"بسم الله الرحمن الرحيم"
"اللهم صلِ على محمد وآلِ بيته الأطهار"
لماذا نرفع أيدينا إلى السماء أثناء الدعاء؟؟
غالباً ما يُطرح هذا السؤال من قبل عامّة النّاس وهو:
إذا لم يكن لله تعالى مكانٌ معينٌ فلماذا ننظر إلى السماء أثناء الدعاء؟ ونرفع أيدينا نحو السماء؟ فهل هو سبحانه موجودٌ في السماء "والعياذ بالله" ؟؟؟
وقد طُرح هذا السؤال في زمان الأئمة المعصومين (عليهم السلام) أيضاً، فقد روى "هشام بن الحكم" أن زنديقاً دخل على الإمام الصادق (عليه السلام) وسأله عن آية
{الرَّحْمنُ عَلى العَرْشِ اسْتَوى}.
فأجابه الإمام (عليه السلام) موضحّاً:
".... ونفينا أن يكون العرش أو الكرسي حاوياً له، وان يكون عزّ وجلّ محتاجاً إلى شيء مما خلق، بل خلقه محتاجون إليه".
فقال السائل: إذاً، لا فرق في أن ترفعوا أيديكم أثناء الدعاء إلى السماء أو تنزلوها إلى الأرض!
فقال الإمام الصادق (عليه السلام): "ذلك في علمه وأحاطته وقدرته سواء، ولكنه عزَّ وجلَّ أمر أوليائه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش، لأنه جعله معدن الرزق،
فثبتنا ما ثبته القرآن والأخبار عن الرسول
(صلى الله عليه وآله) حيث قال:
"أرفعوا أيديكم إلى الله عزّ وجلّ،
وهذا يجمع عليه فرق الأمة كلها".
ورد في الخصال عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)،
في حديثٍ آخر أنّه قال:
"إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء، ولينصبّ في الدعاء فقال ابن سبأ: يا أمير المؤمنين أليس الله عز وجل في كل مكان؟ قال: بلى، قال: فلم يرفع يديه إلى السماء؟ فقال: أو ما تقرأ:
{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}.
فمن أين تطلب الرزق آلا من الرزق
وما وعد الله عزّ وجلّ السماء".
وطبقاً لما جاء في هذه الروايات فإنّ أغلب أرزاق الناس تنزل من السماء، (فالمطر الذي يُحيي الأرض الميتة ينزلُ من السماء، ونور الشمس الذي يُعَدُّ منبعاً للحياة، يشعُ من السماء،
والهواء الذي يُعد العامل المهم الثالث للحياة، موجود في السماء، فإن السماء عُرفَتْ كمعدنٍ للبركات والأرزاق الإلهية، وتُرفَعُ الأيدي نحوها عند الدعاء طلباً ورجاءً من خالق ومالك كل الأرزاق في حل المعضلات.
ويستنتج من بعض الروايات وجود فلسفة أخرى لهذا العمل وهو إظهار الخضوع والتذَلُّل للباري، لأن الإنسان يرفع يديه حينما يظهر خضوعه واستسلامه لشخص أو شيء معين.
والحمد لله رب العالمين
تعليق