بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين
والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين
خروج الإمام الحسين ( عليه السلام ) من مَكة إلى العراق
على أثر الرسائل الكثيرة التي أرسلهاأهل الكوفة إلى الإمام الحسين ( عليه السلام ) عندما كان في مكةالمكرمة ، اِرتأى ( عليه السلام ) أن يُرسِل مندوباً عنه إلى الكوفة .
فوقع الاختيار على ابنعمه مُسلم بن عقيل ( عليه السلام ) ، لتوفر مستلزمات التمثيل والقيادة به .
ومنذ وصوله إلى الكوفة راحَ يجمع الأنصار ، ويأخذ البَيعة للإمام الحسين ( عليه السلام ) ، ويوضِّح أهداف الحركةالحسينية ، ويشرح أهداف الثورة لزعماء الكوفة ورجال اتها.
فأعلَنَت ولاءَه اللإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وعلى أثر تلك الأجواء المشحونة ،كتب مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين ( عليهما السلام ) يَحثُّه بالمسير والقدوم إلى الكوفة .
فتسلَّم الإمام الحسين( عليه السلام) رسالة مسلم بن عقيل وتقريره ، عن الأوضاع والظروف السياسية ، واتجاه الرأي العام .
فقرر الإمام ( عليه السلام ) التوجُّه إلى العراق ، وذلك في اليوم الثامن من ذي الحجة ( يوم التروية ) ،في سنة ( 60 هـ ) .
ويعني ذلك أنَّ الإمام( عليه السلام) لم يُكمِل حَجَّه بِسببِ خُطورَةِ الموقف ، لِيُمارس تكليفه الشرعي في الإمامة والقيادة .
فجمع الإمام الحسين ( عليه السلام ) نساءه، وأطفاله ، وأبناءه ، وأخوته ، وأبناء أخيه ، وأبناء عُمومَته ، وشدَّ ( عليه السلام ) الرحَال ، وقرَّر الخروج من مكة المكرَّمة .
فلما سرى نبأ رحيله ( عليه السلام ) ،تَملَّكَ الخوفُ قُلوبَ العَديد من مُخلصِيه ، والمشفِقين عليه ، فأخذوا يتشبَّثون به ويستشفعون إليه ، لعلَّه يعدل عن رأيه ، ويتراجع عن قراره .
إلاَّ أنَّ الإمام (عليه السلام) اعتذرَعن مطالباته بالهدنة ، ورفضَ كُل مَساعي القعود والاستسلام .
والمُتَتَبِّع لأخبارثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، يَجدُ أنَّ هناك سِرّاً عظيماً في نهضته .
ويتوضح هذا السر منخلال النصيحة التي قُدِّمت للإمام ( عليه السلام ) من قِبَل أصحابه وأهل بيته ،فكلُّهم كانوايتوقَّعون الخيانة وعدم الوفاء بالعهود التي قطعها له أهل الكوفة .
وندرك هنا أن للإمام الحسين ( عليه السلام ) قراراً وهدفاً لا يُمكِن أن يتراجع عنه ، فقدْ كان واضحاً من خلال إصراره وحواره أنَّه ( عليه السلام ) كان متوقِّعاِ للنتائج التي آل إليها الموقف ،ومشخِّصاً لها بشكل دقيق ، إلاَّ أنه كان ينطلق في حركته من خلال ما يُملِيه عليه الواجب والتكليف الشرعي .
ونجد ذلك واضحاً في خُطبَتِه حيث قال ( عليه السلام ) : ( الحَمدُ للهِ ، ومَا شاءَ الله ،ولا قُوَّة إلاَّ بالله ، خُطَّ المَوتُ على وِلدِ آدم مخطَّةَ القِلادَة على جِيدِالفَتاة ، وما أولَهَني إلى أسْلافي اشتياقَ يَعقُوبَ إلى يوسف ، وخيرٌ لي مَصرعٌ أنا لاقيه ، كأني بأوصالي تقطِّعُها عسلان الفلوات بين النَّواوِيسِ وكَربلاء ،فيملأن أكراشاً جوفا ، وأحويه سغباً .
لا مَحيصَ عن يوم خُطَّ بالقلم ،رِضا الله رِضَانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ، ويوفِّينا أجورناأجور الصابرين ،لن تشذّ عن رسول الله لَحمته ، وهي مجموعة له في حظيرة القدس ، تقرُّ بهم عَينه ،وينجزُ بهمْ وَعدَه .
من كان باذلاً فِينَا مهجتَه ،وموطِّناً على لِقَاء الله نفسه ، فلْيَرْحَل مَعَنا ، فإنِّ يراحلٌ مُصبِحاً إنشاء الله )
مقتل الإمام الحسين لابن
طاووس :23 .
إذن فكلُّ شيء واضحٌ أمام الإمام الحسين( عليه السلام ) ، وهو مُصمِّم على الكفاح و الشهادة ، فليس النصر يحسب دائماًبا لنتائج الآنيَّة المادِّيَّة ، فقد يحتاج الحدَث الكبير إلىفترة زمنية طويلة ،حيث يتفاعل فيها جملة من الحوادث والأسباب ، ليعطي نتائجه.
وهذا ما حدث بالفعل بعد استشهاد الإمام( عليه السلام ) ، إذ ظَلَّت روح المقاومة تغلي في نفوس أبناء الأمَّة.
واستمرَّتْ بعد موت يزيد ، حتى قَضَتْ على كِيان الحكم الأموي تلك الروح التي كانت شعاراً لِكلِّ ثائر في سبيل التحرُّرمن الظُلم والطغيان.
تعليق