بسم الله الرحمن الرحيم
لقد سُفكت دمــاء كثيرة زكيّة لتثبيت مذهب الشيعة الإمامية . وقد تعرّضت طائفة من العلماء الأعلام للحبس والسجن والتشريد من بلد إلى بلد وبعضهم *كالشهيد الأول والثاني* وغيرهما قد نالوا درجة الشهادة .
كما أن *شيخ الطائفة الطوسي* قدس الله نفسه - هذا الشيخ العظيم - الذي أسس الحوزة العلمية في النجف الأشرف قد تحمل مصاعب جمة ومشاق صعبة وأحرقت داره ، وكذلك أستاذه *الشيخ المفيد* قدس الله نفسه ، تعرض بيته للمداهمة والهجوم مرات عديدة .
وفي نهاية المطاف ، وعلى أثر هذه المتاعب والمصاعب والزحمات بلغ مقام المرجعية والزعامة الدينية لعلماء الدين الشيعة - بحمد الله تبارك وتعالى - غاية أوجه وأعلى مرتبته ، وأثبت للعالم الاسلامي خاصة بل لجميع الناس كافة حقانيته ومصداقيته .
ومن ناحية أخرى ، أراد أعداء الدين أعني أعداء الإسلام وأعداء الشيعة ، زعزعة هذه المكانة والمنزلة ، وذلك عبر توجيه أصابع الإتهام والإفتراء على هذه القيادة الروحية والزعامة الدينية .
وقد عملتْ في هذا الإتجاه والسياق أيادي عديدة - كما تعلمون - لتضعيف هذا النفوذ الإجتماعي والوجاهة لعلماء الشيعة بحيث صار وضع عالم الدين وحياته ومعيشته في أرجاء النجف الأشرف وغيرها وفي المراكز والحواضر العلمية لاتصل إلى مستوى معيشة وحياة حتى إنسان عادي من الناس .
وبطبيعة الحال ، هذا الأمر مُشاهد وملموس يدركه كل واحد بوجدانه ، وأنه إلى أي حدّ وصلت أوضاع أهل العلم والعلماء .
ومع ذلك ، فإن هذا الأمر قابل للصبر والتحمُّل بل حتى لو كان أشد من هذا الحال أيضا ، فهو قابل للتحمل .
وقد رأيتم بالعيان والوجدان في أيام الحرب كيف كانت الأحوال والأوضاع أشد وأصعب بمراتب مما هي عليه الآن ، وكان يعيشون في منتهى الشدة والعسر والضيق ؛ حيث يمكن الصبر والسكوت والتحمل لكل ذلك في مقابل تضحيات أولئك العظماء وقتلهم وشهادتهم وما لاقوه من هتك وإهانة وحبس وتشريد وضرب وأذى وتعذيب .
وكيفما كان ، فالجهات المادية سهلة ويسيرة جدا ولكن كانت الجهات الروحية والمعنوية محفوظة ومصانة .
يعني أن الواحد من أهل العلم كانت منزلته محفوظة ومصونة والناس تعبِّر عنه بأنه عالم وزعيم دين ومقامه أرقى من مقام المادة وأمور الدنيا .
ويستطرد قدس سره في الكلام
حتى يصل الى القول :-
ان الأعداء الذين يسعون لاستغلال مثل هذه الأمور والقضايا {يقصد بها "قدس سره" الفتن والدسائس والتفرقة} من أجل محق مقام العلماء و سلب نفوذهم الروحي وتأثيرهم الإجتماعي ومكانتهم من النفوس بالمرة .
ونعوذ بالله أنْ تتزعزع مكانة العلماء التي بُذل من أجلها الغالي والنفيس وصُرفت من أجلها ملايين الأموال وأُزهقت الأرواح وسُفكت الدماء الزكية فنصير - معاذ الله - مصداقا تاما لقوله تعالى : *خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ* .
فهذه كلمة هذا العبد .