السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
{{عقوق الوالدين}}
******************
من الواضح أنّ نكران الجميل ومكافأة الإحسان بالإساءة ، أمران يستنكرهما العقل والشرع ، ويستهجنهما الضمير والوجدان ، وكلّما عظُم الجميل والإحسان ، كان جحودها أشدّ نكراً وأفظع جريرةً وإثماً .
وبهذا المقياس ندرك بشاعة عقوق الوالدين وفظاعة جرمه ، حتّى عدّ مِن الكبائر الموجبة لدخول النار . ولا غرابة فالعقوق - فضلاً عن مخالفته المبادئ الإنسانيّة ، وقوانين العقل والشرع - دالٌّ على موت الضمير ، وضعف الإيمان، وتلاشي القِيَم الإنسانية في العاق .
فقد بذل الأبوان طاقات ضخمة وجهوداً جبّارة ، في تربية الأبناء وتوفير ما يبعث على إسعادهم وازدهار حياتهم مادّيا وأدبيّاً ، ما يعجز الأولاد عن تثمينه وتقديره .
فكيف يسوغ للأبناء تناسي تلك العواطف والألطاف ومكافأتها بالإساءة والعقوق ؟
مِن أجل ذلك حذّرت الشريعة الإسلاميّة مِن عقوق الوالدين أشدّ التحذير ، وأوعدت عليه بالعقاب العاجل والآجل .
فعن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : كن بارّاً ، واقتصر على الجنّة ، وإنْ كنت عاقّاً ، فاقتصر على النار )
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( لو عِلم اللّه شيئاً هو أدنى مِن أُفٍّ ، لنهى عنه ، وهو مِن أدنى العقوق ، ومِن العقوق أنْ ينظر الرجل إلى والديه ، فيحدّ النظر إليهما )
وقال الباقر ( عليه السلام ) : ( إنّ أبي نظر إلى رجلٍ ومعه ابنه يمشي ، والابن مُتّكئ على ذراع الأب ، قال : فما كلّمه أبي ( عليه السلام ) مقتاً له حتّى فارق الدنيا )
وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ثلاثة مِن الذنوب ، تعجّل عقوبتها ولا تؤخّر إلى الآخرة : عقوق
الوالدين ، والبغي على الناس ، وكفر الإحسان )(1) .
{{مساوئ العقوق }}
*******************
وللعقوق مساوئٌ خطيرة ، وآثارٌ سيّئة تنذر العاقّ وتتوعّده بالشقاء الدنيوي والأُخروي .
فمن آثاره أنّ العاقّ يعقّه ابنه... جزاءً وفاقاً على عقوقه لأبيه . وقد شهِد الناس صوراً وأدواراً مِن هذه المكافأة على مسرح الحياة .
مِن ذلك ما حكاه الأصمعي قال : حدّثني رجلٌ مِن الأعراب قال : خرجت من الحيّ أطلب أعقّ الناس وأبرّ الناس . فكنت أطوف بالأحياء ، حتّى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل ، يستقي بدلو لا تطيقه الإبل في الهاجر والحرّ الشديد ، وخلفه شاب في يده رشاء من قدٍّ ملوي ، يضربه به ، قد شقّ ظهره بذلك الحبل .
فقلت له : أما تتّقي اللّه في هذا الشيخ الضعيف ، أما يكفيه ما هو فيه مِن هذا الحبل حتّى تضربه ؟
قال : إنّه مع هذا أبي .
قلت : فلا جزاك اللّه خيراً .
قال : اسكت ، فهكذا كان يصنع هو بأبيه ، وكذا كان يصنع أبوه بجدّه .
فقلت : هذا أعقّ الناس .
ثمّ جلت أيضاً حتّى انتهيت إلى شابٍّ في عنقه زبيل ، فيه شيخ كأنّه فرخ ، فيضعه بين يديه في كلّ ساعة ، فيزقّه كما يزقّ الفرخ .
فقلت له : ما هذا ؟
فقال : أبي ، وقد خرف ، فأنا أكفله .
قلت : فهذا أبرّ العرب . فرجعت وقد رأيت أعقّهم وأبرّهم
ومِن آثار العقوق :
أنّه موجبٌ لشقاء العاق ، وعدم ارتياحه في الحياة ، لسخط الوالدين ودعائهما عليه .
وقد جاء في الحديث النبوي : ( إيّاكم ودعوة الوالد ، فإنّها أحدّ مِن السيف ) .
ومن آثار العقوق :
أنّ العاق يُشاهد أهوالاً مريعة عند الوفاة ، ويُعاني شدائد النزع وسكرات الموت .
فعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : ( إنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) حضَر شابّاً عند وفاته ، فقال له : قل لا إله إلاّ اللّه . قال : فاعتقل لسانه مراراً
فقال لامرأة عند رأسه : ( هل لهذا أُم ؟ )
قالت : نعم ، أنا أُمّه .
(1) المحاسن والمساوئ
قال : أَ فساخطةٌ أنتِ عليه ؟
قالت : نعم ، ما كلّمته مُنذ ستّ حجج .
قال لها : ( ارضِ عنه ) . قالت : رضي اللّه عنه برضاك يا رسول اللّه .
فقال له رسول اللّه : قل لا إله إلاّ اللّه . قال : فقالها .
فقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ما ترى ؟
فقال أرى رجلاً أسوداً قبيح المنظر ، وسِخ الثياب ، منتن الريح ، قد وليَني الساعة فأخذ بكظمي .
فقال له النبيّ : قل : ( يا مَن يقبل اليسير ويعفو عن الكثير ، اقبل مّني اليسير واعفُ عن الكثير ، إنّك أنت الغفور الرحيم ) . فقالها الشاب .
فقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : أنظر ، ماذا ترى ؟
قال : أرى رجلاً أبيض اللون ، حسن الوجه ، طيّب الريح ، حسن الثياب قد وليَني ، وأرى الأسود قد تولّى عنّي .
قال : أعد ، فأعاد .
قال : ما ترى ؟ قال : لست أرى الأسود ، وأرى الأبيض قد وليَني ثمّ طغى على تلك الحال )
ومِن آثار العقوق :
أنّه مِن الذنوب الكبائر التي توعّد اللّه عليها بالنار ، كما صرّحت بذلك الأخبار .
والجدير بالذكر ، أنّه كما يجب على الأبناء طاعة آبائهم وبرّهم والإحسان
إليهم ، كذلك يجدر بالآباء أنْ يسوسوا أبناءهم بالحكمة ، ولطف المداراة ، ولا يخرقوا بهم ويضطروهم إلى العقوق والعصيان .
فعن الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : يلزم الوالدين مِن العقوق لولدهما ، إذا كان الولد صالحاً ، ما يلزم الولد لهما )
وقال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( لعن اللّه والدين حمَلا ولدَهما على عقوقهما ، ورحِم اللّه والدَين حمَلا ولدَهما على برّهما )
{{حقوق الأولاد }}
الأولاد الصُلحاء هم زينة الحياة ، وربيع البيت ، وأقمار الأسرة ، وأعزّ آمالها وأمانيها ، وأجل الذخائر وأنفسها . لذلك أثنى عليهم أهل البيت وغيرهم من الحكماء والأدباء.
عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : الولد الصالح ريحانةٌ مِن رياحين الجنّة )
وفي حديثٍ آخر ، قال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( مِن سعادة الرجل الولدُ الصالح )
وقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : ( إنّ اللّه تعالى إذا أراد بعبدٍ خيراً لم يُمِته حتّى يريه الخلَف ).
وقال حكيمٌ في ميّت : ( إنّ كان له ولد فهو حي ، وإنْ لم يكن له ولد فهو ميّت ) .
وفضل الولد الصالح ونفعه لوالديه لا يقتصر على حياتهما فحسب ، بل يسري حتّى بعد وفاتهما ، وانقطاع أملهما من الحياة .
عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( ليس يتبع الرجل بعد موته مِن الأجر إلاّ ثلاث خِصال : صدقةٌ أجراها في حياته وهي تجري بعد موته ، وسنّة هدىً سنّها فهي يُعمل بها بعد موته ، أو ولدٌ صالح يدعو له )
وعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : مرّ عيسى بن مريم بقبرٍ يُعذّب صاحبه ، ثمّ مرّ به مِن قابل فإذا هو لا يعذّب . فقال : يا ربّ ، مررت بهذا القبر عام أوّل وكان يُعذّب !. فأوحى اللّه إليه . إنّه أدرك له ولدٌ صالح فأصلح طريقاً ، وآوى يتيماً ، فلهذا غفرت له بما فعل ابنه . ثمّ قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ميراث اللّه من عبده المؤمن ولدٌ يعبده مِن بعده ) .
ثمّ تلا أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) آية زكريّا على نبيّنا وآله و( عليه السلام ) : ( فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً )(
ومِن الواضح أنّ صلاح الأبناء واستقامتهم لا يتسنّيان عفَواً وجزافاً ، وإنّما يستلزمان رعايةً فائقة ، واهتماماً بالغاً في إعدادهم وتوجيههم وجهة الخير والصلاح .
مِن أجل ذلك وجَب على الآباء تأديب أولادهم وتنشئتهم على الاستقامة والصلاح ، ليجدوا ما يأملون فيهم مِن قرّة عين ، وحسن هدىً وسلوك .
قال الإمام السجاد ( عليه السلام ) : ( وأمّا حقّ ولدك : فأنْ تعلم أنّه منك ، ومضافٌ إليك في عاجلِ الدنيا بخيره وشرّه . وإنّك مسؤولٌ عمّا وليته من حسن الأدب ، والدلالة له على ربّه عزَّ وجل ، والمعونة له على طاعته . فاعمل في أمره عمَلَ مَن يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه ، معاقبٌ على الإساءة إليه )
فالآباء مسؤولون عن تهذيب أبنائهم وإعدادهم إعداداً صالحاً ، فإنْ أغفلوا ذلك أساؤا إلى أولادهم ، وعرّضوهم لأخطار التخلّف والتسيّب الديني والاجتماعي .
ويحسن بالآباء أنْ يبادروا أبناءهم بالتهذيب والتوجيه ، منذ حداثتهم ونعومة أظفارهم ، لسرعة استجابتهم إلى ذلك قبل تقدّمهم في السن ، وروسوخ العادات السيّئة والأخلاق الذميمة فيهم ، فيغدون آنَ ذاك أشدُّ استعصاءً على التأديب والإصلاح
.
اللهم صل على محمد وال محمد
{{عقوق الوالدين}}
******************
من الواضح أنّ نكران الجميل ومكافأة الإحسان بالإساءة ، أمران يستنكرهما العقل والشرع ، ويستهجنهما الضمير والوجدان ، وكلّما عظُم الجميل والإحسان ، كان جحودها أشدّ نكراً وأفظع جريرةً وإثماً .
وبهذا المقياس ندرك بشاعة عقوق الوالدين وفظاعة جرمه ، حتّى عدّ مِن الكبائر الموجبة لدخول النار . ولا غرابة فالعقوق - فضلاً عن مخالفته المبادئ الإنسانيّة ، وقوانين العقل والشرع - دالٌّ على موت الضمير ، وضعف الإيمان، وتلاشي القِيَم الإنسانية في العاق .
فقد بذل الأبوان طاقات ضخمة وجهوداً جبّارة ، في تربية الأبناء وتوفير ما يبعث على إسعادهم وازدهار حياتهم مادّيا وأدبيّاً ، ما يعجز الأولاد عن تثمينه وتقديره .
فكيف يسوغ للأبناء تناسي تلك العواطف والألطاف ومكافأتها بالإساءة والعقوق ؟
مِن أجل ذلك حذّرت الشريعة الإسلاميّة مِن عقوق الوالدين أشدّ التحذير ، وأوعدت عليه بالعقاب العاجل والآجل .
فعن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : كن بارّاً ، واقتصر على الجنّة ، وإنْ كنت عاقّاً ، فاقتصر على النار )
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( لو عِلم اللّه شيئاً هو أدنى مِن أُفٍّ ، لنهى عنه ، وهو مِن أدنى العقوق ، ومِن العقوق أنْ ينظر الرجل إلى والديه ، فيحدّ النظر إليهما )
وقال الباقر ( عليه السلام ) : ( إنّ أبي نظر إلى رجلٍ ومعه ابنه يمشي ، والابن مُتّكئ على ذراع الأب ، قال : فما كلّمه أبي ( عليه السلام ) مقتاً له حتّى فارق الدنيا )
وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ثلاثة مِن الذنوب ، تعجّل عقوبتها ولا تؤخّر إلى الآخرة : عقوق
الوالدين ، والبغي على الناس ، وكفر الإحسان )(1) .
{{مساوئ العقوق }}
*******************
وللعقوق مساوئٌ خطيرة ، وآثارٌ سيّئة تنذر العاقّ وتتوعّده بالشقاء الدنيوي والأُخروي .
فمن آثاره أنّ العاقّ يعقّه ابنه... جزاءً وفاقاً على عقوقه لأبيه . وقد شهِد الناس صوراً وأدواراً مِن هذه المكافأة على مسرح الحياة .
مِن ذلك ما حكاه الأصمعي قال : حدّثني رجلٌ مِن الأعراب قال : خرجت من الحيّ أطلب أعقّ الناس وأبرّ الناس . فكنت أطوف بالأحياء ، حتّى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل ، يستقي بدلو لا تطيقه الإبل في الهاجر والحرّ الشديد ، وخلفه شاب في يده رشاء من قدٍّ ملوي ، يضربه به ، قد شقّ ظهره بذلك الحبل .
فقلت له : أما تتّقي اللّه في هذا الشيخ الضعيف ، أما يكفيه ما هو فيه مِن هذا الحبل حتّى تضربه ؟
قال : إنّه مع هذا أبي .
قلت : فلا جزاك اللّه خيراً .
قال : اسكت ، فهكذا كان يصنع هو بأبيه ، وكذا كان يصنع أبوه بجدّه .
فقلت : هذا أعقّ الناس .
ثمّ جلت أيضاً حتّى انتهيت إلى شابٍّ في عنقه زبيل ، فيه شيخ كأنّه فرخ ، فيضعه بين يديه في كلّ ساعة ، فيزقّه كما يزقّ الفرخ .
فقلت له : ما هذا ؟
فقال : أبي ، وقد خرف ، فأنا أكفله .
قلت : فهذا أبرّ العرب . فرجعت وقد رأيت أعقّهم وأبرّهم
ومِن آثار العقوق :
أنّه موجبٌ لشقاء العاق ، وعدم ارتياحه في الحياة ، لسخط الوالدين ودعائهما عليه .
وقد جاء في الحديث النبوي : ( إيّاكم ودعوة الوالد ، فإنّها أحدّ مِن السيف ) .
ومن آثار العقوق :
أنّ العاق يُشاهد أهوالاً مريعة عند الوفاة ، ويُعاني شدائد النزع وسكرات الموت .
فعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : ( إنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) حضَر شابّاً عند وفاته ، فقال له : قل لا إله إلاّ اللّه . قال : فاعتقل لسانه مراراً
فقال لامرأة عند رأسه : ( هل لهذا أُم ؟ )
قالت : نعم ، أنا أُمّه .
(1) المحاسن والمساوئ
قال : أَ فساخطةٌ أنتِ عليه ؟
قالت : نعم ، ما كلّمته مُنذ ستّ حجج .
قال لها : ( ارضِ عنه ) . قالت : رضي اللّه عنه برضاك يا رسول اللّه .
فقال له رسول اللّه : قل لا إله إلاّ اللّه . قال : فقالها .
فقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ما ترى ؟
فقال أرى رجلاً أسوداً قبيح المنظر ، وسِخ الثياب ، منتن الريح ، قد وليَني الساعة فأخذ بكظمي .
فقال له النبيّ : قل : ( يا مَن يقبل اليسير ويعفو عن الكثير ، اقبل مّني اليسير واعفُ عن الكثير ، إنّك أنت الغفور الرحيم ) . فقالها الشاب .
فقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : أنظر ، ماذا ترى ؟
قال : أرى رجلاً أبيض اللون ، حسن الوجه ، طيّب الريح ، حسن الثياب قد وليَني ، وأرى الأسود قد تولّى عنّي .
قال : أعد ، فأعاد .
قال : ما ترى ؟ قال : لست أرى الأسود ، وأرى الأبيض قد وليَني ثمّ طغى على تلك الحال )
ومِن آثار العقوق :
أنّه مِن الذنوب الكبائر التي توعّد اللّه عليها بالنار ، كما صرّحت بذلك الأخبار .
والجدير بالذكر ، أنّه كما يجب على الأبناء طاعة آبائهم وبرّهم والإحسان
إليهم ، كذلك يجدر بالآباء أنْ يسوسوا أبناءهم بالحكمة ، ولطف المداراة ، ولا يخرقوا بهم ويضطروهم إلى العقوق والعصيان .
فعن الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : يلزم الوالدين مِن العقوق لولدهما ، إذا كان الولد صالحاً ، ما يلزم الولد لهما )
وقال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( لعن اللّه والدين حمَلا ولدَهما على عقوقهما ، ورحِم اللّه والدَين حمَلا ولدَهما على برّهما )
{{حقوق الأولاد }}
الأولاد الصُلحاء هم زينة الحياة ، وربيع البيت ، وأقمار الأسرة ، وأعزّ آمالها وأمانيها ، وأجل الذخائر وأنفسها . لذلك أثنى عليهم أهل البيت وغيرهم من الحكماء والأدباء.
عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : الولد الصالح ريحانةٌ مِن رياحين الجنّة )
وفي حديثٍ آخر ، قال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( مِن سعادة الرجل الولدُ الصالح )
وقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : ( إنّ اللّه تعالى إذا أراد بعبدٍ خيراً لم يُمِته حتّى يريه الخلَف ).
وقال حكيمٌ في ميّت : ( إنّ كان له ولد فهو حي ، وإنْ لم يكن له ولد فهو ميّت ) .
وفضل الولد الصالح ونفعه لوالديه لا يقتصر على حياتهما فحسب ، بل يسري حتّى بعد وفاتهما ، وانقطاع أملهما من الحياة .
عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( ليس يتبع الرجل بعد موته مِن الأجر إلاّ ثلاث خِصال : صدقةٌ أجراها في حياته وهي تجري بعد موته ، وسنّة هدىً سنّها فهي يُعمل بها بعد موته ، أو ولدٌ صالح يدعو له )
وعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : مرّ عيسى بن مريم بقبرٍ يُعذّب صاحبه ، ثمّ مرّ به مِن قابل فإذا هو لا يعذّب . فقال : يا ربّ ، مررت بهذا القبر عام أوّل وكان يُعذّب !. فأوحى اللّه إليه . إنّه أدرك له ولدٌ صالح فأصلح طريقاً ، وآوى يتيماً ، فلهذا غفرت له بما فعل ابنه . ثمّ قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ميراث اللّه من عبده المؤمن ولدٌ يعبده مِن بعده ) .
ثمّ تلا أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) آية زكريّا على نبيّنا وآله و( عليه السلام ) : ( فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً )(
ومِن الواضح أنّ صلاح الأبناء واستقامتهم لا يتسنّيان عفَواً وجزافاً ، وإنّما يستلزمان رعايةً فائقة ، واهتماماً بالغاً في إعدادهم وتوجيههم وجهة الخير والصلاح .
مِن أجل ذلك وجَب على الآباء تأديب أولادهم وتنشئتهم على الاستقامة والصلاح ، ليجدوا ما يأملون فيهم مِن قرّة عين ، وحسن هدىً وسلوك .
قال الإمام السجاد ( عليه السلام ) : ( وأمّا حقّ ولدك : فأنْ تعلم أنّه منك ، ومضافٌ إليك في عاجلِ الدنيا بخيره وشرّه . وإنّك مسؤولٌ عمّا وليته من حسن الأدب ، والدلالة له على ربّه عزَّ وجل ، والمعونة له على طاعته . فاعمل في أمره عمَلَ مَن يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه ، معاقبٌ على الإساءة إليه )
فالآباء مسؤولون عن تهذيب أبنائهم وإعدادهم إعداداً صالحاً ، فإنْ أغفلوا ذلك أساؤا إلى أولادهم ، وعرّضوهم لأخطار التخلّف والتسيّب الديني والاجتماعي .
ويحسن بالآباء أنْ يبادروا أبناءهم بالتهذيب والتوجيه ، منذ حداثتهم ونعومة أظفارهم ، لسرعة استجابتهم إلى ذلك قبل تقدّمهم في السن ، وروسوخ العادات السيّئة والأخلاق الذميمة فيهم ، فيغدون آنَ ذاك أشدُّ استعصاءً على التأديب والإصلاح
.
تعليق