حقوق النبي صلى اللّه عليه وآله
كان نبينا الأعظم محمد صلى اللّه عليه وآله، المثل الأعلى في سائر نواحي الكمال، اصطفاه اللّه من الخلق واختاره من العباد، وحباه بأرفع الخصائص والمواهب التي حبا بها الأنبياء عليهم السلام، وجمع فيه ما تفرق فيهم من صنوف العظمات والأمجاد ما جعله سيدهم وخاتمهم.
وناهيك في عظمته أنه استطاع بجهوده الجبارة ومبادئه الخالدة، أن يحقق في أقل من ربع قرن من الانتصارات الروحية والمكاسب الدينية، ما لم يستطع تحقيقه سائر الأنبياء والشرائع في أكثر من قرون.
جاء بأكمل الشرائع الالهية، وأشدها ملائمة لأطوار الحياة، وأكثرها تكفلاً باسعاد الانسان مادياً وروحياً، ديناً ودنياً، فأخرج الناس من ظلمة الكفر الى نور الاسلام، ومن شقاء الجاهلية الى السعادة الأبدية. وجعل أمته أكمل الأمم ديناً، وأوفرهم علماً، واسماهم أدباً وأخلاقاً، وأرفعهم حضارة ومجداً.
وقد عانى في سبيل ذلك من ضروب الشدائد والأهوال، ما لم يعانه أي نبي.
من أجل ذلك، فان القلم عاجز عن تعداد أياديه، وحصر حقوقه
{ 306 }
على المسلمين سيما في هذه الرسالة الوجيزة. فلا بد من الاشارة اليها والتلويح عنها.
وهي، بعد الايمان بنبوته، وتصديقه فيما جاء به من عند اللّه عز وجل، والاعتقاد بأنه سيد الرسل، وخاتم الأنبياء:
1 - طاعته:
وطاعة النبي فرض محتم على الناس، كطاعة اللّه تعالى، إذ هو سفيره الى العباد، وأمينه على الوحي، ومنار هدايته الوضاء.
وواقع الطاعة هو: اتباع شرعته، وتطبيق مبادئه الخالدة، التي ما سعد المسلمون ونالوا آمالهم وأمانيهم، الا بالتمسك بها والحفاظ عليها. وما تخلفوا واستكانوا الا باغفالها والانحراف عنها.
أنظر كيف يحرض القرآن الكريم على طاعة النبي صلى اللّه عليه وآله، ويحذر مغبة عصيانه ومخالفته، حيث قال:
«وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا، واتقوا اللّه إن اللّه شديد العقاب» (الحشر: 7).
وقال تعالى: «وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى اللّه ورسوله أمراً، أن يكون لهم الخيرة من أمرهم. ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً» (الأحزاب: 36».
وقال سبحانه: «ومن يطع اللّه ورسوله يدخله جنات تجري من
{ 307 }
تحتها الأنهار خالدين فيها، وذلك الفوز العظيم. ومن يعص اللّه ورسوله، ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها، وله عذاب مهين» (النساء: 13 - 14).
وقال عز وجل: «إن الذين يحادون اللّه ورسوله، أولئك في الأذلين. كتب اللّه لاغلبن أنا ورسلي، إن اللّه قوي عزيز» (المجادلة: 20 - 21).
2 - محبته:
تختلف دواعي الحب والإعجاب باختلاف نزعات المحبين وميولهم، فمن الناس من يحب الجمال ويقدسه، ومنهم من يحب البطولة والأبطال ويمجدهم، ومنهم من يحب الاريحية ويشيد بأربابها.
وقد اجتمع في النبي الأعظم صلى اللّه عليه وآله كل ما يفرض المحبة ويدعو الى الاعجاب، حيث كان نموذجاً فذاً، ونمطاً فريداً بين الناس. لخص اللّه فيه آيات الجمال والكمال، وأودع فيه أسرار الجاذبية، فلايملك المرء أزائه الا الحب والاجلال، وهذا ما تشهد به شخصيته المثالية، وتأريخه المجيد.
قال أمير المؤمنين عليه السلام وهو يصف شمائل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله:
«كان نبي اللّه أبيض اللون، مشرباً حمرة، أدعج العين، سبط الشعر، كث اللحية، ذا وفرة، دقيق المسربة، كأنما عنقه ابريق فضة يجري في تراقيه الذهب، له شعر من لبته الى سرته كقضيب خيط، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره، شثن الكفين والقدمين، اذا مشى
{ 308 }
كأنه ينقلع من صخر، اذا أقبل كأنما ينحدر من صب، اذا التفت التفت جميعاً بأجمعه، ليس بالقصير ولا بالطويل، كأنما عرقه في وجهه اللؤلؤ، عرقه أطيب من المسك»(1).
وقال عليه السلام وهو يصف أخلاق الرسول صلى اللّه عليه وآله:
«كان أجود الناس كفاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه فعرفه أحبه، لم أر مثله قبله ولا بعده» (2).
ولأجل تلك الشمائل والمآثر، أحبه الناس على اختلاف ميولهم في الحب: أحبه الأبطال لبطولته الفذة التي لا يجاريه فيها بطل مغوار، وأحبه الكرام اذ كان المثل الأعلى في الأريحية والسخاء، وأحبه العباد لتولهه في العبادة وفنائه في ذات اللّه، وأحبه أصحابه المخلصون لمثاليته الفذة في الخَلق والخُلق.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: «جاء رجل من الانصار الى النبي صلى اللّه عليه وآله، فقال: يا رسول اللّه ما استطيع فراقك، واني لأدخل منزلي فأذكرك، فأترك ضيعتي وأقبل حتى أنظر اليك حباً لك، فذكرت اذا كان يوم القيامة، وأدخلتَ الجنة، فرفعت في أعلى عليين، فكيف لي بك يا نبي اللّه؟، فنزل: «ومن يطع اللّه والرسول، فأولئك مع الذين انعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك
_____________________
(1) البحار م 6 في أوصاف خلقه وشمائله.
(2) سفينة البحار م 2 ص 414.
{ 309 }
رفيقا» (النساء: 69)، فدعا النبي صلى اللّه عليه وآله الرجلَ فقرأها عليه وبشره بذلك»(1).
وقال أنس: جاء رجل من أهل البادية، وكان يعجبنا ان يأتي الرجل من أهل البادية يسأل النبي صلى اللّه عليه وآله، فقال: يا رسول اللّه متى قيام الساعة؟
فحضرت الصلاة، فلما قضى صلاته، قال: أين السائل عن الساعة؟
قال: أنا يا رسول اللّه. قال: فما أعددتَ لها؟
قال: واللّه ما أعددت لها من كثير عمل صلاة ولا صوم، الا اني أحب اللّه ورسوله.
فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله: المرء من أحب.
قال أنس: فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الاسلام بشيء أشد من فرحهم بهذا(2).
وعن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رجل يبيع الزيت، وكان يحب رسول اللّه صلي اللّه عليه وآله حباً شديداً، كان اذا أراد أن يذهب في حاجة لم يمض حتى ينظر الى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، قد عرف ذلك منه، فاذا جاء تطاول له حتى ينظر اليه. حتى اذا كان ذات يوم، دخل فتطاول له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حتى نظر اليه ثم مضى في حاجته، فلم يكن بأسرع من أن رجع، فلما رآه رسول اللّه
_____________________
(1) البحار م 6 في باب وجوب طاعته وحبه.
(2) البحار م 6 ، باب وجوب طاعته وحبه،
كان نبينا الأعظم محمد صلى اللّه عليه وآله، المثل الأعلى في سائر نواحي الكمال، اصطفاه اللّه من الخلق واختاره من العباد، وحباه بأرفع الخصائص والمواهب التي حبا بها الأنبياء عليهم السلام، وجمع فيه ما تفرق فيهم من صنوف العظمات والأمجاد ما جعله سيدهم وخاتمهم.
وناهيك في عظمته أنه استطاع بجهوده الجبارة ومبادئه الخالدة، أن يحقق في أقل من ربع قرن من الانتصارات الروحية والمكاسب الدينية، ما لم يستطع تحقيقه سائر الأنبياء والشرائع في أكثر من قرون.
جاء بأكمل الشرائع الالهية، وأشدها ملائمة لأطوار الحياة، وأكثرها تكفلاً باسعاد الانسان مادياً وروحياً، ديناً ودنياً، فأخرج الناس من ظلمة الكفر الى نور الاسلام، ومن شقاء الجاهلية الى السعادة الأبدية. وجعل أمته أكمل الأمم ديناً، وأوفرهم علماً، واسماهم أدباً وأخلاقاً، وأرفعهم حضارة ومجداً.
وقد عانى في سبيل ذلك من ضروب الشدائد والأهوال، ما لم يعانه أي نبي.
من أجل ذلك، فان القلم عاجز عن تعداد أياديه، وحصر حقوقه
{ 306 }
على المسلمين سيما في هذه الرسالة الوجيزة. فلا بد من الاشارة اليها والتلويح عنها.
وهي، بعد الايمان بنبوته، وتصديقه فيما جاء به من عند اللّه عز وجل، والاعتقاد بأنه سيد الرسل، وخاتم الأنبياء:
1 - طاعته:
وطاعة النبي فرض محتم على الناس، كطاعة اللّه تعالى، إذ هو سفيره الى العباد، وأمينه على الوحي، ومنار هدايته الوضاء.
وواقع الطاعة هو: اتباع شرعته، وتطبيق مبادئه الخالدة، التي ما سعد المسلمون ونالوا آمالهم وأمانيهم، الا بالتمسك بها والحفاظ عليها. وما تخلفوا واستكانوا الا باغفالها والانحراف عنها.
أنظر كيف يحرض القرآن الكريم على طاعة النبي صلى اللّه عليه وآله، ويحذر مغبة عصيانه ومخالفته، حيث قال:
«وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا، واتقوا اللّه إن اللّه شديد العقاب» (الحشر: 7).
وقال تعالى: «وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى اللّه ورسوله أمراً، أن يكون لهم الخيرة من أمرهم. ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً» (الأحزاب: 36».
وقال سبحانه: «ومن يطع اللّه ورسوله يدخله جنات تجري من
{ 307 }
تحتها الأنهار خالدين فيها، وذلك الفوز العظيم. ومن يعص اللّه ورسوله، ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها، وله عذاب مهين» (النساء: 13 - 14).
وقال عز وجل: «إن الذين يحادون اللّه ورسوله، أولئك في الأذلين. كتب اللّه لاغلبن أنا ورسلي، إن اللّه قوي عزيز» (المجادلة: 20 - 21).
2 - محبته:
تختلف دواعي الحب والإعجاب باختلاف نزعات المحبين وميولهم، فمن الناس من يحب الجمال ويقدسه، ومنهم من يحب البطولة والأبطال ويمجدهم، ومنهم من يحب الاريحية ويشيد بأربابها.
وقد اجتمع في النبي الأعظم صلى اللّه عليه وآله كل ما يفرض المحبة ويدعو الى الاعجاب، حيث كان نموذجاً فذاً، ونمطاً فريداً بين الناس. لخص اللّه فيه آيات الجمال والكمال، وأودع فيه أسرار الجاذبية، فلايملك المرء أزائه الا الحب والاجلال، وهذا ما تشهد به شخصيته المثالية، وتأريخه المجيد.
قال أمير المؤمنين عليه السلام وهو يصف شمائل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله:
«كان نبي اللّه أبيض اللون، مشرباً حمرة، أدعج العين، سبط الشعر، كث اللحية، ذا وفرة، دقيق المسربة، كأنما عنقه ابريق فضة يجري في تراقيه الذهب، له شعر من لبته الى سرته كقضيب خيط، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره، شثن الكفين والقدمين، اذا مشى
{ 308 }
كأنه ينقلع من صخر، اذا أقبل كأنما ينحدر من صب، اذا التفت التفت جميعاً بأجمعه، ليس بالقصير ولا بالطويل، كأنما عرقه في وجهه اللؤلؤ، عرقه أطيب من المسك»(1).
وقال عليه السلام وهو يصف أخلاق الرسول صلى اللّه عليه وآله:
«كان أجود الناس كفاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه فعرفه أحبه، لم أر مثله قبله ولا بعده» (2).
ولأجل تلك الشمائل والمآثر، أحبه الناس على اختلاف ميولهم في الحب: أحبه الأبطال لبطولته الفذة التي لا يجاريه فيها بطل مغوار، وأحبه الكرام اذ كان المثل الأعلى في الأريحية والسخاء، وأحبه العباد لتولهه في العبادة وفنائه في ذات اللّه، وأحبه أصحابه المخلصون لمثاليته الفذة في الخَلق والخُلق.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: «جاء رجل من الانصار الى النبي صلى اللّه عليه وآله، فقال: يا رسول اللّه ما استطيع فراقك، واني لأدخل منزلي فأذكرك، فأترك ضيعتي وأقبل حتى أنظر اليك حباً لك، فذكرت اذا كان يوم القيامة، وأدخلتَ الجنة، فرفعت في أعلى عليين، فكيف لي بك يا نبي اللّه؟، فنزل: «ومن يطع اللّه والرسول، فأولئك مع الذين انعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك
_____________________
(1) البحار م 6 في أوصاف خلقه وشمائله.
(2) سفينة البحار م 2 ص 414.
{ 309 }
رفيقا» (النساء: 69)، فدعا النبي صلى اللّه عليه وآله الرجلَ فقرأها عليه وبشره بذلك»(1).
وقال أنس: جاء رجل من أهل البادية، وكان يعجبنا ان يأتي الرجل من أهل البادية يسأل النبي صلى اللّه عليه وآله، فقال: يا رسول اللّه متى قيام الساعة؟
فحضرت الصلاة، فلما قضى صلاته، قال: أين السائل عن الساعة؟
قال: أنا يا رسول اللّه. قال: فما أعددتَ لها؟
قال: واللّه ما أعددت لها من كثير عمل صلاة ولا صوم، الا اني أحب اللّه ورسوله.
فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله: المرء من أحب.
قال أنس: فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الاسلام بشيء أشد من فرحهم بهذا(2).
وعن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: كان رجل يبيع الزيت، وكان يحب رسول اللّه صلي اللّه عليه وآله حباً شديداً، كان اذا أراد أن يذهب في حاجة لم يمض حتى ينظر الى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، قد عرف ذلك منه، فاذا جاء تطاول له حتى ينظر اليه. حتى اذا كان ذات يوم، دخل فتطاول له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حتى نظر اليه ثم مضى في حاجته، فلم يكن بأسرع من أن رجع، فلما رآه رسول اللّه
_____________________
(1) البحار م 6 في باب وجوب طاعته وحبه.
(2) البحار م 6 ، باب وجوب طاعته وحبه،