عذبت دماءكم لِشارب علّها*** وَصفت فَلا رنق وَلا تكدير
وَلسانها بِكَ يا اِبن أَحمَد هاتف*** أَفهكذا تغضي وَأَنتَ غَيور
ما صارم إِلا وفي شَفراته**** نَحر لآل محمد مَنحور
أَنتَ الولي لِمَن بظلم قَتّلوا*** وَعَلى العِدى سُلطانك المَنصور
وَلو أَنك استأصلت كُل قبيلة*** قتلا فَلا سرف وَلا تَبذير
خُذهُم فَسنة جَدكم ما بَينَهُم*** منسية وَكِتابَكُم مَهجور
إن تحتقر قدر العِدى فلربما*** قَد قارف الذنب الجَليل حَقير
أَو أَنَّهُم صغروا بجنبك همة*** فَالقَوم جرمهم عَليك كَبير
فَأَبوا علي الحسن الزَكي بِأَن يَرى*** مَثواه حَيث محمد مَقبور
وَاسأل بِيَوم الطف سَيفك إنَّهُ*** قَد كلم الأَبطال فَهوَ خَبير
يَوم أَبوك السبط شمَّر غَيرة*** لِلدين لَمّا أَن عناه دثور
وقَد اِستَغاثَت فيهِ ملة جَده*** لَما تَداعى بَيتَها المَعمور
وَبِغَير أَمر اللَه قامَ مُحكَماً*** بِالمُسلِمين يَزيد وَهُوَ أَمير
نَفسي الفِداء لِثائر في حَقه*** كَاللَيث ذي الوَثبات حين يَثور
أَضحى يُقيم العَدل وَهوَ مهدم*** وَيُجبِّر الإِسلام وَهوَ كَسير
وَيذكر الأَعداء بَطشة رَبِهم*** لَو كانَ ثَمة يَنفَع التَذكير
وَعَلى قُلوبهم قَد اِنطَبَع الشَقا*** لا الوَعظ يبلغها وَلا التَحذير
فَنضا اِبن حَيدر صارماً ما سلَّه*** إلا وَسِلن مِن الدِماء بُحور
فَكَأن عزرائيل خط فرنده*** وَبِهِ أَحاديث الحمام سُطور
دارَت حَماليق الكماة لخوفه*** فَيدور شَخص المَوت حيث يَدور
وَاستيقَن القَوم البوار كَأَن اسرافيل*** جاءَ وَفي يَديهِ الصور
فهوى عَلَيهُم مثل صاعقة السَما*** فَالروس تسقط وَالنُفوس تَطير
لَم تثن عامله المسدد جَنة*** كَالمَوت لَم يَحجزه يَوماً سُور
شاكي السِلاح لَدى ابن حَيدر أَعزَل*** وَاللابس الدرع الدلاص حَسير
غَير أَن يَنفض لبدتيه كَأَنَّهُ*** أَسد بآجام الرِماح هَصور
وَلصوته زجل الرعود تَطير بِا*** لالباب دَمدمة لَهُ وَهَدير
قَد طاحَ قَلب الجَيش خَيفة بَأسهِ*** وَإِنهاض مِنهُ جَناحَهُ المَكسور
بِأَبي أَبيّ الضَيم صال وَماله*** إِلّا المثقف وَالحسام نَصير
وَبقلبه الهَم الَّذي لَو بَعضه*** بثبير لَم يَثبت عَلَيهِ ثَبير
حزن عَلى الدين الحَنيف وَغربة*** وَظما وَفقد أَحبة وَهَجير
حَتّى إِذا نَفذ القَضاء وَقَدر ***المحتوم فيهِ وَحَتم المَقدور
زجت لَهُ الأَقدار سَهم مَنية*** فَهوى لقاً فاندك مِنهُ الطُور
وَتَعطل الفلك المدار كَأَنَّما*** هُوَ قُطبه وَعَلَيهِ كانَ يَدور
وَهوَين ألوية الشَريعة نكّصا*** وَتعطل التَهليل وَالتَكبير
وَالشَمس ناشرة الذَوائب ثاكل*** وَالأَرض تَرجف وَالسَماء تَمور
بِأَبي القَتيل وَغَسله علق الدما*** وَعَلَيهِ مِن أَرج الثَنا كافور
ظمآن يَعتلج الغليل بصدره*** وَتبلُّ للخطي مِنهُ صُدور
وَتَحكَّمت بيض السُيوف بِجسمه*** وَيح السُيوف فَحكمهن يَجور
وَغَدَت تَدوس الخَيل مِنهُ أَضالعا*** سر النَبي بطَيِها مَستور
في فتية قَد أرخصوا لفدائه*** أَرواح قُدس سومهن خَطير
ثاوين قَد زَهَت الرُبى بِدمائهم*** فَكأنَّها نوارها المَمطور
رقدوا وَقَد سَقوا الثَرى فَكأنَّهم*** نَدمان شُرب وَالدِماء خمور
هُم فتية خَطَبوا العُلا بِسيوفهم*** وَلها النُفوس الغاليات مُهور
فَرحوا وَقَد نَعيت نُفوسَهُم لَهُم*** فَكَأن لَهُم ناعي النُفوس بَشير
فَاستنشقوا النقع المثار كَأَنَّهُ*** ندُّ المَجامر مِنهُ فاح عَبير
وَاستيقنوا بِالمَوت نيل مرامهم*** فَالكل مِنهم ضاحك مَسرور
فَكأنَّما بيض الحُدود بواسماً*** بيض الخُدود لَها ابتَسَمنَ ثُغور
وَكَأَنَّما سمر الرِماح مَوائِلا*** سمر المِلاح يَزينهن سُفور
كسروا جُفون سُيوفهم وَتقحموا*** بِالخَيل حَيث تَراكم الجَمهور
مِن كُل شَهم لَيسَ يَحذر قَتله*** إِن لَم يَكُن بِنَجاته المَحذور
عاثوا بِآل أُمية فكأنهم*** سرب البغاث يَعثن فيهِ صُقور
حَتّى إِذا شاءَ المهيمن قربهم*** لِجواره وَجَرى القَضا المَسطور
رَكَضوا بِأَرجلهم إِلى شُرك الرَدى*** وَسَعوا وكلٌّ سَعيه مَشكور
فَزَهَت بهم تِلكَ العراص كَأَنَّما*** فيها ركدن أَهلة وَبدور
عارين طرَّزت الدِماء عَلَيهُم*** حمر البُرود كَأَنَّهُن حَرير
وَثوا كُل يَشجي الغُيور حَنينها*** لَو كانَ ما بَين العداة غيور
حرم لاحمد قَد هَتَكن ستورها*** فهتكن مِن حرم الإِله ستور
كَم حرّة لَما أَحاط بِها العَدى*** هَربت تَخف العدوَ وَهِيَ وَقور
وَالشَمس تَوقد بِالهَواجر نارَها*** وَالأَرض يَغلي رَملَها وَيَفور
هَتفت غَداة الرَوع باسم كَفيلها*** وَكَفيلها بِثَرى الطُفوف عَفير
كانَت بِحَيث سجافها تُبنى عَلى*** نَهر المَجرة ما لَهُن عُبور
يَحمين بِالبيض البَواتر وَالقَناالس*** سُمر الشَواجر وَالحماة حُضور
ما لا حظت عَين الهِلال خَيالَها*** وَالشُهب تَخطف دُونَها وَتَغور
حَتّى النَسيم إِذا تَحظى نَحوَها*** ألقاه في ظل الرِماح عثور
فَبَدا بِيَوم الغاضرية وَجهَها*** كَالشَمس يَسترها السَنا وَالنُور
فَيَعود عنهاالوَهم وَهُوَ مقيد*** وَيَرد عَنها الطَرف وَهُوَ حَسير
فَغَدت تَود لَو أَنَّها نَعيت وَلَم*** يَنظر إِلَيها شامَت وَكَفور
وَسرت بِهن إِلى يَزيد نَجائب*** بِالبيد تنجد تارة وَتَغور
حنت طلاح العَيس مسعدة لَها*** وَبَكى الغَبيط لَها وَناحَ الكُور
تعليق