روي عن الصادق عليه السلام أنه قال لبعض تلاميذه يوماً : أي شيء تعلمت مني ؟؟
قال التلميذ : يامولاي ثمان مسائل ،
قال عليه السلام : قصها علي لأعرفها ،
قال : الأولى : رأيت كل محبوب يفارق محبوبه عند الموت فصرفت همي إلى ما لا يفارقني بل يؤنسني في وحدتي وهو (( فعل الخير )) ،
قال عليه السلام : أحسنت والله ،
الثانية : قد رأيت قوماً يفخرون بالحسب و آخرين بالمال والولد ، وإذا ذلك لا فخر فيه ، ورأيت الفخر العظيم في قوله تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } فاجتهدت أن اكون عند الله كريماً،
قال عليه السلام : أحسنت والله،
الثالثة : رأيت الناس في لهوهم وطربهم ، وسمعت قوله وتعالى {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى } فأجتهدت في صرف الهوى عن نفسي حتى أستقرت على طاعة الله تعالى ،
قال عليه السلام : أحسنت والله ،
الرابعة : رأيت كل من وجد شيئاً يكرم عنده أجتهد في حفظه ، وسمعت قول تعالى { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم } فأحببت المضاعفة ولم أر أحفظ مما يكون عنده فكلما وجدت شيئاً يكرم عنده وجهت به إليه ليكون لي ذخراً إلى وقت حاجتي ،
قال عليه السلام : أحسنت والله ،
الخامسة : رأيت حسد الناس بعضهم لبعض ، وسمعت قوله تعالى {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعض سخرياً ورحمة ربك خير مما يجمعون } ، فلما عرفت أن رحمة الله خير مما يجمعون ما حسدت أحداً ولا أسفت على ما فاتني ،
قال عليه السلام : أحسنت والله ،
السادسة : رأيت عداوة الناس بعضهم لبعض في دار الدنيا و الحزازات التي في صدورهم ، وسمعت قوله تعالى {إن الشيطان لكم عدو فأتخذوه عدواً } فأشتغلت بعداوة الشيطان عن عداوة غيره ،
قال عليه السلام : أحسنت والله ،
السابعة : رأيت كدح الناس وإجتهادهم في طلب الرزق ، وسمعت قوله تعالى { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } ، فعلمت أن وعده حق ، وقوله صدق فسكنت إلى وعده ورضيت بقوله وأشتغلت بماله على عمالي عنده ،
فقال عليه السلام : أحسنت والله،
الثامنة : رأيت قوماً يتكلمون على صحة أبدانهم وقوماً على كثرة أموالهم وقوماً على خلق مثلهم ، وسمعت قوله تعالى { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، إن الله بالغ أمره قد جعل لكل شيء قدراً }، فأتكلت على الله وزال إتكالي عن غيره ،
قال له عليه السلام : والله إن التوراة والأنجيل والزبور والفرقان وسائر الكتب ترجع إلى هذه المسائل.
المصدر : إرشاد القلوب 176