إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشكورية مع الحق المتعال والخلق

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشكورية مع الحق المتعال والخلق

    بسم الله الرحمن الرحيم

    - إن هذه النقطة أيضاً نقطة مهمة.. فإذا رأيتم الإنسان يعيش حالة كفران النعمة، كأن تحسن إليه فلا يشكرك بكلمة.. بغض النظر عن المواقف، ورد الجميل.. فإن هذا الإنسان يُخشى عليه في يوم من الأيام، لأن هذه النفس التي لا تقيم وزناً لإنعام الآخرين، نفس تعيش حالة من الخلل.. فالذي يعيش حالة من الكفران مع المخلوقين، لا يُؤمَن أن يعيش حالة الكفران مع ربّ العالمين، إذ أن هناك حالة مشتركة، فـ(من لم يشكر المخلوق، لم يشكر الخالق).. قال الإمام الرضا (ع): (من لم يشكر المنعم من المخلوقين، لم يشكر الله عز وجل).

    - إن الإنسان المؤمن لا ينسى الإحسان البسيط المؤدى إليه من مؤمن، ومن غير المؤمن.. وفي بعض روايات أهل البيت -عليهم السلام- أمرنا أن لا نكلف غير المؤمنين بقضاء الحوائج، يقول المعصوم عليه السلام -ما مضمونه-: (بأنّ هذا يكلفنا)؛ بمعنى أن هذا الإحسان يكلف المعصوم، أن يرّد هذا الجميل نيابة عن المؤمن.. والإمام لا يحب أن يتورط يوم القيامة مع الإنسان الذي لم يستقم في سيره إلى الله سبحانه وتعالى.

    - واجب المؤمن تجاه من قدم له إحسانا:

    أولا: الشكر اللفظي: إن المؤمن كلما رأى جميلاً من أحد، عليه بالشكر اللفظي أولا.. حتى لو بالغ في الشكر، فإن ذلك أمر محمود، ولا يحمل على التكلف والتزلف.

    ثانياً: ترّقب الفرصة المناسبة لردّ الجميل: على المؤمن أن لا يجعل في ذمته حقاً لأحد قدر المستطاع، فيتحيّن أي فرصة: مالاً، أو زيارةً، أو عبادةً، أو مساعدةً، ليرد ذلك الدين الذي في ذمته.. وإن عجز عن ذلك كله، فعليه بالدعاء لهذا الإنسان.. هناك من يكتب في مذكرته، وفي دفتر أسراره أسماء ذوي الحقوق عليه، منذ أيام بلوغه: الذي علّمه الصلاة، والذي علّمه معالم الدين، والذي دلّه على الخير، والذي كان له دور في تزويجه، ومن يتذكر من إخوانه، وخاصة ذوي الحقوق المعنوية.. ويخصهم بالذكر في مواطن الذكر، فهو عندما يذهب إلى الكعبة عند الحطيم، حيث الحجر والباب، يذكر ذوي الحقوق عليه.. وهذا ديدن فاطمة -سلام الله عليها- حينما كانت تقف في محراب العبادة، وتدعو لمن تعلم.. عن الإمام الحسن أنه قال: (رأيت أمي فاطمة -عليها السلام- قائمة في محرابها ليلة الجمعة، فلم تزل راكعة ساجدة حتى انفلق عمود الصبح.. وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وتسمّيهم، وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت: يا أماه!.. لم تدعي لنفسك كما تدعين لغيرك؟!.. قالت: يا بني!.. الجار ثم الدار)

    نعم، إن المؤمن له حالة الشكورية، فهو لا ينسى المعروف.. بل العكس، هو ينسى إساءة الآخرين، ويحفظ جميلهم.. وهذه صفة من الصفات المحمودة في الإنسان المؤمن.

    - إن أئمة الهدى وعلى رأسهم النبي المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- هم مظاهر أسماء الله.. فالله -سبحانه وتعالى- هادٍ، ولكن يهدي عبر الملائكة المقربين: كجبرائيل، وعبر الأنبياء والمرسلين.. نعم صفة الخالقية وما شابه ذلك، صفات مختصة بالله عزّ وجلّ.. وأما صفة الهداية، وصفة الشكر، وما شابه ذلك.. فإن المعصوم مجرى لهذه الصفات، والمؤمن أيضاً مأمور -كما في بعض النصوص- أن يتخلق بأخلاق الله -عزّ وجلّ- قدر الإمكان.. فيحاول أن يكون متشبهاً بأسماء الله الحسنى الممكنة: فالله -سبحانه وتعالى- شكور، هو أيضاً يجب أن يكون شكورا، ويحاول أن يكون كذلك.. أو أن الله -عزّ وجلّ- ودود، وكريم، وستار العيوب.. فالمؤمن يحاول أن يتخلق بأخلاق الله -عزّ وجلّ- وصلى الله على نبينا إذ قال: (أنا أديب ربي، وعلي أديبي).. ولهذا لا نكتفي بذكر أسماء الله الحسنى للتلاوة والثواب والأجر، وإنما نقرأ الأسماء الإلهية لنتشبه بهذه الصفات الحسنى.

    - فإذن، إن شكر المخلوقين، مقدمة لشكر الخالق.. والمؤمن عندما ينظر إلى جميل أخيه المؤمن في حقه، فهو لا ينسى منعمية الله عزّ وجلّ.. فإبراهيم الخليل ، كان يذهب إلى الطبيب تأسياً بالأنبياء جميعاً.. حيث أن السنة الإلهية، أن يراجع كل إنسان ذوي الاختصاص، ومع ذلك إبراهيم خليل الرحمن يقول: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}.. فهو يرى الشفاء من الله -عزّ وجلّ- وإن كان على يد الطبيب.. ويرى أن الرازق هو الله -عزّ وجلّ- وإن كان من خلال العمل الخاص وما شابه ذلك.

    - إن المؤمن في قرارة نفسه، وعندما يرى جميلاً من أخيه المؤمن، يمشي في واديين: وادي شكر المخلوق؛ شكراً لفظياً، أو إهداءً، أو دعاءً تعويضاً.. وفي نفس الوقت يشكر ربّ العالمين، إذ سخّر له هذه الوسيلة.. ولهذا عندما نركب وسيلة النقل نقول: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} فلولا اللطف الإلهي، لما يسّر لنا هذه الوسيلة.. وبهذا المعنى يذكره المؤمن في كلّ حالة، وفي كلّ موقف يرى فيه المؤمن جميلاً من مخلوق، فإنه ينظر إلى هذا الجميل، على أنه من الله سبحانه وتعالى

    وأخيراً لنعلم أن لو أفنينا عمرنا في طاعة الله عزّ وجلّ لما أدينا حقّ المولى

    ------------------------------
    الشيخ حبيب الكاظمي

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X