سر عظمة الإمام الحسين عليه السلام
ترى لماذا كتب الله عز وجل عن يمين العرش بـ"أن الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة" ؟ وكيف جعل السبط الشهيد بمثابة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك؟ ولماذا هذه الكرامة البالغة لشخص أبي عبد الله الحسين عليه السلام عند الله، وانه - كما جاء في الحديث-: "إنّ الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض" أي إنّ أهل السماء أعرف بالحسين وكرامته من أهل الأرض مع أننا نجد إنّ كرامته عند أهل الأرض ليست بالقليلة؟
البعض من الناس عندما يقفون إزاء عظمة الإمام الحسين عليه السلام، فإنهم يعبّرون عن إعجابهم به وبثورته الناهضة التي ما تزال حيّة في أفئدة الجماهير، فهم يقدّرونه عليه السلام لأنه كان حراً لم تستعبده السلطة، ولأنه دافع عن حريته، ودعا الناس إلى التحرر. كل ذلك صحيح، ولكنه ليس كل القضية بل هو جزء بسيط منها. فالأحرار كثيرون، وكثير من الناس عاشوا وماتوا أحراراً، في حين أننا لانقدّسهم ولا نقدّرهم كما نقدّس ونقدّر ابا عبد الله الحسين عليه السلام.
والبعض الآخر يرى انه عليه السلام جاهد من أجل إقامة حكم الله في الأرض، ونهض من أجل إقامة العدل، وإحياء الدين ، وبث روح القيم القرآنية في الأمة. وهذا صحيح أيضاً، ولكنه - هو الآخر- لا يمثل كل القضية، فكثيرون هم أولئك الذين نهضوا من أجل إقامة حكم الله تعالى، وقُتِلوا في هذا الطريق، والبعض منهم أستطاع أن يحقق هدفه فأقام حكم الله في قطعة معينة من الأرض.
والبعض الآخر يرى إن سرّ عظمة الإمام الحسين عليه السلام تكمن في أن ملحمته كانت ملحمة مأساوية لم ولن تقع في التاريخ ملحمة أشد فظاعة وإيلاماً وحزناً منها، حتى مضى هذا الحديث في التاريخ: "لايوم كيومك يا أبا عبد الله". فيوم الحسين عليه السلام أعظم من كل يوم، فقد أقرح الجفون، وأسبل الدموع، ولكن ليس هذا هو سرّ عظمة أبي عبد الله عليه السلام، فالمآسي في التاريخ كثيرة، والذين قُتلوا، ودُمّروا، وقُتِلت عوائلهم كثيرون، مثل الحسين شهيد فخ ، وزيد بن علي، اللذَيْن تعرّضا للإبادة هما وعوائلهما بشكل فظيع، ومع ذلك فإننا لا نجد كل الناس يهتمون بهذه الأحداث بل لعل أكثرهم لا يعرفون عنها شيئاً.
وبناءً على ذلك فان عظمة الحسين عليه السلام لا تكمن فقط في أن شخصيتهُ كانت شخصيّةً ناهضة حرّة، أو لأنها تعرضت للإبادة بشكل فظيع. إذن؛ فماهو سرّ هذه العظمة؟
للإجابة على هذا السؤال نقول: نحن نعلم بأن الله سبحانه هـوخالق الكون، ومليك السماوات والأرض، وبيده الأمر، وانه يرفع من يشاء، ويضع من يشاء، وانّ من تمسّك بحبله رفعه، ومن ترك حبله وضعه.
ومن المعلوم أن الحسين عليه السلام تمسّك بحبل الله فرفعه ، وأخلص العمل له فأخلص الله له ودّ المؤمنين، وجعل له في قلب كل مسلم حرارة.
فقيمة الإمام عليه السلام تكمن في أنه كان مخلصاً صفياً، فهو عليه السلام لوكان يمتلك ألف ابنٍ مثل عليّ الأكبر، وكان عليه أن يضحّي بهم في لحظة واحدة، لما تردّد في فعل ذلك، لأنه جرّد نفسه عن أهوائه، رغم انه عليه السلام كان يحب عليّاً الأكبر حباً لا حدّ له، حباً لا يمكن أن يضمره أي أبٍ لابنه، لأن علياً الأكبر كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله خَلقاً وخُلقاً، ومع ذلك فان حب الحسين عليه السلام لله تعالى كان أشدّ كما يقول سبحانه: (وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَشَدُّ حُبَّاً لِلَّهِ) (البقرة:165).
ونحن إذا رأينا اليوم إنّ الناس يقدّرون أبا عبد الله، وإذارأيناهم يجعلون كل مناسبة حسينية موسماً جديداً وميموناً لإحياء ذكره ونهجه عليه السلام، فلأن نهضته كانت نهضة ربانية، ولأنه كان أباً للأحرار، وثائراً من أجل الدين، وكان يريد إقامة حكم الله في الأرض، ومع كل ذلك فان هذه المزايا تعّد أموراً ثانوية. فالإمام الحسين عليه السلام عندما وقف في عرفة وقرأ ذلك الدعاء الخالد الذي هو بحق كنز من كنوز الرحمة، وموسوعة توحيدية كبرى، فانه قد جسّد فقرات هذا الدعاء في كربلاء. فهو عندما قال وهو متوجّه إلى الله جل جلاله: "إلهي ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك" فانه كان يرى إن كل شيء في الوجود، وكل القيم متمثلة في حب الله ومعرفته ، وقد جسّد عليه السلام كل ذلك في كربلاء كلما كان يفقدعزيزاً، أو إبناً ، أو أخاً من أعزّ الإخوان عليه.
فعلى سبيل المثال فان أبناء وإخوان وأصحاب الإمام الحسين عليه السلام الذين ضُرّجوا بدمائهم في كربلاء كان كل واحد منهم يمثل نجماً في أفق التوحيد، فقد كان بعض أصحاب الإمام الحسين عليه السلام أصحاباً للنبي صلى الله عليه وآله، مثل حبيب بن مظاهر الذي أوتي علم المنايا والبلايا، ومثل مسلم بن عوسجة الذي كان فقيهاً وعالماً من العلماء العظام، ولقد قُتِل هؤلاء الواحد تلو الآخر، ومع ذلك فان وجه أبي عبد الله عليه السلام كان يزداد إشراقاً رغم أن قلبه كان يتفطّر ألماً عليهم.
وبعد أن أكمل عليه السلام مهمته قبض قبضة من تراب كربلاء، ووضع جبهته الشريفة عليه وقال: "صبراً على قضائك يا رب، لا إله سواك، يا غياث المستغيثين، مالي رب سواك ولا معبود غيرك.."
وفي الحقيقة فان ما نعطيه ويعطيه العاملون لتجديد ذكرى أبي عبد الله لو وضع في كفة، ووضعت كلمة الحسين هذه في تلك اللحظة، وفي ذلك الموقف، في كفة أخرى لرجحت كلمة الحسين على أعمالنا جميعاً. فلقد أعطى عليه السلام كل ما يملك في سبيل الله حتى الطفل الرضيع، وعائلته التي تركها في بحر من الأعداء الشرسين المتوحشين، ومع كل ذلك فقد قال: "صبراً على قضائك يا رب، لا إله سواك، يا غياث المستغيثين، مالي رب سواك ولا معبود غيرك..".
وهكذا فان الذي جعل ذكرى الحسين عليه السلام خالدة ، هو أن ما كان لله يبقى، والإمام الحسين عمل مخلصاً لوجه الله. ونحن إذا أردنا أن نُرضي الخالق تبارك وتعالى، وأن نُرضي الحسين، وجدّه، وأمه، وأباه، وأخاه، والأئمة من ولده، فلابد أن نُخلص أعمالنا لوجه الله، وان نفعل كل ما يمكننا من اجل تخليد ذكرى الإمام الحسين عليه السلام ومن اجل تطبيق منهجه في الحياة.
ترى لماذا كتب الله عز وجل عن يمين العرش بـ"أن الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة" ؟ وكيف جعل السبط الشهيد بمثابة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك؟ ولماذا هذه الكرامة البالغة لشخص أبي عبد الله الحسين عليه السلام عند الله، وانه - كما جاء في الحديث-: "إنّ الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض" أي إنّ أهل السماء أعرف بالحسين وكرامته من أهل الأرض مع أننا نجد إنّ كرامته عند أهل الأرض ليست بالقليلة؟
البعض من الناس عندما يقفون إزاء عظمة الإمام الحسين عليه السلام، فإنهم يعبّرون عن إعجابهم به وبثورته الناهضة التي ما تزال حيّة في أفئدة الجماهير، فهم يقدّرونه عليه السلام لأنه كان حراً لم تستعبده السلطة، ولأنه دافع عن حريته، ودعا الناس إلى التحرر. كل ذلك صحيح، ولكنه ليس كل القضية بل هو جزء بسيط منها. فالأحرار كثيرون، وكثير من الناس عاشوا وماتوا أحراراً، في حين أننا لانقدّسهم ولا نقدّرهم كما نقدّس ونقدّر ابا عبد الله الحسين عليه السلام.
والبعض الآخر يرى انه عليه السلام جاهد من أجل إقامة حكم الله في الأرض، ونهض من أجل إقامة العدل، وإحياء الدين ، وبث روح القيم القرآنية في الأمة. وهذا صحيح أيضاً، ولكنه - هو الآخر- لا يمثل كل القضية، فكثيرون هم أولئك الذين نهضوا من أجل إقامة حكم الله تعالى، وقُتِلوا في هذا الطريق، والبعض منهم أستطاع أن يحقق هدفه فأقام حكم الله في قطعة معينة من الأرض.
والبعض الآخر يرى إن سرّ عظمة الإمام الحسين عليه السلام تكمن في أن ملحمته كانت ملحمة مأساوية لم ولن تقع في التاريخ ملحمة أشد فظاعة وإيلاماً وحزناً منها، حتى مضى هذا الحديث في التاريخ: "لايوم كيومك يا أبا عبد الله". فيوم الحسين عليه السلام أعظم من كل يوم، فقد أقرح الجفون، وأسبل الدموع، ولكن ليس هذا هو سرّ عظمة أبي عبد الله عليه السلام، فالمآسي في التاريخ كثيرة، والذين قُتلوا، ودُمّروا، وقُتِلت عوائلهم كثيرون، مثل الحسين شهيد فخ ، وزيد بن علي، اللذَيْن تعرّضا للإبادة هما وعوائلهما بشكل فظيع، ومع ذلك فإننا لا نجد كل الناس يهتمون بهذه الأحداث بل لعل أكثرهم لا يعرفون عنها شيئاً.
وبناءً على ذلك فان عظمة الحسين عليه السلام لا تكمن فقط في أن شخصيتهُ كانت شخصيّةً ناهضة حرّة، أو لأنها تعرضت للإبادة بشكل فظيع. إذن؛ فماهو سرّ هذه العظمة؟
للإجابة على هذا السؤال نقول: نحن نعلم بأن الله سبحانه هـوخالق الكون، ومليك السماوات والأرض، وبيده الأمر، وانه يرفع من يشاء، ويضع من يشاء، وانّ من تمسّك بحبله رفعه، ومن ترك حبله وضعه.
ومن المعلوم أن الحسين عليه السلام تمسّك بحبل الله فرفعه ، وأخلص العمل له فأخلص الله له ودّ المؤمنين، وجعل له في قلب كل مسلم حرارة.
فقيمة الإمام عليه السلام تكمن في أنه كان مخلصاً صفياً، فهو عليه السلام لوكان يمتلك ألف ابنٍ مثل عليّ الأكبر، وكان عليه أن يضحّي بهم في لحظة واحدة، لما تردّد في فعل ذلك، لأنه جرّد نفسه عن أهوائه، رغم انه عليه السلام كان يحب عليّاً الأكبر حباً لا حدّ له، حباً لا يمكن أن يضمره أي أبٍ لابنه، لأن علياً الأكبر كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله خَلقاً وخُلقاً، ومع ذلك فان حب الحسين عليه السلام لله تعالى كان أشدّ كما يقول سبحانه: (وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَشَدُّ حُبَّاً لِلَّهِ) (البقرة:165).
ونحن إذا رأينا اليوم إنّ الناس يقدّرون أبا عبد الله، وإذارأيناهم يجعلون كل مناسبة حسينية موسماً جديداً وميموناً لإحياء ذكره ونهجه عليه السلام، فلأن نهضته كانت نهضة ربانية، ولأنه كان أباً للأحرار، وثائراً من أجل الدين، وكان يريد إقامة حكم الله في الأرض، ومع كل ذلك فان هذه المزايا تعّد أموراً ثانوية. فالإمام الحسين عليه السلام عندما وقف في عرفة وقرأ ذلك الدعاء الخالد الذي هو بحق كنز من كنوز الرحمة، وموسوعة توحيدية كبرى، فانه قد جسّد فقرات هذا الدعاء في كربلاء. فهو عندما قال وهو متوجّه إلى الله جل جلاله: "إلهي ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك" فانه كان يرى إن كل شيء في الوجود، وكل القيم متمثلة في حب الله ومعرفته ، وقد جسّد عليه السلام كل ذلك في كربلاء كلما كان يفقدعزيزاً، أو إبناً ، أو أخاً من أعزّ الإخوان عليه.
فعلى سبيل المثال فان أبناء وإخوان وأصحاب الإمام الحسين عليه السلام الذين ضُرّجوا بدمائهم في كربلاء كان كل واحد منهم يمثل نجماً في أفق التوحيد، فقد كان بعض أصحاب الإمام الحسين عليه السلام أصحاباً للنبي صلى الله عليه وآله، مثل حبيب بن مظاهر الذي أوتي علم المنايا والبلايا، ومثل مسلم بن عوسجة الذي كان فقيهاً وعالماً من العلماء العظام، ولقد قُتِل هؤلاء الواحد تلو الآخر، ومع ذلك فان وجه أبي عبد الله عليه السلام كان يزداد إشراقاً رغم أن قلبه كان يتفطّر ألماً عليهم.
وبعد أن أكمل عليه السلام مهمته قبض قبضة من تراب كربلاء، ووضع جبهته الشريفة عليه وقال: "صبراً على قضائك يا رب، لا إله سواك، يا غياث المستغيثين، مالي رب سواك ولا معبود غيرك.."
وفي الحقيقة فان ما نعطيه ويعطيه العاملون لتجديد ذكرى أبي عبد الله لو وضع في كفة، ووضعت كلمة الحسين هذه في تلك اللحظة، وفي ذلك الموقف، في كفة أخرى لرجحت كلمة الحسين على أعمالنا جميعاً. فلقد أعطى عليه السلام كل ما يملك في سبيل الله حتى الطفل الرضيع، وعائلته التي تركها في بحر من الأعداء الشرسين المتوحشين، ومع كل ذلك فقد قال: "صبراً على قضائك يا رب، لا إله سواك، يا غياث المستغيثين، مالي رب سواك ولا معبود غيرك..".
وهكذا فان الذي جعل ذكرى الحسين عليه السلام خالدة ، هو أن ما كان لله يبقى، والإمام الحسين عمل مخلصاً لوجه الله. ونحن إذا أردنا أن نُرضي الخالق تبارك وتعالى، وأن نُرضي الحسين، وجدّه، وأمه، وأباه، وأخاه، والأئمة من ولده، فلابد أن نُخلص أعمالنا لوجه الله، وان نفعل كل ما يمكننا من اجل تخليد ذكرى الإمام الحسين عليه السلام ومن اجل تطبيق منهجه في الحياة.
تعليق