بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
ما رأيكم في هذا البرودكاست المنتشر جدًا على النت وبين الناس:
الحكمة من تناول التمر بعدد فردي:
حذّر الأطباء من الإكثار من تناول التمر لمرضى السكر, لأنه يرفع نسبة السكر لديهم, كما حذر الأطباء مرضى الكلى من تناول التمور بكثرة, لأنه يرفع نسبة البوتاسيوم لديهم, وحثت السنة النبوية على تناول التمور بأعداد فردية (واحدة أو ثلاث أو سبع...) على سبيل المثال.
فقد اكتشف باحث أمريكي مؤخرًا فائدة تناول الرطب أو التمر بأعداد فردية، إذ تبيّن له أن في حالة تناول التمور بأعداد فردية تتحوّل السكريات إلى كاربوهيدرات تكسب الجسم طاقة. أما إذا تم تناولها بأعداد زوجية، فإن السكريات تتحوّل إلى سكاكر وبوتاسيوم مما يتسبّب في التأثير على وظائف الكلى. وهذا يكشف سر حث السيرة النبوية على تناول التمر بعدد فردي.
الجواب:
المحور الأول: الجانب الطبي:
1/ الجوانب الطبية المذكورة في السؤال, يجب الرجوع فيها إلى أهل التخصص في ذلك. فهل التمر يضر مرضى السكر أو الكلى, وهل يتحوّل إلى كاربوهيدرات أو أمر آخر؟ هذه جوانب لا أتحدث فيها لكونها خارجة عن تخصصي.
2/ الأخوة الذين ساهموا في نشر هذا المقال أعلاه أو أيدوه, أ لم يأت في ذهنهم سؤال عن اسم ذلك الباحث الأمريكي؟ وما اسم مركز الأبحاث الذي قام بذلك؟ وفي أي نشرة علمية أو مصدر تم ذكر جميع ذلك؟
لماذا نتداول أمثال هذه المقالات بدون أن نطرح أبسط التساؤلات؟!!!
3/ من الطبيعي أن نتساءل جميعًا: ما الفرق بين ست حبات من التمر من الحجم الصغير, وخمس حبات من الحجم الكبير؟ وماذا ستكون النتيجة لو أكلنا التمر على شكل مهروس أو حلويات أو ما شابه, ولم نعرف العدد الذي دخل في تكوين تلك اللقمات, فهل سيتحول التمر كاربوهيدرات أو سكاكر وبوتاسيوم!!!
المحور الثاني: القواعد العامة:
1/ الحديث الصحيح عند الشيعة وأهل السنة (إن الله وتر يحب الوتر), وقد تحدثنا عنه موضوع مستقل.
2/ روي في الجعفريات 161 - بأسناده عن علي ابن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: كلوا الثمار وترًا لا تضر, واستاكوا عرضًا, ولا تستاكوا طولاً. (جامع أحاديث الشيعة 16 : 644)
وروي عن رسول الله -صلّى الله عليه وآله-: من أكل الفاكهة وترًا لم تضره. (بحار الأنوار 59 : 294).
وهذان الحديثان يتحدثان عن كل (الثمار) أو (الفاكهة) بشكل عام, والوتر هو العدد الفردي.
المحور الثالث: الروايات الواردة في عدد التمرات:
1/ فيما يرتبط بالإفطار بعد الصيام, فقد اشتهرت الروايات في استحباب الإفطار على التمر. وكذلك الحال بالنسبة لتناول التمر في يوم عيد الفطر. أما بالنسبة للعدد في هذا المجال, فقد روى أهل السنة عن رسول الله (كان يعجبه أن يفطر على الرطب ما دام الرطب، وعلى التمر إذا لم يكن رطب، ويختم بهن ويجعلهن وترًا, ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا) الجامع الصغير 2 : 385.
وفي صحيح البخاري 2 : 3 (كان رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم لا يغدو يوم الفطر [يعني عيد الفطر] حتى يأكل تمرات, ويأكلهن وترًا).
2/ رواية في أكل ثلاث تمرات:
مجمع الزوائد - الهيثمي - ج 3 - ص 155
عن أنس قال: كان النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلم يحبّ أن يفطر على ثلاث تمرات, أو شيء لم تصبه النار. رواه أبو يعلي وفيه عبد الواحد بن ثابت, وهو ضعيف.
3/ روايات في أكل سبع تمرات:
الكافي 6 : 22
في الحديث المرفوع: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ليكن أول ما تأكل النفساء الرطب فإنّ الله تعالى قال لمريم : " وهزّي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا" قيل : يا رسول الله فإن لم يكن أوان الرطب ؟ قال: سبع تمرات من تمر المدينة، فإن لم يكن فسبع تمرات من تمر أمصاركم، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: وعزتي وجلالي وعظمتي وارتفاع مكاني لا تأكل نفساء يوم تلد الرطب فيكون غلامًا إلا كان حليمًا, وإن كانت جارية كانت حليمة.
الكافي 6 : 348 فما بعدها
الحديث الموّثق عمار الساباطي قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فأتى برطب فجعل يأكل منه ويشرب الماء ويناولني الإناء فأكره أن أرده فأشرب حتى فعل ذلك مرارًا، قال: فقلت: إني كنت صاحب بلغم فشكوت إلى أهرن طبيب الحجاج فقال لي: ألك نخل في بستان؟ قلت : (نعم قال: فيه نخل؟ قلت: نعم) فقال لي: عد عليّ ما فيه فعددت حتى بلغت الهيرون، فقال لي كل منه سبع تمرات حين تريد أن تنام ولا تشرب الماء، ففعلت: وكنت أريد أن أبصق فلا أقدر على ذلك فشكوت إليه ذلك فقال لي: اشرب الماء قليلا, وأمسك حتى يعتدل طبعك ففعلت، فقال أبو عبد الله عليه السلام : أما أنا فلولا الماء ما باليت ألا أذوقه.
....عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أكل في كل يوم سبع تمرات عجوة على الريق من تمر العالية لم يضره سمّ ولا سحر ولا شيطان.
.....عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أكل سبع تمرات عجوة عند منامه قتلن الديدان من بطنه.
صحيح البخاري 7 : 33 (من اصطبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر).
صحيح مسلم 6 :123 (من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر).
ملحوظتان:
1/ في بعض الروايات السابقة اختلفت النسخ, ففي كتاب (سبع تمرات) وفي كتاب آخر (تسع تمرات) ولعل السبب في ذلك هو التقارب في كيفية الكتابة بين (سبع) و(تسع).
2/ ضعف السند - في هذا الباب وأمثاله- لا يمنع من العمل بما جاء فيها, ولكن بدون أن نجزم بنسبة المذكور لرسول الله – صلّى الله عليه وآله- أو الدين الحنيف.
والله ولي التوفيق
19 / ربيع الآخر / 1436 هـ
ما رأيكم في هذا البرودكاست المنتشر جدًا على النت وبين الناس:
الحكمة من تناول التمر بعدد فردي:
حذّر الأطباء من الإكثار من تناول التمر لمرضى السكر, لأنه يرفع نسبة السكر لديهم, كما حذر الأطباء مرضى الكلى من تناول التمور بكثرة, لأنه يرفع نسبة البوتاسيوم لديهم, وحثت السنة النبوية على تناول التمور بأعداد فردية (واحدة أو ثلاث أو سبع...) على سبيل المثال.
فقد اكتشف باحث أمريكي مؤخرًا فائدة تناول الرطب أو التمر بأعداد فردية، إذ تبيّن له أن في حالة تناول التمور بأعداد فردية تتحوّل السكريات إلى كاربوهيدرات تكسب الجسم طاقة. أما إذا تم تناولها بأعداد زوجية، فإن السكريات تتحوّل إلى سكاكر وبوتاسيوم مما يتسبّب في التأثير على وظائف الكلى. وهذا يكشف سر حث السيرة النبوية على تناول التمر بعدد فردي.
الجواب:
المحور الأول: الجانب الطبي:
1/ الجوانب الطبية المذكورة في السؤال, يجب الرجوع فيها إلى أهل التخصص في ذلك. فهل التمر يضر مرضى السكر أو الكلى, وهل يتحوّل إلى كاربوهيدرات أو أمر آخر؟ هذه جوانب لا أتحدث فيها لكونها خارجة عن تخصصي.
2/ الأخوة الذين ساهموا في نشر هذا المقال أعلاه أو أيدوه, أ لم يأت في ذهنهم سؤال عن اسم ذلك الباحث الأمريكي؟ وما اسم مركز الأبحاث الذي قام بذلك؟ وفي أي نشرة علمية أو مصدر تم ذكر جميع ذلك؟
لماذا نتداول أمثال هذه المقالات بدون أن نطرح أبسط التساؤلات؟!!!
3/ من الطبيعي أن نتساءل جميعًا: ما الفرق بين ست حبات من التمر من الحجم الصغير, وخمس حبات من الحجم الكبير؟ وماذا ستكون النتيجة لو أكلنا التمر على شكل مهروس أو حلويات أو ما شابه, ولم نعرف العدد الذي دخل في تكوين تلك اللقمات, فهل سيتحول التمر كاربوهيدرات أو سكاكر وبوتاسيوم!!!
المحور الثاني: القواعد العامة:
1/ الحديث الصحيح عند الشيعة وأهل السنة (إن الله وتر يحب الوتر), وقد تحدثنا عنه موضوع مستقل.
2/ روي في الجعفريات 161 - بأسناده عن علي ابن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: كلوا الثمار وترًا لا تضر, واستاكوا عرضًا, ولا تستاكوا طولاً. (جامع أحاديث الشيعة 16 : 644)
وروي عن رسول الله -صلّى الله عليه وآله-: من أكل الفاكهة وترًا لم تضره. (بحار الأنوار 59 : 294).
وهذان الحديثان يتحدثان عن كل (الثمار) أو (الفاكهة) بشكل عام, والوتر هو العدد الفردي.
المحور الثالث: الروايات الواردة في عدد التمرات:
1/ فيما يرتبط بالإفطار بعد الصيام, فقد اشتهرت الروايات في استحباب الإفطار على التمر. وكذلك الحال بالنسبة لتناول التمر في يوم عيد الفطر. أما بالنسبة للعدد في هذا المجال, فقد روى أهل السنة عن رسول الله (كان يعجبه أن يفطر على الرطب ما دام الرطب، وعلى التمر إذا لم يكن رطب، ويختم بهن ويجعلهن وترًا, ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا) الجامع الصغير 2 : 385.
وفي صحيح البخاري 2 : 3 (كان رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم لا يغدو يوم الفطر [يعني عيد الفطر] حتى يأكل تمرات, ويأكلهن وترًا).
2/ رواية في أكل ثلاث تمرات:
مجمع الزوائد - الهيثمي - ج 3 - ص 155
عن أنس قال: كان النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلم يحبّ أن يفطر على ثلاث تمرات, أو شيء لم تصبه النار. رواه أبو يعلي وفيه عبد الواحد بن ثابت, وهو ضعيف.
3/ روايات في أكل سبع تمرات:
الكافي 6 : 22
في الحديث المرفوع: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ليكن أول ما تأكل النفساء الرطب فإنّ الله تعالى قال لمريم : " وهزّي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا" قيل : يا رسول الله فإن لم يكن أوان الرطب ؟ قال: سبع تمرات من تمر المدينة، فإن لم يكن فسبع تمرات من تمر أمصاركم، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: وعزتي وجلالي وعظمتي وارتفاع مكاني لا تأكل نفساء يوم تلد الرطب فيكون غلامًا إلا كان حليمًا, وإن كانت جارية كانت حليمة.
الكافي 6 : 348 فما بعدها
الحديث الموّثق عمار الساباطي قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فأتى برطب فجعل يأكل منه ويشرب الماء ويناولني الإناء فأكره أن أرده فأشرب حتى فعل ذلك مرارًا، قال: فقلت: إني كنت صاحب بلغم فشكوت إلى أهرن طبيب الحجاج فقال لي: ألك نخل في بستان؟ قلت : (نعم قال: فيه نخل؟ قلت: نعم) فقال لي: عد عليّ ما فيه فعددت حتى بلغت الهيرون، فقال لي كل منه سبع تمرات حين تريد أن تنام ولا تشرب الماء، ففعلت: وكنت أريد أن أبصق فلا أقدر على ذلك فشكوت إليه ذلك فقال لي: اشرب الماء قليلا, وأمسك حتى يعتدل طبعك ففعلت، فقال أبو عبد الله عليه السلام : أما أنا فلولا الماء ما باليت ألا أذوقه.
....عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أكل في كل يوم سبع تمرات عجوة على الريق من تمر العالية لم يضره سمّ ولا سحر ولا شيطان.
.....عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أكل سبع تمرات عجوة عند منامه قتلن الديدان من بطنه.
صحيح البخاري 7 : 33 (من اصطبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر).
صحيح مسلم 6 :123 (من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر).
ملحوظتان:
1/ في بعض الروايات السابقة اختلفت النسخ, ففي كتاب (سبع تمرات) وفي كتاب آخر (تسع تمرات) ولعل السبب في ذلك هو التقارب في كيفية الكتابة بين (سبع) و(تسع).
2/ ضعف السند - في هذا الباب وأمثاله- لا يمنع من العمل بما جاء فيها, ولكن بدون أن نجزم بنسبة المذكور لرسول الله – صلّى الله عليه وآله- أو الدين الحنيف.
والله ولي التوفيق
19 / ربيع الآخر / 1436 هـ
تعليق