اللهم صل على محمد وآل محمد
يقول آية الله العظمى السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي [قدس] :
في الحثّ على القراءة في نفس المصحف نكتة جليلة ينبغي الالتفات إليها ، وهو الإلماع إلى كلاءة القرآن عن الاندراس بتكثّر نُسَخِه ، فإنّه لو اكتفى بالقراءة عن ظهر القلب ؛ لهُجِرَتْ نُسَخ الكتاب ، وأدّى ذلك إلى قلِّتها ، ولعلّه يؤدّي أخيراً إلى انمحاء آثارها .
على أنّ هناك آثاراً جزيلة نصّت عليها الأحاديث ، لا تحصل إلاّ بالقراءة في المصحف ،منها : قوله : ( مُتِّع ببصره ) وهذه الكلمة مِن جوامع الكَلِم ، فيراد منها : أنّ القراءة في المصحف سبب لحِفْظ البصر مِن العَمى والرمَد ، أو يُراد منه أنّ القراءة في المصحف سبب لتمتّع القارئ بمغازي القرآن الجليلة ونكاته الدقيقة ؛ لأنّ الإنسان عند النظر إلى ما يروقه مِن المرئيّات تبتهج نفسه ، ويجد انتعاشاً في بصره وبصيرته .
وكذلك قارئ القرآن إذا سرّح بصره في ألفاظه ، وأطْلق فِكره في معانيه ، وتعمّق في معارفه الراقية وتعاليمه الثمينة ، يجد في نفسه لذّة الوقوف عليها ، ومتعة الطموح إليها ، ويشاهد هشّة مِن روحِه ، وتطلّع مِن قلبِه .
وقد أرشدَتْنا الأحاديث الشريفة إلى فضْل القراءة في البيوت ومِن أسرار ذلك إذاعة أمر الإسلام ، وانتشار قراءة القرآن ، فإنّ الرجل إذا قرأه في بيته قرأتْه المرأة ، وقرأه الطفل ، وذاع أمره وانتشر أمّا إذا جُعِل لقراءة القرآن أماكن مخصوصة ، فإنّ القراءة لا تتهيّأ لكلّ أحد ، وفي كلّ وقت ، وهذا مِن أعظم الأسباب في نشْر الإسلام .
ولعلّ مِن أسراره أيضاً إقامة الشعار الإلهي ، إذا ارتفعت الأصوات بالقراءة في البيوت بُكْرَةً وعشيّاً ، فيَعْظُم أمر الإسلام في نفوس السامعين ، لِما يعروهم مِن الدهشة عند ارتفاع أصوات القُرّاء في مختلف نواحي البلد.
______________________
البيان في تفسير القرآن