بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف و عجل فرجهم يا كريم
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف و عجل فرجهم يا كريم
قال الإمام علي عليه السلام :
مَنْ مَدَحَكَ : بِمَا لَيْسَ فِيكَ مِنَ الجَمِيل .
وَهُوَ : رَاضٍ عَنْكَ .
ذَمَّكَ : بِمَا لَيْسَ فِيكَ مِنَ القَبِيح .
وَهُوَ : سَاخِطٌ عَلَيْكَ .
نمدح كل يوم : ونطريها بأحسن الكلام رضين عنها لأنه حقا في الفن وعين الكمال ، فهي رائعة الهيئة والمخبر ، ولا يسخط عليها إلا من كان قبيح المنظر ، فإن في هذه الألواح كلام سادة أهل الدين ، وفن رائع بكل يقين ، ويشهد له كثير من المؤمنين ، وفي كل يوم يتجاوز عددهم الأربعين ، فأي شهادة يا موالية أكثر من هذا تريدين .
عبرة لمن يعتبر بمن يتملق لك بما ليس فيك ، فإنه كاذب لك وعليك وهو بين يديك ، ومن يكذب لك يكذب عليك قريبا منك وبعيدا عليك ، وقد مر حديث يقاربه في المعنى شرحناها بعض الشرح ، وهو ما قال أمير المؤمنين عليه السلام : من حذرك كمن بشرك ، من تجرأ لك تجرأ عليك ، فمن يظلم العباد من أجلك لما يحصل عليه من منافعك ورضاك ، لا يهمه أن يظلمك من أجل منافع يحصل عليها من غيرك وإن آذاك ، فالظلم واحد قد عودته عليه ، وحافر البئر أول من يقع فيه .
فلا يؤمن : جانب الكاذب والمنافق ، ولا يصح تصديق المتملق المتنمق ، الذي يقول ما ليس فيك وبالخصوص وهو حين راضي عليك ، وطبعا لا يتوقع مدحه لك وهو ساخط عليك ، فيمكن في أي زمان تغضبه أو يتركك أن يقليك ، فكما قال مخادعا وهو عنك راضي جميل لم يكن فيك ، لا يمنعه حين الغضب عليك أن يقول ما به يزريك ، ويشنأك بما ينقصك فيغضبك بل قد يهينك حتى يبكيك .
وإن الحديث : يحذر ممن يطريك بما ليس فيك ، أو يسخطك بذم وتنقيص لك حين يغضب عليك ويسخط منك .
إما أنه : إن كان مدحه لك وثنائه عليك ، لحسن خصال كريمة فيك ، أو بسبب جميل عملته له أو لغيره ، وثنائه عليك لعمل صالح أسديته لمن يستحقه ، أو أطراك لعمل رائع أبديته وأظهرته ، فإن مدح من مدحك حق عليه لك ولطيف حسن لا حذر منه ، وإن أثنى عليك من أثنى عليك بسبب الطاعة لله وأعمال الخير ومساعدة العباد وصالح الخصال فهو أمر لك جميل و واقع تستحقه لا خوف منه .
فمدحه وإطرائه وثنائه لك : يستحسن منه ويشكر عليه ويصدق ، لأنه من باب شكر المنعم ، وقد جاء من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق .
وإن استحسان : عمل المؤمن الخير وناشر علوم الهدى ، غبطة وفرح وسور للمنصفين ، و إظهار جميل تجلى به موالي يظهر آداب وأخلاق الدين ، لحق له علينا أن نمدحه ونشوقه ليعرف أنه أثلج صدور المؤمنين ، وبالخصوص إن كان تعليم إلهي وهدى ينشره ويجعله حلية وزينة بين أيدين المسلمين ، فهذا حقيق بالتشرف بالثناء عليه وتشويقه من المتقين ، بل يجب إطرائه بل له مدح الكثير الذي ذكره في القرآن الكريم ، وبهذا تقر عين الأحرار المؤمنين .
وكلام الله سبحانه : في مدح المؤمنين والثناء عليهم كثير جدا ، وكذا في كلام نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم :
منها : أن الله سبحانه : يحب المتقين والتوابين والمتطهرين والطيبين ، ومن يسعى بالخير والصلاح ونشر الهدى ، ويحب الأبرار والصادقين المؤمنين وكل الأخلاق الحميدة والآداب الإسلامية الفاضلة المجيدة ، وكذلك من كلام الله سبحانه في مدح المؤمنين : هو ما ذكر من ثوابهم في الجنة وما أعد لهم من النعيم المقيم ، ومثل هذه الآيات كثيرة جدا في كتاب الله .
كما ذم الله سبحانه : الكفار والمنافقين والضالين والطاغين والمسرفين والذين يكتمون الهدى والذين يحرفون الكلم عن مواضعه ، والذين يضرون العباد ويعملون الشر ويخونون المسلمين ، وكثير من مثل هذا مما له أخلاق قبيحة وأعمال مشينه ، وأوعدهم النار وعذابها وكلها هذه ذم لهم .
والمدح بحق : خلق إسلامي كريم ، يحسن من المؤمن نصر الحق والهدى وأعمال البر ، وهو من باب الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر بأن يذم الأعمال القبيحة الشريرة الباطلة والظلم والجور والطغيان والفساد والضلال والنفاق وغيرها .
حقائق المدح وما يوجبه وكيف يجب أن يكون هو كلام مولى الموحدين عليه السلام ، ويأتي إن شاء الله ، ثم نذكر بعض ما دح الله ورسوله وآل نبي الرحمة المؤمنين المتقين ، وذمهم للطغاة الضالين .
وأسأل الله سبحانه : أن يجعلنا في مستوى المسؤولية في نصر الدين ونشر الهدى ، والعمل بما يحب ويرضى ويجعلنا في طاعته أبدا ، فإنه ولي التوفيق وهو أرحم الراحمين .