدم إدراك حقائق المقام السامي للثقل الأكبر[6] والثقل الكبير[7] الذي يكبر كل شيء عدا الثقل الأكبر الذي يمثل الأكبر المطلق، ولا ما حيث من قاساه هذان الثقلان من الطواغيت[8] والشياطين من أعداء الله، ذلك عليّ عسير لقصور الاطلاع وضيق الوقت. فجلَّ ما رأيته مناسباً للذكر، هو الإشارة باختصار بالغ إلى ما تعرض له هذان الثقلان.
لعلَّ قوله ( لن يَفترِقا حتّى يردا عليَّ الحوضَ ) إشارة إلى أن كلّ ما يجري ـ وبعد حياة رسول الله (ص) المباركة ـ على أحد هذين الثقلين يجري على الآخر، وإلى أنّ هجران أيٍّ منهما يُعدُّ هجراناً للآخر، وحتى تلك الساعة التي يرد فيها هذان المهجوران الحوض[9] على رسول الله (ص).
أما هل أن هذا الحوض هو مقام اتصال الكثرة بالوحدة[10] واضمحلال القطرات في البحر، أو أنّه شيء آخر؟ فلا سبيل له إلى العقل والعرفان البشري. ولكنَّ ما تنبغي الإشارة إليه، هو أنّ ظلم الطواغيت الذي لحق وديعتي الرسول الأكرم (ص) هاتين، لحق الأمة الإسلامية، بل البشرية جمعاء، وإن القلم ليعجز عن بيان ذلك.
ولا يفوتني هنا التذكير بأنّ حديث الثقلين متواتر بين جميع المسلمين، فقد نقلته كتب أهل السنة، بدءاً من الصحاح الستّة[11] حتى الكتب الأخرى بألفاظ مختلفة وفي أبواب عديدة متواتراً عن رسول الله (ص)؛ وبذا فالحديث الشريف يُعدُّ حُجَّة قاطعة على البشر جميعاً، خصوصاً المسلمين على اختلاف مذاهبهم. وعليه فإنَّ على جميع المسلمين الذين تمت الحجة عليهم أن يوضحوا موقفهم إزاء ذلك، وإن كان ممكناً التماس العذر للجاهلين غير المطّلعين، فلا عذر للعلماء من كل المذاهب.
* المستبدّون والطواغيت
وإننا لنرى الآن أن الأمور المؤسفة التي جرت على كتاب الله ـ هذه الوديعة الإلهية وأمانة رسول الإسلام (ص) ـ هي ممّا يبعث على البكاء بدل الدموع دماً، والتي ابتدأت بُعيد شهادة عليّ (ع)؛ فقد اتّخذ المستبدون والطواغيت من القرآن وسيلة لإقامة الحكومات المعادية للقرآن، وإقصاء المفسرين الحقيقيين للقرآن والعارفين بحقائقه ـ من أولئك الذين أخذوه عن رسول الله (ص) وسمعوه عنه وممن كان نداء "إني تارك فيكم الثقلين" يملأ أسماعهم ـ عن موقع القرار باسم القرآن وبذرائع مختلفةٍ ومؤامرات محاكةٍ سلفاً.
وفي الحقيقة فإن هؤلاء الطواغيت عملوا على إبعاد القرآن ـ الذي يعدُّ أعظم منهج للحياة المعنوية والمادية للبشرية حتى يوم ورودها الحوض ـ عن واقع الحياة وقضوا بذلك على حكومة العدل الإلهي التي تمثل أحد أهداف هذا الكتاب المقدّس، وأسسوا للانحراف عن دين الله وعن الكتاب والسُّنَّةِ الإلهية، حتى بلغ الأمر مبلغاً يخجل القلم عن إيضاحه.
* القرآن منهج الحياة
وكلّما استطال هذا البنيان الأعوج ازداد به الانحراف والاعوجاج، حتى وصل الامر حداً أقصي فيه القرآن الكريم عن ميدان الحياة وأصبح وكأنه عديم الدور في الهداية، وهو الكتاب الذي تنزل من مقام الأحدية الشامخ إلى مقام الكشف المحمدي التام[12] لإرشاد العالمين، وليكون نقطة الجمع لكل المسلمين، بل للعائلة البشرية جمعاء، هادفاً إيصالها إلى ما يليق بها، وتحرير وليدة علم الأسماء[13] من شر الشياطين والطواغيت وإقامة القسط والعدل في العالم وتفويض أولياء الله المعصومين (عليهم صلوات الأولين والآخرين) أمر الحكومة يسلمونها بدورهم لمن يرون فيه صلاح البشرية. وإذا بالقرآن يصبح على أيدي الحكومات الجائرة والمعممين الخبثاء ـ الذين يفوقون الطواغيت سوءاً ـ وسيلة لإقامة الجور والفساد وتبرير ظلم الظالمين والمعاندين للحق تعالى.
ومن المؤسف أن يقتصر دور القرآن الكريم ـ وهو كتاب الخلاص ـ وبسبب المتآمرين والأصدقاء الجهلة، على المقابر والمآتم، ويصبح ـ وهو النازل لجمع المسلمين والبشرية جمعاء وليكون منهجاً لحياتهم ـ وسيلة للتفرقة والاختلاف أو أنه يُهجر كليّاً. وقد رأينا كيف كان يعامل من تلفظ بشيءٍ عن الحكومة الإسلاميّة أو تحدث عن السياسة وكأنه قد ارتكب أكبر المعاصي! مع أن الحكومة والسياسة هي المهمة الأولى للإسلام والرسول الأعظم (ص) والقرآن والسنة يفيضان بها. كما رأينا كيف أصبحت كلمة "عالم دين سياسي" مرادفة لكلمة "عالم دينٍ بلا دين" وما زال الأمر كذلك الآن.
* الطواغيت وطباعة القرآن
فقد عمدت القوى الشيطانية الكبرى مؤخراً ـ وبهدف القضاء على القرآن وتحقيق المقاصد الشيطانية للقوى الكبرى، وبالإيعاز للحكومات المنحرفة، الخارجة عن تعاليم الإسلام المتلبسة زوراً بالإسلام ـ للقيام بطبع القرآن طبعات فاخرة ونشره على نطاقٍ واسعٍ لتحجيم دوره بهذه الحيلة الشيطانية؛ وكلنا نذكر قيام حمد رضا خان البلهوي[14] بطباعة القرآن، وكيف أنّ هذا الأمر انطلى على البعض، ودفع البعض الآخر من المعممين الجهلة للإطراء عليه! واليوم نرى ما ينفقه الملك فهد[15] سنوياً من مبالغ طائلة من أموال المسلمين على طبع القرآن الكريم والتبليغ بالوهابية[16] ـ هذا المذهب المشحون بالخرافات والباطل جملة وتفصيلاً ـ سعياً في تطويع المسلمين والشعوب الغافلة للقوى الكبرى، والقضاء على الإسلام العزيز والقرآن الكريم باسم الإسلام والقرآن.
* نفخر بأئمتنا المعصومين عليهم السلام
أمّا نحن وشعبنا المجيد ـ المتشبع بالقرآن والإسلام ـ فنفخر أنّنا أتباع مذهب يهدف لإنقاذ الحقائق القرآنية ـ الفيّاضة بالنداء بالوحدة بين المسلمين، بل بين البشر أجمعين ـ من حالة الاقتصار على المقابر والمدافن، وتحقيق الانطلاق لها ـ باعتبارها أعظم وصفة منجية ـ لتحرير البشر من كل ما يكبل أيديهم وأرجلهم وقلوبهم وعقولهم ويجرّهم نحو الفناء والضياع والرقّ والعبودية للطواغيت.
ونفخر أننا أتباع مذهب أسّسه ـ بأمر الله ـ رسول الله (ص) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) هذا العبد المتحرر من جميع القيود والمكلف بتحرير بني الإنسان من أشكال الأغلال وأنواع الاسترقاق.
نفخر أن كتاب نهج البلاغة[17] ـ الذي هو أعظم دستور بعد القرآن، للحياة المادية والمعنوية، وأسمى كتاب لتحرير البشر، والممثل بتعاليمه المعنوية والحكمية أرقى نهج للنجاة ـ هو من إمامنا المعصوم، ونفخر أن الأئمة المعصومين (عليهم آلاف التحية والسلام)[18] بدءاً بعلي بن أبي طالب وانتهاءً بمنقذ البشرية، الإمام المهدي[19] صاحب الزمان ـ الحيّ الناظر على الأمور بقدرة الله القادر ـ هم أئمتنا، ونفخر ان الأدعية الخلاّقة التي تسمى بالقرآن الصاعد، هي من أئمتنا المعصومين، نفخر بمناجاة أئمتنا الشعبانية[20] ودعاء الحسين بن علي (ع) في عرفات، والصحيفة السجادية (زبور آل محمد)[21] والصحيفة الفاطمية[22] ـ الكتاب الملهم من قبل الله تعالى للزهراء المرضية[23]، ـ ونفخر ان باقر العلوم[24] ـ أسمى علم في التاريخ، ذا المنزلة الخفية على غير الله ورسوله(ص) والأئمة المعصومين(عليهم السلام) هو من أئمتنا. ونفخر أن مذهبنا جعفري[25] وان فقهنا[26] ـ وهو البحر اللامتناهي ـ واحد من آثاره (ع)؛ نحن فخورون بجميع الأئمة المعصومين (عليهم صلوات الله) ملتزمون بالسير على نهجهم، نحن فخورون أن أئمتنا المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم) تحملوا ـ ومن أجل تطبيق القرآن الكريم بكل أبعاده بما في ذلك تشكيل الحكومة الإسلامية ـ السجن والنفي، حتى استشهدوا في النهاية وهم يعملون على اسقاط الحكومات الجائرة وطواغيت زمانهم.
واليوم .. نحن فخورون اننا نسعى لتحقيق أهداف القرآن والسنة، وان مختلف الشرائح من شعبنا منهمكة في هذا الطريق المصيري العظيم، غير مبالية بتقديم الأرواح والأموال والأعزاء في سبيل الله تعالى.
* نفخر بالنساء الزينبيات[27]
نحن نفخر بحضور السيدات ـ صغاراً وكباراً ـ في الميادين الثقافية والاقتصادية والعسكرية يجاهدن جنباً الى جنب الرجال ـ بل قد يفقنهم أثراً ـ من أجل إعلاء كلمة الإسلام وأهداف القرآن الكريم.
تشارك المستطيعات منهن في التدريبات العسكرية للدفاع عن الإسلام والدولة الإسلامية ـ الأمر الذي يعدُّ من الواجبات المهمّة ـ متحررات من أنواع الحرمان الذي فُرض عليهنّ، بل على الإسلام والمسلمين ـ نتيجة تآمر الأعداء وجهل الأصدقاء بأحكام الإسلام والقرآن ـ وساعيات بمنتهى الشجاعة والحزم للانطلاق من قيود أسر الخرافات التي روّج لها الأعداء بواسطة بعض المغفلين والمعممين الجاهلين بمصالح المسلمين.
وأمّا غير المستطيعات منهن على حمل السلاح فمشغولات بتقديم أسمى الخدمات في المواقع الخلفية بنحوٍ يفجّر الحماس والاندفاع في قلوب أبناء الشعب، ويزلزل قلوب الأعداء والجهلة ـ الأشدُّ سوءاً من الأعداء ـ ويملؤها حنقاً وغضباً. وما أكثر ما رأينا من النساء الجليلات وهن يمارسن دورهن الزينبي مفاخرات بفقدهن الأبناء، ومضحيات بكل شيء في سبيل الله تعالى والإسلام العزيز، مدركات أن ما حصلن عليه يفوق جنات النعيم سمواً، ناهيك عن سموه على متاع الدنيا الرخيص.
* نفخر بالعداء لأمريكا الارهابية
إن شعبنا ـ بل الشعوب الإسلامية وجميع مستضعفي العالم، يفخرون بأنّ أعداءهم ـ أعداء الله والقرآن الكريم والإسلام العزيز ـ هم وحوش لا تتورع عن ارتكاب أيّة جريمة أو جناية لتحقيق أهدافها الإجرامية المشؤومة، غير مفرّقة ـ في سبيل تحقيق تسلطها ومطامعها الدنيئة ـ بين الصديق والعدو، وعلى رأسهم أمريكا الإرهابية الطبع، التي أضرمت النار في جميع أرجاء العالم، وحليفتها الصهيونية العالمية، التي ترتكب ـ وفي سبيل تحقيق مطامعها ـ من الجنايات ما تخجل الأقلام والألسنة عن كتابته وذكره.. يجرّهم حلمهم الأبله بـ(اسرائيل الكبرى) الى عدم التورع عن ارتكاب أفظع الجرائم.
كذلك فإن الشعوب الإسلامية والمستضعفة تفاخر بأنّ أعداءها هم من أمثال الصعلوك حسين الأردني المجرم المحترف وحسن وحسني مبارك الذين يشاركون اسرائيل على معلف واحد والذين لا يتورعون عن ارتكاب أية جريمة بحق شعوبهم خدمة لأمريكا واسرائيل.
ونحن فخورون بأن عدونا هو صدام العفلقي[28] الذي عُرف بين الصديق والعدو بإجرامه ونقضه القوانين الدولية، وانتهاك حقوق الإنسان، ولا يخفى على الجميع أن جريمته بحق الشعب العراقي المظلوم وبحق إمارات الخليج لا تقلُّ عن جريمته بحق الشعب الإيراني.
اننا وكل الشعوب المظلومة في العالم فخورون بأن وسائل الإعلام وأجهزته العالمية تتهمنا، وكل المظلومين، بمختلف الجرائم، منصاعة في ذلك لما تُمليه عليها القوى الكبرى. وأي فخر أسمى وأجلُّ من وقوف أمريكا ـ رغم كل ادعاءاتها وصخبها العسكري، ورغم كل تلك الدول الخاضعة لها، وسيطرتها على الثروات الهائلة للشعوب المظلومة المتخلّفة، ورغم امتلاكها لكل وسائل الإعلام ـ أمام الشعب الإيراني الغيور، ودولة بقية الله (أرواحنا لمقدمه الفداء)[29] عاجزة ذليلة، لا تعرف بمن تستعين، وماذا تفعل، وهي تسمع جواب الرفض من كلّ من تتوجه إليه.
وما ذلك كلّه إلاّ ببركة الامدادات الغيبية الباري تعالى جلت عظمته، والتي أيقظت الشعوب، خصوصاً شعب ايران المسلم وأخرجتها من ظلمات الطاغوت الى نور الإسلام.
* الى الشعوب المظلومة والشعب الإيراني
وهنا أوصي الشعوب الشريفة المظلومة والشعب الإيراني المجيد أن يقفوا بحزم واستقامة والتزام وثبات على هذا الصراط الإلهي المستقيم، الذي مَنّ الله به عليهم، المُصان من الارتباط بالشرق الملحد، أو الغرب الظالم الكافر، وان لا يغفلوا لحظة واحدة عن التضرّع بالشكر على هذه النعمة. كما أوصيهم بعدم السماح لعملاء القوى الكبرى القذرين ـ سواءٌ في ذلك الأجانب أو المحليين الذين يفوقون أولئك سوءاً ـ بإحداث أي تضعضع في نواياهم الرشيدة وإراداتهم الحديدية. وليعلموا ان تصاعد وتيرة الصخب الإعلامي لأجهزة الإعلام العالمية والقوى الشيطانية في الغرب والشرق إنما يشير الى قدرتهم الإلهية. جزاهم الله تعالى خيراً في الدنيا والآخرة، انه ولي النعم وبيده ملكوت كل شيء.
كما ألتمس من الشعوب الإسلامية، بمنتهى التواضع والإلحاح، اتّباعَ الأئمة الأطهار ـ قادة البشرية العظماء ـ والمبالغة في التزام نهجهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري وبأنسب الأشكال، باذلين النفوس والأعزاء في هذا السبيل. ومن جملة ذلك عدم الخروج ـ قيد أنملة ـ عن الفقه التقليدي[30] الذي يمثل هوية مدرسة الرسالة والإمامة، والضامن لترشيد الشعوب وإعزازها، سواءٌ في ذلك الأحكام الأولية أم الأحكام الثانوية[31]، فكلاهما مدرسة للفقه الإسلامي، مركزاً على عدم الإصغاء للوسواسين الخناسين المارقين عن الحق والدين… وليتأكدوا أنَّ أية خطوة منحرفة ستعني الإيذان بالقضاء على الدين والأحكام الإسلامية وحكومة العدل الإلهي.
ومن جملة ذلك أيضاً عدم التهاون في إقامة صلاة الجمعة والجماعة فهي الوجه السياسي للصلاة، فإن صلاة الجمعة تعدُّ من أسمى نعم الحق تعالى على الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ومنها كذلك عدم الغفلة عن مراسم عزاء الأئمة الأطهار، خصوصاً سيد المظلومين والشهداء أبي عبدالله الحسين (صلوات الله الوافرة وصلوات أنبيائه وملائكته والصالحين على روحه الوثابة العظيمة). وليعلموا أنّ أوامر الأئمة (عليهم السلام) إنما تهدف كلها لإحياء ملحمة الإسلام التاريخية هذه، كما أن كل اللعن والاستنكار لما فعله ظالمو آل البيت إنما يعبر عن الصرخة المدوية للشعوب في وجه الحكام الظالمين على مرّ التاريخ والى الأبد. ولا يخفاكم أن لعن وشجب واستنكار ظلم بني أمية (لعنة الله عليهم) ـ رغم انقراض حكومتهم وانتهائهم الى جهنم ـ إنما يمثل صرخة ضد الظالمين في العالم، وإحياءً لهذه الصرخة المبيرة للظلم.
ينبغي الحرص على تضمين المنائح والمراثي والمدائح المنظومة في أئمة الحق (عليهم السلام) استعراض جرائم الظالمين في كل عصر ومصر وبأسلوب حدّي، ولمّا كان هذا العصر هو عصر مظلومية العالم الإسلامي على يد أمريكا والاتحاد السوفيتي وسائر عملائهم كآل سعود الخونة للحرم الإلهي العظيم (لعنة الله وملائكته ورسله عليهم) لزم الإشارة الى ذلك وصبّ اللعنات على أولئك الظلمة والتنديد بهم بشدة.
ان علينا جميعاً أن ندرك أن هذه الشعائر السياسية ـ التي تحفظ هوية المسلمين خصوصاً شيعة الأئمة الإثني عشر (عليهم صلوات الله وسلامه) ـ هي التي تؤدي الى الوحدة بين المسلمين.
ينبغي أن أذكّر هنا بأنّ وصيتي السياسية الإلهية ليست موجهة للشعب الإيراني المجيد فحسب، وإنما هي تذكرة لجميع الشعوب الإسلامية والمظلومين في العالم على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم.
أتضرّع الى الله عز وجل أن لا يكلنا ـ وشعبنا ـ الى أنفسنا طرفة عين أبداً، وأن لا يحجب ألطافه الغيبية عن أبناء الإسلام والمجاهدين الأعزاء لحظة واحدة.
روح الله الموسوي الخميني
________________________
[1] ومفرده "ثقل". والثقل وإن كان مفهومه واحداً، إلا أن له عدة مصاديق جاءت في شروح الحديث وتفاسير القرآن الكريم منها: الميراث الثقيل، والشيء الكبير أو الثقيل أو الثمين، والمسؤولية العظيمة، والأمانة النفيسة النادرة.
والمراد من "الثقلين" في الحديث هو القرآن والعترة، لأنهما مصدران للشرع في الأحكام، والمرشدان إلى العمل الصالح.
وحديث الثقلين منقول بالفاظ مختلفة، إلا أن الروايات متفقة في المقصود، للمزيد من الإطلاع راجع: الترمذي 13/199 (باب مناقب أهل بيت النبي)، كنز العمال 1/48، صحيح مسلم/ باب فضائل علي بن أبي طالب، مسند أحمد 4/366، سنن الدارمي 2/431، سنن البيهقي 3/148 و 7/30، الطحاوي في مشكل الآثار 4/368، اسد الغابة 2/12، مستدرك الصحيحين 3/109، حلية الأولياء 1/355، تاريخ بغداد 8/442 ومجمع الزوائد للهيثمي 9/163 و 164.
[2] وهو المعرفة ومعرفة الله ـ خاصة ـ، وهو في المعارف الإلهية وحدة علمية وثقافية ذات قسمين هما: العرفان النظري والعرفان العملي. العرفان النظري: البحث في معرفة الله والعالم والإنسان. والعرفان العملي: البحث في كيفية العلاقة بين الإنسان وربّه وعالمه ومجتمعه ونفسه، وواجبه تجاههم.
[3] من أحدث المباحث الفلسفية المهمة مبحث معرفة عوالم الوجود، وقد أثبتت الفلسفة وجود بعض تلك العوالم، ومنها ما ثبت وجوده للإنسان بواسطة الرؤية بالعين المجرّدة، وبحس من الحواس، وهو عالم الطبيعة الذي سمّي بـ "المُلك".
[4] استدل الفلاسفة والمفكّرون على ضرورة وجود عالم في الحدّ الفاصل بين عالم الطبيعة "المُلك" و"عالم اللاهوت". هذا العالم المجرّد من المادة والزمان، المكان بشكل مطلق سمّي بـ"عالم الملكوت".
وقد قسّم الحكماء والعرفاء هذا العالم إلى مرتبتين: عليا وسفلى، وقد أيّدت النصوص الإسلامية هذا التقسيم. وقد أصطلح على تسمية المرتبة العليا بـ"الملكوت الأعلى" وهو عالم مهد العقل أي "الإنسان". واصطلح على تسمية المرتبة السفلى بـ"الملكوت السفلي" وهو عالم "المثال".
[5] هو ذات الخالق جلّ وعلا التي لا تدرك بالحسّ، وإنّما تثبت بالدليل والبرهان العقلي. وبما أن الذات الإلهية تشمل جميع الصفات الكمالية، لذا فإنها اعتبرت أكمل عالم.
[6] يستفاد من حديث الثقلين، ومن توضيحات المفسّرين وعلماء الحديث أنّ الثقل الأكبر هو "القرآن" الكريم.
[7] يستفاد من المصادر التي تطرقت لمفهوم الثقلين أن الثقل الكبير هم "الأئمة المعصومون" من عترة رسول الله(ص).
[8] "الطاغوت" مصطلح استعمله القرآن الكريم، وهو اسم صنع لقريش قبل الإسلام، ويطلق على الشيطان أيضاً، وعلى أيّ صنم أو بشر يمنع من فعل الخير، ويدعو إلى الضلال والشّر. و"الطاغوت" من "الطغيان" وهو الخروج عن الحدّ. قال تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى".
[9] تستعمل كلمة "الحوض" في المعارف الإسلامية مضافة إلى كلمة "الكوثر". و"حوض الكوثر" في نظر الإمام الخميني(س) هو تعبير عن واقعية أخروية، وهو مقام اتصال الكثرة بالوحدة، فكما أن السواقي تصب في النهر لتتوحد فيه، فإنّ القرآن والعترة يتّصلان في عالم الآخرة ليصبحان واحداً.
[10] "الكثرة" تعني عند الفلاسفة سلسلة مراتب الموجودات، وتنوّع ظواهر الوجود المادية والمعنوية.
و"الوحدة" هي الذات الإلهية التي هي منشأ ومبدأ الوجود كله بجميع موجوداته وكائناته. بناءً عليه فإن "مقام اتصال الكثرة بالوحدة" هو مقام ومرتبة أخروية تشكّل الحد الأقصى والأعلى للكثرة والحدّ الأدنى للوحدة. وهي واسطة صدور الكثرة عن الوحدة في بدء الخلق، وواسطة عودة الكثرة إلى الوحدة في نهاية العالم.
[11] مفردها "صحيح" وهو الخبر الذي يعتبر صادقاً. والصحاح الستة هي ستة كتب انتخبها علماء السنّة من بين جميع كتب الحديث، واتخذوها أصلاً وأساساً لهم في استنباط الأحكام والعقائد وتفسير القرآن وتحليل تاريخ صدر الإسلام، وهي:
أ ـ "صحيح البخاري" مؤلفه محمد بن إسماعيل البخاري (812 ـ 869م)
ب ـ "صحيح مسلم" مؤلفه مسلم بن الحجاج النيشابوري، المعروف بالقشيري (812 ـ 876م).
ج ـ "سنن ابن ماجه" مؤلفه محمد بن يزيد بن ماجة المتوفى عام (886م)
د ـ "سنن أبي داود" مؤلفه أبو داوود السجستاني سليمان بن داوود المتوفى عام (888م).
هـ ـ "جامع الترمذي" مؤلفه محمد بن عيسى بن سورة الترمذي المتوفى عام (892م).
و ـ "سنن النسائي" مؤلفه أحمد بن شعيب النسائي المتوفى عام (915م).
[12] هو ظهور وتجسّم جميع الحقائق القرآنية لدى النبي محمد(ص) و"الكشف التام المحمدي" وهو مرتبة من مراتب التنزّل القرآني. ففي هذه المرتبة استقر القرآن في قلب النبي بكل أبعاده، وهذه المرتبة من كشف الحقائق القرآنية ليست إدراكاً عقلياً، بل مشاهدة غيبية، لا يدركها إلا النبي(ص) والكشف خاص به، والمشاهدة التامة له خاصة.
[13] "علم الأسماء" هو نوع من العلم والمعرفة يختص بتعلمه الموجود الإنساني.
و"وليدة علم الأسماء" هو الإنسان، الذي عرض الله سبحانه عليه هذا العلم ليصبح به مؤهلاً لخلافة الأرض، ولولاه لما كان مؤهلاً لخلافة الأرض.
[14] هو آخر ملوك العهد البهلوي في إيران. ولد عام 1919م، أبوه: "رضاخان" الذي تسلّم الحكم في انقلاب عسكري، وجعله ابنه "محمد رضا" خليفة من بعده. أكمل "محمد رضا" دراسته الأولية في إيران، وتابع دراسته العليا في سويسرا، وعاد إلى إيران ليلتحق بأمر من أبيه بالكلية العسكرية. بعد عزل أبيه عن الحكم عام 1941م ونفيه خارج إيران، وافق الحلفاء على تعيين "محمد رضا" محله. يقسم عهد "محمد رضا" إلى قسمين:
الأول: (1941 ـ 1955م) وطوال هذه المدة لم يتمكن من السيطرة كاملاً محل أبيه.
الثاني: (1955 ـ 1979م) حكم إيران في هذه المدة كمستبد مطلق العنان.
وقد أشار الإمام الخميني(س) في وصيته هذه إلى وضع حكم "محمد رضا" خلال 37 عاماً.
[15] هو الملك الحالي لجزيرة العرب، وهو فهد بن عبد العزيز آل سعود. وللاطلاع على عمالة هذه العائلة للقوى الكبرى ـ وخاصة بريطانيا ثم أمريكا ناهبة العالم ـ ودورها العائلة في نشر مسلك الوهابية الضال المضل، وعدائهم الدفين والتاريخي لشيعة النبي وآله(ص) ونفاقهم تجاه المواجهة الشعبية الفلسطينية البطلة، وارتكابهم لمجزرة إبادة شرسة ضد الحجاج المسلمين في بيت الله الحرام، وهتكهم لحرم الأمن الإلهي، وقمعهم للمجاهدين المسلمين العرب من أهالي الجزيرة العربية وخارجها. وهدرهم لثروات المسلمين، وظلمهم واستبدادهم، وزرعهم للفتن بين المسلمين، وتكفيرهم لجميع مذاهب المسلمين معروف. للإطلاع على كل ذلك لابد من مراجعة الكتب المختصة بذلك وهي كثيرة جداً منها: "كشف الارتياب" و"تاريخ آل سعود" و"هذه هي الوهابية" وغيرها.
[16] هو مذهب ابتدعه في آخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر الهجري ـ المدعو "محمد بن عبد الوهاب النجدي". هذا المسلك المنحرف يتهم جميع المذاهب الإسلامية على الاطلاق بالكفر والشرك، يعتبرهم عبدة أصنام ويعتبر توقير وتعظيم قبر النبي(ص) وقبور أهل بيته(ع) وصحبهم بدعة وعبادة أصنام. نشط الوهابيون ـ باستغلالهم لثروات المسلمين التي سيطروا عليها ـ في مجال الثقافة والاعلام والدعاية، وسخّروا كل ذلك من أجل تنفيذ المخططات الهدّامة للقوى الكبرى.
[17] وهو ما جمعه الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوي (توفي سنة 404هـ) من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وشرّاحه في القديم والحديث يربون على المائة، أشهرهم من القدماء: أبو الحسن البيهقي، والإمام فخر الدين الرازي، والقطب الراوندي، وكمال الدين محمد ميثم البحراني، وعزّ الدين بن أبي الحديد المدائي. ومن المتأخرين من الشراح: محمد عبده، محمد نائل المرصفي، ومحمد جواد مغنية.
[18] أئمة الإسلام المقدسون المعصومون(ع) بعد النبي الأكرم(ص) هم ـ حسب النصوص الإسلامية المتفق عليها ـ اثنا عشر رجلاً، وأسماؤهم المباركة هي:
1 ـ الإمام علي بن أبي طالب(ع)
2 ـ الإمام الحسن بن علي المجتبى(ع)
3 ـ الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء(ع)
4 ـ الإمام علي بن الحسين السجّاد(ع)
5 ـ الإمام محمد بن علي الباقر(ع)
6 ـ الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع)
7 ـ الإمام موسى بن جعفر الكاظم(ع)
8 ـ الإمام علي بن موسى الرضا(ع)
9 ـ الإمام محمد بن علي التقي الجواد(ع)
10 ـ الإمام علي بن محمد النقي الهادي(ع)
11 ـ الإمام الحسن بن علي العسكري(ع)
12 ـ الإمام الحجة محمد بن الحسن العسكري(ع)
وقد نقلت جميع كتب المسلمين وبالتواتر أن النبي(ص) نصّ على خلافتهم وإمامتهم من بعده، وذكر أسماءهم حسب الترتيب المذكور. راجع: صحيح مسلم 6/3 ـ 4، صحيح البخاري 4/165، صحيح الترمذي (باب ما جاء في الخلفاء)، سنن أبي داود 3/106، مسند الطيالسي ح 767 وح 1278، مسند أحمد 5/86 ـ 90 و 92 ـ 101 و 106 ـ 108، كنز العمال 13/26 ـ 27، وحلية الأولياء 4/33 .
[19] هي المناجات المأثورة عن أمير المؤمنين(ع) والأئمة من ولده والتي كانوا يناجون بها ربهم في شهر شعبان المبارك، أولها: (اللهم صلّ على محمد وآل محمد واسمع دعائي إذا دعوتك …).
[20] وهو الإمام الثاني عشر من أئمة المسلمين وأوصياء رسول الله(ص). بدأت فترة إمامته عند بلوغه الخامسة من عمره الشريف. وبسبب الأوضاع التي كانت سائدة في زمانه، واستجابة لمشيئة الله تعالى، فقد اختار الغيبة التي قسّمت إلى قسمين هما:
الغيبة الصغرى ودامت (69) عاماً، كان يتصل خلالها بالناس عبر أربعة سفراء وممثلين عنه. والغيبة الكبرى، وبدأت بانتهاء الغيبة الصغرى بعد وفاة آخر سفرائه، وهي مستمرة إلى يومنا هذا، إلى أن يأذن الله بظهوره فيقيم القسط والعدل.
حسب المعارف الإسلامية فإن المواجهة المستمرة للإمام المهدي(عج) وظهوره يعدّ آخر حلقة من حلقات جهاد أهل الحق ضد أهل الباطل. أي ان مواجهات أهل الحق تستمر طوال التاريخ، وتهيئ شيئاً فشيئاً الأرضية المناسبة لانتصار الحق، حتى يبلغ بها قيام المهدي الموعود(عج) النتيجة النهائية، فتسطع شمس العدل والحق في سماء البشري. آنذاك يكون يوم مرحلة النضج الفكري والمعنوي والاجتماعي للإنسان.
[21] هي صحيفة تحوي أربعة وخمسين دعاءً من أدعية علي بن الحسين السجاد(ع) وقد سكبها في قالب الدعاء بسبب اشتداد جور حكام عصره، وهي دائرة معارف إسلامية استلهم منها المسلمون والباحثون عن الحق الكثير، وكان لها دوراً تربوياً عظيماً، وقد صدرت لها مستدركات كثيرة. و"الزبور" هم اسم كتاب سماوي نزل على داوود(ع). وكان يحوي علوماً وحكماً كثيرة. أما المقصود من تعبير الإمام الخميني(س) هنا فهو "الصحيفة السجّادية" فلأهمية مواضيعها وغنى محتواها وعمق مفاهيمها أطلق عليها المطّلعون على معارف أهل البيت النبي(ص) عدة أسماء منها: زبور آل محمد(ص) وانجيل أهل بيت الرسول(ص) وأخت القرآن. وهي لكونها مناجاة مع الخالق شبّهت بمزامير داوود(ع).
[22] هو ليس بمصحف قرآني، بل كتاب تضمّن علوماً أخرى، قيل انها كانت أمثالاً وحكماً، ومواعظ وعبراً وأخباراً ونوادر (المراجعات، شرف الدين، ص 327)، وقيل انه "كتاب تحديث بأسرار العالم كما يعرف ذلك من عدة روايات في أصول الكافي … وفيها قول الصادق … "وما أزعم أن فيه قرآناً" (مقدمة تفسير آلاء الرحمن، الشيخ البلاغي، مطبوعة في مقدمة تفسير شبر، ص 18). وهذه الصحيفة أو المصحف لم يصل إلينا، والروايات تذكر أنّه من مصادر علوم أهل البيت عليهم السلام، وانه من المعارف الالهية التي نزلت في بيت النبوة مما سوى القرآن الكريم.
[23] هي السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله(ص) وزوجة علي بن أبي طالب(ع) وأم الحسن والحسين(ع). ولدت بمكة في العام الخامس للبعثة. أما صفاتها وخصالها الحميدة وفضائلها فهي أكثر من أن تدرك هنا، كيف لا وهي سيدة نساء العالمين، أسوة نساء الإسلام، وسيدة الإسلام الكبرى، وهي الصديقة الكبرى، والحوراء الإنسية، وأحب الخلق إلى أبيها رسول الله(ص). لازمت الزهراء(س) أباها رسول(ص) وبعلها علياً(ع) في أصعب مراحل حياتها وأشدّها خطورة واكثرها أحدثاً، حتى تاقت إلى لقاء أبيها(ص) بعد وفاته، وانتقلت إلى النعيم الخالد وهي في عنفوان شبابها، بعد أن نال العناء منها، واشتدت الصعاب عليها بعد فراق رسول الله(ص)، وكان عزاؤها الوحيد بشارة النبي(ص) لها أنها ستكون أول اللاحقيق به.
[24] هو لقب خامس أئمة المسلمين من أحفاد رسول الله(ص) وهو محمد بن علي الباقر(ع)، شهد عصره بروز الخلاف والصراع بين الأمويين والعباسيين على السلطة، وكان قد سبق ذلك واقعة كربلاء الدامية، وهي قمة الظلم الذي لحق بآل بيت رسول الله(ص) مما حدا بالناس عامة، وشيعة آل بيت رسول الله(ص) خاصة، أن يتوجّهوا كالسيل الهادر إلى مدينة الرسول(ص) لينهلوا من مجالس الإمام الباقر(ع) شتى العلوم والحقائق والمعارف الإسلامية.
[25] هو المذهب الإسلامي المنسوب إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق(ص) حفيد رسول الله(ص) وسادس أئمة المسلمين، وقد نسب مذهب الشيعة الإمامية إليه لأنه استطاع أن يقوم بنشاط كبير، بسبب ضعف نظام الحكم في عصره والخلاف بين الأمويين والعباسيين، فسنحت له فرصة ذهبية فرش فيها بساط البحث وأفاض في الدرس، وتصدّى لمهمة تعليم وتربية المؤمنين المخلصين، وأسس حوزات علمية كانت أعظمها جامعة الكوفة التي كان يجتمع فيها أكثر من أربعة آلاف محدّث وراوٍ كلهم يقول: قال الصادق(ع). فقد كان يروي عن أبيه عن جده عن رسول الله(ص) عن جبرئيل عن الله جل وعلا. إضافة إلى أن معظم العلوم الحديثة وعلوم الطبيعة نقلت عن تلاميذه من أمثال جابر بن حيان وغيره.
[26] وهو الفهم الدقيق عن فطانة وذكاء وبحث وتدقيق. وهو علم معرفة الأحكام والبرامج العملية للدين نحتاجها في حياتنا الفردية والإجتماعية. والمقصود من هذا العلم معرفة أحكام الله والعمل بها. أما مصادر الفقه التي تستنبط منها الاحكام فهي: القرآن وسنّة رسول الله(ص) والأئمة المعصومين(ع) والعقل والاجماع (وهو ما اتفق عليه الفقهاء دون شك في صحته).
[27] هي زينب الكبرى بنت علي(ع) وهي سيدة الإسلام الشجاعة، وثالث أبناء فاطمة الزهراء(س) بعد الحسن والحسين(ع). ولدت في العالم السادس للهجرة، في أشرف عائلة عرفها التاريخ، فهي تربّت على يد جدّها(ص) وأبوها علي(ع) وأمّها فاطمة(س) وإلى جانب أخويها الحسن والحسين ريحانتي رسول الله(ص).
سارت زينب(س) في طريق صعب وطويل حتى فاجعة كربلاء، وفي فاجعة كربلاء شهدت مصرع أخوتها وبنيها وأبناء أخوتها وجميع أفراد عائلتها ثم سيرت اسيرة من العراق إلى الشام، وتولت رعاية حرم رسول الله(ص) من نساء وأطفال، طوال هذه الأحداث المروعة دون أن تفقد شيئاً من صبرها، بل حركت الغضب ضد يزيد الطاغية الأموي، ورفعت ـ بشجاعة لا نظير لها ـ راية مواجهة الجناة، وأدّت دوراً مدهشاً شكل ـ فيما بعد ـ مقدمة تخليد ملحمة عاشوراء واستمرار مواجهة الحق للباطل في جميع العصور. أفعال السيدة زينب(س) واقوالها أثبتت في سجلّ التاريخ الإسلامي بين سطور الخالدين تحت عنوان "الحالة الزينبيّة" وأصبحت قدوة للنساء المسلمات.
[28] العفلقية هي صفة نسبة تعود إلى "ميشال عفلق" المفكر السوري، وهو ابن تاجر حبوب مسيحي ارثذوكسي يوناني. ولد عام 1910م في دمشق، ودرس فيها، ثم تابع دراسته الجامعية في جامعة السوربون الفرنسية، وتخرج من قسم التاريخ والفلسفة ليعمل مدرساً في موضع حركات التحرر والحروب الوطنية الأوربية في القرن الأخير، وموضوع مفاخر العرب السابقة ودوره في التاريخ. وكان يطمح إلى تأسيس حزب يتمكن من خلاله جمع الشعوب العربية على أساس قومي واحد بدلاً عن العقائد المتعددة الدينية والفكرية.
وفي عام 1940م تحقق مشروعه ذاك بمساعدة القوى الكبرى والاستعمار، فأسس حزب البعث، بعقيدة التقاطية خاصة ـ لا مجال لتفصيلها هنا ـ وامتد هذا الحزب في سوريا والعراق، وفي عام 1963م استولى هذا الحزب على الحاكم في العراق بمظلة عبد السلام عارف، ثم بشكل علني في عام 1968م.
وفي عام 1979م تنحى الرئيس العراقي "أحمد حسن البكر" وتولى الحكم والأمانة العامة لحزب البعث وجه من وجوه الإجرام والمؤامرة وهو "صدام التكريتي".
الشواهد والقرائن الموجودة تدل على أن هناك تحرك جدّي لاجهزة التجسس الغربية واسرائيل وراء التغييرات التي حدثت داخل حزب البعث والتي تمخّضت عن تولي صدام للسلطة في العراق.
[29] قال تعالى {بقيّة الله خير لكم إن كنتم مؤمنين} ـ هود/ 86.
وجاء في الأحاديث الشريفة والروايات أن المهدي(عج) عندما يخرج، يسند ظهره إلى الكعبة، وأن أول عبارة ينطق بها هي: أنا بقية الله وخليفته عليكم. من هنا اعتبرت جملة "بقية الله" هي أحد أسماء الإمام المهدي الغائب(عج).
أما عبارة "دولة حضرة بقية الله" التي استعملها الإمام الخميني(س) في وصيته فإن مقصوده منها هو "دولة الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
[30] "الفقه" عرّفناه سابقاً و"التقليدي" هو الاسلوب الذي بلغنا من السابقين. و"الفقه التقليدي" هو الاسلوب المتّبع في استنباط واستخراج الأحكام العملية الشرعية من المصادر المعتبرة المحكمة، وقد اتبع هذا الأسلوب فقهاء المسلمين الشيعة منذ عهد المعصومين وحتى يومنا هذا، وتركوا ما سواه.
[31] الأحكام على قسمين: أولية، وثانوية إضطرارية. الأحكام الأولية هي الأصل، والأحكام الثانوية تنشأ من الإضطرار وكلها مبينة في القرآن والسنّة. إلا أن الأحكام الأولية مبينة بمصاديقها، والأحكام الثانوية مبينة بشكل عام، ولابد من تقدير الإضطرار وتطبيق الأهم ثم المهم ثم الأقل أهمية .. وحينما يعسر تطبيق الحكم الأولي في مورد ما يحلّ الحكم الثانوي محلّه، فإذا ارتفع الإضطرار عندنا إلى الحكم الأولي. وقد عيّنت الدولة الإسلامية خبراء لتحديد ذلك.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إني تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي … فإنّهما لن يفترِقا حتى يردا عليّ الحوض"[1] الحمد لله وسبحانك اللهم، صلِّ على محمد وآله مظاهر جمالك وجلالك وخزائن أسرار كتابك الذي تجلت فيه الأحدية بجميع أسمائك حتى المُستأثر منها، الذي لا يعلمهُ غيرك. واللعن على ظالميهم أصل الشجرة الخبيثة.
وبعد.. فإني أرى من المناسب التعرض باقتضابٍ قاصر لموضوع الثقلين، لا من حيث المقامات الغيبيّة والمعنويّة والعرفانيّة[2]، فقلمي لا يجسر على مرتبةٍ يستعصي عرفانها، ويصعب ـ أن لم أقل يمتنع ـ تحملها على كل دائرة الوجود من الملك[3] إلى الملكوت الأعلى[4] ومنه إلى اللاهوت[5] وإلى ما يفوق فهمي وفهمك، ولا من حيث ما مَرَّ على البشرية جرّاء عدم إدراك حقائق المقام السامي للثقل الأكبر[6] والثقل الكبير[7] الذي يكبر كل شيء عدا الثقل الأكبر الذي يمثل الأكبر المطلق، ولا ما حيث من قاساه هذان الثقلان من الطواغيت[8] والشياطين من أعداء الله، ذلك عليّ عسير لقصور الاطلاع وضيق الوقت. فجلَّ ما رأيته مناسباً للذكر، هو الإشارة باختصار بالغ إلى ما تعرض له هذان الثقلان.
لعلَّ قوله ( لن يَفترِقا حتّى يردا عليَّ الحوضَ ) إشارة إلى أن كلّ ما يجري ـ وبعد حياة رسول الله (ص) المباركة ـ على أحد هذين الثقلين يجري على الآخر، وإلى أنّ هجران أيٍّ منهما يُعدُّ هجراناً للآخر، وحتى تلك الساعة التي يرد فيها هذان المهجوران الحوض[9] على رسول الله (ص).
أما هل أن هذا الحوض هو مقام اتصال الكثرة بالوحدة[10] واضمحلال القطرات في البحر، أو أنّه شيء آخر؟ فلا سبيل له إلى العقل والعرفان البشري. ولكنَّ ما تنبغي الإشارة إليه، هو أنّ ظلم الطواغيت الذي لحق وديعتي الرسول الأكرم (ص) هاتين، لحق الأمة الإسلامية، بل البشرية جمعاء، وإن القلم ليعجز عن بيان ذلك.
ولا يفوتني هنا التذكير بأنّ حديث الثقلين متواتر بين جميع المسلمين، فقد نقلته كتب أهل السنة، بدءاً من الصحاح الستّة[11] حتى الكتب الأخرى بألفاظ مختلفة وفي أبواب عديدة متواتراً عن رسول الله (ص)؛ وبذا فالحديث الشريف يُعدُّ حُجَّة قاطعة على البشر جميعاً، خصوصاً المسلمين على اختلاف مذاهبهم. وعليه فإنَّ على جميع المسلمين الذين تمت الحجة عليهم أن يوضحوا موقفهم إزاء ذلك، وإن كان ممكناً التماس العذر للجاهلين غير المطّلعين، فلا عذر للعلماء من كل المذاهب.
* المستبدّون والطواغيت
وإننا لنرى الآن أن الأمور المؤسفة التي جرت على كتاب الله ـ هذه الوديعة الإلهية وأمانة رسول الإسلام (ص) ـ هي ممّا يبعث على البكاء بدل الدموع دماً، والتي ابتدأت بُعيد شهادة عليّ (ع)؛ فقد اتّخذ المستبدون والطواغيت من القرآن وسيلة لإقامة الحكومات المعادية للقرآن، وإقصاء المفسرين الحقيقيين للقرآن والعارفين بحقائقه ـ من أولئك الذين أخذوه عن رسول الله (ص) وسمعوه عنه وممن كان نداء "إني تارك فيكم الثقلين" يملأ أسماعهم ـ عن موقع القرار باسم القرآن وبذرائع مختلفةٍ ومؤامرات محاكةٍ سلفاً.
وفي الحقيقة فإن هؤلاء الطواغيت عملوا على إبعاد القرآن ـ الذي يعدُّ أعظم منهج للحياة المعنوية والمادية للبشرية حتى يوم ورودها الحوض ـ عن واقع الحياة وقضوا بذلك على حكومة العدل الإلهي التي تمثل أحد أهداف هذا الكتاب المقدّس، وأسسوا للانحراف عن دين الله وعن الكتاب والسُّنَّةِ الإلهية، حتى بلغ الأمر مبلغاً يخجل القلم عن إيضاحه.
* القرآن منهج الحياة
وكلّما استطال هذا البنيان الأعوج ازداد به الانحراف والاعوجاج، حتى وصل الامر حداً أقصي فيه القرآن الكريم عن ميدان الحياة وأصبح وكأنه عديم الدور في الهداية، وهو الكتاب الذي تنزل من مقام الأحدية الشامخ إلى مقام الكشف المحمدي التام[12] لإرشاد العالمين، وليكون نقطة الجمع لكل المسلمين، بل للعائلة البشرية جمعاء، هادفاً إيصالها إلى ما يليق بها، وتحرير وليدة علم الأسماء[13] من شر الشياطين والطواغيت وإقامة القسط والعدل في العالم وتفويض أولياء الله المعصومين (عليهم صلوات الأولين والآخرين) أمر الحكومة يسلمونها بدورهم لمن يرون فيه صلاح البشرية. وإذا بالقرآن يصبح على أيدي الحكومات الجائرة والمعممين الخبثاء ـ الذين يفوقون الطواغيت سوءاً ـ وسيلة لإقامة الجور والفساد وتبرير ظلم الظالمين والمعاندين للحق تعالى.
ومن المؤسف أن يقتصر دور القرآن الكريم ـ وهو كتاب الخلاص ـ وبسبب المتآمرين والأصدقاء الجهلة، على المقابر والمآتم، ويصبح ـ وهو النازل لجمع المسلمين والبشرية جمعاء وليكون منهجاً لحياتهم ـ وسيلة للتفرقة والاختلاف أو أنه يُهجر كليّاً. وقد رأينا كيف كان يعامل من تلفظ بشيءٍ عن الحكومة الإسلاميّة أو تحدث عن السياسة وكأنه قد ارتكب أكبر المعاصي! مع أن الحكومة والسياسة هي المهمة الأولى للإسلام والرسول الأعظم (ص) والقرآن والسنة يفيضان بها. كما رأينا كيف أصبحت كلمة "عالم دين سياسي" مرادفة لكلمة "عالم دينٍ بلا دين" وما زال الأمر كذلك الآن.
* الطواغيت وطباعة القرآن
فقد عمدت القوى الشيطانية الكبرى مؤخراً ـ وبهدف القضاء على القرآن وتحقيق المقاصد الشيطانية للقوى الكبرى، وبالإيعاز للحكومات المنحرفة، الخارجة عن تعاليم الإسلام المتلبسة زوراً بالإسلام ـ للقيام بطبع القرآن طبعات فاخرة ونشره على نطاقٍ واسعٍ لتحجيم دوره بهذه الحيلة الشيطانية؛ وكلنا نذكر قيام حمد رضا خان البلهوي[14] بطباعة القرآن، وكيف أنّ هذا الأمر انطلى على البعض، ودفع البعض الآخر من المعممين الجهلة للإطراء عليه! واليوم نرى ما ينفقه الملك فهد[15] سنوياً من مبالغ طائلة من أموال المسلمين على طبع القرآن الكريم والتبليغ بالوهابية[16] ـ هذا المذهب المشحون بالخرافات والباطل جملة وتفصيلاً ـ سعياً في تطويع المسلمين والشعوب الغافلة للقوى الكبرى، والقضاء على الإسلام العزيز والقرآن الكريم باسم الإسلام والقرآن.
* نفخر بأئمتنا المعصومين عليهم السلام
أمّا نحن وشعبنا المجيد ـ المتشبع بالقرآن والإسلام ـ فنفخر أنّنا أتباع مذهب يهدف لإنقاذ الحقائق القرآنية ـ الفيّاضة بالنداء بالوحدة بين المسلمين، بل بين البشر أجمعين ـ من حالة الاقتصار على المقابر والمدافن، وتحقيق الانطلاق لها ـ باعتبارها أعظم وصفة منجية ـ لتحرير البشر من كل ما يكبل أيديهم وأرجلهم وقلوبهم وعقولهم ويجرّهم نحو الفناء والضياع والرقّ والعبودية للطواغيت.
ونفخر أننا أتباع مذهب أسّسه ـ بأمر الله ـ رسول الله (ص) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) هذا العبد المتحرر من جميع القيود والمكلف بتحرير بني الإنسان من أشكال الأغلال وأنواع الاسترقاق.
نفخر أن كتاب نهج البلاغة[17] ـ الذي هو أعظم دستور بعد القرآن، للحياة المادية والمعنوية، وأسمى كتاب لتحرير البشر، والممثل بتعاليمه المعنوية والحكمية أرقى نهج للنجاة ـ هو من إمامنا المعصوم، ونفخر أن الأئمة المعصومين (عليهم آلاف التحية والسلام)[18] بدءاً بعلي بن أبي طالب وانتهاءً بمنقذ البشرية، الإمام المهدي[19] صاحب الزمان ـ الحيّ الناظر على الأمور بقدرة الله القادر ـ هم أئمتنا، ونفخر ان الأدعية الخلاّقة التي تسمى بالقرآن الصاعد، هي من أئمتنا المعصومين، نفخر بمناجاة أئمتنا الشعبانية[20] ودعاء الحسين بن علي (ع) في عرفات، والصحيفة السجادية (زبور آل محمد)[21] والصحيفة الفاطمية[22] ـ الكتاب الملهم من قبل الله تعالى للزهراء المرضية[23]، ـ ونفخر ان باقر العلوم[24] ـ أسمى علم في التاريخ، ذا المنزلة الخفية على غير الله ورسوله(ص) والأئمة المعصومين(عليهم السلام) هو من أئمتنا. ونفخر أن مذهبنا جعفري[25] وان فقهنا[26] ـ وهو البحر اللامتناهي ـ واحد من آثاره (ع)؛ نحن فخورون بجميع الأئمة المعصومين (عليهم صلوات الله) ملتزمون بالسير على نهجهم، نحن فخورون أن أئمتنا المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم) تحملوا ـ ومن أجل تطبيق القرآن الكريم بكل أبعاده بما في ذلك تشكيل الحكومة الإسلامية ـ السجن والنفي، حتى استشهدوا في النهاية وهم يعملون على اسقاط الحكومات الجائرة وطواغيت زمانهم.
واليوم .. نحن فخورون اننا نسعى لتحقيق أهداف القرآن والسنة، وان مختلف الشرائح من شعبنا منهمكة في هذا الطريق المصيري العظيم، غير مبالية بتقديم الأرواح والأموال والأعزاء في سبيل الله تعالى.
* نفخر بالنساء الزينبيات[27]
نحن نفخر بحضور السيدات ـ صغاراً وكباراً ـ في الميادين الثقافية والاقتصادية والعسكرية يجاهدن جنباً الى جنب الرجال ـ بل قد يفقنهم أثراً ـ من أجل إعلاء كلمة الإسلام وأهداف القرآن الكريم.
تشارك المستطيعات منهن في التدريبات العسكرية للدفاع عن الإسلام والدولة الإسلامية ـ الأمر الذي يعدُّ من الواجبات المهمّة ـ متحررات من أنواع الحرمان الذي فُرض عليهنّ، بل على الإسلام والمسلمين ـ نتيجة تآمر الأعداء وجهل الأصدقاء بأحكام الإسلام والقرآن ـ وساعيات بمنتهى الشجاعة والحزم للانطلاق من قيود أسر الخرافات التي روّج لها الأعداء بواسطة بعض المغفلين والمعممين الجاهلين بمصالح المسلمين.
وأمّا غير المستطيعات منهن على حمل السلاح فمشغولات بتقديم أسمى الخدمات في المواقع الخلفية بنحوٍ يفجّر الحماس والاندفاع في قلوب أبناء الشعب، ويزلزل قلوب الأعداء والجهلة ـ الأشدُّ سوءاً من الأعداء ـ ويملؤها حنقاً وغضباً. وما أكثر ما رأينا من النساء الجليلات وهن يمارسن دورهن الزينبي مفاخرات بفقدهن الأبناء، ومضحيات بكل شيء في سبيل الله تعالى والإسلام العزيز، مدركات أن ما حصلن عليه يفوق جنات النعيم سمواً، ناهيك عن سموه على متاع الدنيا الرخيص.
* نفخر بالعداء لأمريكا الارهابية
إن شعبنا ـ بل الشعوب الإسلامية وجميع مستضعفي العالم، يفخرون بأنّ أعداءهم ـ أعداء الله والقرآن الكريم والإسلام العزيز ـ هم وحوش لا تتورع عن ارتكاب أيّة جريمة أو جناية لتحقيق أهدافها الإجرامية المشؤومة، غير مفرّقة ـ في سبيل تحقيق تسلطها ومطامعها الدنيئة ـ بين الصديق والعدو، وعلى رأسهم أمريكا الإرهابية الطبع، التي أضرمت النار في جميع أرجاء العالم، وحليفتها الصهيونية العالمية، التي ترتكب ـ وفي سبيل تحقيق مطامعها ـ من الجنايات ما تخجل الأقلام والألسنة عن كتابته وذكره.. يجرّهم حلمهم الأبله بـ(اسرائيل الكبرى) الى عدم التورع عن ارتكاب أفظع الجرائم.
كذلك فإن الشعوب الإسلامية والمستضعفة تفاخر بأنّ أعداءها هم من أمثال الصعلوك حسين الأردني المجرم المحترف وحسن وحسني مبارك الذين يشاركون اسرائيل على معلف واحد والذين لا يتورعون عن ارتكاب أية جريمة بحق شعوبهم خدمة لأمريكا واسرائيل.
ونحن فخورون بأن عدونا هو صدام العفلقي[28] الذي عُرف بين الصديق والعدو بإجرامه ونقضه القوانين الدولية، وانتهاك حقوق الإنسان، ولا يخفى على الجميع أن جريمته بحق الشعب العراقي المظلوم وبحق إمارات الخليج لا تقلُّ عن جريمته بحق الشعب الإيراني.
اننا وكل الشعوب المظلومة في العالم فخورون بأن وسائل الإعلام وأجهزته العالمية تتهمنا، وكل المظلومين، بمختلف الجرائم، منصاعة في ذلك لما تُمليه عليها القوى الكبرى. وأي فخر أسمى وأجلُّ من وقوف أمريكا ـ رغم كل ادعاءاتها وصخبها العسكري، ورغم كل تلك الدول الخاضعة لها، وسيطرتها على الثروات الهائلة للشعوب المظلومة المتخلّفة، ورغم امتلاكها لكل وسائل الإعلام ـ أمام الشعب الإيراني الغيور، ودولة بقية الله (أرواحنا لمقدمه الفداء)[29] عاجزة ذليلة، لا تعرف بمن تستعين، وماذا تفعل، وهي تسمع جواب الرفض من كلّ من تتوجه إليه.
وما ذلك كلّه إلاّ ببركة الامدادات الغيبية الباري تعالى جلت عظمته، والتي أيقظت الشعوب، خصوصاً شعب ايران المسلم وأخرجتها من ظلمات الطاغوت الى نور الإسلام.
* الى الشعوب المظلومة والشعب الإيراني
وهنا أوصي الشعوب الشريفة المظلومة والشعب الإيراني المجيد أن يقفوا بحزم واستقامة والتزام وثبات على هذا الصراط الإلهي المستقيم، الذي مَنّ الله به عليهم، المُصان من الارتباط بالشرق الملحد، أو الغرب الظالم الكافر، وان لا يغفلوا لحظة واحدة عن التضرّع بالشكر على هذه النعمة. كما أوصيهم بعدم السماح لعملاء القوى الكبرى القذرين ـ سواءٌ في ذلك الأجانب أو المحليين الذين يفوقون أولئك سوءاً ـ بإحداث أي تضعضع في نواياهم الرشيدة وإراداتهم الحديدية. وليعلموا ان تصاعد وتيرة الصخب الإعلامي لأجهزة الإعلام العالمية والقوى الشيطانية في الغرب والشرق إنما يشير الى قدرتهم الإلهية. جزاهم الله تعالى خيراً في الدنيا والآخرة، انه ولي النعم وبيده ملكوت كل شيء.
كما ألتمس من الشعوب الإسلامية، بمنتهى التواضع والإلحاح، اتّباعَ الأئمة الأطهار ـ قادة البشرية العظماء ـ والمبالغة في التزام نهجهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري وبأنسب الأشكال، باذلين النفوس والأعزاء في هذا السبيل. ومن جملة ذلك عدم الخروج ـ قيد أنملة ـ عن الفقه التقليدي[30] الذي يمثل هوية مدرسة الرسالة والإمامة، والضامن لترشيد الشعوب وإعزازها، سواءٌ في ذلك الأحكام الأولية أم الأحكام الثانوية[31]، فكلاهما مدرسة للفقه الإسلامي، مركزاً على عدم الإصغاء للوسواسين الخناسين المارقين عن الحق والدين… وليتأكدوا أنَّ أية خطوة منحرفة ستعني الإيذان بالقضاء على الدين والأحكام الإسلامية وحكومة العدل الإلهي.
ومن جملة ذلك أيضاً عدم التهاون في إقامة صلاة الجمعة والجماعة فهي الوجه السياسي للصلاة، فإن صلاة الجمعة تعدُّ من أسمى نعم الحق تعالى على الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ومنها كذلك عدم الغفلة عن مراسم عزاء الأئمة الأطهار، خصوصاً سيد المظلومين والشهداء أبي عبدالله الحسين (صلوات الله الوافرة وصلوات أنبيائه وملائكته والصالحين على روحه الوثابة العظيمة). وليعلموا أنّ أوامر الأئمة (عليهم السلام) إنما تهدف كلها لإحياء ملحمة الإسلام التاريخية هذه، كما أن كل اللعن والاستنكار لما فعله ظالمو آل البيت إنما يعبر عن الصرخة المدوية للشعوب في وجه الحكام الظالمين على مرّ التاريخ والى الأبد. ولا يخفاكم أن لعن وشجب واستنكار ظلم بني أمية (لعنة الله عليهم) ـ رغم انقراض حكومتهم وانتهائهم الى جهنم ـ إنما يمثل صرخة ضد الظالمين في العالم، وإحياءً لهذه الصرخة المبيرة للظلم.
ينبغي الحرص على تضمين المنائح والمراثي والمدائح المنظومة في أئمة الحق (عليهم السلام) استعراض جرائم الظالمين في كل عصر ومصر وبأسلوب حدّي، ولمّا كان هذا العصر هو عصر مظلومية العالم الإسلامي على يد أمريكا والاتحاد السوفيتي وسائر عملائهم كآل سعود الخونة للحرم الإلهي العظيم (لعنة الله وملائكته ورسله عليهم) لزم الإشارة الى ذلك وصبّ اللعنات على أولئك الظلمة والتنديد بهم بشدة.
ان علينا جميعاً أن ندرك أن هذه الشعائر السياسية ـ التي تحفظ هوية المسلمين خصوصاً شيعة الأئمة الإثني عشر (عليهم صلوات الله وسلامه) ـ هي التي تؤدي الى الوحدة بين المسلمين.
ينبغي أن أذكّر هنا بأنّ وصيتي السياسية الإلهية ليست موجهة للشعب الإيراني المجيد فحسب، وإنما هي تذكرة لجميع الشعوب الإسلامية والمظلومين في العالم على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم.
أتضرّع الى الله عز وجل أن لا يكلنا ـ وشعبنا ـ الى أنفسنا طرفة عين أبداً، وأن لا يحجب ألطافه الغيبية عن أبناء الإسلام والمجاهدين الأعزاء لحظة واحدة.
روح الله الموسوي الخميني
________________________
[1] ومفرده "ثقل". والثقل وإن كان مفهومه واحداً، إلا أن له عدة مصاديق جاءت في شروح الحديث وتفاسير القرآن الكريم منها: الميراث الثقيل، والشيء الكبير أو الثقيل أو الثمين، والمسؤولية العظيمة، والأمانة النفيسة النادرة.
والمراد من "الثقلين" في الحديث هو القرآن والعترة، لأنهما مصدران للشرع في الأحكام، والمرشدان إلى العمل الصالح.
وحديث الثقلين منقول بالفاظ مختلفة، إلا أن الروايات متفقة في المقصود، للمزيد من الإطلاع راجع: الترمذي 13/199 (باب مناقب أهل بيت النبي)، كنز العمال 1/48، صحيح مسلم/ باب فضائل علي بن أبي طالب، مسند أحمد 4/366، سنن الدارمي 2/431، سنن البيهقي 3/148 و 7/30، الطحاوي في مشكل الآثار 4/368، اسد الغابة 2/12، مستدرك الصحيحين 3/109، حلية الأولياء 1/355، تاريخ بغداد 8/442 ومجمع الزوائد للهيثمي 9/163 و 164.
[2] وهو المعرفة ومعرفة الله ـ خاصة ـ، وهو في المعارف الإلهية وحدة علمية وثقافية ذات قسمين هما: العرفان النظري والعرفان العملي. العرفان النظري: البحث في معرفة الله والعالم والإنسان. والعرفان العملي: البحث في كيفية العلاقة بين الإنسان وربّه وعالمه ومجتمعه ونفسه، وواجبه تجاههم.
[3] من أحدث المباحث الفلسفية المهمة مبحث معرفة عوالم الوجود، وقد أثبتت الفلسفة وجود بعض تلك العوالم، ومنها ما ثبت وجوده للإنسان بواسطة الرؤية بالعين المجرّدة، وبحس من الحواس، وهو عالم الطبيعة الذي سمّي بـ "المُلك".
[4] استدل الفلاسفة والمفكّرون على ضرورة وجود عالم في الحدّ الفاصل بين عالم الطبيعة "المُلك" و"عالم اللاهوت". هذا العالم المجرّد من المادة والزمان، المكان بشكل مطلق سمّي بـ"عالم الملكوت".
وقد قسّم الحكماء والعرفاء هذا العالم إلى مرتبتين: عليا وسفلى، وقد أيّدت النصوص الإسلامية هذا التقسيم. وقد أصطلح على تسمية المرتبة العليا بـ"الملكوت الأعلى" وهو عالم مهد العقل أي "الإنسان". واصطلح على تسمية المرتبة السفلى بـ"الملكوت السفلي" وهو عالم "المثال".
[5] هو ذات الخالق جلّ وعلا التي لا تدرك بالحسّ، وإنّما تثبت بالدليل والبرهان العقلي. وبما أن الذات الإلهية تشمل جميع الصفات الكمالية، لذا فإنها اعتبرت أكمل عالم.
[6] يستفاد من حديث الثقلين، ومن توضيحات المفسّرين وعلماء الحديث أنّ الثقل الأكبر هو "القرآن" الكريم.
[7] يستفاد من المصادر التي تطرقت لمفهوم الثقلين أن الثقل الكبير هم "الأئمة المعصومون" من عترة رسول الله(ص).
[8] "الطاغوت" مصطلح استعمله القرآن الكريم، وهو اسم صنع لقريش قبل الإسلام، ويطلق على الشيطان أيضاً، وعلى أيّ صنم أو بشر يمنع من فعل الخير، ويدعو إلى الضلال والشّر. و"الطاغوت" من "الطغيان" وهو الخروج عن الحدّ. قال تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى".
[9] تستعمل كلمة "الحوض" في المعارف الإسلامية مضافة إلى كلمة "الكوثر". و"حوض الكوثر" في نظر الإمام الخميني(س) هو تعبير عن واقعية أخروية، وهو مقام اتصال الكثرة بالوحدة، فكما أن السواقي تصب في النهر لتتوحد فيه، فإنّ القرآن والعترة يتّصلان في عالم الآخرة ليصبحان واحداً.
[10] "الكثرة" تعني عند الفلاسفة سلسلة مراتب الموجودات، وتنوّع ظواهر الوجود المادية والمعنوية.
و"الوحدة" هي الذات الإلهية التي هي منشأ ومبدأ الوجود كله بجميع موجوداته وكائناته. بناءً عليه فإن "مقام اتصال الكثرة بالوحدة" هو مقام ومرتبة أخروية تشكّل الحد الأقصى والأعلى للكثرة والحدّ الأدنى للوحدة. وهي واسطة صدور الكثرة عن الوحدة في بدء الخلق، وواسطة عودة الكثرة إلى الوحدة في نهاية العالم.
[11] مفردها "صحيح" وهو الخبر الذي يعتبر صادقاً. والصحاح الستة هي ستة كتب انتخبها علماء السنّة من بين جميع كتب الحديث، واتخذوها أصلاً وأساساً لهم في استنباط الأحكام والعقائد وتفسير القرآن وتحليل تاريخ صدر الإسلام، وهي:
أ ـ "صحيح البخاري" مؤلفه محمد بن إسماعيل البخاري (812 ـ 869م)
ب ـ "صحيح مسلم" مؤلفه مسلم بن الحجاج النيشابوري، المعروف بالقشيري (812 ـ 876م).
ج ـ "سنن ابن ماجه" مؤلفه محمد بن يزيد بن ماجة المتوفى عام (886م)
د ـ "سنن أبي داود" مؤلفه أبو داوود السجستاني سليمان بن داوود المتوفى عام (888م).
هـ ـ "جامع الترمذي" مؤلفه محمد بن عيسى بن سورة الترمذي المتوفى عام (892م).
و ـ "سنن النسائي" مؤلفه أحمد بن شعيب النسائي المتوفى عام (915م).
[12] هو ظهور وتجسّم جميع الحقائق القرآنية لدى النبي محمد(ص) و"الكشف التام المحمدي" وهو مرتبة من مراتب التنزّل القرآني. ففي هذه المرتبة استقر القرآن في قلب النبي بكل أبعاده، وهذه المرتبة من كشف الحقائق القرآنية ليست إدراكاً عقلياً، بل مشاهدة غيبية، لا يدركها إلا النبي(ص) والكشف خاص به، والمشاهدة التامة له خاصة.
[13] "علم الأسماء" هو نوع من العلم والمعرفة يختص بتعلمه الموجود الإنساني.
و"وليدة علم الأسماء" هو الإنسان، الذي عرض الله سبحانه عليه هذا العلم ليصبح به مؤهلاً لخلافة الأرض، ولولاه لما كان مؤهلاً لخلافة الأرض.
[14] هو آخر ملوك العهد البهلوي في إيران. ولد عام 1919م، أبوه: "رضاخان" الذي تسلّم الحكم في انقلاب عسكري، وجعله ابنه "محمد رضا" خليفة من بعده. أكمل "محمد رضا" دراسته الأولية في إيران، وتابع دراسته العليا في سويسرا، وعاد إلى إيران ليلتحق بأمر من أبيه بالكلية العسكرية. بعد عزل أبيه عن الحكم عام 1941م ونفيه خارج إيران، وافق الحلفاء على تعيين "محمد رضا" محله. يقسم عهد "محمد رضا" إلى قسمين:
الأول: (1941 ـ 1955م) وطوال هذه المدة لم يتمكن من السيطرة كاملاً محل أبيه.
الثاني: (1955 ـ 1979م) حكم إيران في هذه المدة كمستبد مطلق العنان.
وقد أشار الإمام الخميني(س) في وصيته هذه إلى وضع حكم "محمد رضا" خلال 37 عاماً.
[15] هو الملك الحالي لجزيرة العرب، وهو فهد بن عبد العزيز آل سعود. وللاطلاع على عمالة هذه العائلة للقوى الكبرى ـ وخاصة بريطانيا ثم أمريكا ناهبة العالم ـ ودورها العائلة في نشر مسلك الوهابية الضال المضل، وعدائهم الدفين والتاريخي لشيعة النبي وآله(ص) ونفاقهم تجاه المواجهة الشعبية الفلسطينية البطلة، وارتكابهم لمجزرة إبادة شرسة ضد الحجاج المسلمين في بيت الله الحرام، وهتكهم لحرم الأمن الإلهي، وقمعهم للمجاهدين المسلمين العرب من أهالي الجزيرة العربية وخارجها. وهدرهم لثروات المسلمين، وظلمهم واستبدادهم، وزرعهم للفتن بين المسلمين، وتكفيرهم لجميع مذاهب المسلمين معروف. للإطلاع على كل ذلك لابد من مراجعة الكتب المختصة بذلك وهي كثيرة جداً منها: "كشف الارتياب" و"تاريخ آل سعود" و"هذه هي الوهابية" وغيرها.
[16] هو مذهب ابتدعه في آخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر الهجري ـ المدعو "محمد بن عبد الوهاب النجدي". هذا المسلك المنحرف يتهم جميع المذاهب الإسلامية على الاطلاق بالكفر والشرك، يعتبرهم عبدة أصنام ويعتبر توقير وتعظيم قبر النبي(ص) وقبور أهل بيته(ع) وصحبهم بدعة وعبادة أصنام. نشط الوهابيون ـ باستغلالهم لثروات المسلمين التي سيطروا عليها ـ في مجال الثقافة والاعلام والدعاية، وسخّروا كل ذلك من أجل تنفيذ المخططات الهدّامة للقوى الكبرى.
[17] وهو ما جمعه الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوي (توفي سنة 404هـ) من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وشرّاحه في القديم والحديث يربون على المائة، أشهرهم من القدماء: أبو الحسن البيهقي، والإمام فخر الدين الرازي، والقطب الراوندي، وكمال الدين محمد ميثم البحراني، وعزّ الدين بن أبي الحديد المدائي. ومن المتأخرين من الشراح: محمد عبده، محمد نائل المرصفي، ومحمد جواد مغنية.
[18] أئمة الإسلام المقدسون المعصومون(ع) بعد النبي الأكرم(ص) هم ـ حسب النصوص الإسلامية المتفق عليها ـ اثنا عشر رجلاً، وأسماؤهم المباركة هي:
1 ـ الإمام علي بن أبي طالب(ع)
2 ـ الإمام الحسن بن علي المجتبى(ع)
3 ـ الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء(ع)
4 ـ الإمام علي بن الحسين السجّاد(ع)
5 ـ الإمام محمد بن علي الباقر(ع)
6 ـ الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع)
7 ـ الإمام موسى بن جعفر الكاظم(ع)
8 ـ الإمام علي بن موسى الرضا(ع)
9 ـ الإمام محمد بن علي التقي الجواد(ع)
10 ـ الإمام علي بن محمد النقي الهادي(ع)
11 ـ الإمام الحسن بن علي العسكري(ع)
12 ـ الإمام الحجة محمد بن الحسن العسكري(ع)
وقد نقلت جميع كتب المسلمين وبالتواتر أن النبي(ص) نصّ على خلافتهم وإمامتهم من بعده، وذكر أسماءهم حسب الترتيب المذكور. راجع: صحيح مسلم 6/3 ـ 4، صحيح البخاري 4/165، صحيح الترمذي (باب ما جاء في الخلفاء)، سنن أبي داود 3/106، مسند الطيالسي ح 767 وح 1278، مسند أحمد 5/86 ـ 90 و 92 ـ 101 و 106 ـ 108، كنز العمال 13/26 ـ 27، وحلية الأولياء 4/33 .
[19] هي المناجات المأثورة عن أمير المؤمنين(ع) والأئمة من ولده والتي كانوا يناجون بها ربهم في شهر شعبان المبارك، أولها: (اللهم صلّ على محمد وآل محمد واسمع دعائي إذا دعوتك …).
[20] وهو الإمام الثاني عشر من أئمة المسلمين وأوصياء رسول الله(ص). بدأت فترة إمامته عند بلوغه الخامسة من عمره الشريف. وبسبب الأوضاع التي كانت سائدة في زمانه، واستجابة لمشيئة الله تعالى، فقد اختار الغيبة التي قسّمت إلى قسمين هما:
الغيبة الصغرى ودامت (69) عاماً، كان يتصل خلالها بالناس عبر أربعة سفراء وممثلين عنه. والغيبة الكبرى، وبدأت بانتهاء الغيبة الصغرى بعد وفاة آخر سفرائه، وهي مستمرة إلى يومنا هذا، إلى أن يأذن الله بظهوره فيقيم القسط والعدل.
حسب المعارف الإسلامية فإن المواجهة المستمرة للإمام المهدي(عج) وظهوره يعدّ آخر حلقة من حلقات جهاد أهل الحق ضد أهل الباطل. أي ان مواجهات أهل الحق تستمر طوال التاريخ، وتهيئ شيئاً فشيئاً الأرضية المناسبة لانتصار الحق، حتى يبلغ بها قيام المهدي الموعود(عج) النتيجة النهائية، فتسطع شمس العدل والحق في سماء البشري. آنذاك يكون يوم مرحلة النضج الفكري والمعنوي والاجتماعي للإنسان.
[21] هي صحيفة تحوي أربعة وخمسين دعاءً من أدعية علي بن الحسين السجاد(ع) وقد سكبها في قالب الدعاء بسبب اشتداد جور حكام عصره، وهي دائرة معارف إسلامية استلهم منها المسلمون والباحثون عن الحق الكثير، وكان لها دوراً تربوياً عظيماً، وقد صدرت لها مستدركات كثيرة. و"الزبور" هم اسم كتاب سماوي نزل على داوود(ع). وكان يحوي علوماً وحكماً كثيرة. أما المقصود من تعبير الإمام الخميني(س) هنا فهو "الصحيفة السجّادية" فلأهمية مواضيعها وغنى محتواها وعمق مفاهيمها أطلق عليها المطّلعون على معارف أهل البيت النبي(ص) عدة أسماء منها: زبور آل محمد(ص) وانجيل أهل بيت الرسول(ص) وأخت القرآن. وهي لكونها مناجاة مع الخالق شبّهت بمزامير داوود(ع).
[22] هو ليس بمصحف قرآني، بل كتاب تضمّن علوماً أخرى، قيل انها كانت أمثالاً وحكماً، ومواعظ وعبراً وأخباراً ونوادر (المراجعات، شرف الدين، ص 327)، وقيل انه "كتاب تحديث بأسرار العالم كما يعرف ذلك من عدة روايات في أصول الكافي … وفيها قول الصادق … "وما أزعم أن فيه قرآناً" (مقدمة تفسير آلاء الرحمن، الشيخ البلاغي، مطبوعة في مقدمة تفسير شبر، ص 18). وهذه الصحيفة أو المصحف لم يصل إلينا، والروايات تذكر أنّه من مصادر علوم أهل البيت عليهم السلام، وانه من المعارف الالهية التي نزلت في بيت النبوة مما سوى القرآن الكريم.
[23] هي السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله(ص) وزوجة علي بن أبي طالب(ع) وأم الحسن والحسين(ع). ولدت بمكة في العام الخامس للبعثة. أما صفاتها وخصالها الحميدة وفضائلها فهي أكثر من أن تدرك هنا، كيف لا وهي سيدة نساء العالمين، أسوة نساء الإسلام، وسيدة الإسلام الكبرى، وهي الصديقة الكبرى، والحوراء الإنسية، وأحب الخلق إلى أبيها رسول الله(ص). لازمت الزهراء(س) أباها رسول(ص) وبعلها علياً(ع) في أصعب مراحل حياتها وأشدّها خطورة واكثرها أحدثاً، حتى تاقت إلى لقاء أبيها(ص) بعد وفاته، وانتقلت إلى النعيم الخالد وهي في عنفوان شبابها، بعد أن نال العناء منها، واشتدت الصعاب عليها بعد فراق رسول الله(ص)، وكان عزاؤها الوحيد بشارة النبي(ص) لها أنها ستكون أول اللاحقيق به.
[24] هو لقب خامس أئمة المسلمين من أحفاد رسول الله(ص) وهو محمد بن علي الباقر(ع)، شهد عصره بروز الخلاف والصراع بين الأمويين والعباسيين على السلطة، وكان قد سبق ذلك واقعة كربلاء الدامية، وهي قمة الظلم الذي لحق بآل بيت رسول الله(ص) مما حدا بالناس عامة، وشيعة آل بيت رسول الله(ص) خاصة، أن يتوجّهوا كالسيل الهادر إلى مدينة الرسول(ص) لينهلوا من مجالس الإمام الباقر(ع) شتى العلوم والحقائق والمعارف الإسلامية.
[25] هو المذهب الإسلامي المنسوب إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق(ص) حفيد رسول الله(ص) وسادس أئمة المسلمين، وقد نسب مذهب الشيعة الإمامية إليه لأنه استطاع أن يقوم بنشاط كبير، بسبب ضعف نظام الحكم في عصره والخلاف بين الأمويين والعباسيين، فسنحت له فرصة ذهبية فرش فيها بساط البحث وأفاض في الدرس، وتصدّى لمهمة تعليم وتربية المؤمنين المخلصين، وأسس حوزات علمية كانت أعظمها جامعة الكوفة التي كان يجتمع فيها أكثر من أربعة آلاف محدّث وراوٍ كلهم يقول: قال الصادق(ع). فقد كان يروي عن أبيه عن جده عن رسول الله(ص) عن جبرئيل عن الله جل وعلا. إضافة إلى أن معظم العلوم الحديثة وعلوم الطبيعة نقلت عن تلاميذه من أمثال جابر بن حيان وغيره.
[26] وهو الفهم الدقيق عن فطانة وذكاء وبحث وتدقيق. وهو علم معرفة الأحكام والبرامج العملية للدين نحتاجها في حياتنا الفردية والإجتماعية. والمقصود من هذا العلم معرفة أحكام الله والعمل بها. أما مصادر الفقه التي تستنبط منها الاحكام فهي: القرآن وسنّة رسول الله(ص) والأئمة المعصومين(ع) والعقل والاجماع (وهو ما اتفق عليه الفقهاء دون شك في صحته).
[27] هي زينب الكبرى بنت علي(ع) وهي سيدة الإسلام الشجاعة، وثالث أبناء فاطمة الزهراء(س) بعد الحسن والحسين(ع). ولدت في العالم السادس للهجرة، في أشرف عائلة عرفها التاريخ، فهي تربّت على يد جدّها(ص) وأبوها علي(ع) وأمّها فاطمة(س) وإلى جانب أخويها الحسن والحسين ريحانتي رسول الله(ص).
سارت زينب(س) في طريق صعب وطويل حتى فاجعة كربلاء، وفي فاجعة كربلاء شهدت مصرع أخوتها وبنيها وأبناء أخوتها وجميع أفراد عائلتها ثم سيرت اسيرة من العراق إلى الشام، وتولت رعاية حرم رسول الله(ص) من نساء وأطفال، طوال هذه الأحداث المروعة دون أن تفقد شيئاً من صبرها، بل حركت الغضب ضد يزيد الطاغية الأموي، ورفعت ـ بشجاعة لا نظير لها ـ راية مواجهة الجناة، وأدّت دوراً مدهشاً شكل ـ فيما بعد ـ مقدمة تخليد ملحمة عاشوراء واستمرار مواجهة الحق للباطل في جميع العصور. أفعال السيدة زينب(س) واقوالها أثبتت في سجلّ التاريخ الإسلامي بين سطور الخالدين تحت عنوان "الحالة الزينبيّة" وأصبحت قدوة للنساء المسلمات.
[28] العفلقية هي صفة نسبة تعود إلى "ميشال عفلق" المفكر السوري، وهو ابن تاجر حبوب مسيحي ارثذوكسي يوناني. ولد عام 1910م في دمشق، ودرس فيها، ثم تابع دراسته الجامعية في جامعة السوربون الفرنسية، وتخرج من قسم التاريخ والفلسفة ليعمل مدرساً في موضع حركات التحرر والحروب الوطنية الأوربية في القرن الأخير، وموضوع مفاخر العرب السابقة ودوره في التاريخ. وكان يطمح إلى تأسيس حزب يتمكن من خلاله جمع الشعوب العربية على أساس قومي واحد بدلاً عن العقائد المتعددة الدينية والفكرية.
وفي عام 1940م تحقق مشروعه ذاك بمساعدة القوى الكبرى والاستعمار، فأسس حزب البعث، بعقيدة التقاطية خاصة ـ لا مجال لتفصيلها هنا ـ وامتد هذا الحزب في سوريا والعراق، وفي عام 1963م استولى هذا الحزب على الحاكم في العراق بمظلة عبد السلام عارف، ثم بشكل علني في عام 1968م.
وفي عام 1979م تنحى الرئيس العراقي "أحمد حسن البكر" وتولى الحكم والأمانة العامة لحزب البعث وجه من وجوه الإجرام والمؤامرة وهو "صدام التكريتي".
الشواهد والقرائن الموجودة تدل على أن هناك تحرك جدّي لاجهزة التجسس الغربية واسرائيل وراء التغييرات التي حدثت داخل حزب البعث والتي تمخّضت عن تولي صدام للسلطة في العراق.
[29] قال تعالى {بقيّة الله خير لكم إن كنتم مؤمنين} ـ هود/ 86.
وجاء في الأحاديث الشريفة والروايات أن المهدي(عج) عندما يخرج، يسند ظهره إلى الكعبة، وأن أول عبارة ينطق بها هي: أنا بقية الله وخليفته عليكم. من هنا اعتبرت جملة "بقية الله" هي أحد أسماء الإمام المهدي الغائب(عج).
أما عبارة "دولة حضرة بقية الله" التي استعملها الإمام الخميني(س) في وصيته فإن مقصوده منها هو "دولة الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
[30] "الفقه" عرّفناه سابقاً و"التقليدي" هو الاسلوب الذي بلغنا من السابقين. و"الفقه التقليدي" هو الاسلوب المتّبع في استنباط واستخراج الأحكام العملية الشرعية من المصادر المعتبرة المحكمة، وقد اتبع هذا الأسلوب فقهاء المسلمين الشيعة منذ عهد المعصومين وحتى يومنا هذا، وتركوا ما سواه.
[31] الأحكام على قسمين: أولية، وثانوية إضطرارية. الأحكام الأولية هي الأصل، والأحكام الثانوية تنشأ من الإضطرار وكلها مبينة في القرآن والسنّة. إلا أن الأحكام الأولية مبينة بمصاديقها، والأحكام الثانوية مبينة بشكل عام، ولابد من تقدير الإضطرار وتطبيق الأهم ثم المهم ثم الأقل أهمية .. وحينما يعسر تطبيق الحكم الأولي في مورد ما يحلّ الحكم الثانوي محلّه، فإذا ارتفع الإضطرار عندنا إلى الحكم الأولي. وقد عيّنت الدولة الإسلامية خبراء لتحديد ذلك.
تعليق