بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِيْنَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشْرَفِ الْأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَبِي الْقاسِمِ مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ الْطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين ..
السَّلامُ عَلَيْكُمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ..
ما هو الرفق ...؟!
قال الجوهري في الصحاح :
الرفق: ضد العنف (1)
وقل الحسين في تاج العروس :
الرِّفق : اللُّطْفُ وهو ضِدُّ العُنْفِ (2)
وقال الخليل ب أحمد الفراهيدي في كتابه العين :
الرفق: لين الجانب ولطافة الفعل (3)
الرفق كلمة خفيفة تنظوي تحتها معاني كبيرة ، وآثار كثيرة ، وكم هي حاجتنا الى الرفق في أكثر تصرفاتنا وتعاملاتنا مع الآخرين ، فينبغي أن نأكل برفق ونلبس برفق وننام برفق ونتعامل مع الآخرين برفق في الكلام والسلام والتحية والقيام ، ولا ننسى نحن الرجال أن نتعامل مع نسائنا من أم وزوجة وبنت وأخت برفق ولين ولطافة وبشاشة ، فما أجمل أن يدخل الرجل بيته فيستقلونه أولاده وزوجته وهو يلاطفهم ويتواضع لهم ، وما أبشع أن يدخل الرجل بيته كانه سجان أو جلاد أو أحد الشرطة الغلاظ ، ترتد بمجيئه الأنفاس وترتعد لوصوله النفوس ، فالمحسن عنده لا يُشكر ، والمسيء بين يديه لا يٌعذر .
بل الرفق مطلوب حتى في ملاعبة الطفل ، فكم من تهور واستعجال أدى الى عوق طفل أو هلاكه !!!!
ونحتاج أيضاً الى الرفق بكبير السن والصبر على ما يبدر منه سواء أكان أباً أو أمّاً أو جداً أو قريباً أو بعيداً .
قال تعالى :
" وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " (4)
فلفظة (( الرفق)) كلمة لطيفة التدا ول عميق المعنى والاستعمال
وصدق رسول الله(صلى الله عليه وآله ) حين وصف الرفق بأنه زينة لما يكون معه ، ونقص لما يرفع عنه :
فعن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
«قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
" إن الرفقَ لم يوضعْ على شيءٍ إلا زانهُ ، ولا نُزِعَ من شيءٍ إلا شانهُ " »(5)
وكفى بالرفق رفعة أن المولى (جلّ وعلا) كان رفيقا بعباده منذ أن أنزل عليهم التكاليف فلم يثلقهم بها بل أنزلها بالتدريج رفقاً بهم فعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال:
" إن الله تبارك وتعالى رفيقٌ يحبُّ الرفقَ فمن رفقِه بعبادِهِ تسليلهِ أضغانهِم ومضادتهِم لهواهم وقلوبِهم ، ومن رفقهِ بهم أنهُ يدعُهم على الامرِ يريدُ إزالتهم عنه رفقاً بهم لكيلا يلقي عليهم عُرى الايمان ومثاقلتهُ جملة واحدة ، فيضعفوا فإذا أراد ذلك نسخ الامر بالآخر فصار منسوخاً "(6)
فاذا كان رب العباد يرأف ويلطف بعباده ورفق بهم ، فلم لا نرفق نحن البشر بأنفسنا قبل أن نبدأ بغيرنا ولا نتعب اذهاننا وأبداننا في طلب ما لم يكتب لنا من أرزاق وأقوات ، اذا كان عندنا ما يكفينا ، ولا نغضب لما فاتنا ونتعب اعصابنا وأذهاننا في التفكير والتحسر على ما فات ، بل نحمد الله تعالى على ما صنع فلعل ما فاتنا هو خير لنا مما لو قدرنا عليه وفيه الضر أو الهلاك لنا ونحن لا نعلم .
________________________________
(1) [الصحاح - (5 / 168) ]
(2) [تاج العروس من جواهر القاموس - (25 / 346)]
(3) [كتاب العين - (5 / 149)]
(4) [آل عمران : 159]
(5) [الكافي الكليني - (ج 2 / ص 120) ]
(6)الكافي الكليني - (ج2 / ص 119)
تعليق