بسم الله الرحمن الرحيم
إن هذاالطريق طريق ذات شوكة، وهذا الطريق مخالف لهوى النفس، فالتسافل أمره سهل.. حيث أن بإمكان الإنسان أن يرتع كما ترتع الأنعام، فالحياة البهيمية متطابقة مع الحالة الأرضية.. والإنسان إذا أراد أن يتسافل لا يحتاج إلى جهد جهيد، فالإنسان الذي على قمة من ثلج، إذا أراد أن يتزحلق نحو الوادي، ما عليه إلاّ أن يرخي نفسه قليلاً.. إذا به بعد نقاط معدودة، انتقل من القمة إلى أسفل الوادي، حيث الهلاك والحطام.
- أما رقي الجبل، والصعود إلى الأعالي، فإنه حركة قسرية.. وهكذا في عالم الأنفس.. إن بعض الناس لأجل كسب مادي بسيط، لأمور أرضية، يتحلى بالصبر.. فقد يصبر أربع سنوات للحصول على شهادة جامعية، في مجالات جداً بسيطة في مجالات الحياة.. أما عندما تصل القضية إلى عالم الأنفس، فإنه يتوقع -في أربعين يوما، أو في شهر رمضان المبارك، أو في حجة، أو في عمرة، أو في موسم معين- أن يصل إلى مستوى الصالحين، والذين وصلوا إلى درجات عالية من الكمال.. وهذا خلاف السنة الإلهية في خلقه، إذ يقول: {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيه}.. فالقرآن جاء بصيغة المفعول المطلق، فالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ما أوحي إليه، ولم يعّين سفيرا بين الخالق والمخلوق، إلاّ في سنّ الأربعين، وبعد المجاهدات الطويلة، والخلوات التي لا يعلمها إلاّ الله -عزّ وجلّ- في غار حراء، حتى أُهل لذلك المنصب.. فالقضية تحتاج إلى عمر، ولذلك عُبر عن سنّ الأربعين بسن الرشد والتكامل.
الخلاصة: أن على الإنسان أن يتحلى بالصبر.. حيث أن من الأشياء التي تجعل الإنسان يتراجع ،بعد أن سافر خطوات نحو الأمام.. أن يأتيه الشيطان ويقول له: أنت جاهدت كثيراً، ولكن لم تحصل على نتائج معجلة.. فالإنسان المستعجل في قطف الثمار، لا يمكن أن يصل إلى أيّ درجة من درجات التكامل.. ولهذا نلاحظأن النصوص الشريفة، تجعل الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.. وبالتالي، فإن الإنسان المستعجل الذي لا صبر له، لا يمكنه أن يحقق النجاح في هذا المجال، وخاصة أن الإنسان خلق من عجل، فهو له طبيعة استعجالية.. هذه الطبيعة الاستعجالية، لا تتناسب مع الإنسان الذي يريد أن يصل إلى الله سبحانه وتعالى ٠٠
--------------------------
الشيخ حبيب الكاظمي