بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من خصائص السيده الزهراء عليها السلام
لما نزل قوله تعالى (وإن منكم إلا واردها)
اغتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غما شديدا وحزن لدخول أمته النار، فجلس في بيته وكلما سأله الأصحاب عن سبب حزنه لم يجب، فتوسلوا بفاطمة (عليها السلام) فقامت إلى أبيها وسألته عن سبب حزنه، فقال: أخبرني ربي بكذا وكذا وتلا الآية، فبكت فاطمة (عليها السلام) ثم توسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسنان بالله تبارك وتعالى وفدوا أمتهم بأنفسهم، فنزل جبرئيل وقال: يا محمد! الله يقرءك السلام ويقول: قل لفاطمة لا تحزن، فإني أفعل ما تحب.
فانظر يا شيعة فاطمة ومحبها كم لهذه العظيمة من مزية ومنزلة عند الله تبارك وتعالى بحيث يقول جبرئيل: يا محمد! قل لفاطمة لا تحزن (3).
وإن هذه الأسرة التي فدت سعادة الأمة في الآخرة بنفسها أحرى بتقديم الغير على نفسها في هذه الدنيا، مع أنها أحق من غيرها غاية الاستحقاق كما أخبرالله عنهم في قوله تعالى: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) (1)
فقد روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل يوما على فاطمة فوجدها جائعة والحسنان قد هجرا النوم من الجوع (2)، فقالت فاطمة الطاهرة: يا علي! اطلب لهؤلاء الصبية طعاما فإنهم لا ينامون من الجوع.
فخرج أمير المؤمنين إلى عبد الرحمن بن عوف واستقرض منه دينارا، فجاءه عبد الرحمن ببدرة فيها ذهب، وقال: يا علي! هذه صرة فيها مائة دينار، خذها ولا تردها.
فقال أمير المؤمنين: لا حاجة لي في شيء من ذلك، إن يكن قرضا قبلته، فقد سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «اليد العليا خير من اليد السفلى» (3) ولكن أقرضني دينارا واسمع ما قاله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إن «الصدقة عشرة والقرض ثمانية عشر ضعفا» (4); فأقرضه دينارا،
فأخذه علي وخرج فرأى المقداد بن الأسود جالسا على قارعة الطريق تصهره الشمس، فقال: ما أقعدك هنا يا مقداد في مثل هذا الوقت؟ فقال:
الجهد. قال: أي جهد؟ قال: منذ أربعة أيام لم يذق عيالي الطعام. فقال علي (عليه السلام):
خذ هذا الدينار فأنتم أحق به منا، لأنكم جياع منذ أربعة أيام ونحن منذ ثلاث.
فأخذ مقداد الدينار.
فلما قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة العشاء انفتل، وقال لعلي (عليه السلام): يا أبا الحسن هل عندك شيء نتعشاه فنميل معك؟ فقال علي (عليه السلام): حبا وكرامة، وتقدم إلى البيت يبشر فاطمة (عليها السلام) ثم أعقبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم إن فاطمة دخلت البيت ووضعت وجهها على التراب، وقالت: اللهم بحق محمد وآل محمد ابعث إلينا طعاما. فشمت وهي في السجود رائحة الطعام، فرفعت رأسها فوجدت جفنة تفوح منها رائحة أطيب من المسك. فحملتها وجاءت بها إلى أبيها فقدمتها إليه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنى لك هذا الطعام؟ قالت: من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب.
فأكل منها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والحسنان، فجاء سائل فقام علي (عليه السلام) ليعطيه من ذلك الطعام، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي هذا إبليس سمع أننا نأكل من طعام الجنة فجاء يشاركنا (1).
وروي أن الله عوض عليا عن الدينار الذي أعطاه لمقداد عشرين أجرا:
اثنين في الدنيا وثمانية عشر في الآخرة مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وأجرا الدنيا هما ما ورد في الخبر:
إن النبي وعليا كانا في المسجد فجاء أعرابي واعتزل عليا وأعطاه صرة فيها ذهبا ثم غاب، فحمل علي الصرة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي هل تعلم من هو ذا الأعرابي؟ فقال علي: الله ورسوله أعلم، فقال: هو جبرئيل استخرج الآن كنزا من كنوز الدنيا أعطاك هذا عوضا عن دينارك الذي أعطيته المقداد.
هذا الأجر الأول، والأجر الآخر تلك المائدة التي نزلت عليهم.
وهذه البشائر تزرع الأمل في قلوب محبي فاطمة الزهراء (عليها السلام).
المصادر
كتاب الخصائص الفاطميه الجزء الثاني المؤلف الشيخ محمد باقر الكجوري
(1) الفصول المهمة 28 في مقدمة المؤلف.
(2) الضحى: 5.
(3) والخبر في كتاب الفصول المهمة عن بلال أيضا. (من المتن)
(1) الحشر: 9.
(2) وليت يدي شلت وعيني عميت قبل أن أقرأ هذه الرواية وقبل أن أكتبها، ولكن ما الحيلة؟ فلو لم أكتبها
لما علمت كيف اختار هؤلاء المتصرفون بالولاية التكوينية الإلهية المشقة، فهم في تلك القدرة لأنهم
يبقون في مثل هذه الحاجة إيثارا لمقام رضا الرب ولتحصيل الأجر الأخروي. (من المتن)
(3) البحار 21 / 211 ح 2 باب 29.
(4) انظر البحار 103 / 140 ح 11 باب 1.
(1) البحار 14 / 197 ح 4 باب 16.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من خصائص السيده الزهراء عليها السلام
لما نزل قوله تعالى (وإن منكم إلا واردها)
اغتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غما شديدا وحزن لدخول أمته النار، فجلس في بيته وكلما سأله الأصحاب عن سبب حزنه لم يجب، فتوسلوا بفاطمة (عليها السلام) فقامت إلى أبيها وسألته عن سبب حزنه، فقال: أخبرني ربي بكذا وكذا وتلا الآية، فبكت فاطمة (عليها السلام) ثم توسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسنان بالله تبارك وتعالى وفدوا أمتهم بأنفسهم، فنزل جبرئيل وقال: يا محمد! الله يقرءك السلام ويقول: قل لفاطمة لا تحزن، فإني أفعل ما تحب.
فانظر يا شيعة فاطمة ومحبها كم لهذه العظيمة من مزية ومنزلة عند الله تبارك وتعالى بحيث يقول جبرئيل: يا محمد! قل لفاطمة لا تحزن (3).
وإن هذه الأسرة التي فدت سعادة الأمة في الآخرة بنفسها أحرى بتقديم الغير على نفسها في هذه الدنيا، مع أنها أحق من غيرها غاية الاستحقاق كما أخبرالله عنهم في قوله تعالى: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) (1)
فقد روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل يوما على فاطمة فوجدها جائعة والحسنان قد هجرا النوم من الجوع (2)، فقالت فاطمة الطاهرة: يا علي! اطلب لهؤلاء الصبية طعاما فإنهم لا ينامون من الجوع.
فخرج أمير المؤمنين إلى عبد الرحمن بن عوف واستقرض منه دينارا، فجاءه عبد الرحمن ببدرة فيها ذهب، وقال: يا علي! هذه صرة فيها مائة دينار، خذها ولا تردها.
فقال أمير المؤمنين: لا حاجة لي في شيء من ذلك، إن يكن قرضا قبلته، فقد سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «اليد العليا خير من اليد السفلى» (3) ولكن أقرضني دينارا واسمع ما قاله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إن «الصدقة عشرة والقرض ثمانية عشر ضعفا» (4); فأقرضه دينارا،
فأخذه علي وخرج فرأى المقداد بن الأسود جالسا على قارعة الطريق تصهره الشمس، فقال: ما أقعدك هنا يا مقداد في مثل هذا الوقت؟ فقال:
الجهد. قال: أي جهد؟ قال: منذ أربعة أيام لم يذق عيالي الطعام. فقال علي (عليه السلام):
خذ هذا الدينار فأنتم أحق به منا، لأنكم جياع منذ أربعة أيام ونحن منذ ثلاث.
فأخذ مقداد الدينار.
فلما قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة العشاء انفتل، وقال لعلي (عليه السلام): يا أبا الحسن هل عندك شيء نتعشاه فنميل معك؟ فقال علي (عليه السلام): حبا وكرامة، وتقدم إلى البيت يبشر فاطمة (عليها السلام) ثم أعقبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم إن فاطمة دخلت البيت ووضعت وجهها على التراب، وقالت: اللهم بحق محمد وآل محمد ابعث إلينا طعاما. فشمت وهي في السجود رائحة الطعام، فرفعت رأسها فوجدت جفنة تفوح منها رائحة أطيب من المسك. فحملتها وجاءت بها إلى أبيها فقدمتها إليه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنى لك هذا الطعام؟ قالت: من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب.
فأكل منها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والحسنان، فجاء سائل فقام علي (عليه السلام) ليعطيه من ذلك الطعام، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي هذا إبليس سمع أننا نأكل من طعام الجنة فجاء يشاركنا (1).
وروي أن الله عوض عليا عن الدينار الذي أعطاه لمقداد عشرين أجرا:
اثنين في الدنيا وثمانية عشر في الآخرة مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وأجرا الدنيا هما ما ورد في الخبر:
إن النبي وعليا كانا في المسجد فجاء أعرابي واعتزل عليا وأعطاه صرة فيها ذهبا ثم غاب، فحمل علي الصرة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي هل تعلم من هو ذا الأعرابي؟ فقال علي: الله ورسوله أعلم، فقال: هو جبرئيل استخرج الآن كنزا من كنوز الدنيا أعطاك هذا عوضا عن دينارك الذي أعطيته المقداد.
هذا الأجر الأول، والأجر الآخر تلك المائدة التي نزلت عليهم.
وهذه البشائر تزرع الأمل في قلوب محبي فاطمة الزهراء (عليها السلام).
المصادر
كتاب الخصائص الفاطميه الجزء الثاني المؤلف الشيخ محمد باقر الكجوري
(1) الفصول المهمة 28 في مقدمة المؤلف.
(2) الضحى: 5.
(3) والخبر في كتاب الفصول المهمة عن بلال أيضا. (من المتن)
(1) الحشر: 9.
(2) وليت يدي شلت وعيني عميت قبل أن أقرأ هذه الرواية وقبل أن أكتبها، ولكن ما الحيلة؟ فلو لم أكتبها
لما علمت كيف اختار هؤلاء المتصرفون بالولاية التكوينية الإلهية المشقة، فهم في تلك القدرة لأنهم
يبقون في مثل هذه الحاجة إيثارا لمقام رضا الرب ولتحصيل الأجر الأخروي. (من المتن)
(3) البحار 21 / 211 ح 2 باب 29.
(4) انظر البحار 103 / 140 ح 11 باب 1.
(1) البحار 14 / 197 ح 4 باب 16.
تعليق