من نبلاء الشيعة/25
رفاعة بن شداد
رفاعة بن شداد
فقال له رفاعة بن شداد البجلي :يا أمير المؤمنين ، تعبيةٌ لتعبية [أي نحن يا أمير المؤمنين نُعبِّئ جنودنا لتعبيتهم لحربنا]، وحق يدفع باطلاً ، هذا ما كنَّا نريد ، فأبشر وقر عيناً فسترى منا ما تحب.
فكان هذا الموقف مِن رفاعة موقفاً بطوليًّا حازمًا إذا جعل قبيلته تنحاز إلى معسكر أمير المؤمنين(عليه السلام)،
وأمَّا في معركةصفين فلم يكن فيها أقلّ حزماً مِن الجمل فقد كان في معركة صفين قائداً على قبيلته (بجيلة) ،
ولمَّا استشهد أمير المؤمنين(عليه السلام)، لم يفارق رفاعة بن شداد الإمام الحسن (عليه السلام)، فكان في أصحاب الحسن (عليهالسلام)، ولم يرضخ لمعاوية بن سفيان وأعوانه الَّذين كانوا يتحرّون عن أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ويقتلونهم،
فقام والي الكوفة زياد بن سُميَّة بتتبعهم وحبس وجهائهم، ثمَّ ارسالهم إلى معاوية ليقتلهم، فحبس حُجرَ بن عدي الكندي في الكوفة ،
لذاخرج عمرو بن الحمق ورِفاعة بن شداد مِن الكوفة خشية أن تنالهم يد الغدر من جلاوزة بني أمية فنزلا المدائن،
ثم ارتحلا إلى الموصل، فاختفيا بجبل هناك،
فرُفع خبرهما إلى عامل الموصل، فسار إليهما فخرجا، فأمَّا عمرو فكان مريضاً، وأمّا رفاعة فركب فرسه يقاتل عن عمرو، فقال له عمرو:
وما ينفعني قتالك، انْجُ بنفسك، فحمل عليهم رفاعة فأفرجوا له ، وخرجت الخيل فى طلبه، و كان راميًّا ، فأخذ لا يلحقه فارسٌ الَّا رماه ، فجرحه أو عقره فانصرفوا عنه، ونجامنهم ،
وأُخِذ عمرو أسيراً ثم قُتل وبُعث برأسه إلى معاوية، وكان أوّل رأس حُمل في الاِسلام.
واستمرَّ هذا الخط النضالي الثائر ضد أعداء أميرالمؤمنين (عليه السلام) لرِفاعة بن شداد وأمثاله حتَّى هلك معاوية وملك ابنه يزيد ورفاعة لم يتخلَّ عن ولاء أهل البيت (عليهم السلام)،
ولمَّا استشهد الإمام الحسين (عليه السلام) لم يتمكَّن رفاعة مِن حضور الطف ونصرة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، فلما رجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة ، ودخل الكوفة تكاتفت الشيعة وفزعوا بالكوفة إلى خمسة نفر مِن وجهاء الشيعة، وهم سليمان بن صرد الخزاعى وكانت له صحبة مع النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم)، وإلى المسيب بن نجبة الفزاري وكان من أصحاب عليّ وخيارهم، وإلى عبد الله بن سعد بن نفيل الازدي، وإلى عبد الله بن وَالِي التيمي، وإلى رفاعة بن شداد البجلي،
وتأهَّبوا للقتال والأخذ بثأر الإمام الحسين (عليه السلام)، فكوَّنوا جيشاً تعداده تسعة آلاف مقاتل توجَّهوا به لقتال عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، وَالْتَقَى الجَمْعَانِ في عين الوردة الَّتِي تُدْعَى رَأْسَ العَيْنِ، سَنَةَ خَمْس وَسِتِّيْنَ،
وَكَانَ عُبَيْدُ اللهِ فِي جَيشٍ عَظِيمٍ، فَالْتَحَمَ القِتَالُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، وَاسْتَحَرَّالقَتْلُ بِالثائرين المطالبين بدم الحُسَيْنِ (عليه السلام)، وَقُتِلَ أُمَرَاؤُهُم الأَرْبَعَةُ؛ سُلَيْمَانُ، وَالمُسَيَّبُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَالِي،
ولمَّا علم مَن بقيَ منهم أنّهم لا طاقة لهم وأنَّهم هالكون لامحالة ارتحلوا وعليهم رِفاعة بن شداد ، فساروا إلى قرقيسيا ثم عادوا إلى الكوفة ينتظرون الفرصة المناسبة للأخذ بثأر الحسين (عليه السلام)،
فلمَّا خرج المختار يطالب بدم الحسين (عليه السلام) انحازإليه رفاعة، ثمَّ حصل خلاف بينه وبين المختار ، فاعتزله.
ولما سار أصحاب المختار نحو أهل اليمن في الكوفة ، ونشبت الحرب بينهم كان رفاعة بن شداد البجليّ مع أهل اليمن، وأصحاب المختار يهتفون يا لثارات الحسين! فسمعها يزيد بن عمير بن ذي مران الهمداني فقال:يا لثارات عثمان!
فقال لهم رفاعة بن شداد: ما لنا ولعثمان!لا أقاتل مع قوم يبغون دم عثمان،
فقال له ناس مِن قومه: جئت بنا وأطعناك حتَّى إذا رأينا قومنا تأخذهم السيوف قلت انصرفوا ودعوهم! فعطف عليهم وهو يقول، شعر:
أنا ابن شداد على دين عليّ | لست لعثمان بن أروى بولي | |
لأصلين اليوم فيمن يصطلي | بحر نار الحرب غير مؤتل |
تعليق