إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سورة الأحقاف

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سورة الأحقاف




    اللهم صلى على محمد وعجل قائم آل محمد


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
    سورة الأحقاف.
    الصادق من طابق قوله ما في قلبه:

    مع الآية الثالثة عشرة، وهي قوله تعالى:

    ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13)﴾
    [سورة الأحقاف ]
    أولاً: إن الذين قالوا، ولم يقل الله آمنوا، فالعلماء قالوا: كأن الآية الكريمة تشير إلى أنه ينبغي أن يكون القول مطابقاً لما في القلب، فإذا طابق القول ما في القلب كان الإنسان صادقاً، أما إذا كان هناك مسافة واسعة جداً بين ما يقوله الإنسان وبين ما يفعله، صار نفاقاً، النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول لمن سأله قائلاً: عظني ولا تطل، فعن عبد الله بن سفيان عن أبيه قال: يا رسول الله أخبرني أمراً في الإسلام لا أسأل عنه أحداً بعدك قال:
    (( قلْ آمَنْتُ باللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ ))
    يفهم أن القول ينبغي أن يكون مطابقًا لما في القلب.
    ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي:

    لما سئل النبي عليه الصلاة و السلام عن الإيمان، قال:

    (( ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ))
    بالتمني كأن يقول قائل: اللهم اجعلنا مؤمنين، فالمسلمون دائماً وعلى تقصيرهم، وعلى مخالفاتهم، وعلى خرقهم لحدود الله، وعلى شركهم الخفي، وعلى انغماسهم في الملذات، وعلى أن بيوتهم مليئة بالمعاصي، ومع كل ذلك دائماً يقولون: اللهم اجعلنا مؤمنين، ويقولون: الله يتوب علينا، اللهم لا تعاملنا بعملنا، فالنبي قال ليس الإيمان بالتمني (ليس هذا التمني إيماناً)، ولا بالتحلي، أحدهم وضع مصحفاً في سيارته، ووضع في محله التجاري: إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً، وأبرز آية الكرسي بمحله، أو ببيته، ليراها الناسُ، فإذا كان بيتُه يعجُّ باختلاط الجنسين، ويفور فيه نتنُ المعاصي، وفيه غناء، وأعمال لا ترضي الله عز وجل، وليس فيه قرآن يُتلى، فهذه اللوحات ماذا تعني ؟ لا أقول انزعوا اللوحات، لا، أبقوها على ما هي عليه فعسى أن يكون لها أثر يوماً ما، لكن ليس الإيمان بالتمني، ولا بالتحلي، ولكن هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، ما وقر في القلب، تَطَابَق مع ما أقرّه اللسان، وصدقه العمل.

    من اكتفى بأن الله خلقه و لم يتحقق من ألوهيته فأمره خسارة:

    من هو المؤمن ؟ هذا الذي ما في قلبه على لسانه، ويؤكد ذلك عملُه، فالعمل إذا كان موافقًا للقلب، موافقًا للسان، فيشعر القارئ بحلاوة:

    ﴿إن الذين قالوا ﴾
    يعني كأن الله سبحانه وتعالى، لا يريدنا أن نقول إلا ما هو حق، والقول يكفي، إذا كان القول مطابقًا لما في القلب، إن الذين قالوا ربنا الله، الرب هو المربي، والرب هو الممد، والتربية تربية نفسية و تربية مادية، فربنا الله هو صاحب الأسماء الحسنى، من الذي خلقك ؟ الله جل جلاله، من الذي أمدك بما تحتاج ؟ الله جل جلاله، من الذي أسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة ؟ الله جل جلاله، من الذي يعالجك إذا انحرفت ؟ الله جل جلاله، فربنا رب العالمين، لكنَّ الإنسان إذا اكتفى بأن الله عز وجل هو الذي خلقنا، وهو الذي أمدنا، وهو الذي أنزل هذا الكتاب على نبيه، ولم يتحقق من ألوهية الله عز وجل، وبأنّ الله هو المعطي، هو المانع، هو الرافع، هو الخافض، الأمر كله بيده، المصير كله إليه، له الخلق، وله الأمر، وهو الذي في السماء إله، وفي الأرض إله، ولا يشرك في حكمه أحداً فأمره خسارة، أما إذا تحققت من مقام الألوهية، فأنت عندئذ مضطر لأن تنصاع لأمر الله، والأمر كله بيده، فمتى يعصي الإنسانُ ربَّه ؟ ولماذا يعصي ؟ وكيف يعصي ؟ يعصي حينما يرى أن في المعصية تحقيقاً لمصالحه المادية أو المعنوية، ومتى يعصي ؟ إذا توهم أو غفل عن أن الذي أمر لا يراه، لكن إذا أيقنت أن الذي أمر يراك، وأنه سيحاسبك، وأن الأمر كله بيده، فلن تعصيه، يعني هذا الكلام ينقلنا إلى موضوع دقيق، الإقرار بوجود الله عز وجل لا يكفي، الإقرار ببعض أسمائه الحسنى لا يكفي، ألم يقل إبليس: رب فبعزتك، الإقرار بوجود خالق عظيم لهذا الكون، والإقرار بوجود ربٍّ حكيمٍ، دون أن تستجيب لأمره، دون أن تنصاع لأمره، دون أن تعبده، دون أن يبدو ذلك في علاقتك اليومية، هذا لا يجدي شيئاً.
    الإيمان الحقيقي هو الإيمان الذي ينتهي بالإنسان إلى الاستقامة:

    ﴿ إن الذين قالوا ربنا الله ثم ﴾
    ثم: حرف عطف يفيد الترتيب على التراخي، ولهذا الحرف معانٍ كثيرة، قالوا ربنا الله ثم استقاموا، يعني إلى أن أثمر إيمانه استقامة، صار لديه تأمل، وصار لديه بحث، وقام بدراسة، وأجرى مع نفسه تساؤلات، وتكونت لديه إجابات، ووقع بينه وبين نفسه حوار ؛ أي قال وتحقق، قال وتبنى هذا الأمر، قال وتعمق، قال و درس، قال وأتى بالبرهان، قال وطلب الدليل، ثم خلصوا إلى أن قالوا ربنا الله، هذا القول انتهى بهم إلى أن يستقيموا، والحقيقة هذا المقياس، دقيق، دقيق، فإن الإيمان لا يعد إيماناً مثمراً، إلا إذا انتهى بك إلى الاستقامة، الإيمان الذي ينتهي بك إلى الاستقامة هو إيمان حقيقي، أما الإيمان الذي لا ينتهي بك إلى الاستقامة فهو إيمان لا يكفي، أو إيمان شكلي، أو إيمان سطحي ناتج عن تفكير تقليدي، أما الإيمان الحقيقي الذي أراده الله عز وجل، من صفاته اللازمة أنه ينقلك إلى الاستقامة، إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، هذا يعني أن الإنسان عليه أن يقتطع من وقته وقتاً لمعرفة الله، قضية الإيمان خطيرة، قالوا ربنا الله ثم استقاموا، مع أن هذا القول أخذ فترة زمنية، واستغرق جانباً من وقت الإنسان، جانباً من تفكيره، جانباً من اهتمامه، بذل جهداً، بذل طاقة حتى استيقن بهذه الحقيقة.

    استقامة الإنسان تؤكد إيمانه بالله عز وجل:

    إن الذين قالوا، أولاً قالوا: تعني أنه لا ينبغي إلا أن تقول إلا الذي في قلبك، وإذا قلت ما في قلبك، وكان ما في قلبك إيمانًا، فهذا القول أصبح في مستوى الإيمان، ربنا الله، الله عز وجل له أسماء حسنى كثيرة، هو الخالق البارئ المصور، هو الرزاق، هو الغني، هو القدير، هو السميع، هو البصير، ولأسماء الله الحسنى معان دقيقة جداً، فإنّ لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة، والإحصاء غير العد، الإحصاء يعني أن تفهمها اسماً اسماً، أن تفهم المدلول الدقيق لهذا الاسم، أن تعرف كيف يكون الله رحيماً، ما معنى رحمة الله ؟ أن تربط الاسم بأفعال الله، أن تربط الاسم بالآية الكريمة، فالذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يعني كما أقول لكم دائماً، الآيات القرآنية أحياناً تفصِّل، وأحياناً توجز، والدين أن تؤمن بالله وأن تستقيم على أمره، بل إنّ الاستقامة على أمر الله هي محك صحة الإيمان، الدعوى سهلة، أن تدعي أنك مؤمن قضية سهلة، لكن الذي يؤكد إيمانك هو استقامتك، هذا يذكرنا بآيات في سورة فصلت:

    ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾
    [سورة فصلت: الآية 30]

    فعل الإنسان مؤشر لقناعته:
    إذاً فالاستقامة هي المؤشر على صحة الإيمان، وكأن كلمة (ثم) تفيد التراخي، يعني أنّ الإيمان يجب أن يأخذ من وقتك وقتاً وجهدا ودراسة، وتمحيصاً ودرساً وبحثاً، إلى أن تتحقق من هذه الحقائق، إلى أن تتبناها عندئذ تجد أنك مدفوع شئت أم أبيت إلى تطبيقها، أوضح مثلاً: عندما يكون ضغط الإنسان مرتفعاً، وثقافته الطبية محدودة جداً، يجلس إلى طبيب، ويحاول هذا الطبيب أن يقنعه، بأن الملح يزيد اختزان السوائل في الجسم، والسوائل إذا اختزنت في الجسم امتلأت بها الأوعية، فصارت حركة القلب مجهدة، أما إذا السائل خفّ بالجسم صار القلب مرتاحاً، لو فرضنا أن الطبيب وضّح بشكل دقيق جداً مضاعفات شرب الماء، مضاعفات إكثار الملح في الطعام، كيف أن الملح يخزن سوائل كثيرة، وكيف أن السوائل لها علاقة بامتلاء الأوعية بالدماء، وكيف أن امتلاء الأوعية بالدماء يجهد القلب، فإذا أتيته بأمثلة بسيطة، ووضحت له حتى قنع، عندئذ تجده ترك الملح في الطعام، الترك دليل قناعة، وهذه نقطة مهمة جداً في حياتنا، ليس المهم ما تقوله، ولا ما تسمعه، ولا ما تقرؤه، موطن الثقل المعول عليه الذي تفعله، لأن الذي تفعله هو تعبير عن قناعتك بالذي تعتقده، قد تقترح على أحدهم يوماً خمسين اقتراحاً فيجاملك، ويقول لك: أنا شاكر لك كثيراً، لكن في النهاية لا يفعل ما هو قانع به، فكأن فعل الإنسان هو مؤشر لقناعته، إذاً إذا كان الإيمان لم ينتهِ بنا إلى التطبيق، فهو إيمان عقيم لا يجدي.

    إنهاء الازدواجية في حياة المسلمين:


    إبليس آمن، لكنه أبى و استكبر، فأنت إذا اعتقدت بحقيقة صارخة، كأن يقول قائل: أنا مؤمن بالله، فماذا فعل ؟ فما مردود هذا الكلام عنده ؟ الله عز وجل موجود، ووجوده ظاهر في كل خلقه، فأنت إذا قلت للشمس وهي ساطعة، إنها ساطعة، أنت ماذا فعلت ؟ ما أضفت شيئاً، لو قلت ليست ساطعة، وهي ساطعة لسخر الناس منك، إن قلت إنها ساطعة، ما زدت عن أن قلت الحقيقة، وإن أنكرت الحقيقة استخف بك الآخرون، أنت إذا قلت للشمس ساطعة، هي ساطعة، أنت ما فعلت شيئاً، لكنك حينما تستفيد من هذه الأشعة، حينما تسخن بها الماء، حينما تتعرض لها، من أجل صحة الجلد مثلاً، حينما تشتري بيتاً تدخل منه الشمس، فقد استفدت منها، أما أن تقر أنها في كبد السماء، فأنت ما فعلت شيئاً، أريد من هذه الأمثلة أن أقول لكم، حينما تقر أن لهذا الكون خالقاً ولم تستجب لأمره، فأنت ما فعلت شيئاً، حينما تقول: الجنة حق، ولا تعمل لها، فأنت ما فعلت شيئاً، إذا قلت: النار حق ولم تتقها، فكذلك أنت ما فعلت شيئاً، وإذا قلت: الصدقة ترضي الله عز وجل، ولم تنفق من مالك، فما فعلت شيئاً، إن قلت: إنّ أكل الربا يمحق المال، ثم أكلته، فما فعلت شيئاً، أريد وأرجو الله سبحانه وتعالى أن تُمحَى الازدواجية في حياة المسلمين، إنها ازدواجية واضحة جداً، تجد الجوامع ممتلئة، ولو دخلت بيوت رواد المساجد لَمَا وجدتَ في هذه البيوت ما يشعر أنهم متمسكون بهذا الدين، هذه المسافة بين الشروخ وبين الاعتقاد، هذه حالة مرضية يجب أن تعالج.

    الأمانة و الصدق و التواضع عوامل تشد الإنسان إلى الإسلام:

    أساساً أقول لكم دائماً النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

    (( لن تغلب أمتي من اثني عشر ألفاً من قلة ))
    [ الجامع الصغير ]
    فكيف إذا كنا ملياراً و مئتي مليون ؟! معنى ذلك أنّ عندنا خللاً خطيراً، أداء الصلوات من دون استقامة، تصبح الصلاة جوفاء، أداء الصيام من دون ضبط الجوارح، فالصيام أجوف، أداء مناسك الحج دون عقد صلح قطعي، يصبح الحج سياحة، الأعمال التي يبدو للناس أنها أعمال عظيمة، إذا ابتغي بها السمعة والمديح والثناء، فهذه الأعمال تُفرغ من مضمونها، وتنتهي إلى الإحباط، فنحن نعاني من مشكلة مُرّة حقًّاً، إنّ هناك ملايين في العالم الإسلامي، مشاعرها مع الإسلام، تفكيرها إسلامي، تمنياتها إسلامية، كذلك إذا دخلت إلى أعمالهم تجدهم يتعاملون بالربا، تجد كسباً غير مشروع، إذا دخلت إلى بيوتهم لا تجد انضباطاً، لا من حيث الحجاب، ولا من حيث وسائل اللهو، فإذا لم يتميز المسلم، وإذا لم يكن إيمانُهُ صارخاً، وإذا لم يكن إيمانه حقيقياً في عمله، فكيف يَعظُمُ هذا الدين ويسود ؟ الذي أراه أن الذي يشد الناس إلى الدين ليس الصلاة، الصلاة فرض، لكن الذي يشد الناس إلى الإسلام أمانتك، صدقك، وتواضعك.

    من آمن بالله الإيمان الحق عليه أن يطبق هذا في بيته و علاقاته:

    النجاشي لما سأل سيدنا جعفر عن الإسلام وعن نبي الإسلام ماذا قال ؟ قال: كنا قوماً أهل جاهلية حتى بعث الله فينا رجلاً نعرف أمانته، وصدقه وعفافه، ونسبه، المفروض أن المؤمن يكون في أعلى درجات الأمانة، في أعلى درجات الصدق، في أعلى درجات الاستقامة، في أعلى درجات الإتقان والإخلاص، حتى يشد الناس للدين، باستقامته، بكلمته الصادقة، بتواضعه الشديد، بحبه للخير، هذا الذي أتمنى على الله عز وجل أن يوفقني في هذا الدرس إلى بيانه وتوضيحه،﴿ إن الذين قالوا ربنا الله ﴾، هذا هو الجانب الاعتقادي، يعني آمنت بالله خالقاً، وآمنت به مربياً، وآمنت به مسيراً، آمنت بالله موجوداً، آمنت به كاملاً، وآمنت به واحداً، آمنت بأسمائه الحسنى وصفاته الفضلى، وماذا بعد الإيمان بالله ؟ ماذا تنتظر ؟ إصلاح بيتك، عملك، حرفتك، حركاتك، سكناتك، اتصالاتك مع الآخرين، متى تغضب ؟ متى ترضى ؟ متى تعطي ؟ متى تمنع ؟ متى تصل ؟ متى تقطع ؟ وفق منظومة قيم، هذا الذي نشعر أننا بأمس الحاجة إليه،﴿ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا﴾، فالمؤمن الصادق مهما عظمت دنياه، إذا جاءته من طريق غير مشروع، ينبغي أن يركلها بقدمه، المال مهما كثر إذا كان فيه شبهة، ينبغي أن يدوسه بقدمه، لأن الله عز وجل هو الغني، وهو الرزاق، وهو المعطي، وهو المعز، وهو ذو القوة المتين.

    لا يتعاظم إيمان الإنسان إلا إذا طبق ما يعتقد:

    إذًا يلمح من الآيات أنهم قالوا ربنا الله، والقول تعبير عن إيمانهم، عما استقر من حقائق الإيمان في قلوبهم، ثم قال، مرة ومرتين وثلاثاً و أربعاً، كلما رأى آية، قال ربي الله، ربي وربك الله، النبي رأى الهلال قال: ربي وربك الله، كلما رأى آية كونية في السماوات أو في الأرض، ورأى ظاهرة تدل على عظمة الله، عظم الله بذكره المتواصل، يعني أحياناً، التراخي يفيد التكرار، يفيد الاستمرار، يفيد التراكم، يعني آمن وآمن وآمن وآمن وآمن، إلى أن حمله إيمانه المتراكم على الاستقامة على أمر الله، الإنسان قد يتولّى بنفسه فحص ذاته، فقد يعطي بعض الأطباء مريضاً جهازاً يفحص مستوى السكر ذاتياً، وقد يجري فحصاً دورياً، وأحياناً يعطيه جهاز ضغط، افحص ضغطك كل يوم، فإذا كان الإنسان حريصاً على صحته، حريصاً على جسمه، حريصاً على سلامة أعضائه وأجهزته، يحضر جهازاً إلى البيت، يقول لك: أنا أفحص ضغطي كل يوم، أنا أفحص السكر كل يوم، فهل تفحص إيمانك كل يوم ؟ مثل حرصك على فحص السكر كل يوم، والكوليسترول، والضغط، فلا بدّ أنْ تكون حريصاً على فحص إيمانك، فإيمانك يتعاظم بمدى تطبيقك لما تعتقد.

    لا خوف عليهم و لا هم يحزنون: من ثمارها:

    المؤمن معافى من القلق الذي يشيع بين المقصرين:

    قالوا ربنا الله ثم استقاموا، عندئذ، قطفوا الثمار، أول ثمرة فلا خوف عليهم، ولا هم يحزنون، هذا الخوف من المستقبل، هناك قلق عميق عند الإنسان البعيد عن الله عز وجل، المستقبل مظلم، يقول لك: تواجهه مفاجآت، وتطالعه أخطار، لعلي لا أستمر في عملي، هذا هاجسُه إذا كان موظفاً، وكان دخله كبيراً، فلعل تجارتي تبور، إذا كان وكيلاً حصرياً لشركة مثلاً، ولعل مشروعي لا ينجح، ويخشى أنْ تقع منافسة، فهو دائماً يرى في المستقبل شيئاً مخيفاً، كأن هناك ألغاماً في المستقبل، كأنما يغشاه ظلام، ظلمات بعضها فوق بعض، هذا القلق الذي يشيع بين المشركين، يشيع بين المقصرين، فالمؤمن معافى من كل هذا، فلا خوف عليهم:

    ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾
    [سورة التوبة: الآية 51 ]

    الله عز وجل لا يغير ما بك من نعمة إلا إذا غيرت ما بك من استقامة:

    ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

    [سورة الرعد: الآية 11]

    انظر، دقة الآية، فأنت في بحبوحة، وأنت على منهج الله، الله عز وجل لا يغير ما بك من نعمة، إلا إذا غيرت ما بك من استقامة، إذاً المقصود الآن أن الثمرة الأولى، فلا خوف عليهم، الشدة النفسية، الضغط النفسي، القلق الممزق، الضياع، الشعور بالقهر، بالحرمان، الخوف الشديد، فهذه الأمراض النفسية، وهذه الشدة النفسية، إنْ صحّ التعبير، هي وراء أمراض كثيرة، وراء أمراض القلب، والأوعية والضغط، وأمراض الجهاز الهضمي، أمراض لا تعد ولا تحصى، حتى إن الشدة النفسية وراء الأمراض العضالة التي سببها ضعف المناعة في الإنسان، إذاً لا خوف عليهم، أنت عبد، لك أن تتلقى عن الله أمره، وعليك أن تطيعه، وانتهى الأمر، وهذا المعنى موجود بآيتين:
    ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)﴾
    [سورة الزمر]

    وانتهت مهمتك، وقوله تعالى:
    ﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144)﴾
    [سورة الأعراف]

    مهمة الإنسان في الدنيا:
    تجد إنساناً بالتعبير العامي، " يحمل السُّلم بالعرض" بالعرض، دائماً يعترض، وينتقد، ويتشاءم، وييأس، ويقنط من رحمة الله، أنت لك مهمتان ؛ مهمة أن تعرف الله عز وجل، ومهمة أن تستقيم على أمره وانتهت مهمتك إذ صار أمرك بيده، دع همَّك عند الله عز وجل، هذا الهم الكبير دعه عند الله، واسترح، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون على ما مضى،

    حياة المؤمن تبدأ بعد الموت:

    قد تجد الإنسان الذي تجاوز الخمسين أو الستين، متألماً أشد الألم على شبابه، كان نشيطاً، وكان يتمتع بصحته تامة، وكان يتحرك حركة خفيفة، أمّا الآن فإنّ حركته صارت ثقيلة، فإذا كنت تتوهم أن الحياة تنتهي عند الموت، فعندئذٍ والله معك الحق، لكنْ ما قولك إذا كانت الحياة تبدأ بعد الموت، نعم تبدأ بعد الموت، والدليل تجده في حسرة الكافر بعد أنْ ظهرت له الحقيقة مُرّة صارخةً فهو:

    ﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)﴾
    [ سورة الفجر ]

    فالحياة الحقيقية بعد الموت، والإيمان بالآخرة يحل كلَّ مشكلة، فإذا آمن الإنسان يقيناً أنه توجد آخرة، والآخرة هي حياة أبدية مسعدة، لهم ما يشاؤون فيها، على الطلب، بينما الدنيا قائمة على السعي، على السعي المضني، على السعي مع الكدح الشديد، أما الآخرة فعلى الطلب، لمجرد أن تتمنى شيئاً فهو أمامك، والدليل قوله تعالى:
    ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)﴾
    [سورة ق]

    فهذه الحياة الأبدية، إذا أنت آمنت بها إيماناً حقيقياً، وسعيت من أجلها، فليس عندك من مشكلة، هكذا تمتص كل مشاكلك، والإنسان لما يرى أن الدنيا ممرٌّ وليست مقراً، ويرى أنها مرحلة إعداد وليست مرحلة استقرار، يسعد بها، وقد قال عليه الصلاة والسلام،: إن أسعد الناس في الدنيا أرغبهم عنها، وأشقاهم فيها أرغبهم فيها.
    من ازداد علماً ازداد رفعة و مكانة عند الله عز وجل:

    إذاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، شيء جميل جداً، لا تحزن على ما فات، ولا تخشَ مما هو آت، أول ثمرة نفسية لمن قال: الله ربي، واستقام على أمر الله عز وجل، أنه لا يندم على ما فات، ولا يخشى مما هو آت، ولكنّ الذي يحطم الناس، القلق والندم، القلق من المستقبل، والندم على الماضي، فهو يرى أن الشباب مضى وانتهى ولن يعود، كما يرى أن ليس هناك حياة غير الحياة الدنيا، إذاً حينما تمضي دنياه، أو يمضي معظمها، أو يبقى منها أمد يسير، فهذا يورث نفسه كآبة، ويقول لك طبيبه: إنه يعاني من مرض كآبة، وهذا المرض منتشر بأوربا بشكل مذهل، طبعاً هو لا يؤمن بآخرة فأعطى نفسه كل الشهوات حينما كان شاباً، فلما كبرت سنه، وضعف بصره، وانحنى ظهره، وشاب شعره، وأصبح على هامش الحياة، انفض عنه الناس، وتهرب منه أهله، فدخل بمرض الكآبة، الكآبة يعني شعور بالنهاية، شعور بالاضمحلال، لكنّ الإنسان إنْ آمن بالآخرة لم تعد هناك شيخوخة، بل شباب دائم، كلما ازداد علماً ازداد رفعة عند الله، كلما ازداد علماً ازداد مكانة، كلما ازداد علماً ازداد تألقاً، كلما ازداد علماً وعملاً ازداد سعادة، فلذلك مرض الكآبة هو محصلة القلق والندم، الندم على ما مضى، والقلق مما سيأتي، هذه المحصلة، هي الكآبة، والمؤمن معافى من هذا المرض ولا يعاني من كآبة.

    ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(14)﴾
    [سورة الأحقاف ]

    عطاء الدنيا محدود و عطاء الآخرة إلى أبد الآبدين:
    هؤلاء الذين في الدنيا، تعرفوا إلى الله، واستقاموا على أمره، وفي الدنيا لم يخشوا مما سيأتي، ولم يندموا على ما مضى، هؤلاء أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون، والحقيقة أن من كرم الله عز وجل أن حياتك في الدنيا معدودة: ستون، سبعون، خمس وسبعون، أو ثلاثون، أو أربعون، أو خمسون، إنها سنوات معدودة، لكن عطاء الآخرة بعدها إلى أبد الآبدين، في هذه الدنيا المحدودة، إيمانك بالله، واستقامتك على أمره، يجعلك من أهل الجنة، من أصحاب الجنة، خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون.

    من حمل ابنه على طاعة الله عندئذ يغدو الابن عملاً صالحاً مستمراً لوالديه:

    يتبع لطفآ
    sigpic

  • #2
    ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾
    [سورة الأحقاف ]

    هنا حقيقة وهي أنّ عطف الآباء على أبنائهم طبع فيهم، لكن بر الأبناء بآبائهم تكليف، عطف الآباء على الأبناء طبع، الله عز وجل لحكمة أرادها أودع في قلوب الآباء محبة الأبناء، ومع المحبة الرعاية، ومع الرعاية الخدمات، فلذلك محبة والديك لك، هذه من محبة الله لك، لأن الله أحبك أودع حبك في قلوب والديك، لكنك إذا كبرت، وبلغت سن التكليف، فالآن أنت مكلف أن تبر والديك، فبر الوالدين تكليف، بينما رعاية الأبناء طبع، لكن يضاف إلى ذلك أن الآباء حينما يرعون أبناءهم، لهم أجر، و هذا الأجر يزيد كثيراً إذا دلّ الأب ابنه على الله، وعرف ابنه بالله، وحمل ابنه على طاعة الله، عندئذ يغدو الابن عملاً صالحاً مستمراً لوالديه:

    ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا﴾
    [سورة الأحقاف ]
    العبادة لله وحده والإحسان للوالدين:
    هنا يوجد تداخل، فبعض الأبناء يفهم أن الأب يعبد من دون الله، طبعاً لا يقول هذا بلسانه، لكن لو أمره أبوه بمعصية، لو قال له طلق زوجتك، يطلقها رأساً، لو حمله أبوه على كسب مال حرام، لقال: ماذا أفعل ؟ هكذا أبي يريد، فاعلم أنّ الله أمرك أنْ تبرّ أباك، وأن تحسن إليه، لا أن تطيعه في معصية الله عز وجل، العبادة لله وحده، والإحسان للوالدين:

    ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا﴾

    إذاً لماذا الأب ؟ لأنه سبب وجودك في الدنيا.

    لا يعرف قدر الآباء إلا من أنجب الأولاد:

    ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾

    الحمل حالة شاقة، تشبه حالة مرضية تصيب الإنسان، الحمل فيه مشقة كبيرة جداً، والوضع فيه مشقة كذلك، فأوّلاً، الأب والأم السبب في وجودك، وثانياً الحمل كان فيه مشقة، ولا يعرف قدر الآباء إلا من صار أباً، فالطفل الصغير كم يأخذ من اهتمامه ؟ من وقته ؟ من انشغال نفسه به ؟ من المال ؟ من الإنفاق والمعالجة ؟ تجد الابن يستقطب اهتمامات الأسرة كلها، ويستقطب كل طاقات الأسرة، من أجل أن ينمو نمواً صحيحاً، فلا يعرف قدر الآباء إلا من أنجب الأولاد.

    الحمل حالة شاقة أقله ستة أشهر:

    ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾

    وعلى ضوء هذه الآية فإنّ عثمان جيء بامرأة ولدت بعد ستة أشهر، يعني بحسب المألوف، كأن هذا الولد ليس من زوجها، فلما همّ أن يقيم عليها الحد أبو الحسن علي عليه السلام، ذكر له الآيتين:

    ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾

    ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾

    [سورة البقرة]

    فاطرح أربعاً وعشرين شهراً من ثلاثين، تجد النتيجة ستة أشهر، فمن جمع بين الآيتين، يتضح له أن أقل الحمل ستة أشهر.

    ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾

    من بلغ الأربعين ولم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار:

    هناك خط بياني صاعد، هذا الخط يصل إلى سن الأربعين، عند هذه السن تكتمل رجولة الإنسان، ويكتمل عقله، وتكتمل مشاعره، ويكتمل نضجه، عندئذ تقام عليه الحجة، يعني من دخل في الأربعين أقيمت عليه الحجة، بلغ أشده، وبلغ أربعين سنة، لذلك ورد أنه من بلغ الأربعين ولم يغلب خيره شره، فليتجهز إلى النار، يعني بلغ الأربعين وما استقام على أمر الله، فقد نضج عقله، وما هداه إلى الله، وكذلك انفعالاته نضجت، وما اتصلت بالله عز وجل، أي مشاعره ليست إسلامية، فكره غير صحيح، أعماله لا ترضي الله عز وجل، وهو في الأربعين، يعني يجوز أن تعذر شاباً في الثامنة عشرة، في الخامسة عشرة، يوصف بالطيش، يقولون لك: ما استقر بعد، لكن إنساناً في الأربعين قامت عليه حجة كبيرة جداً.

    ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)﴾

    [سورة الأحقاف ]

    أولاً، أوزعني يعني ألهمني، أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ.

    من آمن بالله و شكر نعمه حقق الهدف من وجوده:

    الحقيقة، لما ربنا عز وجل قال:

    ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ﴾

    [ سورة النساء]

    دقق في هذه الآية:

    ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ﴾

    فالمعنى أنكم إذا شكرتم وآمنتم لا يعذبكم الله عز وجل، ومعنى لا يعذبكم، أنكم حققتم المراد من خلقكم، معنى ذلك أننا خلقنا كي نؤمن، وكي نشكر، لماذا ؟ لأن الله سبحانه وتعالى تفضل علينا بنعمة الإيجاد، وبنعمة الإمداد، وبنعمة الهدى والرشاد، فهذه النعم الكبيرة، أنت موجود، لك اسم، وأنت تتلقى كل شيء، هواء، وماء، ولك بيت ومأوى، وعقل، وزوجة، وأولاد، وسائل راحة كثيرة، أنت مغمور بالنعم، فهذه النعم، ماذا تقتضي ؟ تقتضي أن تشكرها لله عز وجل، وأنت إذا آمنت بالله، لأنه خلقك، وأنعم عليك، أوجد وأنعم، إذا آمنت به موجوداً، وشكرت هذه النعم، فقد حققت الهدف الكبير من وجودك، لذلك قال الله تعالى:

    ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)﴾

    [سورة النساء]

    فعليك أن تشعر أن موضوع الشكر موضوع أساسي في حياتك، وما عليك إلاّ أنْ تؤمن وتشكر، فإذا آمنت وشكرت فقد وقعت على الخط المستقيم، على المنهج القويم، حققت الهدف الكبير من وجودك في هذه الحياة الدنيا.

    العمل الصالح مقيد بأنه وفق منهج الله:

    إذًا:

    ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)﴾

    وتطالعنا في الآية كلمة دقيقة جداً، وهي: أنْ أعمل صالحاً ترضاه والإعراب يفيدنا في إيضاح المعنى ؛ فإنّ ﴿ ترضاه ﴾ جملة فعلية، في محل نصب صفة لصالحاً، أعمل صالحاً مرضياً عندك يا رب، والصفة قيد، يعني إذا قلت أنا أريد إنساناً ليعمل في هذه الدائرة، أي إنساناً مقبولاً، إنساناً يحمل شهادة ثانوية، وصارت الصفة قيداً، فكلما أضفت صفة قيدت الأمر، فالعمل الصالح في القرآن الكريم مقيد بأنه يرضي الله، معنى ذلك أنّ هناك أعمالاً صالحة لا ترضي الله، يقول لك يانصيب خيري، مثلاً، حفلة ساهرة، يخصص ريعها للأيتام، هذا عمل لا يرضي الله، أي إذا كان فيه معصية، فيه فسق، فيه رقص، فيه غناء، ويُخصّص ريع الحفلة للأيتام، فهذا عمل من زاوية دنيوية صالح، لكنه لا يرضي الله عز وجل، والله قال:

    ﴿ وأن أعمل صالحا ترضاه ﴾

    فالعمل الصالح مقيد بأنه وفق منهج الله، أنت يجب أن تعبد الله وفق منهج الله، لا حسب مزاجك الشخصي.

    كلّ إنسان يشقى بشقاء أولاده ويسعد بسعادتهم:

    إذاً موضوع النعمة موضوع كبير جداً، أنت يجب أن تؤمن، ويجب أن تشكر، والإيمان رد فعل لوجود الله عز وجل، والشكر رد فعل لإحسانه إليك، هو موجود، وأحسنَ إليك، فرد فعل وجود الله عز وجل، أن تؤمن به، وردك على إحسانه إليك بالشكر له:

    ﴿أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي﴾

    الحقيقة أني ذكرت في إحدى الخطب أن الإنسان يشقى بشقاء أولاده ويسعد بسعادتهم، يعني أنّ الأب حينما يرى ابنه مؤمناً مستقيماً، طيباً، صالحاً، يشعر بشعور الرضا و السرور إلى حدٍّ لا يوصف أبداً، شعور: أن ابنك استمرار لك، وأنك تركتَ ذرية صالحة، هذا من الدعاء، وأصلح لي في ذريتي:

    ﴿إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)﴾

    فواجب الأب أن يصلح ذريته، بالتوجيه، والإرشاد، والترغيب، والترهيب، والأسلوب الإيجابي، والأسلوب السلبي، والنصيحة مرة، والوعظ مرة، والإعراض مرة، عليك أن تحاول أن تربي ابنك ليكون صالحاً:

    ﴿وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)﴾

    [سورة الأحقاف ]

    الدعاء والرجاء في الإسلام منوط بالعمل و السعي:

    الإنسان عندما يقول: وأصلح لي في ذريتي، ويقرأ هذه الآية، ويدعو الله عز وجل من أعماقه:

    ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)﴾

    [سورة الكهف ]

    وهذه الآية، طبعاً ليس لها علاقة بالآية الأولى، إلا أنني أستنبط منها أن الرجاء في القرآن مرتبط بالسعي، إذا رجوت شيئاً أو دعوت الله لبلوغك شيئاً ما، فهذا الدعاء، أو ذاك الرجاء ليس مقبولاً إلا إذا سعيت إليه، شخص دعا ربه أن يهديه لطلب العلم ‍، ولحضر مجالس العلم، فهذا طلبُ هداية من دون جهد، فدعاؤه دعاء فارغ، لكنّ آخر دعا الله عز وجل أن يرزقه، فقام و تحرك وسعى إلى أبواب الرزق، فأصاب رزقًا، فأردتُ أن يفهم كلُّ مسلم هذه الآية:

    ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)﴾

    [سورة الكهف ]

    إذا رجوت فاعمل، وإذا تمنيت فاعمل، وإذا دعوت فاعمل.

    من دعا الله بأمر جليل ينبغي أن يرى الله في سلوكه ما يؤكد هذا الدعاء:

    الذي يقول: وأصلح لي في ذريتي، يردِّد ببساطة: الله يهديهم، ويصلحهم، وأنت لا تُربِّيهم، ولا تعلِّمهم، فهذا دعاء فارغ، الدعاء سهل جداً، لا يكلف شيئاً، كل إنسان يدعو الله أن يهدي أولاده، لكن الدعاء في الإسلام والرجاء في الإسلام منوط بالعمل و
    السعي، فأنت بعد أن تبذل كل جهدك، وكل طاقتك، بالرعاية والتوجيه، والإرشاد والدلالة، والحرص والإكرام، والتشجيع، بعد أن تستنفذ كل الوسائل في تربية أولادك، قل ربي أصلح لي في ذريتي، الآن صار الدعاء يتناسب مع السعي، فيه أدب صار الدعاء مسموعاً، أما دعاء لا يكلفك إلا كلمتين تردِّدهما، والبيت كله مسيب، لا توجيه، ولا رعاية، ولا أمر بالصلاة، ولا جو إسلامي في البيت، وتقول: ربي أصلح لي في ذريتي، وبدوري أحب أن نكون واقعيين، ونكون مع روح القرآن، لا مع نصه، ليس معقولاً أن تدعو الله عز وجل أن يصلح لك ذريتك، وأنت تهمل هذه الذرية، لا تحملها على طاعة الله، فإذا دعوت الله لأمر جليل، ينبغي أن يرى الله في سلوكك ما يؤكد هذا الدعاء، يا رب نجحني في الامتحان ! ادرُسْ حتى ينجحك، يا رب أضرع إليك أنْ تشفيني، فخذ بأسباب الصحة، نفذ الوصية النبوية، نفذ الطب النبوي، واطلب من الله الشفاء، يا رب أسألك أنْ تهدي أولادي، حاول إرشادهم، ودلهم على الله عز وجل، تقنعهم، تجلس معهم وترشدهم، فأنا أردت من هذه الكلمة، أنَّ الدعاء إذا خلا من السعي والعمل، فهذا الدعاء لا قيمة له.

    من شروط الدعاء المستجاب الإيمان بالله و الاستجابة لأمره:

    لذلك ترى الله عز وجل قال:

    ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)﴾

    [سورة النقرة]

    أي إذا آمنوا بي، واستجابوا لأمري، ثم دعوني، فالآن يرشدون إلى الدعاء المستجاب، إذا أردت أن تكون مستجاب الدعوة، فأطب مطعمك.
    مرة ثانية أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوفقني لتوضيح هذه النقطة ؛ الدعاء سهل، فالمسلمون في شتى بقاع الأرض يقولون: يا رب انصرنا على أعدائنا، اللهم شتِّت شملهم، اللهم اجعل تدميرهم في تدبيرهم، اللهم اجعل الدائرة عليهم، هذا دعاء، و هذا وحده لا يجدي أبداً، فإن الله تعالى قال:

    ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾

    [سورة الأنفال]

    و لكننا نقول: اللهم انصرنا على أنفسنا أوَّلاً لكي نستحق أن ينصرنا على أعدائنا، فالدعاء واجب، و شيء أساسي: مخ العبادة الدعاء، لكن الفهم السطحي لموضوع الدعاء هو الخطير، إن الله سبحانه و تعالى يريد أن يرى من عملك ما يؤكِّد دعاءك، فإن دعوت: اللهم أصلح لي زوجي، فليس كاف، بل يجب أن تدلَّها على الله تعرِّفها بما أمر سبحانه، و بما نهى، و تعمل جادة، وأن تكون لها أنت قدوة، فعندئذ يصلح أولادك أيضاً، لأن الأبوين في صلاح، ومع دعائهما للأولاد تكون أسرة صالحة.
    تدعو الله أن يرزقك رزقاً حلالاً طيباً، فيجب أن تسعى في السبل المشروعة لكسب الرزق، تدعو الله أن يعافيك من كل مرض، يجب أن تأخذ بأسباب الصحة، فلما يرافق الدعاء الأخذ بالأسباب وسعي حثيث، وعمل طيب، صار الدعاء جاداً، وعندئذ يكون الدعاء مستجاباً.

    الدعاء وحده لا يكفي إن لم يأخذ الإنسان بالأسباب:

    حتى لا نقع في مشكلتين، هناك ناس تطرفوا، لم يعبؤوا بالدعاء مطلقاً، يقول لك: يا أخي لا يستجيب لنا الله عز وجل، ولا يسمع لنا، أناس اعتقدوا به اعتقاداً مرضياً، اعتبروا أنك فقط تدعو، انتهى كل شيء عندهم، لا ما انتهى كل شيء، لأنّ الدعاء وحده لا يكفي، ولا عدم الدعاء يكفي، لابد من أن تعمل وتدعو، أن تتحرك وتدعو، أن تأخذ بالأسباب وتدعو، أن تفعل ما ألزمك الله به وتدعو، أن تقوم بجهد مشكور وتدعو، هذا الكلام تعليق على جملة

    ﴿ وأصلح لي في ذريتي، إني تبت إليك وإني من المسلمين ﴾

    ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا﴾

    [سورة الأحقاف ]

    العمل إذا لم يرافقه إخلاص ونية عالية لا يقبل:

    ثم يقول الله تعالى:

    ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)﴾

    [سورة الأحقاف ]

    فالعبرة بالقبول، أيها الأخوة، هناك عمل:

    ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)﴾

    [سورة الفرقان ]

    فالعبرة بالقبول، والقبول يحتاج إلى إخلاص، نحن الآن دخلنا في موضوع ثالث، أولاً الله يريد منك أن تسعى، وأن تعمل، والعمل إذا لم يرافقه إخلاص ونية عالية، لا يقبل، فأنت يجب أن تعمل مخلصاً حتى تقبل عند الله عز وجل، حتى يستجيب دعاءك، يجب أن تعمل مخلصاً.

    ربنا عز وجل من كرمه يأخذ أحسن أعمالك ويقبلها ويتجاوز عن أعمالك التي لا ترضيه:

    ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)﴾

    [سورة الأحقاف
    ]
    أي ربنا عز وجل من كرمه يأخذ أحسن أعمالك، ويقبلها، ويتجاوز عن أعمالك التي لا ترضيه، والتي تبت منها ويتجاوز عنها، شخص له جاهلية، الله يعفو عنه، الإسلام يهدم ما كان قبله، الإسلام يجب ما كان قبله، الذي فعلته قبل أن تعلم فالله عز وجل يغفر لك إن رجعتَ عنها، لكن دقق في هذه النقطة أيها الأخ، هناك ذنب لا يغفر، وذنب لا يترك، وذنب يغفر، ما كان بينك وبين الله، يغفره الله عز وجل إن تبتَ إليه، لأن حقوق الله مبنية على المسامحة، وما كان بينك وبين العباد هذا لا يُترك، لأن حقوق العباد مبنية على المشاححة، وما كان متعلقا بالشرك، فهذا الذنب لا يُغفر، لأنك كسرت قارب النجاة، فالغرق محقق، أنت حينما أشركت، توجهت إلى جهة فقيرة لا تملك لك شيئاً، أي واحد دمر نفسه بيده، فهناك ذنب لا يُغفر، وذنب لا يُترك، وذنب يغفر، ما هو متعلق بحقوق الله يغفر، ما هو متعلق بحقوق العباد لا يترك حتى يؤدَّى، بالأداء أو المسامحة، لكن ما كان شركاً، هذا الذنب لا يمكن أن يغفر.

    المغفرة تتعلق بالذنوب التي بينك وبين الله أما حقوق العباد لا تمحى إلا بالأداء أو المسامحة:

    إذاً معنى قوله تعالى:

    ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾

    أي سيئات ؟ ما كان بينك وبين الله، لأنه يغفر لكم من ذنوبكم، من للتبعيض، كثير من الأشخاص يتوهمون أنه بعد أن يحج كل الذنوب تمحى بالحج، يقول لك عاد من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فهذا غير صحيح وهو كلام جزاف، فالمغفرة تتعلق بالذنوب التي بينك وبين الله، وهذا صحيح، أما فيما بينك وبين العباد، فهذه الذنوب لو تحج مليون حجة، لا تسقط إلا بالأداء أو المسامحة، انتبه، حقوق متعلقة برقبتك، مال بذمتك ما أديته، حصة باسمك في البيت اغتصبتها، هكذا ذنوب لا يحلها ولا يمحوها الحج، ولا العمرة، ولا الصيام ولا الزكاة، لا يحلها إلا الأداء أو المسامحة، نعم، نتجاوز عن سيئاتهم، يعني التي كانت بينهم وبين ربهم، أما التي بينهم وبين عباد الله، هذه السيئات لا تمحى إلا بالأداء أو المسامحة:

    ﴿فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)﴾

    والحمد لله رب العالمين


    التعديل الأخير تم بواسطة الريتاج; الساعة 29-06-2013, 12:59 PM.
    sigpic

    تعليق


    • #3
      ننتظر ردودكم ...
      sigpic

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        ولله الحمد والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..


        أخي القدير الريتاج في البداية أقدم لك شكري وامتناني لما تقدمه من مجهود في سبيل نشر علوم القرآن الكريم..

        أخي القدير لقد كتبت في آخر مشاركة بأنك تنتظر الردود وأحب أن أبيّن لك بعض النقاط..

        1- انّ الذي يدخل الى أي منتدى يحتاج الى المعلومة البسيطة والسهلة والقصيرة، لأن فترة دخول الغالبية من الأعضاء الى المنتديات فترة بسيطة بسبب إرتباطاتهم المختلفة، وموضوعكم هذا عبارة عن تفسير من عدة صفحات..

        2- نحن لا نعتمد على تفاسير أهل العامة لأنّ إعتمادنا بالأساس على التفاسير المتعمدة على مرويات أهل البيت عليهم السلام وهذا ما تتميز به تفاسيرنا المعتمدة، بينما غيرنا لا يبالي بهذا الأمر..

        3- انّ غالبية التفاسير من غيرنا ما تدسّ بعض الجمل ظاهرها ليس فيه شئ ولكن المقصود هو الطعن في مذهب الشيعة، مثلاً هذه العبارة الواردة في التفسير أعلاه
        ((
        ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾
        وعلى ضوء هذه الآية فإنّ عثمان جيء بامرأة ولدت بعد ستة أشهر، يعني بحسب المألوف، كأن هذا الولد ليس من زوجها، فلما همّ أن يقيم عليها الحد أبو الحسن علي عليه السلام، ذكر له الآيتين:
        ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾

        ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾


        فهذه العبارة توهم بأنّ الذي سيقيم الحد هو الامام علي عليه السلام وانّ عثمان هو الذي ذكره بالآيتين، وأنتم تعرفون الفرق.. فهو بمثابة دس السم بالعسل..

        الأخ القدير الريتاج..
        وفقكم الله لكل خير وصلاح أرجو منكم أن يتسع صدركم لتقبل ذلك منا خدمة للدين والمذهب، وأنا متأكد بأنكم من الحريصين جداً على ذلك..

        خادمكم// المفيد




        تعليق


        • #5
          اللهم صلى على محمد وعجل قائم آل محمد

          اخي ونور عيني مشرفنا الكريم المفيد ان
          1. منتدانا مميز جدا عن باقي المنتديات نحن من جهلنا نخطئ ومن أخطائنا نتعلم أنتم الإبداع ونحن نتعلم منكم أستآذي انرت صفحتي بوجودك الشكر لله . ...
            كنت انتظر ان يسيل حبر قلمك المتميز ع صفحتي شكرآ لك




          sigpic

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
          x
          يعمل...
          X