إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الندم على الذنب و النفس اللوامة الحلقة الاولى

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الندم على الذنب و النفس اللوامة الحلقة الاولى

    الندم على الذنب و النفس اللوامة الحلقة الاولى

    تعديل الميول ـ الفرار من تعذيب الضمير

    قال الله تعالى : ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾ 1 .
    أن في الضمير الإنساني قوة تسمى بالوجدان الأخلاقي . و في الموارد التي يرتكب الإنسان جريمة يقع فريسة اللوم و التقريع من تلك القوة الباطنية . إن الوجدان الأخلاقي من القوة و القدرة بحيث أنه لا يترك المجرم و نفسه حتى في عالم النوم . يستعرض أمام عينه جرائمه بصورة الرؤيا ، و بذلك يلومه عليها ...
    إن قوة الوجدان الأخلاقي و إدراك قبح الاجرام هو الذي يحور صورة الحلم و لا يسمح بأن يظهر المجرم على صورته الواقعية من جهة و يجعل المجرم من جهة أخرى يشاهد جرائمه في الرؤيا برعب و قلق و أن الانقياد لأوامر الوجدان الأخلاقي و إطاعة مقرراته وظيفة حتمية لكل إنسان ... فإن مخالفته تتضمن مصائب و مآسي لا تجبر . و سيدور بحثنا في هذه المحاضرة حول الاستفادة من الوجدان الأخلاقي ، و تنفيذ قوانينه و النتائج الوخيمة التي تترتب على مخالفته و الخروج عليه .
    قوتان باطنيتان :
    هناك قوتان في طريق إرضاء الميول أو ضبطها و عدم الاستجابة لها في باطن كل إنسان : احداهما ايجابية ، و الأخرى سلبية . أما القوة الايجابية فهدفها جلب اللذائذ و إرضاء الغرائز فقط ، و تميل إلى إشباع جميع الميول الطبيعية بدون قيد و شرط و أن تحقق جميع الرغبات . هذه القوة لا تفهم الخير و الشر ، أو الصالح و الفاسد ، إنها تنادي باللذة فقط و ليس لها هدف غير ذلك . و لقد عبر القرآن الكريم عن هذه القوة الباطنية بـ ( النفس الأمارة ) ... حيث يقول عز من قائل : ﴿ ... إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ... ﴾ 2 .
    و أما القوة السلبية في باطن الإنسان ، فهي تتمثل في القوة التي تمنع الإنسان في جلب اللذائذ عن ارتكاب الجرائم و الوقوع في الدنس ، و تلطف من حدة الميول ، و تلجم النفس الأمارة الشموس ، إنها تسمح بإرضاء الغرائز و الاستجابة للميول بالمقدار الذي لا يتصادم مع المقررات العقلية و العرفية و الشرعية ، أما ما عدا ذلك فانها لا تسمح به . و لقد عبر القرآن الكريم عن هذه القوة المعدلة للميول بـ ( النفس اللوامة ) ... حيث يقول تعالى : ﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ 3 .
    قيادة الغرائز :
    مما لا شك فيه أن الحياة البشرية مدينة إلى الميول و الغرائز التي أودعها الله تعالى في مزاج الإنسان ، ذلك أن الغرائز و الرغبات النفسانية هي القوة المحركة العظمى التي تدبر دولب الحياة الإنسانية ، و لا توجد أي قوة في الإنسان تبعثه على النشاط و الحيوية كالغرائز . و لكن النقطة الجديرة بالملاحظة و الانتباه أن هذه الغرائز إذا نفذت واستجيب لها بالصورة الصحيحة و بالشكل المعقول فانها تبعث على الخير و السعادة ، أما إذا لم يلتزم العقل قيادتها و كان إرواؤها على غير نظام أو ترتيب ، فلا شك في أنها تتضمن مئات المآسي و تؤدي بالإنسان إلى عاقبة سيئة .
    عشرات الأرياف يمكن أن توجد على ضفاف نهر ، و مئات الأسر تستطيع أن تعيش فيها على أتم الرفاه و الراحة ... إن جميع المزارع و الحقول و المراعي و بصورة موجزة جميع مظاهر العمران هناك وجدت من ماء ذلك النهر . و إذا لم يكن ذلك النهر موجوداً ، لم يكن أثر للعمران ولم تكن توجد الأرياف ، و لكن قد يصادف أن ينحدر السيل من الجبال و يؤدي فيضان النهر إلى أن يتجاوز النهر مجراه ، و يهجم على المزارع و المساكن بصورة جنونية ، و يؤدي إلى خسائر عظيمة في الأرواح و الأموال و تنسف الأتعاب و الجهود التي بذلها الريفيون المساكين طيلة سنوات عديدة !!.
    إنه لا يمكن الاستغناء عن النهر ، لأن النهر يعتبر الشريان الرئيسي لحياة هؤلاء الناس في الأرياف ، و إن مظاهر العمران ظهرت بفضل وجود النهر ـ و لأجل أن نستفيد من فوائد النهر ، و لا ترد علينا خسارة أو ضرر من جراء الفيضان ، علينا أن نبني سداً محكماً عليه ، و نمنع من طغيانه و من الواضح أن بناء السد يجعلنا ننتفع من فوائد النهر باستمرار ، و نكون في مأمن من أضراره و خسائره .
    طغيان الغرائز :
    إن الغرائز و الميول البشرية تشبه النهر الذي تقوم عليه الحياة الفردية و الاجتماعية . فإن كانت الاستجابة لها بصورة معقولة و حسب مقاييس ثابتة فإنها تمنح الحياة نشاطاً و حيوية ، أما إذا أرضيت بالصورة الفوضوية العارمة و من دون نظام أو ترتيب فلا شك في أنها تؤدي إلى الشقاء و الانهيار . و بعبارة أخرى : فكما أن النهر كان مسخراً لصالح الناس تارة و كان الناس مسخرين لتأثير النهر تارة أخرى ، كذلك الغرائز فإنها قد تخضع لقيادة العقل ، و قد يخضع العقل لقيادة الغرائز . إن السعادة تتحقق متى خضعت الميول جميعها لسيطرة العقل ، و كانت منقادة لأوامره و مقرراته .
    هذا الكلام مقبول لدى جميع الماديين و المتألهين في العالم ، فقد أقر العقلاء و العلماء جميعهم بأن الانقياد للغرائز و إرضاءها بلا قيد أو شرط يتنافى مع التمدن و السعادة البشرية .
    « تقضي الحياة ، و خصوصاً الحياة الاجتماعية للإنسان ، أن تهدى الغرائز الأولى منذ البداية ، و توجه نحو الأهداف الاجتماعية ، و بصورة أوضح نقول : كما أنه يجب إقامة سد أمام مجرى الماء لإدارة محرك من المحركات المعتمدة على قوة الماء فإن التمدن يجب أن يخضع الغرائز لسيطرة دقيقة ، و ذلك ليبلغ بالإنسان إلى الرقي و التكامل » 4 .
    إن أول نكتة يجب أن تسترعي انتباهنا في هذا المقام ، هي أن إرضاء جميع الميول النفسانية بصورة حرة و بلا قيد أو شرط أمر مستحيل . ذلك لأن تحقيق بعض الرغبات يتنافى مع إتيان الرغبات الأخرى ، و في الواقع يوجد تناقض واضح بين كثير من ميول الإنسان . لقد أوضح الإمام علي عليه السلام التناقض القائم بين بعض الميول و الرغبات بعبارة قصيرة و حكيمة ، إنه يقول :
    « ما أعجب أمر الإنسان ، إن سنح له الرجاء أذله الطمع ، و إن هاج به الطمع أهلكه الحرص ، و إن ملكه اليأس قتله الأسف ، و إن سعد نسي التحفظ ، و إن ناله خوف حيره الحذر ، و إن اتسع له الأمن أسلمته الغيرة ، و إن جددت له النعمة أخذته الغزة ، و إن أصابته مصيبة فضحه الجزع ، و إن أفاد مالاً أطغاه الغنى ، و إن عضته فاقة شمله البلاء ، و إن جهده الجوع قعد به الضعف ، و إن أفرط في الشبع كظته البطنة ، فكل تقصير به مضر ، و كل إفراط به مفسد ، و كل خير معه شر ، و كل شيء له آفة » 5 .
    فما أكثر الرغبات النفسية التي تدفع الإنسان إلى الإفراط في الاستجابة للغريزة الجنسية ، أو الطعام في حين أنه يتنافى مع الرغبة في الصحة ، و ما أكثر اللذائذ التي يتطلبها الإنسان من قبيل الخمرة و الحشيشة ، في حين أنها تتضمن عوارض مختلفة و نتائج وخيمة تهدد حياة الإنسان .
    الوجدان و الغرائز :
    هناك نكتة أخرى يجب أن نتنبه لها ، و هي أن الحرية المطلقة للغرائز بلا قيد أو شرط تتنافى و الوجدان الأخلاقي للبشر . فإن الذي يريد إرضاء جميع الميول بكل حرية ، و يحاول الاستجابة لرغباته و تحقيقها ، لا بد أن يكون منقاداً لغرائزه ، معرضاً بوجهه عن النداء السماوي و المقررات القيمة الصادرة من الوجدان الأخلاقي الذي هو وديعة إلهية عند الإنسان ، مستهتراً بالكرامة و الشرف و النبل !!.
    « لا بد للإنسان أن يختار من بين أمرين أحدهما : الأمر الأول أجنبي و أعمى و طاغية حيث لا يراقب إلا التنفيذ دون النظر إلى القصد و النية . أما الأمر الثاني فانه أليف و محبوب . صحيح أنه متعب و لا يرتضي بسرعة لكنه يعرف آمالكم الخفية و يطلع على كيفية شخصيتكم . إنه يجب التوفيق بين الغرائز و الوجدان الأخلاقي . و إيجاد هذا التوافق أمر ممكن ، ذلك أن الوجدان الأخلاقي الواقعي لا يريد كبت الغرائز مرة واحدة ، بل يحاول أن يخضعها للنظام و السيطرة ، و يوجهها نحو هدف أعلى و أليق . و هذا العمل أحسن و أهم للغريزة من إطلاق عنانها أيضاً ، كما يرى فرويد ، لأن هذه الحرية تتضمن فساداً و انهياراً في النهاية » 6 .
    إن مخالفة أوامر الوجدان الأخلاقي قد نؤدي إلى بعض الأمراض النفسية و الجنون . و الاستجابة المعقولة للميول و الغرائز أساس الحياة و ركن السعادة الإنسانية ، و هذا الأمر ضروري و محبوب شرعاً و عقلاً ... لكن المذموم و القبيح من وجهة النظر الدينية و العلمية هو إطلاق العنان لجميع الميول و الرغبات .
    لقد عبر القرآن عن هذه الحقيقة أحسن تعبير حيث يقول : ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾ 1 .
    عبادة الهوى :
    إن الذي يقع في أسر عبادة هوى النفس ، و يكون عبداً مطيعاً لغرائزه و ميوله ... يصاب بأخطر الأمراض النفسية ، و يكون معرضاً للانهيار و الشقاء في كل لحظة ...
    1 ـ يقول الإمام علي ( عليه السلام ) : « إن أخوف ما أخاف عليكم إثنان : إتباع الهوى و طول الأمل » 7 .
    2 ـ ويقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « إحذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم ، فليس شيء أعدى للرجال من إتباع أهوائهم ، و حصائد ألسنتهم » 8 .
    3 ـ و عنه ( عليه السلام ) أيضاً : « لا تدع النفس و هواها ، فإن هواها رداها » 9 .
    4 ـ و عن الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « أشجع الناس من غلب هواه » 10 .
    5 ـ و عن الإمام الجواد ( عليه السلام ) : « من أطاع هواه ، أعطى عدوه مناه » 11 .
    6 ـ يقول الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « إن أطعت هواك أصمك و أعماك » 12 .
    7 ـ و يقول في مورد آخر : « فاز من غلب هواه ، و ملك دواعي نفسه » 13 .
    8 ـ و ورد عنه أيضاً : « قاتل هواك بعقلك » 14 .
    إن عبادة الأهواء و الانقياد التام للميول النفسانية لهو أقصى درجات الشقاء و الهلاك للإنسان ، فإذا وقع شخص في أسره فسرعان ما ينجرف إلى هوة الانهيار و السقوط .
    « الإنسان مختار مطلق ، لكنه مع ذلك لا يستطيع أن ينتفع من حريته خارج المناطق المحددة له بلا مخاطرة أو مغامرة . إن الحرية تشبه الديناميت في أنها وسيلة مهمة و خطرة في نفس الوقت ، فلا بد من الإلمام بكيفية استعمالها ، لحسن الحظ فان الذي يستطيع أن يستعملها بصورة صحيحة هو الذي يكون ذا عقل و إرادة ».
    « إن التضارب الموجود بين الحرية الإنسانية و القوانين الطبيعية الملزمة يوجب التدريب على تزكية النفس . و لأجل أن نحافظ على أنفسنا من أخطار الحوادث يجب علينا أن نقاوم كثيراً من الميول و الرغبات ».
    « في كل مرة استطاع الإنسان أن ينتفع من كامل حريته يكون قد سحق القوانين الطبيعية ، و لا بد أن يلاقي جزاءه . إن الموفقية في الحياة تستلزم التضحية ، و بواسطة التخلي عن قسم من الحرية يستطيع الإنسان أن يعيش على طبق نظام الأشياء » 15 .
    الوجدان و تعديل الهوى :
    يستطيع الراغبون في السعادة و الساعون من أجلها ، أن يستفيدوا من عوامل عديدة لتعديل ميولهم . من تلك العوامل . العقل ، و الوجدان ، و التعاليم الدينية . و حيث كنا نتحدث عن الوجدان الأخلاقي ، فيدور بحثنا هنا حول طرق الاستفادة منه في تعديل الغرائز و الرغبات النفسانية .
    إن الوجدان الأخلاقي هو الدليل الظاهر و النافذ إلى الواقع المودع في باطن الإنسان . و هو قوة قاهرة ، يدلك ـ بالفطرة ـ جميع أوجه الخير و الشر ، و يهدي إلى الصراط المستقيم ، و يوصلهم إلى دار السعادة و السلام .
    قال الإمام الصادق عليه السلام لرجل : « إنك قد جعلت طبيب نفسك ، و بين لك الداء و عرفت آية الصحة و دللت على الدواء . فانظر كيف قيامك على نفسك ؟ » 16 .
    فبواسطة الوجدان الأخلاقي و الفطرة الإنسانية يهتدي الإنسان إلى معرفة أمراض نفسه و علاجها كالطبيب ، و يستطيع الوصول إلى سلامة روحه .
    و في غريزتي الشهوة و الغضب القويتين ، و ميل الإنسان إلى المال والجاه تكمن نقطة انزلاق البشرية نحو الهاوية ، إن هوى النفس يدفع الإنسان بأشد ما يمكن من القوة لتنفيذ رغباته و متطلباته الغريزية ، و ألا يجتنب في سبيل الوصول إلى هدفه من كل نشاط هدام ، في حين أن الوصول إلى الهدف يتطلب في بعض الأحيان الإتيان ببعض الأعمال اللاإنسانية و ارتكاب الجرائم و الجنايات . إن من القوى التي تستطيع التعديل من الغرائز ، و تقدر على وقاية الإنسان من الانحراف و الانزلاق في الهاوية و حفظ أذيال الفرد من التلوث بالجرائم : قوة الوجدان الأخلاقي . فمن حافظ على هذه الوديعة الإلهية في باطنه و أبقى سراج السعادة مضيئاً ، يستطيع الانتفاع من هداية الوجدان و يقي نفسه من كثير من الخيانات و الجرائم .
    لقد أعار الإسلام أهمية عظيمة إلى هذه القاعدة الأساسية ، و استفاد من الوجدان الأخلاقي في مجال الإصلاح الاجتماعي كثيراً .
    التعامل على أساس الوجدان :
    لقد ورد عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه كان يقول : لقد أوصى الله تعالى موسى بن عمران بأربعة أشياء :
    « ... و أما التي بينك و بين الناس ، فترضى للناس ما ترضى لنفسك و تكره لهم ما تكره لنفسك » 17 .
    و هناك موقف آخر للنبي ( صلى الله عليه و آله ) و قد كان واضعاً رجله في رحل جواده قاصداً إحدى الغزوات ، فاستوقفه رجل و طلب منه أن يعلمه عملاً فقال ( صلى الله عليه و آله ) : « ما أحببت أن يأتيه الناس إليك ، فأته إليهم ، و ما كرهت أن يأتيه الناس إليك فلا تأته إليهم » 18 .
    ... و هكذا يتضح جلياً موقف الإسلام من التعالم مع الناس و أصول المعاشرة فيما بينهم ، و هذه وصية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إلى ولده الحسن : « و اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك و بين غيرك فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك ، و اكره له ما تكره لنفسك ، و لا تظلم كما لا تحب أن تظلم ، و أحسن كما تحب أن يحسن إليك ، و استقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك » 19 .
    و قد ورد عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « أحبوا للناس ما تحبون لأنفسكم ، أما يستحي الرجل منكم أن يعرف جاره حقه و لا يعرف حق جاره » 20 . و عن الإمام الباقر عليه السلام في قول الله عز وجل : ﴿ ... وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ... ﴾ 21 قال : « قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم » 22 .
    سعادة المجتمع :
    لقد وجدنا في الأحاديث المتقدمة أن الفطرة الأخلاقية و الإدراك الباطني عند الناس قد اعتبرتا مقياساً للروابط الاجتماعية . فإن ما لا شك فيه أنه لو كانت الروابط الاجتماعية في بلد ما قائمة على أساس الوجدان الأخلاقي وكان كل عضو في المجتمع يراعي الحسنات و السيئات الفطرية بالنسبة إلى باقي الأعضاء ... لكان يغمر ذلك البلد بالسعادة و الهناء ولم يكن للغرائز و الميول النفسية أية سلطة أو تجاوز على الآخرين .
    إن القادرين على إتباع نداء الوجدان هم الذين يملكون زمام غرائزهم و ميولهم . أما الأشخاص المستعبدون لشهواتهم و الذين ينقادون لأهوائهم فلا ينالون هذه المفخرة أبداً .
    جزاء مخالفة الوجدان :
    إن من النتائج الوخيمة لمخالفة الوجدان ، الاضطرابات الروحية و الاختلالات النفسية . فإن من يمتنع عن سماع نداء الوجدان الأخلاقي و يقدم على الجرائم إرضاء لرغباته النفسية مخالفاً في ذلك فطرته الإنسانية لا بد و أن يلاقي جزاءه الشديد من قبل الوجدان ، بغض النظر عن العقاب الدنيوي والأخروي . وإن تعذيب الضمير وتقريع الوجدان من القوة في أعماق الروح الإنسانية بحيث تسلب المجرم راحته و تتركه في دوامة من الاختلالات و الأمراض الروحية أو الجنون .
    « لقد أسند فرويد منظومته الفلسفية إلى الغرائز ، و من الواضح أنه أوضح بعضاً من نشاطاتها و لكنه أهمل البحث عن الوجدان أو الضمير و اعتبره منفذاً اجتماعياً فحسب . أما الواقع فيرشدنا إلى أن قضاء الخير و الشر عمل أساسي يغلب على الشخصية و يبلورها و ينسقها و يلائم بينها و بين الحياة الاجتماعية ... من الممكن أن يبتلي الوجدان بآفات معينة فيسبب حدوث بعض الأمراض الروحية الحقيقية . فمثلاً نجد فيسبب حدوث بعض الأمراض الروحية الحقيقية . فمثلاً نجد الأمر كذلك في الهستيريا المصحوبة بيقظة الضمير و التي تظهر على صورة الندم القاتل و اتهام النفس ، و الإحساس بالإجرام ، لقد أشرنا إلى بعض الآثار المباشرة و غير المباشرة للإحساس بالاجرام في سلسلة من التحقيقات . هذه الآثار عبارة عن التعذيب الأليم و التقريع الشديد » 23 .

    يتبع انشاء الله


    حسين منجل العكيلي

  • #2
    حفظك الباري أستاذنا
    sigpic
    إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
    ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
    ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
    لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة من نسل عبيدك احسبني ياحسين مشاهدة المشاركة
      حفظك الباري أستاذنا
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اشكر مرورك المبارك
      حسين منجل العكيلي

      تعليق


      • #4

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة أنصار المذبوح مشاهدة المشاركة
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          اشكرك بارك الله فيك
          وحفظك من كل شر وسوء
          حسين منجل العكيلي

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
          x
          يعمل...
          X