بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعزّ المرسلين سيدنا ونبينا محمد و‘لى آله الطيبين الطاهرين
أبو طالب هو عم النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم وكافله ,,
لقد استفاضت كتب التاريخ والسير في الحديث عن حسن رعاية أبي طالب سلام الله عليه وشدّة حرصه على سلامته من كلّ ما يمكن أن يسيء اليه , وقد تولى كفالته وحضانته بعد ان توفي جدّه عبد المطلب ,
ولقد ورث أبو طالب كلّ مناصب أبيه ومكانته الإجتماعية على الرغم من أنه لم يكن أكبر أولاده , إلاّ أنّه كان واسع التفكير , ذا هيبة ووقار , قويّ الشخصية , سامياً في أخلاقه , شجاعاً , حليماً حكيماً سخيّ النفس فحاز سيادة قريش بكل هذا المزايا فأسلمت له قيادها رغم فقره فكان أول فقير ساد قومه .
وقد قيل لأكثم بن صيفي وكان من المعمّرين : ممن تعلمت الرئاسة والحكم والسيادة ؟
فقال : من حليف الحكم والأدب سيد العجم والعرب أبي طالب .
هذه كانت صفات أبي طالب عليه السلام التي شهد له بها التاريخ وكَتَبَتُهُ بمختلف مذاهبهم الفكرية والعقائدية ,,
أما ما اختلف في نقله رواةُ التاريخ فهو إسلام أبي طالب عليه السلام ,
وغير خافٍ على أحد أنَّ بعض المؤرّخين خضعوا في تدويناتهم لأحداث التاريخ ورجالاته الى أهوائهم تارة , ولخوفهم من سلاطين الباطل طورا فلزم الباحث عن الحقائق التاريخية أن يتوخّى الحياد العاطفي والموضوعية وعمق التفكير ليستنبط الحق من الزيف ,,
وهذا ما حاولته في بحثي عما ورد في شأن إسلام أبي طالب عليه السلام ولقد راجعت معظم ما قيل في هذا الشأن فاستخلصت ما يلي ومن الله التوفيق وعليه الإتكال ..
لم أجد في سيرة أبي طالب الهاشمي ، عم النبي الأمين صلى الله عليه وآله أنَّ أحداً قال أو يقول عنه عيبا ، ولا أحد شهد أو يشهد عنه سوءا ، ومع ذلك يقولون إنه سيدخل النار مع كفار قريش ، وسيخلد في النار مع العصاة من العرب والعجم ...!!
أبو طالب سيد البطحاء ، وحامي الرسول ، ومؤيد الرسالة ، وأبو المتقين ، يكون « في ضحضاح من النار يغلي منها دماغه » ؟!
كيف !! وهو الذي وقف كالحصن المنيع ضد كل عدوان على الرسول ، وتصدى لزعماء قبائل العرب ، الذين أرادوا القضاء على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى أتباعه من الفقراء والمستضعفين ؟!
كيف !! وهو الذي نصر الدين ، ومهد لحبيبه محمد أكثر من سبيل لتبليغ الرسالة ، وشجعه على نشر الدعوة بين أصحابه ؟!
كيف ، وقد مارس هذا الدور ، الذي تشيد به كل كتب التاريخ والسير والتراجم ، بكل شجاعة وإخلاص . ووقف أمام أي خطر كان يحيق بالرسول ، وأمام كل كيد ودسيسة ، كان يدبرها عتاة قريش ، ليلا أو نهارا ، للنيل من الرسول ؟!
كل ما هنالك أنه أخفى إيمانه ، وستر عقيدته ـ كما فعل ذلك من قبل مؤمن من آل فرعون ـ كي يستخدم أقصى ما يملكه من ذكاء وحنكة ، وهو في موقعه المصون : شيخ البطحاء ، وسيد قريش .
وكثير من المواقف تُـؤْثـرُ عنه ، تُجَلِّي بأنه كان مؤمنا ، بل ومؤمنا صادقا ، ولعل آخرها ما مرَّ به من عُسْر وبلاء أيام حصار النبي وأتباعه في شِعْبِ مكة ، ومقاطعتهم اقتصاديا واجتماعيا مقاطعة شاملة ، حيث اجتمعت قريش على أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني هاشم وبني المطلب : أن لا ينكحوا إليهم ، ولا يبيعوا منهم شيئا ، ولا يتبايعوا ، ولا يقبلوا منهم صلحا أبدا ، ولا تأخذهم بهم رأفة ، حتى يسلموا رسول الله للقتل ، ويخلوا بينهم وبينه .
بل وهو مسجى على فراش الموت ، وقد أدار بصره فيمن أحاط به من القرشيين ، لم يهتم إلا بوصية وصاها في كلماته الأخيرة ، وهي نصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، مدركا ببصيرته ، التي استمدت نورها من الله ، أن المستقبل سيكون للإسلام ، وأنه سينشر لا في أرض العرب فحسب ، بل في أقطار الدنيا كلها ، فاستمعوا إليه وقد قال :
« ... وإني أوصيكم بمحمد خيرا فإنه الأمين في قريش ، والصِّدِّيق في العرب ، وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به ، وقد جاءنا بأمر قَبِلَه الجنان وأنكره اللسان مخافة الشَّنَآن ، وأَيْمُ الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب ، وأهل الأطراف ، والمستضعفين من الناس ، قد أجابوا دعوته ، وصدقوا كلمته ، وعظموا أمره ، فخاض بهم غمرات الموت ، وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا ، ودورها خرابا ، وضعفاؤها أربابا ...
ولو كان لنفسي مدّة ، وفي أجلي تأخير ، لكففت عنه الهزاهز ، ولدافعت عنه الدواهي ... » .
وهكذا مات ، وقد توجع لموته رسول الله توجعا عظيما ، وحزن عليه حزنا شديدا ، وأقبل على الناس وقال : « أما والله لأشفعن لعمي شفاعة يعجب بها أهل الثقلين » .
ولم يُصَلِّ عليه ؛ لأن الصلاة لم تكن نزلت بعد ، كما لم يُصَلِّ على زوجه خديجة أيضا . ولقد رثاه قولا وعملا ، فأما العمل : فقد لزم داره وأَقَلَّ الخروج . وأما القول : فقد سمى هذا العام بعام الحزن .
ولي عودة إنشاء الله لتكملة الموضوع
والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعزّ المرسلين سيدنا ونبينا محمد و‘لى آله الطيبين الطاهرين
أبو طالب هو عم النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم وكافله ,,
لقد استفاضت كتب التاريخ والسير في الحديث عن حسن رعاية أبي طالب سلام الله عليه وشدّة حرصه على سلامته من كلّ ما يمكن أن يسيء اليه , وقد تولى كفالته وحضانته بعد ان توفي جدّه عبد المطلب ,
ولقد ورث أبو طالب كلّ مناصب أبيه ومكانته الإجتماعية على الرغم من أنه لم يكن أكبر أولاده , إلاّ أنّه كان واسع التفكير , ذا هيبة ووقار , قويّ الشخصية , سامياً في أخلاقه , شجاعاً , حليماً حكيماً سخيّ النفس فحاز سيادة قريش بكل هذا المزايا فأسلمت له قيادها رغم فقره فكان أول فقير ساد قومه .
وقد قيل لأكثم بن صيفي وكان من المعمّرين : ممن تعلمت الرئاسة والحكم والسيادة ؟
فقال : من حليف الحكم والأدب سيد العجم والعرب أبي طالب .
هذه كانت صفات أبي طالب عليه السلام التي شهد له بها التاريخ وكَتَبَتُهُ بمختلف مذاهبهم الفكرية والعقائدية ,,
أما ما اختلف في نقله رواةُ التاريخ فهو إسلام أبي طالب عليه السلام ,
وغير خافٍ على أحد أنَّ بعض المؤرّخين خضعوا في تدويناتهم لأحداث التاريخ ورجالاته الى أهوائهم تارة , ولخوفهم من سلاطين الباطل طورا فلزم الباحث عن الحقائق التاريخية أن يتوخّى الحياد العاطفي والموضوعية وعمق التفكير ليستنبط الحق من الزيف ,,
وهذا ما حاولته في بحثي عما ورد في شأن إسلام أبي طالب عليه السلام ولقد راجعت معظم ما قيل في هذا الشأن فاستخلصت ما يلي ومن الله التوفيق وعليه الإتكال ..
لم أجد في سيرة أبي طالب الهاشمي ، عم النبي الأمين صلى الله عليه وآله أنَّ أحداً قال أو يقول عنه عيبا ، ولا أحد شهد أو يشهد عنه سوءا ، ومع ذلك يقولون إنه سيدخل النار مع كفار قريش ، وسيخلد في النار مع العصاة من العرب والعجم ...!!
أبو طالب سيد البطحاء ، وحامي الرسول ، ومؤيد الرسالة ، وأبو المتقين ، يكون « في ضحضاح من النار يغلي منها دماغه » ؟!
كيف !! وهو الذي وقف كالحصن المنيع ضد كل عدوان على الرسول ، وتصدى لزعماء قبائل العرب ، الذين أرادوا القضاء على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى أتباعه من الفقراء والمستضعفين ؟!
كيف !! وهو الذي نصر الدين ، ومهد لحبيبه محمد أكثر من سبيل لتبليغ الرسالة ، وشجعه على نشر الدعوة بين أصحابه ؟!
كيف ، وقد مارس هذا الدور ، الذي تشيد به كل كتب التاريخ والسير والتراجم ، بكل شجاعة وإخلاص . ووقف أمام أي خطر كان يحيق بالرسول ، وأمام كل كيد ودسيسة ، كان يدبرها عتاة قريش ، ليلا أو نهارا ، للنيل من الرسول ؟!
كل ما هنالك أنه أخفى إيمانه ، وستر عقيدته ـ كما فعل ذلك من قبل مؤمن من آل فرعون ـ كي يستخدم أقصى ما يملكه من ذكاء وحنكة ، وهو في موقعه المصون : شيخ البطحاء ، وسيد قريش .
وكثير من المواقف تُـؤْثـرُ عنه ، تُجَلِّي بأنه كان مؤمنا ، بل ومؤمنا صادقا ، ولعل آخرها ما مرَّ به من عُسْر وبلاء أيام حصار النبي وأتباعه في شِعْبِ مكة ، ومقاطعتهم اقتصاديا واجتماعيا مقاطعة شاملة ، حيث اجتمعت قريش على أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني هاشم وبني المطلب : أن لا ينكحوا إليهم ، ولا يبيعوا منهم شيئا ، ولا يتبايعوا ، ولا يقبلوا منهم صلحا أبدا ، ولا تأخذهم بهم رأفة ، حتى يسلموا رسول الله للقتل ، ويخلوا بينهم وبينه .
بل وهو مسجى على فراش الموت ، وقد أدار بصره فيمن أحاط به من القرشيين ، لم يهتم إلا بوصية وصاها في كلماته الأخيرة ، وهي نصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، مدركا ببصيرته ، التي استمدت نورها من الله ، أن المستقبل سيكون للإسلام ، وأنه سينشر لا في أرض العرب فحسب ، بل في أقطار الدنيا كلها ، فاستمعوا إليه وقد قال :
« ... وإني أوصيكم بمحمد خيرا فإنه الأمين في قريش ، والصِّدِّيق في العرب ، وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به ، وقد جاءنا بأمر قَبِلَه الجنان وأنكره اللسان مخافة الشَّنَآن ، وأَيْمُ الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب ، وأهل الأطراف ، والمستضعفين من الناس ، قد أجابوا دعوته ، وصدقوا كلمته ، وعظموا أمره ، فخاض بهم غمرات الموت ، وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا ، ودورها خرابا ، وضعفاؤها أربابا ...
ولو كان لنفسي مدّة ، وفي أجلي تأخير ، لكففت عنه الهزاهز ، ولدافعت عنه الدواهي ... » .
وهكذا مات ، وقد توجع لموته رسول الله توجعا عظيما ، وحزن عليه حزنا شديدا ، وأقبل على الناس وقال : « أما والله لأشفعن لعمي شفاعة يعجب بها أهل الثقلين » .
ولم يُصَلِّ عليه ؛ لأن الصلاة لم تكن نزلت بعد ، كما لم يُصَلِّ على زوجه خديجة أيضا . ولقد رثاه قولا وعملا ، فأما العمل : فقد لزم داره وأَقَلَّ الخروج . وأما القول : فقد سمى هذا العام بعام الحزن .
ولي عودة إنشاء الله لتكملة الموضوع
تعليق