فيما يتصل بمراسيم عاشوراء وشعائره.. كيف يمكننا طرح عاشوراء الحسين في ظل نظام ما يسمى بالعولمة ؟
حينما نقول أن الإسلام دين خالد لكل الأزمنة, ماذا تعني لدينا هذه المقولة الصحيحة ؟
إنها تعني بأن الثوابت في هذا الدين العظيم قادرة على إفراز أحكام للمتغيرات الزمنية في حياة الإنسان. وإلا كيف يكون الدين خالداً وفي نفس الوقت عاجزاً عن مواكبة المتغيرات وإفادة الإنسان؟
وتخضع لهذه القاعدة مواكبة الشعائر الحسينية مع الوسائل الحديثة وهي الأمر المشهود في عصرنا كما في العصور الماضية, ولو لم تكن هذه المواكبة لكانت الشعائر تموت وتندثر كالأشياء والمذاهب الفكرية الأخرى التي ماتت واندثرت وابتعد عنها أتباعها تدريجياً, فاستمرارية الشعائر وتلونها بلون التطور الإيجابي دليل آخر على قابلية التطوير مع ثبات القيم عندنا. وهذا لا ينفي تسلل التطور السلبي إلى القضية الحسينية ومضمونها الرسالي الأصيل في بعض الفترات التاريخية, وهذا الخطر محدق في كل وقت لو ترك العلماء الربّانيون مهمة التطوير بيد العابثين أو غلبهم المتطفلون في ممارسة التطوير بعيداً عن الرقابة المرجعية الواعية. ولضمان هذا الدور لابد من اجتماع مراجع الدين والفقهاء لأخذ الزمام بأيديهم في كل القضايا الشرعية بما فيها القضية الحسينية, وكحد أدنى من ذلك أن يستفتي المؤمنون جمعاً من المراجع عند استحداث أي تطوير في القضية, وعلى العلماء الواعين والخطباء الرساليين تقع نسبة كبيرة من المسؤولية ويشاركهم فيها الشباب الواعي .
إننا نؤكد على أهمية استخدام التقنية الحديثة وتوظيف وسائل العولمة في سبيل نشر القضية في صورها الجديدة والجذابة مع الحفاظ على طابعها الأصيل وروحها التي لن تموت. وكثيرا ما يسأل البعض: في عصر الثورة المعلوماتية وتلاطم الأفكار والنظريات الهجومية والتحليلات التشكيكية, هل تستطيع الأساليب التقليدية القديمة أن تقاوم وتستقطب أنصاراً للقضية الحسينية؟
إن الروح الحسينية فوق كل التحديات, وإن الفكر الحسيني أقوى مما يتصوره أعداؤه. وذلك لأن الفطرة الإنسانية تلبّي له كلما استبانت معالمه الحقيقية, فإذا بيناها فسوف تأخذ روافدها في العقول والشعوب بنفسها, سيما أن الشعوب اليوم قد فقدت إيمانها في الأطروحات المادية لما سببت حروباً مدمرة وصراعات مرهقة وإفناء للثروات العملاقة.وليس التشكيك و الاستهزاء والتطويق إلا الجهد العاجز في مكافحة المدّ الإسلامي والفتح الحسيني لقلوب الأمم.إننا وبفضل ربنا عز وجل نبشر المهمومين في العالم بالفرج بعد الشدّة وبالنصر بعد الاستيئاس. أما قال تعالى: (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين) .