بسم الله الرحمن الرحيم
عن عقبة بن أبي الصهباء :لَمّا ضَرَبَ ابنُ مُلجِمٍ عَلِيّا دَخَلَ عَلَيهِ الحَسَنُ وهُوَ باكٍ ، فَقالَ لَهُ : ما يُبكيكَ يا بُنَيَّ ؟ قالَ : وما لِيَ لا أبكي وأنتَ في أوَّلِ يَومٍ مِنَ الآخِرَةِ ، وآخِرِ يَومٍ مِنَ الدُّنيا ؟ فَقالَ : يا بُنَيَّ احفَظ أربَعا وأربَعا لا يَضُرُّكَ ما عَمِلتَ مَعَهُنَّ ، قالَ : وما هُنَّ يا أبَةِ ؟ قالَ : إنَّ أغنَى الغِنَى العَقلُ ، وأكبَرَ الفَقرِ الحُمقُ ، وأوحَشَ الوَحشَةِ العُجبُ ، وأكرَمَ الحَسَبِ الكَرَمُ وحُسنُ الخُلقِ .
قالَ : قُلتُ : يا أبَةِ هذِهِ الأَربَعُ ، فَأَعطِنِي الأربَعَ الاُخَرَ ، قالَ : إيّاكَ ومُصادقَةَ الأَحمَقِ ؛ فَإِنَّهُ يُريدُ أن يَنفَعَكَ فَيَضُرَّكَ ، وإيّاكَ ومُصادَقَةَ الكَذّابِ ؛ فَإِنَّهُ يُقَرِّبُ إلَيكَ البَعيدَ ويُبَعِّدُ عَلَيكَ القَريبَ ، وإيّاكَ ومُصادَقَةَ البَخيلِ ؛ فَإِنَّهُ يُقعِدُ عَنكَ أحوَجَ ما يَكونُ إلَيهِ ، وإيّاكَ ومُصادَقَةَ الفاجِرِ ؛ فَإِنَّهُ يَبيعُكَ بِالتّافِهِ . (1)
ومِن وَصِيَّةٍ لَهُ لِلحَسَنِ وَالحُسَينِ عليهما :
"اُوصيكُما بِتَقوَى اللّه ِ ، وألّا تَبغِيَا الدُّنيا وإن بَغتَكُما ، ولا تَأسَفا عَلى شَيءٍ مِنها زُوِيَ عَنكُما ، وقولا بِالحَقِّ ، وَاعمَلا لِلأَجرِ ، وكونا لِلظّالِمِ خَصما ، ولِلمَظلومِ عَونا .
اُوصيكُما وجَميعَ وُلدي وأهلي ومَن بَلَغَهُ كِتابي بِتَقوَى اللّه ِ ونَظمِ أمرِكُم وصَلاحِ ذاتِ بَينِكُم ؛ فَإِنّي سَمِعتُ جَدَّكُما صلى الله عليه و آله يَقولُ : صَلاحُ ذاتِ البَينِ أفضَلُ مِن عامَّةِ الصَّلاةِ وَالصِّيامِ .
اللّه َ اللّه َ فِي الأَيتامِ ؛ فَلا تُغِبّوا (2) أفواهَهُم ، ولا يَضيعوا بِحَضرَتِكُم .
وَاللّه َ اللّه َ في جيرانِكُم ؛ فَإِنَّهُم وَصِيَّةُ نَبِيِّكُم . ما زالَ يوصي بِهِم حَتّى ظَنَنّا أنَّهُ سَيُوَرِّثُهُم .
وَاللّه َ اللّه َ فِي القُرآنِ ، لا يَسبِقُكُم بِالعَمَلِ بِهِ غَيرُكُم .
وَاللّه َ اللّه َ فِي الصَّلاةِ ؛ فَإِنَّها عَمودُ دينِكُم .
وَاللّه َ اللّه َ في بَيتِ رَبِّكُم ، لا تُخَلّوهُ ما بَقيتُم ؛ فَإِنَّهُ إن تُرِكَ لَم تُناظَروا .
وَاللّه َ اللّه َ فِي الجِهادِ بِأَموالِكُم وأنفُسِكُم وألسِنَتِكُم في سَبيلِ اللّه ِ .
وعَلَيكُم بِالتَّواصُلِ وَالتَّباذُلِ ، وإيّاكُم وَالتَّدابُرَ وَالتَّقاطُعَ .
لا تَترُكُوا الأَمرَ بِالمَعروفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ ، فَيُوَلّى عَلَيكُم شِرارُكُم ، ثُمَّ تَدعونَ فَلا يُستَجابُ لَكُم .
ثُمَّ قالَ : يا بَني عَبدِ المُطَّلِبِ ، لا اُلفِيَنَّكُم تَخوضونَ دِماءَ المُسلِمينَ خَوضا ، تَقولونَ : قُتِلَ أميرُ المُؤمِنينَ . ألا لا تَقتُلُنَّ بي إلّا قاتِلي .
اُنظُروا إذا أنَا مُتُّ مِن ضَربَتِهِ هذِهِ ، فَاضرِبوهُ ضَربَةً بِضَربَةٍ ، ولا تُمَثِّلوا بِالرَّجُلِ ؛ فَإِنّي سَمِعتُ رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : إيّاكُم وَالمُثلَةَ ولَو بِالكَلبِ العَقورِ . " (3)
- تاريخ دمشق : ج 4۲ ص 561 .
- أي لا تُجيعوهم بأن تُطعموهم يوماً وتتركوهم يوماً .
- بحار الأنوار : ج 4۲ ص ۲5۷.
تعليق