السيدة الزهراء سلام الله عليها بين المحبوبية والمظلومية 6
تأكيد الإسلام على مودّتها
لقد بالغ ديننا في التأكيد على محبة فاطمة الزهراء سلام الله عليها:
مودتها في القرآن: لقد أمر الله سبحانه في القرآن بمودّة أهل بيت النبي عليهم السلام واعتبرها أجرا للرسالة: «قُل لَّا أَسْأَلُ?ُمْ عَلَيهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى».[1] فبموجب أمر القرآن، تجب مودّة فاطمة الزهراء سلام الله عليها.
محبوبية السيدة الزهراء سلام الله عليها لدى النبي صلى الله عليه وآله: النبي المصطفى صلى الله عليه وآله كان يحبّ فاطمة الزهراء عليها السلام محبة خاصة فلم يأخذ أحد مأخذها من قلب الرسول أبدا. الكلّ يعرف أنّ النبي يحبّها كثيرا حيث كان يظهر هذا الحبّ في سلوكه ومواقفه. كان النبيّ يقوم احتراما لها ويجلسها في مكانه.[2] ولم يقل هذه الكلمة إلا في حقها حيث قال إني أشمّ منها رائحة الجنة.[3] كما قال في حقها: «فداها أبوها».[4]
طريقنا تلقاء نيل المحبة
1ـ مراعاة أدب الأيام الفاطمية: ليس من شأن نار الحبّ أن تحرق سيئات الإنسان وحسب، بل لابدّ لها أن تحرق فضائله كذلك، وتقضي على أنانيّته الحاصلة من فضائله. وإنّ هذه الأيام الفاطمية لفرصة ينبغي لها أن يشعل وهجُ هذا الحبّ كلّ وجودنا برمّته.
هل هذه المحبّة التي أريد منها أن تحرق فضائلنا بلغت إلى المستوى الذي تحرق به سيئاتنا كحد أدنى؟ أو أنها لم تبلغ ذاك المستوى لا سامح الله؟ أخشى أن تمرّ بنا هذه الأيام الفاطمية ولم تطهرنا نار محبة الزهراء عليها السلام. فإن لم نصلُح في هذه الأيام متى نريد أن نصلح؟ يا زهراء ماذا لو تغادرنا هذه الأيّام ولم تلتهب نار محبتك في نفوسنا...؟! تعالوا نتوقع من أنفسنا الصلاح ونيل الكمال في هذه الأيام.
2ـ الاحترام شيء والمحبة شيء آخر: ما يصدر منّا كثيرا من الأحيان هو «احترام» السيدة الزهراء، لا «محبّتها». فلابدّ لنا أن ننتبه ولا نخلط بين هذين الأمرين. إن الحبّ أرفع شأنا من الأدب والاحترام. أحيانا ما يخفي الأدب عيوب الإنسان. قد لا يُعجب الإنسانَ المؤدبَ شيءٌ ما، ولكنّه يخفي ذلك بأدبه في سلوكه. فأخشى أن يكون أدبُنا تجاه أهل البيت قد أخفى عيبنا وهو «قلّة حبّنا تجاههم».
3ـ لا حدّ للحبّ: من شأن محبّة أهل البيت عليهم السلام أن تتضاعف وتنمو في وجودنا أكثر بكثير مما هي عليه الآن. لا ينبغي الاكتفاء بالمحبّة التي نحظى بها تجاه أهل البيت. إن حبّ أهل البيت ولا سيما حبّ فاطمة الزهراء سلام الله عليها ينطلق من الحدّ الأدنى وله أن يرتقي وينمو بلا حدّ وأمد. لقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: «لَوْ أَحَبَّنِي جَبَلٌ لَتَهَافَتَ».[5] هذا هو أثر الحبّ. إن طاقة الحبّ قادرة على أن تهلكنا في سبيل الزهراء سلام الله عليها. فلنتوقع ذلك من أنفسنا، إذ بإمكاننا أن ننال أعلى المقامات المعنوية بحبنا للزهراء سلام الله عليها. لقد عشنا أيام الدفاع المقدس وشاهدنا المجاهدين كيف أنهم بلغوا الذروة في المقامات المعنوية عن طريق علاقتهم الخاصة بالزهراء عليها السلام وحبّهم الرائع لها.
4ـ تزكية النفس هي السبيل لنيل المحبة: عندما يأمر الله بشيء، يوفّر لوازمه. فإذا أمر بمودّة أهل بيت النبي عليهم السلام لابدّ أن يكون قد وفّر أرضية هذا الحبّ في قلبنا وفطرتنا. وهذا يحكي عن وجود أرضية واسعة لحبّ أهل البيت في فطرتنا، فإذا قمنا بتزكية النفس وتطهير الروح، نرى عند ذلك ازدهاره.
لابدّ أن نحاسب أنفسنا لنرى كم هي تحبّ الزهراء سلام الله عليها. هناك علاقة وثيقة بين الحبّ وصفاء روح الإنسان. لا ننس أننا نبتعد عن محبة الزهراء سلام الله عليها بقدر الذنوب التي نرتكبها. إن هذا الحبّ بحاجة إلى وعاء يستوعبه، وتزكيةُ النفس هي التي توّسع أوعيتنا لاستيعاب محبّة فاطمة الزهراء عليها السلام.
كما تزكّي نفسك في شهر رمضان طمعا بالمزيد من النور، كذلك في الأيام الفاطمية بالغ في التزكية والتطهير بدافع هذا القبس المشتعل في قبلك بحبّ الزهراء عليها السلام لتزداد حظّا ونفعا بهذه المحبة.
5ـ فاطمة الزهراء عليها السلام أمّنا: فلنَنظُر إلى فاطمة الزهراء سلام الله عليها كأمّ. لا ننس أن الأمّ لا تنفكّ عن حبّ ولدها، ولا تمتنع عنه إن سألها شيئا. نحن نعتقد أن جبرئيل كان ينزل عليها ويحدّثها بما سيجري على المسلمين إلى يوم القيامة.[6] لماذا يجب أن تطّلع عن أخبارنا؟ لأنها أمّ، والأمّ حريصة على أولادها. إنها تحبّكم باعتباركم أولادها. هي التي دعتكم إلى مجلس عزائها؛ إذ يرتاح فؤادها عندما تراكم، وإن لم تحضروا مجالسها في الأيام الفاطمية تقلق عليكم خاصة وإنها طريحة الفراش ولا أمل لها بالقيام...
6ـ إن محوريّة «المحبّة» تؤدّي إلى ازدياد حجم الظلامة: إن محوريّة المحبّة لا تعني إهمال بعد المظلوميّة. ولكن المقتضيات قد دعتنا إلى الحديث حول محبة الزهراء سلام الله عليها. وثانيا إن عزّزنا محبة الزهراء في قلوب الناس، سوف يهلك الناس حبّا لها قبل أن يسمعوا بظلامتها.
نحن إن ندقّ على وتر الحبّ إنما هو من أجل تسعير نار ظلامتها. فنحن إذا رفعنا مستوى محبتها في القلوب، سيصل الأمر بالناس إلى عدم إمكان ذكر مصائبها ومأساتها لهم.
فإن ازداد حبّ الزهراء في القلوب، هل تعلم على أيّ ظلامة سوف تبكي بل تموت أسفا؟! سوف تموت أسفا على ظلامة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، بنت رسول الله، وبضعته وسيدتي نساء العالمين، حيث إنها اضطرت إلى الخروج من بيتها لتأخذ حقها وقبالة فدك التي أهداها لها رسول الله صلى الله عليه وآله.
«ألا لعنة الله على القوم الظالمين»
[1]الشوري، الآية23.
[2]«رَوَوْا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص قَامَ لَهَا مِنْ مَجْلِسِهِ وَ قَبَّلَ رَأْسَهَا وَ أَجْلَسَهَا مَجْلِسَه» المناقب، ج3، ص333
[3]«فأنأ أَشَمُّ مِنْهَا رَائِحَةَ الْجَنَّةِ»، علل الشرائع، ج1، ص183
[4]أمالي الصدوق، ص234
[5]نهج البلاغة، الكلمات القصار، الكلمة 111.
[6]الكافي، ج1، ص239.
تأكيد الإسلام على مودّتها
لقد بالغ ديننا في التأكيد على محبة فاطمة الزهراء سلام الله عليها:
مودتها في القرآن: لقد أمر الله سبحانه في القرآن بمودّة أهل بيت النبي عليهم السلام واعتبرها أجرا للرسالة: «قُل لَّا أَسْأَلُ?ُمْ عَلَيهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى».[1] فبموجب أمر القرآن، تجب مودّة فاطمة الزهراء سلام الله عليها.
محبوبية السيدة الزهراء سلام الله عليها لدى النبي صلى الله عليه وآله: النبي المصطفى صلى الله عليه وآله كان يحبّ فاطمة الزهراء عليها السلام محبة خاصة فلم يأخذ أحد مأخذها من قلب الرسول أبدا. الكلّ يعرف أنّ النبي يحبّها كثيرا حيث كان يظهر هذا الحبّ في سلوكه ومواقفه. كان النبيّ يقوم احتراما لها ويجلسها في مكانه.[2] ولم يقل هذه الكلمة إلا في حقها حيث قال إني أشمّ منها رائحة الجنة.[3] كما قال في حقها: «فداها أبوها».[4]
طريقنا تلقاء نيل المحبة
1ـ مراعاة أدب الأيام الفاطمية: ليس من شأن نار الحبّ أن تحرق سيئات الإنسان وحسب، بل لابدّ لها أن تحرق فضائله كذلك، وتقضي على أنانيّته الحاصلة من فضائله. وإنّ هذه الأيام الفاطمية لفرصة ينبغي لها أن يشعل وهجُ هذا الحبّ كلّ وجودنا برمّته.
هل هذه المحبّة التي أريد منها أن تحرق فضائلنا بلغت إلى المستوى الذي تحرق به سيئاتنا كحد أدنى؟ أو أنها لم تبلغ ذاك المستوى لا سامح الله؟ أخشى أن تمرّ بنا هذه الأيام الفاطمية ولم تطهرنا نار محبة الزهراء عليها السلام. فإن لم نصلُح في هذه الأيام متى نريد أن نصلح؟ يا زهراء ماذا لو تغادرنا هذه الأيّام ولم تلتهب نار محبتك في نفوسنا...؟! تعالوا نتوقع من أنفسنا الصلاح ونيل الكمال في هذه الأيام.
2ـ الاحترام شيء والمحبة شيء آخر: ما يصدر منّا كثيرا من الأحيان هو «احترام» السيدة الزهراء، لا «محبّتها». فلابدّ لنا أن ننتبه ولا نخلط بين هذين الأمرين. إن الحبّ أرفع شأنا من الأدب والاحترام. أحيانا ما يخفي الأدب عيوب الإنسان. قد لا يُعجب الإنسانَ المؤدبَ شيءٌ ما، ولكنّه يخفي ذلك بأدبه في سلوكه. فأخشى أن يكون أدبُنا تجاه أهل البيت قد أخفى عيبنا وهو «قلّة حبّنا تجاههم».
3ـ لا حدّ للحبّ: من شأن محبّة أهل البيت عليهم السلام أن تتضاعف وتنمو في وجودنا أكثر بكثير مما هي عليه الآن. لا ينبغي الاكتفاء بالمحبّة التي نحظى بها تجاه أهل البيت. إن حبّ أهل البيت ولا سيما حبّ فاطمة الزهراء سلام الله عليها ينطلق من الحدّ الأدنى وله أن يرتقي وينمو بلا حدّ وأمد. لقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: «لَوْ أَحَبَّنِي جَبَلٌ لَتَهَافَتَ».[5] هذا هو أثر الحبّ. إن طاقة الحبّ قادرة على أن تهلكنا في سبيل الزهراء سلام الله عليها. فلنتوقع ذلك من أنفسنا، إذ بإمكاننا أن ننال أعلى المقامات المعنوية بحبنا للزهراء سلام الله عليها. لقد عشنا أيام الدفاع المقدس وشاهدنا المجاهدين كيف أنهم بلغوا الذروة في المقامات المعنوية عن طريق علاقتهم الخاصة بالزهراء عليها السلام وحبّهم الرائع لها.
4ـ تزكية النفس هي السبيل لنيل المحبة: عندما يأمر الله بشيء، يوفّر لوازمه. فإذا أمر بمودّة أهل بيت النبي عليهم السلام لابدّ أن يكون قد وفّر أرضية هذا الحبّ في قلبنا وفطرتنا. وهذا يحكي عن وجود أرضية واسعة لحبّ أهل البيت في فطرتنا، فإذا قمنا بتزكية النفس وتطهير الروح، نرى عند ذلك ازدهاره.
لابدّ أن نحاسب أنفسنا لنرى كم هي تحبّ الزهراء سلام الله عليها. هناك علاقة وثيقة بين الحبّ وصفاء روح الإنسان. لا ننس أننا نبتعد عن محبة الزهراء سلام الله عليها بقدر الذنوب التي نرتكبها. إن هذا الحبّ بحاجة إلى وعاء يستوعبه، وتزكيةُ النفس هي التي توّسع أوعيتنا لاستيعاب محبّة فاطمة الزهراء عليها السلام.
كما تزكّي نفسك في شهر رمضان طمعا بالمزيد من النور، كذلك في الأيام الفاطمية بالغ في التزكية والتطهير بدافع هذا القبس المشتعل في قبلك بحبّ الزهراء عليها السلام لتزداد حظّا ونفعا بهذه المحبة.
5ـ فاطمة الزهراء عليها السلام أمّنا: فلنَنظُر إلى فاطمة الزهراء سلام الله عليها كأمّ. لا ننس أن الأمّ لا تنفكّ عن حبّ ولدها، ولا تمتنع عنه إن سألها شيئا. نحن نعتقد أن جبرئيل كان ينزل عليها ويحدّثها بما سيجري على المسلمين إلى يوم القيامة.[6] لماذا يجب أن تطّلع عن أخبارنا؟ لأنها أمّ، والأمّ حريصة على أولادها. إنها تحبّكم باعتباركم أولادها. هي التي دعتكم إلى مجلس عزائها؛ إذ يرتاح فؤادها عندما تراكم، وإن لم تحضروا مجالسها في الأيام الفاطمية تقلق عليكم خاصة وإنها طريحة الفراش ولا أمل لها بالقيام...
6ـ إن محوريّة «المحبّة» تؤدّي إلى ازدياد حجم الظلامة: إن محوريّة المحبّة لا تعني إهمال بعد المظلوميّة. ولكن المقتضيات قد دعتنا إلى الحديث حول محبة الزهراء سلام الله عليها. وثانيا إن عزّزنا محبة الزهراء في قلوب الناس، سوف يهلك الناس حبّا لها قبل أن يسمعوا بظلامتها.
نحن إن ندقّ على وتر الحبّ إنما هو من أجل تسعير نار ظلامتها. فنحن إذا رفعنا مستوى محبتها في القلوب، سيصل الأمر بالناس إلى عدم إمكان ذكر مصائبها ومأساتها لهم.
فإن ازداد حبّ الزهراء في القلوب، هل تعلم على أيّ ظلامة سوف تبكي بل تموت أسفا؟! سوف تموت أسفا على ظلامة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، بنت رسول الله، وبضعته وسيدتي نساء العالمين، حيث إنها اضطرت إلى الخروج من بيتها لتأخذ حقها وقبالة فدك التي أهداها لها رسول الله صلى الله عليه وآله.
«ألا لعنة الله على القوم الظالمين»
[1]الشوري، الآية23.
[2]«رَوَوْا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص قَامَ لَهَا مِنْ مَجْلِسِهِ وَ قَبَّلَ رَأْسَهَا وَ أَجْلَسَهَا مَجْلِسَه» المناقب، ج3، ص333
[3]«فأنأ أَشَمُّ مِنْهَا رَائِحَةَ الْجَنَّةِ»، علل الشرائع، ج1، ص183
[4]أمالي الصدوق، ص234
[5]نهج البلاغة، الكلمات القصار، الكلمة 111.
[6]الكافي، ج1، ص239.
تعليق