بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قصة الشاب المأخوذ بذنبه..
هذه هي قصة الشاب الذي دعا بدعاء الشاب المأخوذ بذنبه المعروف بدعاء (المشلول) كما أوردها صاحب كتاب كلمات الامام الحسين (عليه السلام) الشيخ الشريفي..
وهذه القصة فيها الكثير من الحكم والعبر لمن له قلب حاضر..
روى عن جماعة يسندون الحديث الى الحسين بن علي عليهما السلام قال: (كنت مع علي بن أبي طالب عليه السلام في الطواف في ليلة ديجوجية (أي مظلمة مع غيم لا ترى نجما ولاقمرا) قليلة النور، وقد خلا الطواف، ونام الزوار، وهدأت العيون، إذ سمع مستغيثا مستجيرا مسترحما بصوت حزين محزون من قلب موجع وهو يقول: يا من يجيب دعا المضطر في الظلم يا كاشف الضر والبلوى مع السقم قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا يدعو ! وعينك يا قيوم لم تنم هب لي بجودك فضل العفو عن جرمى يا من أشار إليه الخلق في الحرم إن كان عفوك لا يلقاه ذو سرف فمن يجود على العاصين بالنعم قال الحسين بن علي صلوات الله عليهما: فقال لي: يا أبا عبد الله أسمعت المنادي ذنبه، المستغيث ربه ؟ فقلت: نعم، قد سمعته. فقال: اعتبره عسى تراه، فما زلت أختبط في طخياء الظلام وأتخلل بين النيام. فلما صرت بين الركن والمقام، بدالي شخص منتصب، فتأملته فإذا هو قائم، فقلت: السلام عليك أيها العبد المقر المستقيل المستغفر المستجير، أجب بالله ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله. فأسرع في سجوده وقعوده وسلم، فلم يتكلم حتى أشار بيده بأن تقدمني، فتقدمته فأتيت به أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: دونك هاهو ! فنظر إليه، فإذا هو شاب حسن الوجه، نقى الثياب. فقال له: من الرجل ؟ فقال له: من بعض العرب. فقال له: ما حالك، ومم بكاؤك واستغاثتك ؟ فقال: ما حال من اوخذ بالعقوق فهو في ضيق، ارتهنه المصاب، وغمره الاكتئاب، فارتاب فدعاؤه لا يستجاب.
فقال له علي: ولم ذلك ؟ فقال: لأنى كنت ملتهيا في العرب باللعب والطرب، اديم العصيان في رجب وشعبان، وما أراقب الرحمن، وكان لى والد شفيق رفيق، يحذرني مصارع الحدثان، ويخوفنى العقاب بالنيران ويقول: كم ضج منك النهار والظلام، والليالي والأيام، والشهور والأعوام، والملائكة الكرام، وكان إذا ألح علي بالوعظ زجرته وانتهرته، ووثبت عليه وضربته، وفعمدت يوما إلى شئ من الورق فكانت في الخباء فذهبت لاخذها وأصرفها فيما كنت عليه، فما نعني عن أخذها، فأوجعته ضربا ولويت يده وأخذتها ومضيت، فأومأ بيده إلى ركبتيه يروم النهوض من مكانه ذلك، فلم يطق يحركها من شدة الوجع والألم، فأنشا يقول: جرت رحم بيني وبين منازل (اسم ولده هذا المستغيث- منازل بن لاحق الشيباني) سواء كما يستنزل القطر طالبه وربيت حتى صار جلدا (القوي الشديد) شمردلا (الفتى القوى الجلد) إذا قام ساوى غارب (الكاهل) العجل غاربه وقد كنت اوتيه من الزاد في الصبى إذا جاع منه صفوه وأطايبه فلما استوى في عنفوان شبابه وأصبح كالرمح الردينى (منسوب إلى امرأة السمهري تسمى ردينة) خاطبه (الخاطب: الذي يخطب، ولعل المراد منه - بقرينة الإضافة - اللسان، يعني أن لسانه كالرمح في الطول و الحدة والذراية، وإذا خصصنا الخاطب بالذي يخطب النساء للتزويج، كان له معنى آخر) تهضمني (هضمه:ظلمه وغصبه وقهره) مالي كذا ولوى يدي لوى يده الله الذي هو غالبه ثم حلف بالله ليقدمن إلى بيت الله الحرام، فيستعدي الله عليّ (أي يستنصره ويتعينه علي)، فصام أسابيع، وصلى ركعات، ودعا وخرج متوجها على عيرانة (العيرانة من الأبل: الناجية في نشاط، وقد شبهت بالعير في سرعتها ونشاططها) يقطع بالسير عرض الفلاة، ويطوي الأودية ويعلو الجبال، حتى قدم مكة يوم الحج الأكبر، فنزل عن راحلته، وأقبل إلى بيت الله الحرام، فسعى وطاف به، وتعلق بأستاره، وابتهل بدعائه، وأنشأ يقول: يا من إليه أتى الحجاج بالجهد فوق المهاد (الفراش) من أقصى غاية البعد إني أتيتك يا من لا يخيب من يدعوه مبتهلا بالواحد الصمد هذا منازل من يرتاع من عققي فخذ بحقى يا جبار من ولدي حتى تشل بعون منك جانبه يا من تقدس لم يولد ولم يلد قال: فوالذي سمك السماء، وأنبع الماء، ما استتم دعاءه حتى نزل بي ما ترى ثم كشف عن يمينه، فإذا بجانبه قدشل. فأنا منذ ثلاث سنين أطلب إليه أن يدعو لي في الموضع الذي دعا به على، فلم يجبني، حتى إذا كان العام أنعم على فخرجت به على ناقة عشراء (الناقة العشراء: التي مضى لحمها عشرة أشهر) اجد السير حثيثا رجاء العافية، حتى إذا كنا على الأراك وحطمة وادي السياك (الأراك: موضع بعرفات قرب نمرة والأراك: شجر من الحمض يستاك به ولعل الموضع لكثرة شجر الأراك فيه سمي بالأراك)، نفر طائر في الليل، فنفرت منه الناقة التي كان عليها، فألقته إلى قرار الوادي، فارفض بين الحجرين (وقوله: (بين الحجرين) مفهومه واضح، غير أنه لاوجه لتعريف (الحجرين)، ولعله كان (الحجزين) يعني طرفي الوادي فيكون تأكيدا لقوله: قرار الوادي) فقبرته هناك، وأعظم من ذلك أني لااعرف إلا (المأخوذ بدعوة أبيه). فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أتاك الغوث، أتاك الغوث، ألا اعلمك دعاء علمنيه رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيه اسم الله الأكبر الأعظم، العزيز الأكرم، الذي يجيب به من دعاه ويعطى به من سأله، ويفرج به الهم، ويكشف به الكرب ويذهب به الغم، ويبرئ به السقم، ويجبر به الكسير، ويغني به الفقير، ويقضى به الدين، و يرد به العين، ويغفر به الذنوب، ويستر به العيوب، ويؤمن به كل خائف من شيطان مريد، وجبار عنيد. ولو دعابه طائع لله على جبل لزال من مكانه، أو على ميت لأحياه الله بعد موته، ولو دعا به على الماء لمشى عليه بعد أن لا يدخله العجب، فاتق الله أيها الرجل فقد أدركتني الرحمة لك، وليعلم الله منك صدق النية إنك لا تدعو به في معصية ولاتيده إلا لثقة في دينك ! فإن أخلصت فيه النية استجاب الله لك، ورأيت نبيك محمدا صلى الله عليه وآله في منامك، يبشرك بالجنة والاجابة. قال الحسين بن على عليهما السلام فكان سروري بفائدة الدعاء أشد من سرور الرجل بعافيته وما نزل به، لانني لم أكن سمعته منه، ولا عرفت هذا الدعاء قبل ذلك، ثم قال: آتنى بدواة وبياض، واكتب ما امليه عليك، ففعلت..
يتبع..
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قصة الشاب المأخوذ بذنبه..
هذه هي قصة الشاب الذي دعا بدعاء الشاب المأخوذ بذنبه المعروف بدعاء (المشلول) كما أوردها صاحب كتاب كلمات الامام الحسين (عليه السلام) الشيخ الشريفي..
وهذه القصة فيها الكثير من الحكم والعبر لمن له قلب حاضر..
روى عن جماعة يسندون الحديث الى الحسين بن علي عليهما السلام قال: (كنت مع علي بن أبي طالب عليه السلام في الطواف في ليلة ديجوجية (أي مظلمة مع غيم لا ترى نجما ولاقمرا) قليلة النور، وقد خلا الطواف، ونام الزوار، وهدأت العيون، إذ سمع مستغيثا مستجيرا مسترحما بصوت حزين محزون من قلب موجع وهو يقول: يا من يجيب دعا المضطر في الظلم يا كاشف الضر والبلوى مع السقم قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا يدعو ! وعينك يا قيوم لم تنم هب لي بجودك فضل العفو عن جرمى يا من أشار إليه الخلق في الحرم إن كان عفوك لا يلقاه ذو سرف فمن يجود على العاصين بالنعم قال الحسين بن علي صلوات الله عليهما: فقال لي: يا أبا عبد الله أسمعت المنادي ذنبه، المستغيث ربه ؟ فقلت: نعم، قد سمعته. فقال: اعتبره عسى تراه، فما زلت أختبط في طخياء الظلام وأتخلل بين النيام. فلما صرت بين الركن والمقام، بدالي شخص منتصب، فتأملته فإذا هو قائم، فقلت: السلام عليك أيها العبد المقر المستقيل المستغفر المستجير، أجب بالله ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله. فأسرع في سجوده وقعوده وسلم، فلم يتكلم حتى أشار بيده بأن تقدمني، فتقدمته فأتيت به أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: دونك هاهو ! فنظر إليه، فإذا هو شاب حسن الوجه، نقى الثياب. فقال له: من الرجل ؟ فقال له: من بعض العرب. فقال له: ما حالك، ومم بكاؤك واستغاثتك ؟ فقال: ما حال من اوخذ بالعقوق فهو في ضيق، ارتهنه المصاب، وغمره الاكتئاب، فارتاب فدعاؤه لا يستجاب.
فقال له علي: ولم ذلك ؟ فقال: لأنى كنت ملتهيا في العرب باللعب والطرب، اديم العصيان في رجب وشعبان، وما أراقب الرحمن، وكان لى والد شفيق رفيق، يحذرني مصارع الحدثان، ويخوفنى العقاب بالنيران ويقول: كم ضج منك النهار والظلام، والليالي والأيام، والشهور والأعوام، والملائكة الكرام، وكان إذا ألح علي بالوعظ زجرته وانتهرته، ووثبت عليه وضربته، وفعمدت يوما إلى شئ من الورق فكانت في الخباء فذهبت لاخذها وأصرفها فيما كنت عليه، فما نعني عن أخذها، فأوجعته ضربا ولويت يده وأخذتها ومضيت، فأومأ بيده إلى ركبتيه يروم النهوض من مكانه ذلك، فلم يطق يحركها من شدة الوجع والألم، فأنشا يقول: جرت رحم بيني وبين منازل (اسم ولده هذا المستغيث- منازل بن لاحق الشيباني) سواء كما يستنزل القطر طالبه وربيت حتى صار جلدا (القوي الشديد) شمردلا (الفتى القوى الجلد) إذا قام ساوى غارب (الكاهل) العجل غاربه وقد كنت اوتيه من الزاد في الصبى إذا جاع منه صفوه وأطايبه فلما استوى في عنفوان شبابه وأصبح كالرمح الردينى (منسوب إلى امرأة السمهري تسمى ردينة) خاطبه (الخاطب: الذي يخطب، ولعل المراد منه - بقرينة الإضافة - اللسان، يعني أن لسانه كالرمح في الطول و الحدة والذراية، وإذا خصصنا الخاطب بالذي يخطب النساء للتزويج، كان له معنى آخر) تهضمني (هضمه:ظلمه وغصبه وقهره) مالي كذا ولوى يدي لوى يده الله الذي هو غالبه ثم حلف بالله ليقدمن إلى بيت الله الحرام، فيستعدي الله عليّ (أي يستنصره ويتعينه علي)، فصام أسابيع، وصلى ركعات، ودعا وخرج متوجها على عيرانة (العيرانة من الأبل: الناجية في نشاط، وقد شبهت بالعير في سرعتها ونشاططها) يقطع بالسير عرض الفلاة، ويطوي الأودية ويعلو الجبال، حتى قدم مكة يوم الحج الأكبر، فنزل عن راحلته، وأقبل إلى بيت الله الحرام، فسعى وطاف به، وتعلق بأستاره، وابتهل بدعائه، وأنشأ يقول: يا من إليه أتى الحجاج بالجهد فوق المهاد (الفراش) من أقصى غاية البعد إني أتيتك يا من لا يخيب من يدعوه مبتهلا بالواحد الصمد هذا منازل من يرتاع من عققي فخذ بحقى يا جبار من ولدي حتى تشل بعون منك جانبه يا من تقدس لم يولد ولم يلد قال: فوالذي سمك السماء، وأنبع الماء، ما استتم دعاءه حتى نزل بي ما ترى ثم كشف عن يمينه، فإذا بجانبه قدشل. فأنا منذ ثلاث سنين أطلب إليه أن يدعو لي في الموضع الذي دعا به على، فلم يجبني، حتى إذا كان العام أنعم على فخرجت به على ناقة عشراء (الناقة العشراء: التي مضى لحمها عشرة أشهر) اجد السير حثيثا رجاء العافية، حتى إذا كنا على الأراك وحطمة وادي السياك (الأراك: موضع بعرفات قرب نمرة والأراك: شجر من الحمض يستاك به ولعل الموضع لكثرة شجر الأراك فيه سمي بالأراك)، نفر طائر في الليل، فنفرت منه الناقة التي كان عليها، فألقته إلى قرار الوادي، فارفض بين الحجرين (وقوله: (بين الحجرين) مفهومه واضح، غير أنه لاوجه لتعريف (الحجرين)، ولعله كان (الحجزين) يعني طرفي الوادي فيكون تأكيدا لقوله: قرار الوادي) فقبرته هناك، وأعظم من ذلك أني لااعرف إلا (المأخوذ بدعوة أبيه). فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أتاك الغوث، أتاك الغوث، ألا اعلمك دعاء علمنيه رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيه اسم الله الأكبر الأعظم، العزيز الأكرم، الذي يجيب به من دعاه ويعطى به من سأله، ويفرج به الهم، ويكشف به الكرب ويذهب به الغم، ويبرئ به السقم، ويجبر به الكسير، ويغني به الفقير، ويقضى به الدين، و يرد به العين، ويغفر به الذنوب، ويستر به العيوب، ويؤمن به كل خائف من شيطان مريد، وجبار عنيد. ولو دعابه طائع لله على جبل لزال من مكانه، أو على ميت لأحياه الله بعد موته، ولو دعا به على الماء لمشى عليه بعد أن لا يدخله العجب، فاتق الله أيها الرجل فقد أدركتني الرحمة لك، وليعلم الله منك صدق النية إنك لا تدعو به في معصية ولاتيده إلا لثقة في دينك ! فإن أخلصت فيه النية استجاب الله لك، ورأيت نبيك محمدا صلى الله عليه وآله في منامك، يبشرك بالجنة والاجابة. قال الحسين بن على عليهما السلام فكان سروري بفائدة الدعاء أشد من سرور الرجل بعافيته وما نزل به، لانني لم أكن سمعته منه، ولا عرفت هذا الدعاء قبل ذلك، ثم قال: آتنى بدواة وبياض، واكتب ما امليه عليك، ففعلت..
يتبع..
تعليق