بسم الله الرحمن الرحيم
ظلم كبير واضح المعالم لا يخفى على المنصفين وقع على شيعة العراق من الإعلام السني , وان الانسان يبقى حائرا من قلب الحقائق والافتراء الكبير وتضليل الواقع , ولكن الحقيقة تبقى واضحة , ولمعان الحق لا يغطيه زيف الباطل, وسوف يرجعون الى الله سبحانه ليجدوا ظلمهم وما كسبت ايديهم: "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون".
لو رجعنا قليلا الى الوراء , قبيل دخول بريطانيا الى العراق لوجدنا ان الحكم العثماني السني حاكما على العراق وقد همش الشيعة بشكل كبير وصدرت اكثر من فتوى بقتل الشيعة وارتكبت مجازر يندى لها جبين الانسانية في تركيا ولبنان وسوريا وليس العراق عنهم ببعيد , ولكن حينما قررت بريطانيا احتلال العراق وانطلقت حملتها على العراق افتى علماء الشيعة بالوقوق جنبا الى جنب مع الاتراك والدفاع ضد العدو الخارجي كون الاول مسلما خلافا للثاني.
وقاد علماء النجف بعد ذلك الثورة ونزلوا الى الميدان بعد ان استنهضوا العشائر , وراح الاف الشهداء في هذا السبيل مما اجبر بريطانيا بتغيير اسلوبها والتنازل عن الحكم المباشر الى الحكم من وراء الكواليس فشكلت الحكومة العراقية , وعوقب الشيعة على هذا الموقف المتشدد معهم فكان الوزراء كالتالي:
عبد الرحمن الكيلاني النقيب:رئيساً لمجلس الوزراء سني . طالب النقيب:وزير الداخلية ، سني . حسن الباجه جي: وزير العدل ، سني . جعفر العسكري: وزير الدفاع الوطني ، سني . عزت باشا الكركوكي: وزير الصحة والمعارف ، سني . ساسون حسقيل: وزير المالية ، يهودي . مصطفى الآلوسي: وزير الأوقاف ، سني . عبد اللطيف المنديل: وزير التجارة ، سني . محمد علي فاضل:وزير النافعة ، سني .
وهكذا اقصوا الشيعة من الحكم رغم ان صلب الثورة من الفرات الاوسط والجنوب بقيادة العلماء والتي اجبرتهم على التنازل ولو شكلا.
ويأتي دور النبل الشيعي فلم يثوروا ويقطعوا الرؤوس ليقولوا اننا الاغلبية ونحن من قام بالثورة فكيف نهمش؟؟ وكيف يقبل السنة لنا بهذا التهميش , بل اعتبروهم اخوانهم في الدين ونظرائهم في البلد .
وانطوى هذا الزمن وذهبت الملكية وحكومة عبد الكريم قاسم وحكم حزب البعث بالظلم والاستبداد وقتل من قتل من رفاقه وغير رفاقه سنة وشيعة وحكم بالحديد والنار واهلك الحرث والنزل وشن حربا على ايران الشيعية فكان شيعة العراق الاغلبية هم الذين يقاتلون ايران ولمدة ثمان سنين , ومن عارضه من الشيعة لم يعارضه على الطائفية بل عارضه لأعتدائه ولاستبداده ومخالفته للاسلام , وهذا ايضا يدل على ان الوطنية عند شيعة العراق تتغلب على الطائفية خلافا لغيرنا.
ومن ثم قام المقبور بغزو الكويت- الدولة ذات الحكم السني- فقام الشيعة بانتفاضة عارمة ضد سياسته فازدادت محنة الشيعة وازدادت القبور الجماعية واخذ بتعذيبهم بشتى انواع العذاب حتى انه غير مجرى الانهر ليجفف اهوارهم التي تمتد جذورها الى السومريين وملحمة كلكامش شاهدة على ذلك.
بعد ذلك جاء الامريكان لرفع هذا الكابوس عن صدر العراق , لا حبا في العراق بل لغاية في نفس يعقوب ,فكانت المقاومة في المدن الجنوبية الشيعية اكثر من بغداد نفسها اما المدن السنية فاستسلمت بعد سقوط بغداد ولم تقاوم.
ولكن اكثر الطائفة الشيعية اجتنبت المواجهة في الحرب كون الوطن تحت وطئة حكم لا مثيل له في العالم في الطغيان وممكن ان نخرج من وطئة اي غاز خلافا لهذا الطاغوت الذي وصل به الامر ان يضرب شعبه السني الكردي في الكيمياوي وقس انت بما فعل في الشيعة.
وهنا يأتي ايضا الموقف الشيعي النبيل
فقد توقع السنة الانتقام ولكن السيد السيستاني افتى بحرمة قتل البعثيين ولم يتعرض السنة الى القتل بعد ازاحة هذا الطاغوت فبدلا مما كان يتوقع ان يكون الزحف عليهم لأخذ الثأر , اتجه الزحف الى المقابر الجماعية لكي يتعرفوا على من فقدوهم تحت وطئة حكم البعث الطائفي .
وبعدها اسس مجلس الحكم والذي كان فيه الشيعة والاكراد السنة وهم المضطهدون من الحكم السني السابق ,فلم يقصوا السنة فقد كان فيه السنة العرب ايضا امثال الباججي والياور والصميدعي.
وبعد ذلك قامت مقاومة الاحتلال من السنة كما في الفلوجة واخرى من الشيعة كما في النجف , ومن ثم ينطلق التمرد على هذا الكرم , فيتحول اعلام السنة الى نكران للجميل فيصور الشيعة هم الذين اتوا بالامريكان وتناسوا ان سبب مجيئهم الاول هو صدام بحماقته وحكام الخليج فالقواعد في جزيرة العرب في قطر والسعودية والكويت ومنها انطلقت لاحتلال العراق ,وكذلك في الاحتلال الاخير ولم تنطلق من ايران, اهذا هو العدل؟!!﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾
, ويبدء المد المتشدد من السنةالخارجي ليجد الحواضن عند اخواننا السنة في العراق ويذكر الزرقاوي برسالته التي نشرت في الاعلام خطته التي تبتني على قتل الشيعة والامعان فيهم الى ان تكون منهم ردود فعل وحينها يكون ذلك مبررا للدول العربية بمساعدتهم وتقويتهم حتى يقضي على الشيعة في العراق .
ويبدء هذا المخطط بصورة بشعة من قطع الرؤوس وقتل العوائل في بيوتهم نساء ورضعا وشيوخا , ويقطع الطريق المار بين بغداد والجنوب وسمى بمثلث الموت ليقتلوا فيه الشيعة بدون رحمة وليس لذنب الا لانهم شيعة وللتمييز احيانا يأمرون الركاب بسب امير المؤمنين عليه السلام فمن امتنع يقتلوه .
ويأتي النبل الشيعي مرة اخرى على لسان السيد السيستاني الذي لم يعط فتوى بجواز قتالهم والبادئ اظلم وامر بالصبر, (وينعت السنة بأنهم انفسنا).
فصعد هؤلاء وتيرة عدوانهم وضربوا الوجدان الشيعي بالصميم بهدم ما تناله ايديهم من قبور واضرحة مقدسة الى ان امتدت ايديهم الآثمة الى تفجير الامامين العسكريين عليهم السلام ومع هذا اجتمع مراجع النجف ليأمروا شيعة أهل البيت عليهم السلام لا بالقتال بل بضبط النفس وعدم ردود الفعل , وصبر الشيعة الا من البعض الذين لم ينصاعوا الى اوامر المراجع .
ويستمر القتل في الشيعة وتستمر السيارات المفخخة طوال هذه السنين والى اليوم في احياء الشيعة من الشمال الى الجنوب والشيعة صابرون فلم نسمع يوما انهم فخخوا سيارة في حي سني .
ويتحول البلد من بلد دكتاتوري الى بلد ديمقراطي حاله حال الدول المتحضرة في اجراء الانتخابات ويأتي الاستحقاق الطبيعي الاكبر للشيعة كونهم الاكثر في هذا البلد .
ويأتي هنا رقي الشيعة مع استمرار الدماء ليقرروا ان تكون الحكومة شراكة وطنية ويكون في الحكومة الكثير من السنة سواء بالسلطة التنفيذية او التشريعية او القضائية .
ولكن انا ينفع هذا مع البعض الذي يرى الحكم لفئته طوال قرون ويريد الشيعة دائما من الدرجة الثانية , فتجده في الحكومة ويصرح بما يتقاطع مع الحكومة ومن صناع القرار ولكنه يهدم ويعرقل مسير البلد بيد ويعمل مع الارهابيين بيد فالبعض مثلا وهو في الحكومة يحضر في تركيا ليؤجج مشاعر السنة ويصف الحكومة بالصفوية ويأمرهم ان ينقذوا سنة العراق من الشيعة ليرجع لمنصبه في الحكومة (واذا لم تستح فافعل ماشئت), وهكذا آخر واعتراف حمايته بقيادته للاعمال الارهابية وغيرهم كثير.
وفي الحلقة الاخيرة من هذا المسلسل الذي لا تلوح له نهاية يجتمع علينا اعراب الجزيرة وهمج الشيشان وغيرهم من السفاكين ويجتاحوا بلدنا ويذبحوا الكثير بعد خيانة شركائنا في البلد ويتقدموا الى بغداد وقد اعلنوا عن نيتهم انهم يريدون النجف وكربلاء وذبح الشيعة.
وفي هذا الظر الخطير اما ان نبقى مثل الخراف ننتظر من يذبحنا ويهدم مقدساتنا وينتهك اعراضنا وينتهب بلدنا او ندافع عن شرفنا , وهنا كان لابد وبكل الاعراف الدينية والدولية والاخلاقية ان نقوم بالدفاع عن انفسنا وقد بلغ السيل الزبى فجائت فتوى السيد السيستاني بالدفاع عن البلد ضد هؤلاء القتلة وبشروط منها ان يكون التطوع تحت اطار الدولة والقانون ليكون الدفاع تحت مظلة العلم عن الوطن.
ولكن يأتي البعض رغم هذا الامر الواضح وما فعلوه في الموصل ليقلب الحقائق ويصف هؤلاء القتلة بالثوار ويصف الشيعة بالظلمة , ومن المضحك ان ينطلق هذا الكلام من السعودية واخواتها, ومن دون اي خجل , وهم يحكمون بلدهم بالاستبداد , يتكلمون عن تهميش السنة في العراق , وهم شركاؤنا في الحكم فهذه الموصل مثلا محافضها النجيفي سني ولكن الشرقية الاحساء والقطيف والنفط من تحت ارجلهم هل جعلوا لهم منصبا ولو صغيرا في ادارة مدينتهم؟ او في ادارة البلد كما فعل الشيعة, فان كنت بهذا المستوى من التعسف ونحن بهذا المستوى من الانصاف و الديمقراطية فمن المخجل ان تتكلم عن الحقوق.
ونختم كلامنا بما ذكره الشيخ خالد الملا رئيس جماعة علماء العراق فرع الجنوب(السني) , من ان هناك عشرات الجوامع السنية بالبصرة وتقام فيه الجماعة , وكذلك لا ننسى الشركات التي تعمل في البصرة وكثير منها سنية من الرمادي وغير الرمادي وهم بمأمن بين اخوانهم بيد انا لا يمكن ان نتصور ان هناك شركة في الرمادي او مسجدا شيعيا في تكريت لان الرؤوس سوف تقطع واليدين سوف تطير.
ملكنا فكان العفو منا سجية * ولما ملكتم سال بالدم أبطح
وحللتم قتل الأسارى وطالما * كنا على الأسرى نعفو ونصفح
فحسبكم هذا التفاوت بيننا * وكل إناء بالذي فيه ينضح
تعليق