بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ 2 .
التقوى أهم الأهداف للتشريعات الإسلامية
حديثنا هنا سوف يدور حول أهمية التقوى فقد كانت الهدف الأساسي في تشريع الصيام و الأمر به ، كما في جملة أخرى من التشريعات الإسلامية ، و قد تحدث القرآن الكريم من أن التقوى هي هدف و غاية من غايات التشريعات الإسلامية ، قال تعالى ﴿ ... تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ 3 .
و حول القرآن قال : ﴿ وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ 4 .
وقال : ﴿ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ 5 .
و حول العلة من الموعظة قال : ﴿ وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ 6 .
و حول نزول القرآن قال : ﴿ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ... ﴾ 7 .
و قال : ﴿ قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ 8 .
و حول الهدف من العبادة قال : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ 9 .
و قال : ﴿ ... خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ 10 11 .
و حول تشريع القصاص قال : ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ 12 .
و حول السبب من اتباع الحق قال : ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ 13 .
فهذه جملة من الآيات التي تتحدث عن التقوى كثمرة و هدف رئيسي من أهداف التشريعات الإسلامية و منها الصوم فالعلة من تشريعه هي حصول التقوى ، فمن كان صيامه أدى به إلى التقوى فقد حقق الهدف و من لم يكن كذلك فقد باء بالخسران المبين .
أدب الخطاب
تبتدئ الآية أولاً بأسلوب خطابي محبب و رفيع الدرجات فتقول : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ... ﴾ 14 و هو نداء يفتح مسامع القلب ، و يرفع معنويات الإنسان ، و يشحذ همته ، فإذا سمعت الله تعالى يقول : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ... ﴾ 14 فارع لها سمعك فإنها لأمر يؤمر به أو لنهي ينهى عنه و فيه لذة و أي لذة قال عنها الإمام الصادق عليه السلام ( لذة ما في النداء أزالت تعب العبادة و العناء ) 15 فإن المخَاطَب إذا شعر بالمحبة و الحنان من المخاطِب ينسى تعب العبادة و عناءها و يهون عليه كل مشقة قبل العمل و بعده ، و هذا الأسلوب يعلم الأنبياء و المرسلين و الأئمة عليهم السلام و كل من يحمل الدعوة إلى الله سبحانه أن يكون خطابه بما يفتح قلب المخَاطَب قبل عقله و يهيؤه لأن يستمع إليه و يتأثر منه ، و حينئذ فأسلوب السب و الشتم و اللعن و الازدراء لم تكن من الأساليب الناجحة للتغيير فحسب بل تعطي النتائج العكسية المقيتة التي تزيد في الطين بلة و في الطنبور نغمة .
معنى التقوى في اللغة
و التقوى من الوقاية و هي في اللغة فرط الصيانة ، قال بعض العارفين حول التقوى : و الاتّقاء في أصل اللغة ، الحجز بين الشيئين ، يقال اتّقاه بالترس أي جعله حاجزا بينه و بينه .
معنى التقوى عند المتشرعة
قالوا : التقوى صيانة النفس عما يضرها في الآخرة و قصرها على ما ينفعها فيها ، حكي عن بعض الناسكين أنه قال له رجل : صف لنا التقوى فقال : إذا دخلت أرضاً فيها شوك كيف كنتَ تعمل ؟
فقال : أتوقّى و أتحرّز .
قال : فافعل في الدنيا كذلك فهي التقوى 16 .
المصادر
2. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 183 ، الصفحة : 28 .
3. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 187 ، الصفحة : 29 .
4. القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 51 ، الصفحة : 133 .
5. القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 69 ، الصفحة : 136 .
6. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 164 ، الصفحة : 172 .
7. القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 113 ، الصفحة : 319 .
8. القران الكريم : سورة الزمر ( 39 ) ، الآية : 28 ، الصفحة : 461 .
9. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 21 ، الصفحة : 4 .
10. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 63 ، الصفحة : 10 .
11. و الأعراف : 171 .
12. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 179 ، الصفحة : 27 .
13. القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 153 ، الصفحة : 149 .
14. a. b. c. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 183 ، الصفحة : 28 .
15. فقه القرآن : 1 / 72 .
16. سفينة البحار : 8 / 557 .
تعليق