يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " ألا لا يمنعنَّ أحدكم رهبةُ الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده، فإنه لا يقرب من أجلٍ ولا يباعد من رزق، أن يقول بحق، أو يذكر بعظيم " ما أقل ما قلنا (كلمة الحق) في مواقف الرجال. وما أكثر ما قصّرنا في ذلك، إن لم يكن خوفاً فضعفاً، ونستغفر الله، وأرى أن قد آن الأوان لنقولها ما استطعنا، كفارة عما سلف من تقصير، وعما أسلفت من ذنوب، ليس لها إلا عفو الله ورحمته. والعمر يجري بنا سريعاً، والحياة توشك أن تبلغ منتهاها.
وأرى أن قد آن الأوان لنقولها ما استطعنا، وبلادنا، بلاد الإسلام في أشد الحاجة لهذه الكلمة في هذه الفترة الفاصلة في حياة أمتنا .
نريد أن نقول (كلمة الحق) في شؤون المسلمين كلها. نريد أن ندافع عن الإسلام ما استطعنا، بالقول الفصل، والكلمة الصريحة، لا نخشى فيما نقول أحداً إلا الله. إذ نقول ما نقول في حدود ما أذن الله لنا به، بل ما أوجب علينا أن نقوله، بهدي كتاب ربنا وسنة رسوله.
لقد وصف الله عز وجل أمتنا في قرآنه الكريم بأنها خير الأمم قال تعالى : " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ " سورة آل عمران، الآية 110
ووصف اليهود بأنهم الأمة الملعونة قال تعالى : "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ، كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ " سورة المائدة الآيتان 78،79.
فإن فقدنا ما جعلنا الله به خير الأمم، كنا كمثل أشقاها، وليس من منزلة هناك بينهما.
وذلك بأن الله يقول: "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ" سورة الأحزاب، الآية 39
فَـ أمتنا في مفترق طرق ولن تتقدم إلا بي وبك ، لن تتقدم إلا بكلمة الحق والعمل على إرساء العدل بين جنباتها .
وأختم بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " لا يحقرن أحدكم نفسه، قالوا: يا رسول الله، كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: يرى أمراً لله عليه فيه مقال، ثم لا يقول فيه، فيقول الله –عز وجل- له يوم القيامة: ما منعك أن تقول فيّ كذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس، فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى" . !!
ولنعتبر بما قاله الصحابّي الجليل ” أبو ذر الغفاري ” باكياً و وحيداً قبيل موته :
” لقد ظل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوصيني بقول الحقِّ .. حتّى لم يُبقِِ لي قولُ الحقِّ صديقًا ” .
وهذا يذكّرنا بعبارة كتبها الأديب العبقريّ شكسبير:
” إن كلمةَ الحقِّ يجبُ أن تقالَ ومهما كلّف الأمرُ .. حتّى ولو لم يكنِ الإصلاحُ ممكنًا “
تعليق