إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عدم الإحساس بالتميز

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عدم الإحساس بالتميز


    اللهم صل على محمد وآل محمد
    إن الإنسان الغافل -مع الأسف- حينما يتذوق الدين، ويتذوق بعض المعارف في صلاته، أو في قراءته للقرآن، أو في تهجده.. فإنه لا شعورياً يرى نفسه متميزاً عن الآخرين، ولو سئل لا يعترف، وفي مقام الاعتقاد يعترف بأنه في أدنى الخلق، ولكن لا شعورياً في أعماق وجوده يرى صفة التميز.

    - لماذا نستشعر التميز عن الآخرين، بمجرد بعض النفحات البسيطة المتقطعة؟.. والحال أن هناك أمرين لا يعلمهما إلاّ الله عزّ وجلّ، ومع وجود الجهل بهاتين الصفتين، فإن الإنسان لا يمكن أن يعيش التميز.

    أولاً: الجهل بالبواطن: إن أساس الحساب يوم القيامة، هو القلب السليم.. فقد نرى إنسانا في أدنى درجات التدين الظاهري: يأتي بالواجبات بأدنى صورها، ولا يعيشبعض حالات التحليق المعنوي، أو بعض صور المناجاة القوية، والبكاء، والتضرع، وبعض المعاني العرفانية الدقيقة.. ولكنه يأتي بالواجبات بأدنى صورها، وله قلب سليم: لا يحمل حقداً، ولا يحمل غشاً، ولا يضمر الشر لأحد.. ولا يعيش التكبر الباطني، ومبرأ من الحسد... الخ.. هذا الإنسان وجيه عند الله.. ولو قسنا بين هذا الإنسان، وإنسان له شوائب باطنية، وله عبادة واضحة متميزة.. فمن المؤكد أنّ هذا الإنسان، يرجح على هذا الآخر المشرب بالشوائب الباطنية.

    فإذن،من أين يعلم الإنسان بواطن العباد!.. والقرآن الكريم يعبر عن يوم القيامة بـ: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}، {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}.. فكشف الغطاء، وانكشاف السرائر من خواص يوم القيامة، والدنيا دار الستر ودار العدم، وهذا مضمون عبارة: (لو تكاشفتم ما تدافنتم)؛ أي لو علمتم بواطن الأشخاص، لنفرتم من صاحبكم.

    ثانياً: الجهل بعواقب الأمور: هب أنك عرفت باطن الشخص، فلا ينبغي في الاستعجال في الحكم عليه.. إن التاريخ الإسلامي، وحتى تاريخ الأمم السابقة، مليء بصور الانقلاب.. الانقلاب رأساً على عقب، والقرآن يعبر عن ذلك بـ: {انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} كما يعبر باصطلاح اليوم 180 درجة. .والأمور بخواتيمها، فنحن لا نعلم أنّ هذا الصراع المرير بين الشيطان وبين الإنسان ما نهايته؟.. قد يدخر الشيطان ضربته القاضية إلى أواخر الحياة، لأنه لو استعجل بالضربة الآن، فإنه يخاف من التدارك والتوبة.. يقول: لماذا أجرحه جرحا قاتلاً في أيام حياته وشبابه؟.. لأنه قد يعود ويفيق من سكرته، ويرجع إلى رشده.. وكما هو معلوم: فإن الملدوغ، يخاف من كلّ شيء.. وبالتالي، فإنه سيحذر الشيطان.. لذلك فإن الأفضل له، أن يؤجل حملته القاضية إلى سنوات ضعفه في أواخر حياته.

    فإذن، البواطن مستورة، وأيضا العواقب مستورة.. فمع ستر العواقب والبواطن، المؤمن لا يستعجل بالحكم على الأشخاص أبداً.

    ثالثا: الجهل بالصفقات المربحة: فبمقاييس القبول:أن الإنسان قد يكون له باطن غير محمود، وأفعاله كذلك؛ ولكن الله يرتضي بعض أفعاله.. فحركة بسيطة منه، قد تقع موقع القبول، وهذا له شواهد في التاريخ: فالحر قبل واقعة كربلاء، صدرت منه بادرتان جميلتان اتجاه الإمام الحسين (عليه السلام).
    1- تأدبه أمام الحسين (عليه السلام )، حينما قال له: ثكلتك أمك يا حر!.. فلم يرد عليه الحر بالمثل.

    2- أيضاً دعا الحسين بأن يصلي بهم جماعة، رغم أنه في موضع قتال.

    لعل القضية ليست قضية حركة في ذلك اليوم، وإنما أيضا جهاده في يوم عاشوراء.. فجهاده النفسي وبصيرته، أيضا كان له دور في انقلاب موقعه.

    فإذن، إن الإنسان لا يعلم ما هي الحركات المؤثرة؟.. فالقرآن الكريم عندما يأتي على سيرة موسى -موسى (عليه السلام ) له تاريخ عريق من المجاهدة بشتى صورها- فإنه ينتخب الجميل في حياة موسى (عليه السلام ): {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}.. فالقرآن الكريم سجّل هذا الموقف الرجولي الذي قام به موسى (عليه السلام )، فكان هذا سبباً لأن يكون صهراً لنبي الله شعيب (عليه السلام ).. وفي سورة الدهر، أيضا سجل قضية الإنفاق التي قام بها أمير المؤمنين (عليه السلام).. وبالتالي، فنحن لا نعلم ملف الأشخاص، وما هي النقاط المضيئة جدا، والتي ادخرت ليوم فقرهم وفاقتهم

    يتبع

    ---------------------------
    الشيخ حبيب الكاظمي

    أين استقرت بك النوى
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X