إعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية
قراءة في حديث المعرفة بالنورانية من كتاب بحار الأنوار للشيخ محمّد باقر المجلسي:26/ 3-7/ ب13/ 1.
روي عن محمد بن صدقة أنّه قال: (سأل أبو ذر الغفاري سلمان الفارسي رضي الله عنهما: يا أبا عبد الله! ما معرفة الامام أمير المؤمنين عليه السلام بالنورانيّة؟ قال: يا جندب فامض بنا حتى نسأله عن ذلك، قال: فأتيناه فلم نجده. قال: فانتظرناه حتّى جاء قال صلوات الله عليه: ما جاء بكما؟ قالا: جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانيّة، قال صلوات الله عليه: مرحبا بكما من وليّين متعاهدين لدينه لستما بمقصّرين، لعمري أنّ ذلك الواجب على كلّ مؤمن ومؤمنة، ثمّ قال صلوات الله عليه: يا سلمان ويا جندب! قالا: لبيك يا أمير المؤمنين، قال عليه السلام: إنّه لا يستكمل أحد الايمان حتّى يعرفني كنه معرفتي بالنورانيّة، فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وصار عارفاً مستبصراً، ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاكّ ومرتاب...لا تجعلونا أرباباً وقولوا في فضلنا ما شئتم، فإنّكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته...لأنّ أهل الاقاويل من المرجئة والقدرية والخوارج وغيرهم من الناصبيّة يقرّون لمحمّد صلّى الله عليه وآله ليس بينهم خلاف، وهم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها إلّا القليل...أنا الذي حملت نوحاً في السفينة بأمر ربّي، وأنا الذي أخرجت يونس من بطن الحوت بإذن ربّي، وأنا الذي جاوزت بموسى بن عمران البحر بأمر ربّي، وأنا الذي أخرجت إبراهيم من النّار بإذن ربّي...وأنا الخضر عالم موسى، وأنا معلّم سليمان بن داوود، وأنا ذو القرنين، وأنا قدرة الله عزّ وجلّ…يا سلمان ويا جندب! فهذا معرفتي بالنورانيّة فتمسّك بها راشداً، فإنّه لا يبلغ أحد من شيعتنا حدّ الاستبصار حتّى يعرفني بالنورانيّة فإذا عرفني بها كان مستبصراً بالغاً كاملاً، قد خاض بحراً من العلم، وارتقى درجة من الفضل، واطّلع على سرّ من سرّ الله، ومكنون خزائنه).
قراءة في حديث المعرفة بالنورانية من كتاب بحار الأنوار للشيخ محمّد باقر المجلسي:26/ 3-7/ ب13/ 1.
روي عن محمد بن صدقة أنّه قال: (سأل أبو ذر الغفاري سلمان الفارسي رضي الله عنهما: يا أبا عبد الله! ما معرفة الامام أمير المؤمنين عليه السلام بالنورانيّة؟ قال: يا جندب فامض بنا حتى نسأله عن ذلك، قال: فأتيناه فلم نجده. قال: فانتظرناه حتّى جاء قال صلوات الله عليه: ما جاء بكما؟ قالا: جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانيّة، قال صلوات الله عليه: مرحبا بكما من وليّين متعاهدين لدينه لستما بمقصّرين، لعمري أنّ ذلك الواجب على كلّ مؤمن ومؤمنة، ثمّ قال صلوات الله عليه: يا سلمان ويا جندب! قالا: لبيك يا أمير المؤمنين، قال عليه السلام: إنّه لا يستكمل أحد الايمان حتّى يعرفني كنه معرفتي بالنورانيّة، فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وصار عارفاً مستبصراً، ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاكّ ومرتاب...لا تجعلونا أرباباً وقولوا في فضلنا ما شئتم، فإنّكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته...لأنّ أهل الاقاويل من المرجئة والقدرية والخوارج وغيرهم من الناصبيّة يقرّون لمحمّد صلّى الله عليه وآله ليس بينهم خلاف، وهم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها إلّا القليل...أنا الذي حملت نوحاً في السفينة بأمر ربّي، وأنا الذي أخرجت يونس من بطن الحوت بإذن ربّي، وأنا الذي جاوزت بموسى بن عمران البحر بأمر ربّي، وأنا الذي أخرجت إبراهيم من النّار بإذن ربّي...وأنا الخضر عالم موسى، وأنا معلّم سليمان بن داوود، وأنا ذو القرنين، وأنا قدرة الله عزّ وجلّ…يا سلمان ويا جندب! فهذا معرفتي بالنورانيّة فتمسّك بها راشداً، فإنّه لا يبلغ أحد من شيعتنا حدّ الاستبصار حتّى يعرفني بالنورانيّة فإذا عرفني بها كان مستبصراً بالغاً كاملاً، قد خاض بحراً من العلم، وارتقى درجة من الفضل، واطّلع على سرّ من سرّ الله، ومكنون خزائنه).
بعض الإشكالات الواردة على حديث النورانية المنسوب إلى الإمام عليه السلام.
1- عدم ورود الحديث (الرواية) في كتاب معتمد.
2- سند الحديث مرسل.
3- متنه يشتمل على بعض المفاهيم المشوشة والقضايا المغلوطة، نأخذ بعضها.
منها: قوله عليه السلام: (ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاكّ ومرتاب).
لم يرد في النصوص المعتبرة أنّ من لم يعرف المعصوم بهذه المعرفة النورانيّة فهو شاكّ ومرتاب، بل هذا يتقاطع مع الكثير من النصوص المعتبرة الحاكية بأنّ الاعتقاد بأهل البيت عليهم السلام أنّهم مفترضوا الطاعة ومعصومون يعدّ من الإيمان، وأنّ هذه المعرفة كافية مجزية، سواء كان المعنى منها أنّ معرفة الموالي يلزم أن تكون معرفة نورانيّة أو أنّه يلزم الموالي معرفة إمامه المعصوم بحقيقته النورانيّة.
ومنها: قال عليه السلام: (لأنّ أهل الأقاويل من المرجئة والقدرية والخوارج وغيرهم من الناصبيّة يقرّون لمحمّد صلّى الله عليه وآله ليس بينهم خلاف، وهم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها إلّا القليل).
تأريخيّاً- وأقصد من الناحية التاريخية- لم تطلق هذه التسمّيات (المرجئة والقدريّة والخوارج) على تلك الفرق إلّا في وقت متأخر من تلك القصّة. وسلمان وأبو ذر لم يعاصرا أغلب تلك الفرق المنحرفة إن لم يكن كلّها، لأنّها متأخرة عن زمن حياتهما رضي الله عنهما. كما أنّه يلاحظ في المتن أنّهما لم يسألاه عليه السلام عن تلكم الفرق المستقبليّة!
ومنها: قوله عليه السلام: (وقولوا في فضلنا ما شئتم، فإنّكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته، فانّ الله عزّ وجلّ قد أعطانا أكبر وأعظم ممّا يصفه واصفكم أو يخطر على قلب أحدكم، فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون).
إذا كان المعنى أن لا أحد يعرف كنه معرفته، فإنّ العبارة يصعب قبولها، لأنّ الذي لا يُعرف كنهه هو الله تبارك وتعالى، فقد روي في الحديث المرسل عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال: (لو عرفتم الله حقّ معرفته لزايلت بدعائكم الجبال الراسيات، ولا يبلغ أحد كنه معرفته، فقيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، الله أعلى وأجلّ أن يطلّع أحد على كنه معرفته). عوالي اللئالي للشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي:4/132/225.
ويؤيّده ما جاء في دعاء يوم الإثنين من الصحيفة السجّاديّة: (وانحسرت العقول عن كنه معرفته).
ومنها: قوله عليه السلام: (جعل الله لي ما لم يجعل لأحد من الأوّلين والآخرين لا لنبي مرسل ولا لملك مقرب).
لا اظنّ أنّها تحتاج إلى تعليق منّي عليها، وأترك للقارئ الفطن المتتّبع للنصوص المتدبّر فيها النظر فيها والتعليق عليها بنفسه.
ومنها: قوله عليه السلام: (أنا الذي حملت نوحاً في السفينة بأمر ربّي، وأنا الذي أخرجت يونس من بطن الحوت بإذن ربّي، وأنا الذي جاوزت بموسى بن عمران البحر بأمر ربّي، وأنا الذي أخرجت إبراهيم من النّار بإذن ربّي، وأنا الذي أجريت أنهارها وفجّرت عيونها وغرست أشجارها بإذن ربّي. وأنا عذاب يوم الظلة، وأنا المنادي من مكان قريب قد سمعه الثقلان: الجنّ والإنس وفهمه قوم. إنّي لأسمع كلّ قوم الجبارين والمنافقين بلغاتهم، وأنا الخضر عالم موسى، وأنا معلّم سليمان بن داود، وأنا ذو القرنين...إنّ ميّتنا لم يمت، وغائبنا لم يغب، وإنّ قتلانا لن يقتلوا).
أقول: ممّا لا شكّ فيه أنّ الخضر وذا القرنين عليهما السلام هما غير الإمام عليّ عليه السلام. وهذا ثابت بالنصوص المعصوميّة.
وأمّا الكلام عن مساعدته الأنبياء نوح ويونس وموسى وإبراهيم عليهم السلام وتعليم داوود عليه السلام، فإنّه من القضايا غير المحرزة ولا يمكن إثباته، بل هو مخالف للبيانات القرآنيّة والشواهد المعصوميّة.
كما أنّه يعدّ من موافقات طوام خطبة البيان ومطابقاتها، والكلام عن تلك الخطبة يطول، وأفضّل للقارئ مراجعة ما كتبه للسيّد جعفر العاملي في بحثه المفيد المسمّى خطبة البيان في الميزان.
وكيف ما كان فقد حاول الشيخ المجلسي تأويل هذا الكلام وترقيعه بما يلي، قال في نهاية الخبر: "بيان: قوله : أنا الذي حملت نوحا، أقول: لو صح صدور الخبر عنه عليه السلام لاحتمل أن يكون المراد به وبأمثاله أنّ الأنبياء عليهم السلام بالاستشفاع بنا والتوسّل بأنوارنا رفعت عنهم المكاره والفتن، كما دلّت عليه الأخبار الصحيحة". البحار:26/7-8.
وأنت خبير أيّها القارئ الواعي بما في هذا التأويل من تكلّف واضح، فإنّ الاستشفاع لا شأن له بما ذكر في الحديث، فهو غير الحمل والإخراج والتجاوز والتعليم، كما هو ظاهر لكلّ متفحّص ناظر.
والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والتسليم على النبيّ الأمين وآله المنتجبين
1- عدم ورود الحديث (الرواية) في كتاب معتمد.
2- سند الحديث مرسل.
3- متنه يشتمل على بعض المفاهيم المشوشة والقضايا المغلوطة، نأخذ بعضها.
منها: قوله عليه السلام: (ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاكّ ومرتاب).
لم يرد في النصوص المعتبرة أنّ من لم يعرف المعصوم بهذه المعرفة النورانيّة فهو شاكّ ومرتاب، بل هذا يتقاطع مع الكثير من النصوص المعتبرة الحاكية بأنّ الاعتقاد بأهل البيت عليهم السلام أنّهم مفترضوا الطاعة ومعصومون يعدّ من الإيمان، وأنّ هذه المعرفة كافية مجزية، سواء كان المعنى منها أنّ معرفة الموالي يلزم أن تكون معرفة نورانيّة أو أنّه يلزم الموالي معرفة إمامه المعصوم بحقيقته النورانيّة.
ومنها: قال عليه السلام: (لأنّ أهل الأقاويل من المرجئة والقدرية والخوارج وغيرهم من الناصبيّة يقرّون لمحمّد صلّى الله عليه وآله ليس بينهم خلاف، وهم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها إلّا القليل).
تأريخيّاً- وأقصد من الناحية التاريخية- لم تطلق هذه التسمّيات (المرجئة والقدريّة والخوارج) على تلك الفرق إلّا في وقت متأخر من تلك القصّة. وسلمان وأبو ذر لم يعاصرا أغلب تلك الفرق المنحرفة إن لم يكن كلّها، لأنّها متأخرة عن زمن حياتهما رضي الله عنهما. كما أنّه يلاحظ في المتن أنّهما لم يسألاه عليه السلام عن تلكم الفرق المستقبليّة!
ومنها: قوله عليه السلام: (وقولوا في فضلنا ما شئتم، فإنّكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته، فانّ الله عزّ وجلّ قد أعطانا أكبر وأعظم ممّا يصفه واصفكم أو يخطر على قلب أحدكم، فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون).
إذا كان المعنى أن لا أحد يعرف كنه معرفته، فإنّ العبارة يصعب قبولها، لأنّ الذي لا يُعرف كنهه هو الله تبارك وتعالى، فقد روي في الحديث المرسل عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال: (لو عرفتم الله حقّ معرفته لزايلت بدعائكم الجبال الراسيات، ولا يبلغ أحد كنه معرفته، فقيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، الله أعلى وأجلّ أن يطلّع أحد على كنه معرفته). عوالي اللئالي للشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي:4/132/225.
ويؤيّده ما جاء في دعاء يوم الإثنين من الصحيفة السجّاديّة: (وانحسرت العقول عن كنه معرفته).
ومنها: قوله عليه السلام: (جعل الله لي ما لم يجعل لأحد من الأوّلين والآخرين لا لنبي مرسل ولا لملك مقرب).
لا اظنّ أنّها تحتاج إلى تعليق منّي عليها، وأترك للقارئ الفطن المتتّبع للنصوص المتدبّر فيها النظر فيها والتعليق عليها بنفسه.
ومنها: قوله عليه السلام: (أنا الذي حملت نوحاً في السفينة بأمر ربّي، وأنا الذي أخرجت يونس من بطن الحوت بإذن ربّي، وأنا الذي جاوزت بموسى بن عمران البحر بأمر ربّي، وأنا الذي أخرجت إبراهيم من النّار بإذن ربّي، وأنا الذي أجريت أنهارها وفجّرت عيونها وغرست أشجارها بإذن ربّي. وأنا عذاب يوم الظلة، وأنا المنادي من مكان قريب قد سمعه الثقلان: الجنّ والإنس وفهمه قوم. إنّي لأسمع كلّ قوم الجبارين والمنافقين بلغاتهم، وأنا الخضر عالم موسى، وأنا معلّم سليمان بن داود، وأنا ذو القرنين...إنّ ميّتنا لم يمت، وغائبنا لم يغب، وإنّ قتلانا لن يقتلوا).
أقول: ممّا لا شكّ فيه أنّ الخضر وذا القرنين عليهما السلام هما غير الإمام عليّ عليه السلام. وهذا ثابت بالنصوص المعصوميّة.
وأمّا الكلام عن مساعدته الأنبياء نوح ويونس وموسى وإبراهيم عليهم السلام وتعليم داوود عليه السلام، فإنّه من القضايا غير المحرزة ولا يمكن إثباته، بل هو مخالف للبيانات القرآنيّة والشواهد المعصوميّة.
كما أنّه يعدّ من موافقات طوام خطبة البيان ومطابقاتها، والكلام عن تلك الخطبة يطول، وأفضّل للقارئ مراجعة ما كتبه للسيّد جعفر العاملي في بحثه المفيد المسمّى خطبة البيان في الميزان.
وكيف ما كان فقد حاول الشيخ المجلسي تأويل هذا الكلام وترقيعه بما يلي، قال في نهاية الخبر: "بيان: قوله : أنا الذي حملت نوحا، أقول: لو صح صدور الخبر عنه عليه السلام لاحتمل أن يكون المراد به وبأمثاله أنّ الأنبياء عليهم السلام بالاستشفاع بنا والتوسّل بأنوارنا رفعت عنهم المكاره والفتن، كما دلّت عليه الأخبار الصحيحة". البحار:26/7-8.
وأنت خبير أيّها القارئ الواعي بما في هذا التأويل من تكلّف واضح، فإنّ الاستشفاع لا شأن له بما ذكر في الحديث، فهو غير الحمل والإخراج والتجاوز والتعليم، كما هو ظاهر لكلّ متفحّص ناظر.
والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والتسليم على النبيّ الأمين وآله المنتجبين
تعليق