الشهادة الثالثة بين الرد والقبول
اتفق علماء الشيعة الإمامية على جواز الشهادة الثالثة في الأذان . ولكن ذهب بعضهم الى انّها جزء مستحب من أجزاء الاذان كما هو الحال في القنوت بالنسبة الى الصلاة .
وذهب أكثر علماءنا الى انّها مستحبة لا بقصد الجزئية ـ أي ليست جزء ولا فصلا من فصول الاذان ـ مستفيدين الاستحباب من بعض العمومات والاطلاقات في الروايات المؤكّدة على المقارنة بين اسم النبي (ص) واسم الإمام عليّ (ع) ، كما هو الحال في الصلاة على محمد وآل محمد بعد الشهادة الثانية .
ومن تلك العمومات والاطلاقات :
1- آية الولاية التي ورد فيها: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55).
إذ المراد بالشهادة أن عليّاً (عليه السلام) هو ولي الأمر ومتولي شؤون المسلمين بأمر الله، فهو وليّ نصّبه الله، وهو نفسه مفاد الآية الكريمة.
إذ الجاعل لولاية علي (عليه السلام) وولاية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الله سبحانه، فهو وليُّ الله، أي آمر وحاكم ومتولي شؤون المسلمين بأمر من الله، لا من الناس.
2- روي عن الامام جعفر الصادق (ع) انه قال : ( فإذا قال أحدكم لا اله إلاّ الله محمداً رسول الله ، فليقل : علي أمير المؤمنين ) .(الاحتجاج : 158) . (1)
والحديث لم يتقيد بزمان ولا مكان ولا في فعل خاص فهو عام يشمل الاذان وغيره .
مضافا الى هذا نجد في روايات أهل السنة ما يدعم مفاد هذه الرواية .
1- عن أبي الحمراء عن رسول الله (ص) قال : (لمّا اسري بي الى السماء إذا على العرش مكتوب لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ايّدته بعلي) .(الشافي / القاضي عياض : 138 ، المناقب / ابن المغازلي : 39 ، الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشّرة : 2 / 227 ، درر السمطين : 120 ، الدر المنثور / السيوطي : 4 / 153 ، الخصائص الكبرى / السيوطي : 1 / 7) .
2- عن ابن مسعود عن رسول الله (ص) قال : (أتاني ملك فقال : يا محمّد واسأل من ارسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا . قلت : على ما بعثوا ؟ قال : على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب) . (معرفة علوم الحديث / الحاكم النيسابوري : 96) .
3- عن حذيفة عن رسول الله (ص) قال : (لو علم الناس متى سمّي علي أمير المؤمنين ما انكروا فضله ، سمّي أمير المؤمنين وآدم بين الروح والجسد ، قال الله تعالى : وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم واشهدهم على انفسهم الست بربّكم ـ قالت الملائكة ـ بلى فقال : أنا ربّكم محمد نبيّكم علي أميركم ). (فردوس الاخبار / الديلمي : 3 / 399) .
4 - رواية يرويها السيد نعمة الله الجزائري عن شيخه المجلسي مرفوعاً عن رسول الله (ص) قال : (يا علي اني طلبت من الله ان يذكرك في كل مورد يذكرني فأجابني واستجاب لي) .
ففي كل مورد يذكر رسول الله(ص) يذكر علي معه والاذان من جملة الموارد .
ومن شواهدها من كتب السنّة قوله (ص) لعلي : (ما سئلت ربّي شيئا في صلاتي إلاّ اعطاني وما سألت لنفسي شيئا إلاّ سألت لك) . (مجمع الزوائد : 9 / 110 ، كنز العمّال : 13 / 113 ، الرياض النضرة : 2 / 213 ).
والخلاصة : ان الشهادة لعلي (ع) بالولاية في الاذان ـ عند أكثر علماءنا ـ مكمّلة للشهادة الثانية بالرسالة ومستحبة في نفسها وان لم تكن جزء من الاذان
ونلفت انتباهكم الى أن ما قد يفهم من ظاهر كلمات بعض الأعلام من منعها في الأذان، فهو وقوعها على نحو الجزئية لا على نحو أنها مستحبة في نفسها .
جعلنا الله واياكم من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين (ع)
تعليق