يروى عن الإمام الرضا (عليه السلام) انه قال : (سبعة أشياء بغير سبعة أشياء من الاستهزاء: من استغفر بلسانه ولم يندم بقلبه؛ فقد استهزأ بنفسه.. ومن سأل الله التوفيق ولم يجتهد؛ فقد استهزأ بنفسه.. ومن استحزم ولم يحذر؛ فقد استهزأ بنفسه.. ومن سأل الله الجنة ولم يصبر على الشدائد؛ فقد استهزأ بنفسه.. ومن تعوّذ بالله من النار ولم يترك شهوات الدنيا؛ فقد استهزأ بنفسه.. ومن ذكر الله ولم يستبق إلى لقائه؛ فقد استهزأ بنفسه).
.
.
.
(من استغفر بلسانه ولم يندم بقلبه؛ فقد استهزأ بنفسه)..
إن الإنسان الذي يستغفر، وهو غير نادم؛ هذا بمثابة إنسان يطعن إنساناً آخر من الخلف، وهو يعتذر إليه.. هو في الكلام يعتذر، ولكن في مقام العمل؛ فعله عدواني.. كذلك الإنسان الذي يستغفر ولا يندم؛ هذا مستهزئ.
(ومن سأل الله التوفيق ولم يجتهد؛ فقد استهزأ بنفسه)..
إن البعض يعيش أحلام اليقظة: يريد المقامات العلمية والعملية، بالدعاء فقط.. الدعاء جيد، والذي يدعو بهذا الدعاء (اِلـهي!.. هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَأَنِرْ أَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ أبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ أَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ) ويطلب هذا المقام؛ عليه أيضاً أن يجتهد.. مثلاً: من يتخرج من الثانوية العامة، وهمه أن يصبح كاتباً في وزارة؛ هذا لا يلام إذا لم يكمل دراسته.. أما الذي يحلم بأن يكون من أكبر الأطباء، وهو يلهو ويلعب؛ هذا إنسان يستهزئ بنفسه.
(ومن استحزم ولم يحذر؛ فقد استهزأ بنفسه)..
أي من يطلب الحزم، وأراد أن يكون حازماً.. الإنسان قوي الشخصية، لابد أن يدرس كل الجهات، ليس فقط يأمر وينهى ويتحكم، وهو غير لبق.. فالحزم مطلوب في كل شيء: في الحياة الأسرية، وفي الحياة الاجتماعية، وفي الحياة التجارية، وفي الحياة الوظيفية؛ لابد أن يكون الإنسان حازماً: أي إذا أخذ قراراً صائباً بنظره، يحاول أن يقف أمام ذلك القرار.. ولكن لابد أن ينظر إلى السلبيات، ويسد الثغرات الموجودة.
(ومن سأل الله الجنة ولم يصبر على الشدائد؛ فقد استهزأ بنفسه)..
البعض عندما يصاب بأقل مصيبة، وكأنه هو المتبلى الوحيد في هذا العالم.. المؤمن يصبر، كما صبر أنبياء أولي العزم، حيث أن كل الأنبياء تعرضوا لمحن بلاءات.. فمن عنده زوجة غير صالحة؛ فليتذكر نوحاً ولوطاً (عليهما السلام) {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا}.. وإذا كان يخشى من المرض، فليتذكر أيوب (عليه السلام) {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.. ومن يخشى من اجتماع الناس عليه؛ فليتذكر الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، "ودخل سفيان بن أبي ليلى على الحسن (عليه السلام) وهو في داره، فقال للإمام الحسن (عليه السلام): السلام عليك يا مُذِلَّ المؤمنين!.. قال: (وما عِلْمُكَ بذلك)؟.. قال: عَمَدْتَ إلى أمرِ الأُمةِ فَخَلَعْتَهُ من عنقك، وقَلَّدْتَه هذا الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله".. فإذن الذي يريد الجنة، لابد أن يصبر على الشدائد والمحن.
(ومن تعوّذ بالله من النار ولم يترك شهوات الدنيا؛ فقد استهزأ بنفسه)..
البعض يريد أن يكون في الدنيا كالكفار: يأكل، ويتمتع كما يريد؛ ويوم القيامة يريد أن يكون في درجة النبي وآله (صلى الله عليه وآله وسلم).. هذا لا يمكن!.. لأن الذي يريد أن يصل للمقامات العليا؛ لابد أن يترك الشهوات.. ولكن هل يترك الشهوات المحللة أو المحرمة؟.. يبدو أن القدر المتيقن، هو ترك الشهوات المحرمة، والشهوات المحللة تكون تحت السيطرة: كُلْ ما تشتهي، ولكن كما في الروايات: (لا تجلِس على الطعام إلاَّ وأنت جائع، ولا تقم عن الطعام إلاَّ وأنت تشتهيه).. أيضاً ينبغي أن يكون الاستمتاع بالنساء تحت السيطرة.. فهناك مستحبات، وهناك مكروهات، ولكن المهم هو أن يكون الإنسان متمكناً من نفسه، حتى في الشهوات المحللة.
(ومن ذكر الله ولم يستبق إلى لقائه؛ فقد استهزأ بنفسه)..
قد يذكر الإنسان الله -سبحانه وتعالى- في نفسه، ولكنه لا يشتاق إليه؛ لأنه يخاف الموت، لذا يكون الذكر بدون شوق.. فالذي يذكر أحداً يذكره وهو مشتاق إليه.. فإذا صار مع الذكر شوق؛ تحول هذا الذكر إلى ذكر دائم.. والذكر الدائم هو ذلك الذكر الذي معه رصيد.. ومن عنده شوق، فإنه يذكر الله -عز وجل- في كل تقلباته، كما في القرآن الكريم: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ}.
.
.
.
(من استغفر بلسانه ولم يندم بقلبه؛ فقد استهزأ بنفسه)..
إن الإنسان الذي يستغفر، وهو غير نادم؛ هذا بمثابة إنسان يطعن إنساناً آخر من الخلف، وهو يعتذر إليه.. هو في الكلام يعتذر، ولكن في مقام العمل؛ فعله عدواني.. كذلك الإنسان الذي يستغفر ولا يندم؛ هذا مستهزئ.
(ومن سأل الله التوفيق ولم يجتهد؛ فقد استهزأ بنفسه)..
إن البعض يعيش أحلام اليقظة: يريد المقامات العلمية والعملية، بالدعاء فقط.. الدعاء جيد، والذي يدعو بهذا الدعاء (اِلـهي!.. هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَأَنِرْ أَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ أبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ أَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ) ويطلب هذا المقام؛ عليه أيضاً أن يجتهد.. مثلاً: من يتخرج من الثانوية العامة، وهمه أن يصبح كاتباً في وزارة؛ هذا لا يلام إذا لم يكمل دراسته.. أما الذي يحلم بأن يكون من أكبر الأطباء، وهو يلهو ويلعب؛ هذا إنسان يستهزئ بنفسه.
(ومن استحزم ولم يحذر؛ فقد استهزأ بنفسه)..
أي من يطلب الحزم، وأراد أن يكون حازماً.. الإنسان قوي الشخصية، لابد أن يدرس كل الجهات، ليس فقط يأمر وينهى ويتحكم، وهو غير لبق.. فالحزم مطلوب في كل شيء: في الحياة الأسرية، وفي الحياة الاجتماعية، وفي الحياة التجارية، وفي الحياة الوظيفية؛ لابد أن يكون الإنسان حازماً: أي إذا أخذ قراراً صائباً بنظره، يحاول أن يقف أمام ذلك القرار.. ولكن لابد أن ينظر إلى السلبيات، ويسد الثغرات الموجودة.
(ومن سأل الله الجنة ولم يصبر على الشدائد؛ فقد استهزأ بنفسه)..
البعض عندما يصاب بأقل مصيبة، وكأنه هو المتبلى الوحيد في هذا العالم.. المؤمن يصبر، كما صبر أنبياء أولي العزم، حيث أن كل الأنبياء تعرضوا لمحن بلاءات.. فمن عنده زوجة غير صالحة؛ فليتذكر نوحاً ولوطاً (عليهما السلام) {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا}.. وإذا كان يخشى من المرض، فليتذكر أيوب (عليه السلام) {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.. ومن يخشى من اجتماع الناس عليه؛ فليتذكر الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، "ودخل سفيان بن أبي ليلى على الحسن (عليه السلام) وهو في داره، فقال للإمام الحسن (عليه السلام): السلام عليك يا مُذِلَّ المؤمنين!.. قال: (وما عِلْمُكَ بذلك)؟.. قال: عَمَدْتَ إلى أمرِ الأُمةِ فَخَلَعْتَهُ من عنقك، وقَلَّدْتَه هذا الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله".. فإذن الذي يريد الجنة، لابد أن يصبر على الشدائد والمحن.
(ومن تعوّذ بالله من النار ولم يترك شهوات الدنيا؛ فقد استهزأ بنفسه)..
البعض يريد أن يكون في الدنيا كالكفار: يأكل، ويتمتع كما يريد؛ ويوم القيامة يريد أن يكون في درجة النبي وآله (صلى الله عليه وآله وسلم).. هذا لا يمكن!.. لأن الذي يريد أن يصل للمقامات العليا؛ لابد أن يترك الشهوات.. ولكن هل يترك الشهوات المحللة أو المحرمة؟.. يبدو أن القدر المتيقن، هو ترك الشهوات المحرمة، والشهوات المحللة تكون تحت السيطرة: كُلْ ما تشتهي، ولكن كما في الروايات: (لا تجلِس على الطعام إلاَّ وأنت جائع، ولا تقم عن الطعام إلاَّ وأنت تشتهيه).. أيضاً ينبغي أن يكون الاستمتاع بالنساء تحت السيطرة.. فهناك مستحبات، وهناك مكروهات، ولكن المهم هو أن يكون الإنسان متمكناً من نفسه، حتى في الشهوات المحللة.
(ومن ذكر الله ولم يستبق إلى لقائه؛ فقد استهزأ بنفسه)..
قد يذكر الإنسان الله -سبحانه وتعالى- في نفسه، ولكنه لا يشتاق إليه؛ لأنه يخاف الموت، لذا يكون الذكر بدون شوق.. فالذي يذكر أحداً يذكره وهو مشتاق إليه.. فإذا صار مع الذكر شوق؛ تحول هذا الذكر إلى ذكر دائم.. والذكر الدائم هو ذلك الذكر الذي معه رصيد.. ومن عنده شوق، فإنه يذكر الله -عز وجل- في كل تقلباته، كما في القرآن الكريم: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ}.
فضيلة الشيخ حبيب الكاظمي ( رعاه الله)
تعليق