بسم الله الرحمن الرحيم
كفى بالموت واعظاً..
سُعِيَ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ العباسي بِالإمام عَلِيِّ الهادي (عليه السَّلام) أَنَّ فِي مَنْزِلِهِ كُتُباً وَسِلَاحاً مِنْ شِيعَتِهِ وَأَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى "الانقلاب" على الدَّوْلَةِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ جَمَاعَةً مِنَ الْأَتْرَاكِ هَجَمُوا دَارَهُ لَيْلًا فَلَمْ يَجِدُوا فِيهَا شَيْئاً وَوَجَدُوهُ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الرَّمْلِ وَالْحَصَى وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَتْلُو آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَحُمِلَ عَلَى حَالِهِ تِلْكَ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ وَقَالُوا لَهُ: لَمْ نَجِدْ فِي بَيْتِهِ شَيْئاً، وَوَجَدْنَاهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ.
وَكَانَ الْمُتَوَكِّلُ جَالِساً فِي مَجْلِسِ الشُّرْبِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَالْكَأْسُ فِي يَدِ الْمُتَوَكِّلِ، فَلَمَّا رَآهُ هَابَهُ وَعَظَّمَهُ وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ وَنَاوَلَهُ الْكَأْسَ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِهِ.
فَقَالَ: "وَاللَّهِ مَا يُخَامِرُ لَحْمِي وَدَمِي قَطُّ فَأَعْفِنِي" فَأَعْفَاهُ.
فَقَالَ: أَنْشِدْنِي شِعْراً.
فَقَالَ: "إِنِّي قَلِيلُ الرِّوَايَةِ لِلشِّعْرِ".
فَقَالَ: لَا بُدَّ.
فَأَنْشَدَهُ عليه السَّلام وَهُوَ جَالِسٌ عِنْدَهُ:
بَاتُوا عَلَى قُلَلِ الْأَجْبَالِ تَحْرُسُهُمْ
غُلْبُ الرِّجَالِ فَلَمْ تَنْفَعْهُمُ الْقُلَلُ
وَاسْتَنْزَلُوا بَعْدَ عِزٍّ مِنْ مَعَاقِلِهِمْ
وَاسْكِنُوا حُفَراً يَا بِئْسَمَا نَزَلُوا
نَادَاهُمْ صَارِخٌ مِنْ بَعْدِ دَفْنِهِمْ
أَيْنَ الْأَسَاوِرُ وَالتِّيجَانُ وَالْحُلَلُ
أَيْنَ الْوُجُوهُ الَّتِي كَانَتْ مُنْعِمَةً
مِنْ دُونِهَا تُضْرَبُ الْأَسْتَارُ وَالْكِلَلُ
فَأَفْصَحَ الْقَبْرُ عَنْهُمْ حِينَ سَاءَلَهُمْ
تِلْكَ الْوُجُوهُ عَلَيْهَا الدُّودُ تَقْتَتِلُ
قَدْ طَالَ مَا أَكَلُوا دَهْراً وَقَدْ شَرِبُوا
وَأَصْبَحُوا الْيَوْمَ بَعْدَ الْأَكْلِ قَدْ أُكِلُوا
فَبَكَى الْمُتَوَكِّلُ حَتَّى بَلَّتْ لِحْيَتَهُ دُمُوعُ عَيْنَيْهِ وَبَكَى الْحَاضِرُونَ..
ولعمري.. إذا كانَ عدوهُ قد تأثرَ هكذا بموعظته فكيف بمحبيه ومواليه..
كفى بالموت واعظاً..
سُعِيَ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ العباسي بِالإمام عَلِيِّ الهادي (عليه السَّلام) أَنَّ فِي مَنْزِلِهِ كُتُباً وَسِلَاحاً مِنْ شِيعَتِهِ وَأَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى "الانقلاب" على الدَّوْلَةِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ جَمَاعَةً مِنَ الْأَتْرَاكِ هَجَمُوا دَارَهُ لَيْلًا فَلَمْ يَجِدُوا فِيهَا شَيْئاً وَوَجَدُوهُ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الرَّمْلِ وَالْحَصَى وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَتْلُو آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَحُمِلَ عَلَى حَالِهِ تِلْكَ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ وَقَالُوا لَهُ: لَمْ نَجِدْ فِي بَيْتِهِ شَيْئاً، وَوَجَدْنَاهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ.
وَكَانَ الْمُتَوَكِّلُ جَالِساً فِي مَجْلِسِ الشُّرْبِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَالْكَأْسُ فِي يَدِ الْمُتَوَكِّلِ، فَلَمَّا رَآهُ هَابَهُ وَعَظَّمَهُ وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ وَنَاوَلَهُ الْكَأْسَ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِهِ.
فَقَالَ: "وَاللَّهِ مَا يُخَامِرُ لَحْمِي وَدَمِي قَطُّ فَأَعْفِنِي" فَأَعْفَاهُ.
فَقَالَ: أَنْشِدْنِي شِعْراً.
فَقَالَ: "إِنِّي قَلِيلُ الرِّوَايَةِ لِلشِّعْرِ".
فَقَالَ: لَا بُدَّ.
فَأَنْشَدَهُ عليه السَّلام وَهُوَ جَالِسٌ عِنْدَهُ:
بَاتُوا عَلَى قُلَلِ الْأَجْبَالِ تَحْرُسُهُمْ
غُلْبُ الرِّجَالِ فَلَمْ تَنْفَعْهُمُ الْقُلَلُ
وَاسْتَنْزَلُوا بَعْدَ عِزٍّ مِنْ مَعَاقِلِهِمْ
وَاسْكِنُوا حُفَراً يَا بِئْسَمَا نَزَلُوا
نَادَاهُمْ صَارِخٌ مِنْ بَعْدِ دَفْنِهِمْ
أَيْنَ الْأَسَاوِرُ وَالتِّيجَانُ وَالْحُلَلُ
أَيْنَ الْوُجُوهُ الَّتِي كَانَتْ مُنْعِمَةً
مِنْ دُونِهَا تُضْرَبُ الْأَسْتَارُ وَالْكِلَلُ
فَأَفْصَحَ الْقَبْرُ عَنْهُمْ حِينَ سَاءَلَهُمْ
تِلْكَ الْوُجُوهُ عَلَيْهَا الدُّودُ تَقْتَتِلُ
قَدْ طَالَ مَا أَكَلُوا دَهْراً وَقَدْ شَرِبُوا
وَأَصْبَحُوا الْيَوْمَ بَعْدَ الْأَكْلِ قَدْ أُكِلُوا
فَبَكَى الْمُتَوَكِّلُ حَتَّى بَلَّتْ لِحْيَتَهُ دُمُوعُ عَيْنَيْهِ وَبَكَى الْحَاضِرُونَ..
ولعمري.. إذا كانَ عدوهُ قد تأثرَ هكذا بموعظته فكيف بمحبيه ومواليه..