بسم الله الرحمن الرحيم
بعد دعوة شيوخ ووجهاء ناحيتي الفهود والحمّار وحثهم على ترك وتصحيح مراسيم العزاء قام الاخوة بمناقشة الموضوع وكان القرار على بعض البنود ومعاهدة طلبوا مني كتابتها ونشرها وطلبي من الاخوة ان ينشروا هذه المعاهدة والحث على تطبيقها لما فيه من رضى لله سبحانه ورفع ضرر عن العباد والبلاد
بسم الله الرحمن الرحيم
تم بعون الله وتوفيقه اجتماع شيوخ ووجهاء عشائر ناحيتي الفهود والحمّار لتداول ما يجري في الفواتح, وما يقع فيها من أضرار دينية ودنيوية واجتماعيَّة، وذُكرت فيه مساوئ الأكل عند أهل بيت الميِّت، وأنها عادة جاهلية حاربها الاسلام، وفيها ضرر على أهل المصيبة، وعلى المعزّين ايضاً، وكذلك ضرر على الفقير، حيث ساهمت هذه العادة في رفع أسعار اللحوم.
و ذُكر في الاجتماع أنَّ هناك فتاوى لعلمائنا في ذلك، وتليت فتوى السيد محمد سعيد الحكيم حفظه الله، من حيث أنَّ فيها تفصيلاً أكثر.
ونحن نذكرها في هذا البيان للفائدة، حيث قال بعد أن وُجِّه له سؤالٌ حول العادات المتبعة في الفواتح من صنع الطعام:
بسم الله الرحمن الرحيم
يحز في النفس أن تصل هذه الامور إلى هذه الحال، نتيجة التمسك بعادات الجاهلية المقيتة مع إغراق وإضافات تزيد من شرِّها وضررها، ثم الابتعاد عن تعاليم الدين الحنيف والأدب الإسلامي الشريف مع أن بذلك سعادة الدنيا والآخرة.
ونود أن نشير هنا إلى أمور:
(الأول): أنَّ الله جلت آلاؤه قد رؤف بأهل المصيبة وحثَّ على مواساتهم والتخفيف عن آلامهم، وذلك بتعزيتهم ومشاركتهم في مصابهم ثم بإعانتهم ماديا بوجه محترم يحفظ لهم ماء وجههم، وذلك بصنع الطعام لهم، لأنهم قد شغلوا بمصابهم، ونهى عن الأكل عندهم خلافا لعادات الجاهلية، ففي الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنه قال: (لما قتل جعفر بن أبي طالب أمر رسول الله(صلى الله عليه و آله) فاطمة(عليها السلام) أن تتخذ طعاما لأسماء بنت عميس ثلاثة أيام... فجرت بذلك السنة أن يصنع لأهل المصيبة طعامٌ ثلاثاً). و عنه (عليه السلام) أنه قال: (الأكل عند أهل المصيبة من عمل أهل الجاهلية و السنة البعث إليهم بالطعام كما أمر به النبي(صلى الله عليه و آله) في آل جعفر بن أبي طالب لما جاء نعيه). و الأخبار في ذلك كثيرة عن أهل البيت(عليهم السلام) فلماذا يا ترى نخالفها و نحن شيعتهم و مواليهم؟؟.
(الثاني): أنَّ صنع الطعام بهذا الوجه وإقامة الولائم بهذه السعة أمر ممقوت شرعاً لما فيه من السرف وعدم موازنة الاقتصاد حيث قد ورد الأمر شرعا بأن تكون النفقة موازنة للدخل، وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إنما نتدبر بأمر الله، إن وسّع وسَّعنا وإن قتّر قترنا). كما أن التوسع بالوجه المذكور قد يبتني على المباهاة والرياء وحبِّ السمعة والظهور. و عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال (و من أطعم طعاما رياء وسمعة أطعمه الله مثله من صديد جهنم و جعل ذلك الطعام ناراً في بطنه حتى يقضي الله بين الناس).
(الثالث): إن إنفاق النفقات الكثيرة من دون رغبة أهل المصيبة ولا رضا منهم ثم تحميلهم تلك النفقات اعتداء عليهم وهو محرم شرعا وغير إنساني وجداناً، فبدلاً من إعانتهم والتخفيف عنهم في مصابهم، تضاعف المصيبة عليهم ويقعون في إحراجات ومشاكل تزيد من آلامهم وتضيق الخناق عليهم.
(الرابع): أن الامر حيث تجاوز الأفراد وخرج عن اختيارهم وصار مشكلة مجتمع يصعب حلها والإفلات من قيودها، فاللازم على المجتمع التعاون بين أفراده لمعالجة الداء وسدِّ باب الفساد بشجاعة وحزم وقوة تصميم، وذلك بالحث على ترك هذه العادة الضارة والتشجيع على نبذها ومدح من يقوم بذلك والثناء عليه والشكر له.
و تقع المسوؤلية العظمى في ذلك على أهل النفوذ و المال و المقام الاجتماعي المرموق فإن قيامهم بذلك و تطبيقه على أنفسهم أشدُّ تأثيراً من قيام غيرهم، و إن توهموا أو سمعوا بعض اللذعات الظالمة و الكلام غير المقبول من الجهلة و المفسدين و ممن لا يصلح لتحمل المسؤولية فذلك أمر قد يتعرض له المصلحون، إلا أنه لا ينبغي أن يعوقهم عن الإصلاح و تحمل المسوؤلية أزاء دينهم و مجتمعهم طلبا لمرضاة الله تعالى و رأفة بالناس ليفوزوا بعد ذلك بالأجر الجزيل و الثناء الجميل و الذكر الحسن و الشكر الدائم. ونسأله سبحانه و تعالى أن يوفق المؤمنين و يصلح أمورهم و يسدد خطاهم وهو حسبنا و نعم الوكيل و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
كما أنَّ هناك فتوىً لسماحة السيِّد السيستاني –مُدَّ ظلُّه- بنفس المضمون، أعرضنا عن إيرادها روماً للاختصار.
وقد خرجت الجلسة بنتائج كان المقرر أن نكتبها وننشرها، ليطَّلع عليها الجميع ويتم تطبيقها والحث عليها ومقاطعة من يخالفها.
1- لا يبقى أهل المنطقة إلى وقت الأكل، كون ذلك خلافاً للسنَّة المطهَّرة، وفيه ضرر على أهل المصيبة، أو ضرر على المعزين الذين يجبرون أن يدفعوا لمساعدة أهل المصيبة على الإطعام.
2- ترفع مناسبات الثالثة والسابعة والأربعين، لكون الناس مجبورين جبراً اجتماعيّاً على إقامتها، فيضطر حتى الفقير لإقامتها، بينما ليس في الإسلام ثالثة ولا سابعة ولا أربعين. ولعل البعض يقول أن في ذلك ثواباً للميت، فنقول: الثواب في أن يقطِّع الذبيحة ويوزعها على العوائل الفقيرة، لا في أن يعمل عملاً يجبر به الفقير على أن يصنع مثله، و الأدهى و الأمرُّ أنَّ المدعوَّ للطعام هم الكبار والأغنياء، بينما العائل واليتيم مجفوان لا يصلهما شيء.
3- يُمنع إطلاق النار، لما فيه من مخاطر وعدم تعقل، وصرفٍ في غير موضعه وإخافة للأطفال.
وقد أجاب السيد السيستاني –مُدَّ ظلُّه- في استفتاء حول إطلاق النار في المناسبات، فقال: (لا يجوز إطلاق العيارات النارية بلا مبرر إذا كان سببا لإرهاب الناس وأذاهم. ويتحمل المسؤولية الشرعية كلُّ من يتسبب في موتٍ أو قتلٍ أو جرحٍ، على تفصيل مذكور في محله. وعلى العموم فهذه الظاهرة بسبب ما تستتبعه من السلبيات منافية للعرف والأخلاق، وننصح كافة الأخوة المؤمنين التجنب عنها البتة. وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح). "مكتب السيد السيستاني".
وهناك نقاط أخرى طُرحت، ونوقشت ، وهي جيدة وترضي الله سبحانه وحظت بقبول الكثير من الحاضرين، منها:
1- عند الذهاب لقراءة الفاتحة البعيدة، يُفضَّلُ الذهاب صباحاً أو بعد الظهر والعودة قبل أوقات الطعام، وعدم الذهاب أو البقاء إلى وقت قريب من وقت الغداء أو العشاء فيكون مبرراً للبقاء للطعام، ما قد يسبب حرجاً لأهل المصيبة.
2- جعلُ الفاتحة في مسجد أو حسينية إذا كان أحدهما قريباً.
3- خلق ثقافة إسلامية بأن يقوم الجيران بصنع الطعام لأهل المصيبة ومن يحلُّ ضيفاً عليهم من مكان بعيد.
هذا ونأمل من الأخوة المؤمنين أن ينشروا هذه المعاهدة المباركة ليتم تطبيقها والعود الى سنة النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، ونبذ ما كان من أمر الجاهلية.
نسأله تعالى أن يوفق مجتمعنا إلى الصراط المستقيم وهو حسبنا ونعم الوكيل
تعليق