الفصل الثاني والخمسون ويُحبُّهُ اللهُ ورسولُهُ
وقد جاء الحديث بعدة روايات
القسم الأول :
الصورة الأولى : حديث عمر بن الخطاب
روى العلامة الموفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب(4) باسناده عن مالك بن أنس عن أبن عمر عن عمر بن الخطاب قال :
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم خيبر :
لأعطينَّ الراية غداً رجُلا يحبّ الله ورسوله ويُحبّه الله ورسوله كرَّار غير فرَّار يفتح الله عليه جَبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، فبات المسلمون كلّهم يَستشرفون لذلك ، فلمّا أصبَحَ قال : أين علي بن أبي طالب ؟ قالوا : أَرمد العين قال : آتوني به ، فلمّا أتاه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ادنُ منّي فدَنى منه فتفل في عينيه ومسحهما بيده فقام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من بين يديه وكأنهُ لم يرمَد وأعطاه الراية فقَتَل مرحب وأخذ مدينة خيبر(5).
الصورة الثانية : حديث سلمة بن عمرو بن الأكوع
روى المؤرخ الشهير أبو محمد عبدالملك بن هشام المتوفي سنة 218 في السيرة(6) قال :
قال ابن اسحاق باسناده عن سلمة بن عمرو بن الأكوع قال :
بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ابا بكر الصدِّيق رضي الله عنه برايته وكانت بيضاء ـ فيما قال ابن هشام ـ الى بعض حصون خيبر فقاتل فرجع ولم يك فتح وقد جهد ، ثم بعث الغد عمر بن الخطاب فقاتل ثم رجع ولم يك فتح وقد جهد .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لأعطينّ الراية غداً رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه ليسَ بفرار قال : يقول سلمة : فدعَا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليّاً رضوان الله عليه وهو أرمَد فتفل في عينه ثم قال : خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك . قال : يقول سلمة : فخرَجَ والله بها يهرول هَرَولة وإنا لخلفه نتبع أثره حتى ركز رايته في رضم عن حجارة تحت الحصن فاطلع اليه يهودي من رأس الحصن فقال : مَن أنت ؟ قال : أنا علي بن أبي طالب ، قال : يقول اليهودي : علوتم وما أنزل على موسى أو كما قال . قال : فما رجع حتى فتح الله على يديه .
وفي رواية العلامة سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص(7) عن أحمد بن حنبل أضاف قائلا : فبرَزَ اليه من خيبر مرحب وهو يرتجز ويقول :
قد علمت خَيبر أني مَرحَبُ *** شاكي السِلاح بطلٌ مجربُ
اذا الليوث أقبلت تَلهَّبُ *** أطعَنُ أحياناً وحيناً أضربُ
فأجابه علي (عليه السلام) وقال :
أنا الذي سَمَّتني أمّي حيَدرة *** كَلَيث غابات كريه المنظرة
عبل الذراعين شديد القسورة *** أضربُ بالسيف وجوه الكفرة
ضرب غلام ماجد حزورة *** أكيلكم بالسيف كيل السندرة
ثم ضرب رأس مرحب بالسيف فقتله . قال علي (عليه السلام) : وجئت برأس مرحب الى بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسَرّ بذلك ودَعالي(8).
الصورة الثالثة : حديث عبدالرحمن بن أبي ليلى
روى الحافظ أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي المتوفي سنة 241 في المسند(9) قال : باسناده عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال :
كان أبي يسمر مع علي ، وكان يلبس ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف ، فقيل له لو سألته فسأله ، فقال :
إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بَعَث الي وأنا أرمد العين يوم خيبر ، فقلت : يارسول الله اني أرَمَد العين ، قال : فتفَلَ في عيني وقال : اللهم أذهب عنه الحَرّ والبرد ، فما وجَدتُ حَراً ولا برداً منذ يوَمئذ ، وقال : لأعطينَّ الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليسَ بفرَّار ، فتشرف لها أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فأعطانيها(10).
الصورة الرابعة : حديث سعد بن أبي وقاص عن ابنه عامر
(ألف)
روى العلامة سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص(11) قال : وقد أخرج مسلم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال:
أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً وقال له : ما منعك ان تسبّ أبا تراب ؟ فقال سعد : أمّا ما ذكرت ثلاث سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قالَهُنّ له فلن أسُبَّه أبَداً ، لأن يكون لي واحدة منهن أحَبُّ الي من حمر النعم : وذكر منها حديث الراية ونزول آية المباهلة فيه واستخلافه على أهله في بعض مغازيه(12).
(ب)
وما رواه الحافظ الكنجي في كفاية الطالب(13) باسناده عن الحرث بن مالك قال : أتيت مكة فلقيت سعد بن أبي وقاص فقلت : هل سمعت لعلي منقبة ؟
قال : قد شَهدتُ له أربعاً لأن تكون لي واحدة منهن أحبُّ الي من الدنيا أعمِّر فيها مثل عمر نوح ، وذكر منها حديث الراية .
(ج)
وفيه أيضاً عن الحافظ أحمد بن حنبل في مسنده(14) باسناده عن عامر بن سعد عن أبيه : قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له وخَلفه في بعض مغازيه ـ وذكر منها حديث الراية ولفظه : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويُحبُّه الله ورسوله .. الخ الحديث .
الصورة الخامسة : رواية جماعة من الصحابة(15)
تعليق