بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
وتحتوي السنة الشريفة على أحاديث كثيرة تهدف ذات الهدف القرآني وهو فصل علماء السوء عن المجتمع.
ففي الحديث عن الإمام علي عليه السلام أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(العلماء رجلان، رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج، وعالم تارك لعلمه فهو هالك، وإن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبدا إلى الله عزوجل فاستجاب له وقبل منه، فأطاع الله عزوجل فأدخله الله الجنة، وأدخل الداعي النار بتركه علمه واتباعه الهوى).
ثم قال عليه السلام:
(ألا إنّ أخوف ما أخاف عليكم خصلتان، إتباع الهوى وطول الأمل، أما إتّباع الهوى فيصد عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة)1.
يشير الإمام إلى السبب الذي يدعو العالم إلى ترك علمه، وهو إتباع الهوى، وطول الأمل. فالعالم الذي يعلم بأن الموت وراءه، لا يفكر أبدا بالإنحراف.
لذلك جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
(من أطال الأمل أساء العمل)2.
ويقول الرسول صلى الله عليه وآله:
(من كان يأمل أن يعيش غدا فإنه يأمل أن يعيش أبدا)3.
وهو الذي يقول عن نفسه وهو الصادق صلى الله عليه وآله:
(والذي نفس محمد بيده، ما طرفت عيناي إلا ظننت أن شفريَّ لا يلتقيان حتى يقبض الله روحي، ولا رفعت طرفي وظننت أني خافضه حتى اُقبض، ولا تلقّمت لقمة إلا ظننت أنّي لا أسيغها حتى أغصّ بها من الموت)4.
إن العالم الذي يتبع علمه، يعلم أن عشرات الألوف من أسباب الموت تحيط به من كل جانب ومكان، والذي يحفظه إنما هم الملائكة الذين سخّرهم الله لحفظه، وحينما يحين أجله، فإنه لا يملك حولاً ولا قوة لدفع الموت عنه، فالحفظة الموكلون به قد انتهت مهمتهم وصدر إليهم الأمر بمغادرته، فيقع حينئذ ضحية أول سبب من أسباب الموت يعترضه.
وجاء في الحديث الشريف عن الإمام علي عليه السلام:
(قطع ظهري رجلان من الدنيا.. رجل عليم اللسان فاسق، ورجل جاهل القلب ناسك، هذا يصد بلسانه عن فسقه، وهذا بنسكه عن جهله، فاتقوا الفاسق من العلماء، والجاهل من المتعبدين، أولئك فتنة كل مفتون، فانّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ياعلي، هلاك أمتي على يدي كل منافق عليم اللسان)5.
وقال عيسى بن مريم عليه السلام وهو يشبِّه علماء السوء بتشبيه لطيف:
(الدنيا داء الدين، والعالم طبيب الدين، فاذا رأيتم الطبيب يجرّ الداء إلى نفسه فاتهموه، واعلموا انه غير ناصح لغيره)6.
فاهم صفات علماء الدين الذين يجب أن يصبحوا قادة للأمة، هو الزهد. وفي دعاء (الندبة) الذي يحدد الإمام فيه صفات أولياء الله الصالحين نقرأ هذه الفقرة:
(وشرطتَ عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها).
فالله سبحانه منح أولياءه قيادة الناس بعد أن أخذ عليهم العهد بأن يزهدوا في متاع الدنيا وزينتها. وهذا أهم الشروط التي إشترطها الله على عباده الذين خوّلهم مسؤولية الإمامة.
فقد جاء في وصيّة رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي ذر الغفاري:
(يا أباذر! إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى أخي عيسى عليه السلام: يا عيسى لا تحب الدنيا فإني لست أحبها، وأحب الآخرة فإنما هي دار المعاد.
يا أباذر! إن جبرئيل أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شهباء فقال لي: يا محمد هذه خزائن الدنيا ولا ينقصك من حظك عند ربك. فقلت: يا حبيبي جبرئيل، لا حاجة لي فيها، إذا شبعت شكرت ربي، وإذا جعت سألته)7.
وجاء عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام قوله:
(إن في جهنم رحى تطحن، افلا تسألوني ما طحنها؟ فقيل له: وما طحنها يا أمير المؤمنين؟
قال: العلماء الفجرة، والقراء الفسقة، والجبابرة الظلمة، والوزراء الخونة، والعرفاء الكذبة)8.
وقال الإمام الصادق عليه السلام:
(إذا رأيتم العالم محبا للدنيا فاتهموه على دينكم، فإن كل محب يحوط ما أحب)9.
لماذا؟ لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة.
وأوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام:
(يا داود! لا تجعل بيني وبينك عالماً مفتونا بالدنيا، فيصدك عن طريق محبتي، فان أولئك قطاع طريق عبادي المريدين، إن أدنى ما أنا صانع بهم، أن أنزع حلاوة مناجاتي من قلوبهم)10.
وفي تفسير الآية الكريمة (والشعراء يتبعهم الغاوون) قال الإمام ابو جعفر الباقر عليه السلام:
(هل رأيت شاعراً يتبعه أحد؟ إنما هم قوم تفقهوا لغير الدين، فضلوا وأضلوا)11.
ويبين الإمام الصادق عليه السلام في حديث له دركات العلماء الأشرار في نار جهنم فيقول:
(إن من العلماء من يحب أن يخزن علمه، ولا يؤخذ عنه، فذاك في الدرك الأول من النار.
ومن العلماء من أذا وُعظ أنف، وإذا وَعظ عنف، فذلك في الدرك الثاني من النار).
فإذا أراد أن ينصح الناس ويرشدهم، كان كلامه بعنف وغلظة، أما إذا نصحه الآخرون، فإنه يستنكف من قبول الموعظة.
(ومن العلماء من يرى أن يضع العلم عند ذوي الثروة والشرف، ولايرى له في المساكين وضعا، فذاك في الدرك الثالث من النار).
فهذا يجعل علمه تبعا لأهواء أصحاب المال، وأصحاب الجاه والنفوذ، ورؤساء العشائر، ولا يعطي علمه للمستضعفين حتى يتحرروا به من مسكنتهم.
(ومن العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة والسلاطين، فإن رُدَّ عليه شيء من قوله، أو قُصِّر في شيء من أمره غضب، فذلك في الدرك الرابع من النار).
(ومن العلماء من يطلب أحاديث اليهود والنصارى ليغزر بها علمه، ويكثر بها حديثه، فذاك في الدرك الخامس من النار).
وهؤلاء هم العلماء الإنتقائيون الذين يريدون أن يرفعوا أنفسهم حتى لو كان بذلة الدين وتحطيم الرسالة.
(ومن العلماء من يضع نفسه للفتيا ويقول: سلوني، ولعلّه لا يصيب حرفا واحدا، والله لا يحب المتكلفين، فذاك في الدرك السادس من النار).
(ومن العلماء من يتخذ علمه مروّة وعقلا فذاك في الدرك السابع من النار)12.
وهؤلاء هم الذين يستفيدون من علمهم في سبيل الاستعلاء على الناس، ويطلبون العلم لكي يعدّهم الناس من أهل العقل، كالكهنة الذين كانوا في بعض مراحل التاريخ أكثر قوة من الملوك، فكانوا يستغلون الجماهير بعلمهم وفطنتهم، فلم يوظِّفوا علمهم من أجل السلاطين، ولا من أجل اصحاب المال والنفوذ، وإنما من أجل ذواتهم، وإرضاء لشهوة التسلط والتحكم عندهم.
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
وتحتوي السنة الشريفة على أحاديث كثيرة تهدف ذات الهدف القرآني وهو فصل علماء السوء عن المجتمع.
ففي الحديث عن الإمام علي عليه السلام أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(العلماء رجلان، رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج، وعالم تارك لعلمه فهو هالك، وإن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبدا إلى الله عزوجل فاستجاب له وقبل منه، فأطاع الله عزوجل فأدخله الله الجنة، وأدخل الداعي النار بتركه علمه واتباعه الهوى).
ثم قال عليه السلام:
(ألا إنّ أخوف ما أخاف عليكم خصلتان، إتباع الهوى وطول الأمل، أما إتّباع الهوى فيصد عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة)1.
يشير الإمام إلى السبب الذي يدعو العالم إلى ترك علمه، وهو إتباع الهوى، وطول الأمل. فالعالم الذي يعلم بأن الموت وراءه، لا يفكر أبدا بالإنحراف.
لذلك جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
(من أطال الأمل أساء العمل)2.
ويقول الرسول صلى الله عليه وآله:
(من كان يأمل أن يعيش غدا فإنه يأمل أن يعيش أبدا)3.
وهو الذي يقول عن نفسه وهو الصادق صلى الله عليه وآله:
(والذي نفس محمد بيده، ما طرفت عيناي إلا ظننت أن شفريَّ لا يلتقيان حتى يقبض الله روحي، ولا رفعت طرفي وظننت أني خافضه حتى اُقبض، ولا تلقّمت لقمة إلا ظننت أنّي لا أسيغها حتى أغصّ بها من الموت)4.
إن العالم الذي يتبع علمه، يعلم أن عشرات الألوف من أسباب الموت تحيط به من كل جانب ومكان، والذي يحفظه إنما هم الملائكة الذين سخّرهم الله لحفظه، وحينما يحين أجله، فإنه لا يملك حولاً ولا قوة لدفع الموت عنه، فالحفظة الموكلون به قد انتهت مهمتهم وصدر إليهم الأمر بمغادرته، فيقع حينئذ ضحية أول سبب من أسباب الموت يعترضه.
وجاء في الحديث الشريف عن الإمام علي عليه السلام:
(قطع ظهري رجلان من الدنيا.. رجل عليم اللسان فاسق، ورجل جاهل القلب ناسك، هذا يصد بلسانه عن فسقه، وهذا بنسكه عن جهله، فاتقوا الفاسق من العلماء، والجاهل من المتعبدين، أولئك فتنة كل مفتون، فانّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ياعلي، هلاك أمتي على يدي كل منافق عليم اللسان)5.
وقال عيسى بن مريم عليه السلام وهو يشبِّه علماء السوء بتشبيه لطيف:
(الدنيا داء الدين، والعالم طبيب الدين، فاذا رأيتم الطبيب يجرّ الداء إلى نفسه فاتهموه، واعلموا انه غير ناصح لغيره)6.
فاهم صفات علماء الدين الذين يجب أن يصبحوا قادة للأمة، هو الزهد. وفي دعاء (الندبة) الذي يحدد الإمام فيه صفات أولياء الله الصالحين نقرأ هذه الفقرة:
(وشرطتَ عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها).
فالله سبحانه منح أولياءه قيادة الناس بعد أن أخذ عليهم العهد بأن يزهدوا في متاع الدنيا وزينتها. وهذا أهم الشروط التي إشترطها الله على عباده الذين خوّلهم مسؤولية الإمامة.
فقد جاء في وصيّة رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي ذر الغفاري:
(يا أباذر! إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى أخي عيسى عليه السلام: يا عيسى لا تحب الدنيا فإني لست أحبها، وأحب الآخرة فإنما هي دار المعاد.
يا أباذر! إن جبرئيل أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شهباء فقال لي: يا محمد هذه خزائن الدنيا ولا ينقصك من حظك عند ربك. فقلت: يا حبيبي جبرئيل، لا حاجة لي فيها، إذا شبعت شكرت ربي، وإذا جعت سألته)7.
وجاء عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام قوله:
(إن في جهنم رحى تطحن، افلا تسألوني ما طحنها؟ فقيل له: وما طحنها يا أمير المؤمنين؟
قال: العلماء الفجرة، والقراء الفسقة، والجبابرة الظلمة، والوزراء الخونة، والعرفاء الكذبة)8.
وقال الإمام الصادق عليه السلام:
(إذا رأيتم العالم محبا للدنيا فاتهموه على دينكم، فإن كل محب يحوط ما أحب)9.
لماذا؟ لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة.
وأوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام:
(يا داود! لا تجعل بيني وبينك عالماً مفتونا بالدنيا، فيصدك عن طريق محبتي، فان أولئك قطاع طريق عبادي المريدين، إن أدنى ما أنا صانع بهم، أن أنزع حلاوة مناجاتي من قلوبهم)10.
وفي تفسير الآية الكريمة (والشعراء يتبعهم الغاوون) قال الإمام ابو جعفر الباقر عليه السلام:
(هل رأيت شاعراً يتبعه أحد؟ إنما هم قوم تفقهوا لغير الدين، فضلوا وأضلوا)11.
ويبين الإمام الصادق عليه السلام في حديث له دركات العلماء الأشرار في نار جهنم فيقول:
(إن من العلماء من يحب أن يخزن علمه، ولا يؤخذ عنه، فذاك في الدرك الأول من النار.
ومن العلماء من أذا وُعظ أنف، وإذا وَعظ عنف، فذلك في الدرك الثاني من النار).
فإذا أراد أن ينصح الناس ويرشدهم، كان كلامه بعنف وغلظة، أما إذا نصحه الآخرون، فإنه يستنكف من قبول الموعظة.
(ومن العلماء من يرى أن يضع العلم عند ذوي الثروة والشرف، ولايرى له في المساكين وضعا، فذاك في الدرك الثالث من النار).
فهذا يجعل علمه تبعا لأهواء أصحاب المال، وأصحاب الجاه والنفوذ، ورؤساء العشائر، ولا يعطي علمه للمستضعفين حتى يتحرروا به من مسكنتهم.
(ومن العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة والسلاطين، فإن رُدَّ عليه شيء من قوله، أو قُصِّر في شيء من أمره غضب، فذلك في الدرك الرابع من النار).
(ومن العلماء من يطلب أحاديث اليهود والنصارى ليغزر بها علمه، ويكثر بها حديثه، فذاك في الدرك الخامس من النار).
وهؤلاء هم العلماء الإنتقائيون الذين يريدون أن يرفعوا أنفسهم حتى لو كان بذلة الدين وتحطيم الرسالة.
(ومن العلماء من يضع نفسه للفتيا ويقول: سلوني، ولعلّه لا يصيب حرفا واحدا، والله لا يحب المتكلفين، فذاك في الدرك السادس من النار).
(ومن العلماء من يتخذ علمه مروّة وعقلا فذاك في الدرك السابع من النار)12.
وهؤلاء هم الذين يستفيدون من علمهم في سبيل الاستعلاء على الناس، ويطلبون العلم لكي يعدّهم الناس من أهل العقل، كالكهنة الذين كانوا في بعض مراحل التاريخ أكثر قوة من الملوك، فكانوا يستغلون الجماهير بعلمهم وفطنتهم، فلم يوظِّفوا علمهم من أجل السلاطين، ولا من أجل اصحاب المال والنفوذ، وإنما من أجل ذواتهم، وإرضاء لشهوة التسلط والتحكم عندهم.
------------------
1 - بحار الأنوار، ج2، ص106، ح2.
2 - نهج البلاغة، قصار الحكم، رقم36.
3 - بحار الأنوار، ج70، ص167، ح31.
4 - بحار الأنوار، ج70، ص166، ح27.
5 - بحار الأنوار، ج2، ص106، ح3.
6 - وسائل الشيعة، ج14، كتاب النكاح، أبواب مقدماته، الباب4، ص12، ح5.
7 - بحار الأنوار، ج74، ص82.
8- بحار الأنوار، ج2، ص107، ح6.
9 - بحار الأنوار، ج2، ص107، ح7.
10 - بحار الأنوار، ج2، ص107، ح8.
11- بحار الأنوار، ج2، ص108، ح9.
12 بحار الأنوار، ج2، ص108، ح11.
1 - بحار الأنوار، ج2، ص106، ح2.
2 - نهج البلاغة، قصار الحكم، رقم36.
3 - بحار الأنوار، ج70، ص167، ح31.
4 - بحار الأنوار، ج70، ص166، ح27.
5 - بحار الأنوار، ج2، ص106، ح3.
6 - وسائل الشيعة، ج14، كتاب النكاح، أبواب مقدماته، الباب4، ص12، ح5.
7 - بحار الأنوار، ج74، ص82.
8- بحار الأنوار، ج2، ص107، ح6.
9 - بحار الأنوار، ج2، ص107، ح7.
10 - بحار الأنوار، ج2، ص107، ح8.
11- بحار الأنوار، ج2، ص108، ح9.
12 بحار الأنوار، ج2، ص108، ح11.
تعليق