دورالقيم المعنوية في
التربية من خلال ارشادات أهل البيت(عليهم السلام) الحلقة 2
الموضوع مستل من كتابي (( المنهج التربوي عند اهل البيت عليهم السلام )) مع الاختصار
2 ـ الايمان بالثواب والعقاب
الايمان بالثواب والعقاب واستشعاره في العقل والضمير هو الزمام الذي يكبح الشهوات والنزوات ، وهو اكثر ايقاظاً للعقل والقلب والارادة ; حين يوجه الكيان الانساني الى اليوم الخالد الذي يقف فيه الانسان أمام من لا تخفى عليه خافية وأمام من يحيط بالانسان والحياة والكون.
والايمان بالحياة الاخرى حافز على اصلاح النفس والضمير ، وحافز للتسامي والارتقاء في جميع مقوّمات الشخصية الانسانية ، ومقومات الحياة الانسانية.
ومن أقوال أمير المؤمنين(عليه السلام) في هذا المجال:
1 ـ « من أحبّ الدار الباقية لهي عن اللّذات ».
2 ـ « من اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشهوات ».
3 ـ « من خاف العقاب انصرف عن السيئات »([1]).
وجعل الآخرة هماً للانسان يسهم مساهمة فعالة في اصلاح النفس واصلاح الضمير واصلاح السلوك ، والتفكير المتواصل بالآخرة يحصن الانسان من المعصية ، وهذه حقيقة ملموسة وواقعية.
قال أمير المؤمنين(عليه السلام):
1 ـ « اجعل همك لمعادك تصلح ».
2 ـ « من اكثر من ذكر الآخرة قلّت معصيته »([2]).
والايمان بالثواب والعقاب في دار الدنيا يحرك الانسان نحو عمل الخير ويوجهه نحو التكامل ، ويردعه عن الباطل والانحراف ، وقد وردت عدة روايات حول السنن المرتبطة بالثواب والعقاب ، نذكر منها على سبيل المثال: قول الامام محمد الباقر(عليه السلام): « صلة الارحام تزكي الأعمال ، وتنمي الأموال ، وتدفع البلوى ، وتيسر الحساب ، وتنسيء في الأجل »([3]).
وقال(عليه السلام): « ما من نكبة تصيب العبد إلاّ بذنب »([4]).
وقال الامام جعفر الصادق(عليه السلام): « انّ الذنب يحرم الرزق »([5]).
وقال(عليه السلام): « من عيّر مؤمناً بذنب لم يمت حتّى يركبه »([6]).
وقال(عليه السلام): « من استشار أخاه فلم يمحضه محض الرّأي سلبه الله عزّوجلّ رأيه »([7]).
وعن الامام محمد الباقر(عليه السلام) قال: « وجدنا في كتاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): اذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة ، وإذا طفّف المكيال والميزان أخذهم الله بالسنين والنقص ، وإذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها من الزّرع والثمار والمعادن كلّها ، واذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظلم والعدوان ، وإذا نقضوا العهد سلّط الله عليهم عدوّهم ، واذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار ، واذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي سلّط الله عليهم شرارهم فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم »([8]).
والايمان بوجود تقييم موضوعي للناس على أساس الثواب والعقاب يسهم في البناء التربوي السليم ، وهو تشجيع للمحسن وردع للمسيء.
قال أمير المؤمنين(عليه السلام): « لا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء ، فانّ ذلك تزهيد لأهل الاحسان في الاحسان ، وتدريب لأهل الاساءة على الاساءة ، فالزم كلاًّ منهم ما ألزم نفسه أدباً منك ينفعك الله به وتنفع به أعوانك »([9]).
وقال(عليه السلام): « ازجر المسيء بثواب المحسن »([10]).
([1]) تصنيف غرر الحكم : ص 146.
([2]) المصدر السابق نفسه : ص 144 و 145.
([3]) الكافي / الكليني : 2 / 150.
([4]) الكافي / الكليني : 2 / 269.
([5]) الكافي / الكليني : 2 / 271.
([6]) الكافي / الكليني : 2 / 357.
([7]) الكافي / الكليني : 2 / 363.
([8]) الكافي / الكليني : 2 / 374.
([9]) تحف العقول / الحرّاني : ص 87 .
([10]) نهج البلاغة : ص 501 .