بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
يتبجح المخالفون على فضل ابي بكر وتقديمه بالخلافه بآية من الآيات المتشابهه من القرآن لكريم وهي أية(ثاني اثنين إذ هما في الغار).
فهل ياترى تدل هذه الآية على فضيلة له أم لا أم ربما تدل على العكس من ذلك ....لنرى ذلك من خلال هذه السطور التي استخرجتها من مناضرة للشيخ المفيد(رضوان الله عليه)من كتاب الاحتجاج بتصرف
فنقول :ما وجه الدلالة على فضل أبي بكر عتيق ابن أبي قحافة من قول الله تعالى: (ثاني اثنين إذ هما في الغار)؟ (1).[1]
فقد قال علمائكم
أن وجه الدلالة على فضل أبي بكر من هذه الآية في ستة مواضع:
الأول: أن الله تعالى ذكر النبي صلى الله عليه وآله وذكر أبا بكر فجعله ثانيه، فقال: (ثاني اثنين إذ هما في الغار).
والثاني: أنه وضعهما بالاجتماع في مكان واحد، لتأليفه بينهما فقال: (إذ هما في الغار).
والثالث: أنه أضاف إليه بذكر الصحبة ليجمعه بينهما بما يقتضي الرتبة، فقال: (إذ يقول لصاحبه).
والرابع: أنه أخبر عن شفقة النبي صلى الله عليه وآله عليه ورفقه به لموضعه عنده فقال: (لا تحزن).
والخامس: أنه أخبر أن الله معهما على حد سواء ناصرا لهما ودافعا عنهما فقال: (إن الله معنا).
والسادس: أنه أخبر عن نزول السكينة على أبي بكر لأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم تفارقه السكينة قط، فقال: (فأنزل الله سكينته عليه).
فهذه ستة مواضع توهمتم أنها تدل على فضل أبي بكر من آية الغار، عندكم
والجواب عليها كالاتي :
جواب الاول أما قولكم: أن الله تعالى ذكر النبي صلى الله عليه وآله وجعل أبا بكر ثانيه، فهو إخبار عن العدد، لعمري لقد كانا اثنين، فما في ذلك من الفضل؟! ونحن نعلم ضرورة أن مؤمنا ومؤمنا، أو مؤمنا وكافرا، اثنان، فما أرى لكم في ذكر العدد طائلا تعتمدوه.
وجواب الثاني: على قولكم أنه وصفهما بالاجتماع في المكان، فإنه كالأول لأن المكان يجمع المؤمن والكافر كما يجمع العدد المؤمنين والكفار، وأيضا: فإن مسجد النبي صلى الله عليه وآله أشرف من الغار، وقد جمع المؤمنين والمنافقين والكفار، وفي ذلك قوله عز وجل: (فما للذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين) (2) وأيضا: فإن سفينة نوح قد جمعت النبي، والشيطان، والبهيمة، والكلب، والمكان لا يدل على ما أوجبتم من الفضيلة، فبطل فضلان.
وجواب الثالث : قولكم أنه أضاف إليه بذكر الصحبة، فإنه أضعف من الفضلين الأولين لأن ِاسم الصحبة يجمع بين المؤمن والكافر، والدليل على ذلك قوله تعالى: (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا) (3) وأيضا: فإن اسم الصحبة تطلق بين العاقل وبين البهيمة، والدليل على ذلك من كلام العرب الذي نزل القرآن بلسانهم، فقال الله عز وجل: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) (4) أنهم سموا الحمار صاحبا فقالوا:
إن الحمار مع الحمار مطية * فإذا خلوت به فبئس الصاحب
وأيضا: قد سموا الجماد مع الحي صاحبا، قالوا ذلك في السيف شعرا:
زرت هندا وذاك غير اختيان * ومعي صاحب كتوم اللسان
يعني: السيف. فإذا كان اسم الصحبة يقع بين المؤمن والكافر، وبين العاقل والبهيمة، وبين الحيوان والجماد، فأي حجة لصاحبكم فيه؟!
وجواب الرابع عن قولكم: أنه قال: (لا تحزن) فإنه وبال عليه ومنقصة له، ودليل على خطئه، لأن قوله: (لا تحزن) نهي وصورة النهي قول القائل: (لا تفعل) لا يخلو أن يكون الحزن وقع من أبي بكر طاعة أو معصية، فإن كان (طاعة) فإن النبي صلى الله عليه وآله لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها ويدعو إليها، وإن كان (معصية) فقد نهاه النبي صلى الله عليه وآله عنها، وقد شهدت الآية بعصيانه بدليل أنه نهاه.
وجواب الخامس من قولكم: أنه قال: (إن الله معنا) فإن النبي صلى الله عليه وآله قد أخبر أن الله معه، وعبر عن نفسه بلفظ الجمع، كقوله: (إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (5) وقيل أيضا في هذا: إن أبا بكر قال: (يا رسول الله حزني على أخيك علي بن أبي طالب ما كان منه) فقال له النبي صلى الله عليه وآله: (لا تحزن إن الله معنا) أي: معي ومع أخي علي بن أبي طالب عليه السلام.
وأما الجواب السادس من قولكم: أن السكينة نزلت على أبي بكر، فإنه ترك للظاهر: لأن الذي نزلت عليه السكينة هو الذي أيده بالجنود، وكذا يشهد ظاهر القرآن في قوله: (فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود، لم تروها) (6) فإن كان أبو بكر هو صاحب السكينة فهو صاحب الجنود، وفي هذا إخراج للنبي صلى الله عليه وآله من النبوة على أن هذا الموضع لو كتم عن صاحبكم كان خيرا، لأن الله تعالى أنزل السكينة على النبي صلى الله عليه وآله في موضعين كان معه قوم مؤمنون فشركهم فيها، فقال - في أحد الموضعين -: (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى) (7) وقال في الموضع الآخر: (أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها) (8) ولما كان في هذا الموضع خصه وحده بالسكينة قال: (فأنزل الله سكينته عليه) فلو كان معه مؤمن لشركه معه في السكينة كما شرك من ذكرنا قبل هذا من المؤمنين، فدل إخراجه من السكينة على خروجه من الإيمان،
____________
[1]التوبة - 41.
(2) المعارج - 37.
(3) الكهف - 35.
(4) إبراهيم - 4.
(5) الحجر - 9.
(6) التوبة - 41.
(7) الفتح - 26.
(8) التوبة 26.
المصدر كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي ج2-ص 317 الشاملة -بتصرف
يتبجح المخالفون على فضل ابي بكر وتقديمه بالخلافه بآية من الآيات المتشابهه من القرآن لكريم وهي أية(ثاني اثنين إذ هما في الغار).
فهل ياترى تدل هذه الآية على فضيلة له أم لا أم ربما تدل على العكس من ذلك ....لنرى ذلك من خلال هذه السطور التي استخرجتها من مناضرة للشيخ المفيد(رضوان الله عليه)من كتاب الاحتجاج بتصرف
فنقول :ما وجه الدلالة على فضل أبي بكر عتيق ابن أبي قحافة من قول الله تعالى: (ثاني اثنين إذ هما في الغار)؟ (1).[1]
فقد قال علمائكم
أن وجه الدلالة على فضل أبي بكر من هذه الآية في ستة مواضع:
الأول: أن الله تعالى ذكر النبي صلى الله عليه وآله وذكر أبا بكر فجعله ثانيه، فقال: (ثاني اثنين إذ هما في الغار).
والثاني: أنه وضعهما بالاجتماع في مكان واحد، لتأليفه بينهما فقال: (إذ هما في الغار).
والثالث: أنه أضاف إليه بذكر الصحبة ليجمعه بينهما بما يقتضي الرتبة، فقال: (إذ يقول لصاحبه).
والرابع: أنه أخبر عن شفقة النبي صلى الله عليه وآله عليه ورفقه به لموضعه عنده فقال: (لا تحزن).
والخامس: أنه أخبر أن الله معهما على حد سواء ناصرا لهما ودافعا عنهما فقال: (إن الله معنا).
والسادس: أنه أخبر عن نزول السكينة على أبي بكر لأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم تفارقه السكينة قط، فقال: (فأنزل الله سكينته عليه).
فهذه ستة مواضع توهمتم أنها تدل على فضل أبي بكر من آية الغار، عندكم
والجواب عليها كالاتي :
جواب الاول أما قولكم: أن الله تعالى ذكر النبي صلى الله عليه وآله وجعل أبا بكر ثانيه، فهو إخبار عن العدد، لعمري لقد كانا اثنين، فما في ذلك من الفضل؟! ونحن نعلم ضرورة أن مؤمنا ومؤمنا، أو مؤمنا وكافرا، اثنان، فما أرى لكم في ذكر العدد طائلا تعتمدوه.
وجواب الثاني: على قولكم أنه وصفهما بالاجتماع في المكان، فإنه كالأول لأن المكان يجمع المؤمن والكافر كما يجمع العدد المؤمنين والكفار، وأيضا: فإن مسجد النبي صلى الله عليه وآله أشرف من الغار، وقد جمع المؤمنين والمنافقين والكفار، وفي ذلك قوله عز وجل: (فما للذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين) (2) وأيضا: فإن سفينة نوح قد جمعت النبي، والشيطان، والبهيمة، والكلب، والمكان لا يدل على ما أوجبتم من الفضيلة، فبطل فضلان.
وجواب الثالث : قولكم أنه أضاف إليه بذكر الصحبة، فإنه أضعف من الفضلين الأولين لأن ِاسم الصحبة يجمع بين المؤمن والكافر، والدليل على ذلك قوله تعالى: (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا) (3) وأيضا: فإن اسم الصحبة تطلق بين العاقل وبين البهيمة، والدليل على ذلك من كلام العرب الذي نزل القرآن بلسانهم، فقال الله عز وجل: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) (4) أنهم سموا الحمار صاحبا فقالوا:
إن الحمار مع الحمار مطية * فإذا خلوت به فبئس الصاحب
وأيضا: قد سموا الجماد مع الحي صاحبا، قالوا ذلك في السيف شعرا:
زرت هندا وذاك غير اختيان * ومعي صاحب كتوم اللسان
يعني: السيف. فإذا كان اسم الصحبة يقع بين المؤمن والكافر، وبين العاقل والبهيمة، وبين الحيوان والجماد، فأي حجة لصاحبكم فيه؟!
وجواب الرابع عن قولكم: أنه قال: (لا تحزن) فإنه وبال عليه ومنقصة له، ودليل على خطئه، لأن قوله: (لا تحزن) نهي وصورة النهي قول القائل: (لا تفعل) لا يخلو أن يكون الحزن وقع من أبي بكر طاعة أو معصية، فإن كان (طاعة) فإن النبي صلى الله عليه وآله لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها ويدعو إليها، وإن كان (معصية) فقد نهاه النبي صلى الله عليه وآله عنها، وقد شهدت الآية بعصيانه بدليل أنه نهاه.
وجواب الخامس من قولكم: أنه قال: (إن الله معنا) فإن النبي صلى الله عليه وآله قد أخبر أن الله معه، وعبر عن نفسه بلفظ الجمع، كقوله: (إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (5) وقيل أيضا في هذا: إن أبا بكر قال: (يا رسول الله حزني على أخيك علي بن أبي طالب ما كان منه) فقال له النبي صلى الله عليه وآله: (لا تحزن إن الله معنا) أي: معي ومع أخي علي بن أبي طالب عليه السلام.
وأما الجواب السادس من قولكم: أن السكينة نزلت على أبي بكر، فإنه ترك للظاهر: لأن الذي نزلت عليه السكينة هو الذي أيده بالجنود، وكذا يشهد ظاهر القرآن في قوله: (فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود، لم تروها) (6) فإن كان أبو بكر هو صاحب السكينة فهو صاحب الجنود، وفي هذا إخراج للنبي صلى الله عليه وآله من النبوة على أن هذا الموضع لو كتم عن صاحبكم كان خيرا، لأن الله تعالى أنزل السكينة على النبي صلى الله عليه وآله في موضعين كان معه قوم مؤمنون فشركهم فيها، فقال - في أحد الموضعين -: (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى) (7) وقال في الموضع الآخر: (أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها) (8) ولما كان في هذا الموضع خصه وحده بالسكينة قال: (فأنزل الله سكينته عليه) فلو كان معه مؤمن لشركه معه في السكينة كما شرك من ذكرنا قبل هذا من المؤمنين، فدل إخراجه من السكينة على خروجه من الإيمان،
____________
[1]التوبة - 41.
(2) المعارج - 37.
(3) الكهف - 35.
(4) إبراهيم - 4.
(5) الحجر - 9.
(6) التوبة - 41.
(7) الفتح - 26.
(8) التوبة 26.
المصدر كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي ج2-ص 317 الشاملة -بتصرف
تعليق