الدعاء للوالدين وسعة الرزق:
-----------
السؤال:
ما رأيكم في الحديث التالي:
جاء رجل إلى أمير المؤمنين "عليه الصلاة والسلام" فقال: إني أجد في رزقي ضيقاً.
فقال له "عليه الصلاة والسلام": لعلك تكتب بقلم معقود!
فقال الرجل: لا .
فقال له "عليه الصلاة والسلام": لعلك تمشط بمشط مكسور.
فقال: لا.
فقال له "عليه الصلاة والسلام": لعلك تمشي أمام من هو أكبر منك سناً.
فقال: لا.
فقال له "عليه الصلاة والسلام": لعلك تنام بعد الفجر.
فقال: لا.
فقال له "عليه الصلاة والسلام": لعلك تركت الدعاء للوالدين.
قال: نعم, يا أمير المؤمنين.
فقال له "عليه الصلاة والسلام": فأذكرهما فإني سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلم- يقول: "ترك الدعاء للوالدين يقطع الرزق".
الجواب:
1/ هذا الحديث انتشر بوضوح بين أهل السنة. وقد هاجمه علماؤهم بشراسة, فإن شئت فارجع إلى مواقعهم على النت. وللحديث نسخة أخرى لكن مع تبديل كلمة (رضي الله عنه) إلى (عليه الصلاة والسلام) وذلك ليلقى رواجًا بين الشيعة.
2/ يجب أن نميّز بين قبول فكرة معينة, وبين صحة حديث في تلك الفكرة. فمثلاً: لا شك في فضل الإمام الحسين – عليه السلام- ومكانته وأنه سيد شباب أهل الجنة وإمام مفترض الطاعة. ولكن هذا لا يعني أن كل ما يصلنا عبر الواتساب مثلاً من أحاديث في فضل الحسين فهو حديث موجود ومروي عن الأئمة المعصومين.
وبعبارة واضحة: قبولنا لفكرة معينة أو مبدأ معين, هذا لا يعني صحة كل ما ينشر من أحاديث بين الناس تحمل تلك الفكرة.
ومن جهة أخرى: رفضنا لنص حديث, لا يعني بالضرورة رفض الفكرة الموجودة فيه, إذا كان لها أدلة أخرى صحيحة ومقبولة.
3/ لا يوجد لدينا حاليًا في المصادر التي وصلت إلينا حديث بهذا اللفظ والتفاصيل الموجودة في السؤال أعلاه.
4/ تعرّض المحقق الطوسي – رحمه الله- في (رسالة آداب المتعلمين: 136) لما يجلب الرزق، وما يمنع الرزق، وما يزيد في العمر، وما ينقص, فذكر في هذا الفصل عدة أمور منها: الكذب, وكثرة النوم عريانًا، والبول عريانًا، والأكل جنبًا، والتهاون بسقاط المائدة, وكنس البيت في الليل، وترك القمامة في البيت, والمشي قدام المشايخ، والتوضي في المبرز، وتجفيف الوجه بالثوب، وترك بيت العنكبوت في البيت، والتهاون بالصلاة، وإسراع الخروج من المسجد ....كل ذلك يورث الفقر عرف ذلك بالآثار، وكذا الكتابة بالقلم المعقود, والامتشاط بالمشط المنكسر، وترك الدعاء للوالدين، والتعمم قاعدًا، والتسرول قائمًا .... الخ.
والحاصل: أن المحقق الطوسي جمع هذه الأمور وغيرها من الآثار- وهي الروايات- ولم يذكر النصوص التي أخذ منها ذلك, ولم تصل إلينا تلك النصوص.
5/ روي عن رسول الله (من سرّه أن يمدّ له في عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه، وليصل رحمه). والبر بالوالدين أعمّ وأشمل وأوسع من الدعاء لهما.
6/ الدعاء للوالدين والبر بهما من سنن الأنبياء :
أ) النبي نوح (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً( [نوح : 28].
ب) النبي إبراهيم (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ( [إبراهيم : 41] .
ج) النبي عيسى (وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً( [مريم : 32] .
د) النبي سليمان (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ( [النمل : 19] .
هـ) النبي يحيى (وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً( [مريم : 14] .
7/ روي عن الإمام الباقر (إن العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما، ثم يموتان فلا يقضي عنهما ديونهما ولا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقاً، وإنه ليكون عاقاً لهما في حياتهما غير بار بهما، فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما فيكتبه الله عز وجل باراً) .
وأخيرًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً
18/ ربيع الآخر / 1436 هـ
-----------
السؤال:
ما رأيكم في الحديث التالي:
جاء رجل إلى أمير المؤمنين "عليه الصلاة والسلام" فقال: إني أجد في رزقي ضيقاً.
فقال له "عليه الصلاة والسلام": لعلك تكتب بقلم معقود!
فقال الرجل: لا .
فقال له "عليه الصلاة والسلام": لعلك تمشط بمشط مكسور.
فقال: لا.
فقال له "عليه الصلاة والسلام": لعلك تمشي أمام من هو أكبر منك سناً.
فقال: لا.
فقال له "عليه الصلاة والسلام": لعلك تنام بعد الفجر.
فقال: لا.
فقال له "عليه الصلاة والسلام": لعلك تركت الدعاء للوالدين.
قال: نعم, يا أمير المؤمنين.
فقال له "عليه الصلاة والسلام": فأذكرهما فإني سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلم- يقول: "ترك الدعاء للوالدين يقطع الرزق".
الجواب:
1/ هذا الحديث انتشر بوضوح بين أهل السنة. وقد هاجمه علماؤهم بشراسة, فإن شئت فارجع إلى مواقعهم على النت. وللحديث نسخة أخرى لكن مع تبديل كلمة (رضي الله عنه) إلى (عليه الصلاة والسلام) وذلك ليلقى رواجًا بين الشيعة.
2/ يجب أن نميّز بين قبول فكرة معينة, وبين صحة حديث في تلك الفكرة. فمثلاً: لا شك في فضل الإمام الحسين – عليه السلام- ومكانته وأنه سيد شباب أهل الجنة وإمام مفترض الطاعة. ولكن هذا لا يعني أن كل ما يصلنا عبر الواتساب مثلاً من أحاديث في فضل الحسين فهو حديث موجود ومروي عن الأئمة المعصومين.
وبعبارة واضحة: قبولنا لفكرة معينة أو مبدأ معين, هذا لا يعني صحة كل ما ينشر من أحاديث بين الناس تحمل تلك الفكرة.
ومن جهة أخرى: رفضنا لنص حديث, لا يعني بالضرورة رفض الفكرة الموجودة فيه, إذا كان لها أدلة أخرى صحيحة ومقبولة.
3/ لا يوجد لدينا حاليًا في المصادر التي وصلت إلينا حديث بهذا اللفظ والتفاصيل الموجودة في السؤال أعلاه.
4/ تعرّض المحقق الطوسي – رحمه الله- في (رسالة آداب المتعلمين: 136) لما يجلب الرزق، وما يمنع الرزق، وما يزيد في العمر، وما ينقص, فذكر في هذا الفصل عدة أمور منها: الكذب, وكثرة النوم عريانًا، والبول عريانًا، والأكل جنبًا، والتهاون بسقاط المائدة, وكنس البيت في الليل، وترك القمامة في البيت, والمشي قدام المشايخ، والتوضي في المبرز، وتجفيف الوجه بالثوب، وترك بيت العنكبوت في البيت، والتهاون بالصلاة، وإسراع الخروج من المسجد ....كل ذلك يورث الفقر عرف ذلك بالآثار، وكذا الكتابة بالقلم المعقود, والامتشاط بالمشط المنكسر، وترك الدعاء للوالدين، والتعمم قاعدًا، والتسرول قائمًا .... الخ.
والحاصل: أن المحقق الطوسي جمع هذه الأمور وغيرها من الآثار- وهي الروايات- ولم يذكر النصوص التي أخذ منها ذلك, ولم تصل إلينا تلك النصوص.
5/ روي عن رسول الله (من سرّه أن يمدّ له في عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه، وليصل رحمه). والبر بالوالدين أعمّ وأشمل وأوسع من الدعاء لهما.
6/ الدعاء للوالدين والبر بهما من سنن الأنبياء :
أ) النبي نوح (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً( [نوح : 28].
ب) النبي إبراهيم (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ( [إبراهيم : 41] .
ج) النبي عيسى (وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً( [مريم : 32] .
د) النبي سليمان (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ( [النمل : 19] .
هـ) النبي يحيى (وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً( [مريم : 14] .
7/ روي عن الإمام الباقر (إن العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما، ثم يموتان فلا يقضي عنهما ديونهما ولا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقاً، وإنه ليكون عاقاً لهما في حياتهما غير بار بهما، فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما فيكتبه الله عز وجل باراً) .
وأخيرًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً
18/ ربيع الآخر / 1436 هـ
تعليق