اللهم صل على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استجابة الدعاء
ليس ثمة لذة أعظم من لذة المؤمن وسعادته حينما يرى آثار عمله وإيمانه المترتّبة في استجابة دعائه ، ذلك لاَنّه يحسّ بأنّه موضع لطف بارئه تعالى وعنايته ، وأنّه في ارتباط مباشر مع خالقه ، تلك سعادة ليس فوقها سعادة : « وأنلني حسن النظر في ما شكوت ، وأذقني حلاوة الصنع في ما سألت » (1) .
ولكي نعيش لحظات تلك البهجة ونذوق حلاوة السرور ، علينا أن نتعرف على العوامل المؤثرة في استجابة الدعاء ، فقد يظنّ البعض أنّ السر في استجابة الدعاء يكمن في لفظ الدعاء مجرداً عن باقي العوامل الاُخرى ، فكثيراً ما نجد بعض الناس يتناقلون قطعاً من الدعاء المأثور التي هي مظنّة الاجابة أو نصّ على أنها تحتوي على اسم الله الاَعظم ، لكنهم يدعون بها فلا يستجاب لهم ، ذلك لاَنّهم يأخذون لفظ الدعاء مجرداً عن الشروط والآداب التي يجب أن تقارن الداعي فيستجاب دعاؤه .
الدعاء سلاح المؤمن وجنّته الواقية وسهام الليل التي يسدّدها كيفما
يشاء ، والسلاح بضاربه لا بحدّه وحسب ، فإذا كان الفارس قوياً شجاعاً ويمتلك الجرأة والاقدام وكان سلاحه تاماً لا عيب فيه ، استطاع النكاية في العدو ، وإلاّ فقد تخلّف الاَثر ، وكذلك يحصل الاَثر من الدعاء ، فإذا راعي الداعي الآداب والشروط التي نصّت عليها الآيات القرآنية والسُنّة المباركة ، والتزم بالعوامل المؤثرة في استجابة الدعاء ، وانقطع إلى ربّه تعالى متخلياً عن جميع الاَسباب الاُخرى ، غير معوّل في تحصيل المطلوب على غير الله تعالى ، ثم دعا الله تعالى بلسانٍ يقرأ مافي صحيفة القلب ، فإنّ دعاءه مستجاب بإذن الله .
العوامل المؤثرة في استجابة الدعاء :
فيما يلي نذكر أهم العوامل ذات الصلة في تحصيل أثر الدعاء :
1 ـ مراعاة الشروط والآداب الخاصة بالدعاء :
ونذكر هنا حديثاً مهماً عن الاِمام الصادق عليه السلام يفيد التذكير بها .
عن عثمان بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال : قلت له : آيتان في كتاب الله لا أدري ما تأويلهما ؟
فقال : « وما هما ؟ قال: قلت: قوله تعالى : ( ادعوني استَجِب لكُم ) (2) ثم أدعو فلا أرى الاجابة !
قال : فقال لي : أفترى الله تعالى أخلف وعده ؟ قال : قلت : لا .
قال : فمه ؟ قلت : لا أدري...
فقال : لكني أُخبرك إن شاء الله تعالى ، أما إنّكم لو أطعتموه فيما أمركم به ثمّ دعوتموه لاَجابكم ، ولكن تخالفونه وتعصونه فلا يجيبكم، ولو دعوتموه من جهة الدعاء لاَجابكم .
قال : قلت : وما جهة الدعاء ؟
قال : إذا أديت الفريضة مجّدت الله وعظّمته وتمدحه بكلّ ما تقدر عليه ، وتصلّي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وتجتهد في الصلاة عليه وتشهد له بتبليغ الرسالة ، وتصلّي على أئمة الهدى عليهم السلام ، ثمّ تذكر بعد التحميد لله والثناء عليه والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما أبلاك وأولاك ، وتذكر نعمه عندك وعليك ، وما صنع بك فتحمده وتشكره على ذلك ، ثم تعترف بذنوبك ذنب ذنب وتقرّ بها أو بما ذكرت منها ، وتجمل ما خفي عليك منها ، فتتوب إلى الله من جميع معاصيك وأنت تنوي ألا تعود ، وتستغفر الله منها بندامة وصدق نية وخوف ورجاء ، ويكون من قولك : «اللهمّ إني اعتذر إليك من ذنوبي ، واستغفرك وأتوب إليك ، فأعني على طاعتك ، ووفقني لما أوجبت عليَّ من كلِّ ما يرضيك ، فانّي لم أرَ أحداً بلغ شيئاً من طاعتك إلاّ بنعمتك عليه قبل طاعتك ، فأنعم عليَّ بنعمة أنال بها رضوانك والجنة» ثمّ تسأل بعد ذلك حاجتك ، فإنّي أرجو أن لا يخيّبك إن شاء الله تعالى... »
(((منقول))
____________
(1) بحار الاَنوار 95 : 230 | 27 من دعاء الاِمام أبي الحسن الهادي عليه السلام .
(2) سورة غافر : 40 | 60 .
تعليق