قطوف طوبى
النــور فاض بمكـــةٍ فأضـاءَهــا * فلتـنسـج البطحـــاء منـه رداءَهــا
والكعبــة الغــراء يغســل وجههـا * بالعطــر ما ساقــى الهــوى بطحاءها
قمــر السمــاء أطــلّ من عليائـه * وهفــا إليهــا لاثمــاً عليــاءهــا
مـا كـوكــبٌ إلاّ وأوجــع قلبـــه * شــوق يهـدهــد بالجـوى حصباءهـا
وتهافـتـت زهــر النجـوم برملهــا * فاختــار قلـب محمّــد زهــراءهـا
يـا كـعبــة الله اهتـفــي وتعطّـفي * حتى يـزور العطــر منـكِ فنـاءهــا
وتبـرّجـي فرحـاً بزهــرة دوحــةٍ * باهـت بهــا أرض الحجـاز سمــاءها
أقسمـتُ لــو مّـدتْ عليــه غصونها * لكسـت بـوارف ظلهــا صحـراءهــا
ولســان واديهــا يــروّى عذبــه * دنيــا تساقــى الظامئيـن رواءهـــا
والليـــل هــل يـدري سيخلع لونه * للنــور لـو لاقــى هنـاك ذُكاءهــا
هـذي الحجــارة فـي شوامـخ مكـةٍ * خشعت وشاطــرت السمـاء نعماءهــا
ولو أنّها استطـاعت تــذوب محبــةً * لسعـتْ يغيّـر شوقهــا أسماءهــــا
نامـت قريـش عـن تملمــل ليلــةٍ * نصبت على الحــرم المنيـع خباءهــا
وتغافلـت مضـرٌ عـن الاُفــق الـذي * غطّـى بخضـــرة موجـه حمـراءهـا
لتـزِفّ قافــلـة تطامـن خطـوهــا * فســرتْ وردّدتِ الجبـال صـداءهــا
الأعيـن الحيـرى يصــارع يأسهــا * حلــمٌ ألـــمّ ليستـردّ رجــاءهــا
فـي جنــةٍ غنّــاء تمنــح ظلهــا * للظامئين علـى الطريــق ومــاءهــا
لله بضعــةُ أحمــدٍ مـن نــــوره * لمعـت فأهـــدى أفـقــه لألاءهــا
وافتـكَ تختـرق القــرون كنـجمــةٍ * تنـأى فتهــدي للعيــون ضيـاءهــا
مهما ترامى الاُفـق حــول وميضهــا * عبـرتْــه تطـرد بالسنــا ظلماءهــا
مـرت بطوبــى فاستـفـزّ حنينهــا * ظــلّ يرافــق فـي النعيـم بهاءهــا
وتوسّمـت فـي موكـب عبـرت بــه * كفّــاً لطاهــا زهوهــا وعطاءهــا
بالأمـس أخلــد ركبـه فـي ظلهــا * ومضى يخوض من الجنــان قضاءهــا
نالــت يــداه فاثـقلتــه ثمارهــا * ومشت خطــاه فزيّـنـت خضراءهــا
ودنـت خديجــة تستـظـل بكـوثـرٍ * من رحمــةٍ تزجــي إليـه صفاءهــا
فـي ليلــة غــرّاء لـو مـدتْ يـداً * نحــو النجـوم تنـاولــت زرقاءهــا
يسـري ابـن عبـدالله فـي ملكوتهــا * فتـرى بمجــرى روحــه إسراءهــا
مـا غـاب همــسُ محمّـدٍ عن سمعها * يصغــي فتـمنح صوتــه إصغاءهــا
وتــرى الصبـــاح على جبين متوّجٍ * بالنــور ينـضح بالعبيــر مساءهـــا
أدَرَتْ خديــجـة إذ تــودّع ليلـــةً * والوجدُ يخضــب بالســنا احناءهـــا
أنّ الجنــان قـد انحنيــن كرامــةً * لســرِّ فاستـودعنــه أحشــاءهـــا
وبـأنّ كــفّ محمّـد قطفــت لهــا * في الخــلد من زهراتهــا عذراءهــا
وبـأنّ مـا ضمّـت عليـه ضلوعهــا * حــوراء غـادرت الجنــان وراءهــا
مـا زاغ طــرف محمّـد عـن سدرةٍ * في قـاب قوسيــن استـشـفّ سناءهـا
سـرّ النبــوة فاض فـي أغصانهــا * عبقــاً وخالـط نشــره أنــداءهــا
وتنـزّلت لــلأرض منــه كتائــبٌ * عقــدت ملائكــة السمــاء لواءهــا
يا ســرّ فاطــم ما مررت بخاطــرٍ * إلاّ وأهدتــه السمــاء حبـاءهــــا
البســتْ شيعـتهــا رداء كـرامــة * وجلــوتَ سفــر مآثــرٍ انبـاءهــا
تلك التي أعطــت فنـضّـرت الثـرى * وسمـت فجــاز سموّهــا جوزاءهــا
مـا موقـفٌ وقـفتــه بعـد محمّــد * تُصمــي بصائــب رأيهــا خصماءها
إلاّ وكــان الغــرّ مــن أبنـائهــا * وبناتهــا بجهــادهــم خلفـاءهـــا
للعلم ما عقــدت عليـــه ضلوعهــا * والطهر ما مــدت عليــه كساءهـــا
يحيـا بهمـا ميـت الضميـر وإن طغى * جدبٌ أراقــت كـالربيــع دماءهـــا
وهبـت لاُمتهــا قطــاف حياتهـــا * ومضـت تعانــق كربهــا وبلاءهــا
عــرس الشهـادة مـا تحفّـز ثائــرٌ * إلاّ أعــاد عليـــه عاشــوراءهــا
وإذا تعـثّــر موكــب فـي زحفــه * زفـت إلـى ســوح الجهــاد فداءهـا
مــرّ الخلـود بهــا فقارب خطــوه * ومشــى إليهــا يصطفـي شهـداءهـا
يــا صفــوة الله التـي مدّتْ لهـــا * كــفّ العنايــة فاصطفــت آباءهــا
الـروح مـن اُفـق السمــاء منــزّلٌ * يــروي لبنــت محــمّـد أبناءهــا
ترضــى فيرضــى الله في ملكوتــه * ويســوءُ قلــب محمد مـا سـاءهـا
وتقـــوم مـا قــام النبـي بلــيلـه * يخفـي النشـيـج عــن الظـلام نداءها
ترجو و( وعــد ) الله يمــلأ قلبهــا * ويهدُّ خــوف ( وعيــده ) أعضاءهــا
مـا أومـأت نحــو السمـاء تضرعـاً * إلاّ وســابــق دمعـهــا إيمـاءهــا
فــإذا تجلّــى للسمــاء جبـينهــا * بــدراً تساقـطـت النجــوم إزاءهــا
واهتــزّ محــراب تكنّــف ركنــه * ليــل أحــــبَّ الله فيــه لقاءهــا
يـا قصـــةً للمجــد ردّد بعدهـــا * تاريــخ اُمّــة أحمـــد أصـداءهــا
خلـدت علـى مــرّ العصور فما وهـى * صرحٌ على التقــوى أطــال بقاءهــا
كــفٌّ لأحمــد شيّــدت أركـانــه * فرعـت لهــا عيـن الإلــه بناءهــا
وشريعــةٌ للحــبّ كوثــرُ نبعهــا * يجــري ويمنــع ورده غربــاءهــا
عهــدٌ لفاطــم في ضمائــر عصبـةٍ * نسيـت لـه عنــد الوفــاء وفاءهــا
حشدت علـى بـاب الوصـي وعبّــأت * أضغانهــا واستـنفــرت غوغـاءهــا
مـا كـان أقســاها تــروّع بضعــةً * من أحمــدٍ فــرض الألــه ولاءهــا
ولقــد جفــت حتــى تلـبّـد أفـقها * بالظلــم واشتـكـت البتـول جفاءهــا
أيكــون حــب محمّــد فـي قلبــه * مـن مـات حيرانــاً يكــنّ عداءهــا
غضبـت وكــان الله شاهــد سرّهــا * مــذ أعلـنـت للعـالمـيـن عناءهــا
ودعــت عليــه بعــد كـل فريضةٍ * ولَيسـمـعـنّ الله فيـــه دعــاءهــا
ولئـن بكـى يـومـاً وطــال شقــاؤه * مـن هجرهــا فلقــد أطــال بكاءهـا
شعر
السيد مسلم فاخر الجابري
النــور فاض بمكـــةٍ فأضـاءَهــا * فلتـنسـج البطحـــاء منـه رداءَهــا
والكعبــة الغــراء يغســل وجههـا * بالعطــر ما ساقــى الهــوى بطحاءها
قمــر السمــاء أطــلّ من عليائـه * وهفــا إليهــا لاثمــاً عليــاءهــا
مـا كـوكــبٌ إلاّ وأوجــع قلبـــه * شــوق يهـدهــد بالجـوى حصباءهـا
وتهافـتـت زهــر النجـوم برملهــا * فاختــار قلـب محمّــد زهــراءهـا
يـا كـعبــة الله اهتـفــي وتعطّـفي * حتى يـزور العطــر منـكِ فنـاءهــا
وتبـرّجـي فرحـاً بزهــرة دوحــةٍ * باهـت بهــا أرض الحجـاز سمــاءها
أقسمـتُ لــو مّـدتْ عليــه غصونها * لكسـت بـوارف ظلهــا صحـراءهــا
ولســان واديهــا يــروّى عذبــه * دنيــا تساقــى الظامئيـن رواءهـــا
والليـــل هــل يـدري سيخلع لونه * للنــور لـو لاقــى هنـاك ذُكاءهــا
هـذي الحجــارة فـي شوامـخ مكـةٍ * خشعت وشاطــرت السمـاء نعماءهــا
ولو أنّها استطـاعت تــذوب محبــةً * لسعـتْ يغيّـر شوقهــا أسماءهــــا
نامـت قريـش عـن تملمــل ليلــةٍ * نصبت على الحــرم المنيـع خباءهــا
وتغافلـت مضـرٌ عـن الاُفــق الـذي * غطّـى بخضـــرة موجـه حمـراءهـا
لتـزِفّ قافــلـة تطامـن خطـوهــا * فســرتْ وردّدتِ الجبـال صـداءهــا
الأعيـن الحيـرى يصــارع يأسهــا * حلــمٌ ألـــمّ ليستـردّ رجــاءهــا
فـي جنــةٍ غنّــاء تمنــح ظلهــا * للظامئين علـى الطريــق ومــاءهــا
لله بضعــةُ أحمــدٍ مـن نــــوره * لمعـت فأهـــدى أفـقــه لألاءهــا
وافتـكَ تختـرق القــرون كنـجمــةٍ * تنـأى فتهــدي للعيــون ضيـاءهــا
مهما ترامى الاُفـق حــول وميضهــا * عبـرتْــه تطـرد بالسنــا ظلماءهــا
مـرت بطوبــى فاستـفـزّ حنينهــا * ظــلّ يرافــق فـي النعيـم بهاءهــا
وتوسّمـت فـي موكـب عبـرت بــه * كفّــاً لطاهــا زهوهــا وعطاءهــا
بالأمـس أخلــد ركبـه فـي ظلهــا * ومضى يخوض من الجنــان قضاءهــا
نالــت يــداه فاثـقلتــه ثمارهــا * ومشت خطــاه فزيّـنـت خضراءهــا
ودنـت خديجــة تستـظـل بكـوثـرٍ * من رحمــةٍ تزجــي إليـه صفاءهــا
فـي ليلــة غــرّاء لـو مـدتْ يـداً * نحــو النجـوم تنـاولــت زرقاءهــا
يسـري ابـن عبـدالله فـي ملكوتهــا * فتـرى بمجــرى روحــه إسراءهــا
مـا غـاب همــسُ محمّـدٍ عن سمعها * يصغــي فتـمنح صوتــه إصغاءهــا
وتــرى الصبـــاح على جبين متوّجٍ * بالنــور ينـضح بالعبيــر مساءهـــا
أدَرَتْ خديــجـة إذ تــودّع ليلـــةً * والوجدُ يخضــب بالســنا احناءهـــا
أنّ الجنــان قـد انحنيــن كرامــةً * لســرِّ فاستـودعنــه أحشــاءهـــا
وبـأنّ كــفّ محمّـد قطفــت لهــا * في الخــلد من زهراتهــا عذراءهــا
وبـأنّ مـا ضمّـت عليـه ضلوعهــا * حــوراء غـادرت الجنــان وراءهــا
مـا زاغ طــرف محمّـد عـن سدرةٍ * في قـاب قوسيــن استـشـفّ سناءهـا
سـرّ النبــوة فاض فـي أغصانهــا * عبقــاً وخالـط نشــره أنــداءهــا
وتنـزّلت لــلأرض منــه كتائــبٌ * عقــدت ملائكــة السمــاء لواءهــا
يا ســرّ فاطــم ما مررت بخاطــرٍ * إلاّ وأهدتــه السمــاء حبـاءهــــا
البســتْ شيعـتهــا رداء كـرامــة * وجلــوتَ سفــر مآثــرٍ انبـاءهــا
تلك التي أعطــت فنـضّـرت الثـرى * وسمـت فجــاز سموّهــا جوزاءهــا
مـا موقـفٌ وقـفتــه بعـد محمّــد * تُصمــي بصائــب رأيهــا خصماءها
إلاّ وكــان الغــرّ مــن أبنـائهــا * وبناتهــا بجهــادهــم خلفـاءهـــا
للعلم ما عقــدت عليـــه ضلوعهــا * والطهر ما مــدت عليــه كساءهـــا
يحيـا بهمـا ميـت الضميـر وإن طغى * جدبٌ أراقــت كـالربيــع دماءهـــا
وهبـت لاُمتهــا قطــاف حياتهـــا * ومضـت تعانــق كربهــا وبلاءهــا
عــرس الشهـادة مـا تحفّـز ثائــرٌ * إلاّ أعــاد عليـــه عاشــوراءهــا
وإذا تعـثّــر موكــب فـي زحفــه * زفـت إلـى ســوح الجهــاد فداءهـا
مــرّ الخلـود بهــا فقارب خطــوه * ومشــى إليهــا يصطفـي شهـداءهـا
يــا صفــوة الله التـي مدّتْ لهـــا * كــفّ العنايــة فاصطفــت آباءهــا
الـروح مـن اُفـق السمــاء منــزّلٌ * يــروي لبنــت محــمّـد أبناءهــا
ترضــى فيرضــى الله في ملكوتــه * ويســوءُ قلــب محمد مـا سـاءهـا
وتقـــوم مـا قــام النبـي بلــيلـه * يخفـي النشـيـج عــن الظـلام نداءها
ترجو و( وعــد ) الله يمــلأ قلبهــا * ويهدُّ خــوف ( وعيــده ) أعضاءهــا
مـا أومـأت نحــو السمـاء تضرعـاً * إلاّ وســابــق دمعـهــا إيمـاءهــا
فــإذا تجلّــى للسمــاء جبـينهــا * بــدراً تساقـطـت النجــوم إزاءهــا
واهتــزّ محــراب تكنّــف ركنــه * ليــل أحــــبَّ الله فيــه لقاءهــا
يـا قصـــةً للمجــد ردّد بعدهـــا * تاريــخ اُمّــة أحمـــد أصـداءهــا
خلـدت علـى مــرّ العصور فما وهـى * صرحٌ على التقــوى أطــال بقاءهــا
كــفٌّ لأحمــد شيّــدت أركـانــه * فرعـت لهــا عيـن الإلــه بناءهــا
وشريعــةٌ للحــبّ كوثــرُ نبعهــا * يجــري ويمنــع ورده غربــاءهــا
عهــدٌ لفاطــم في ضمائــر عصبـةٍ * نسيـت لـه عنــد الوفــاء وفاءهــا
حشدت علـى بـاب الوصـي وعبّــأت * أضغانهــا واستـنفــرت غوغـاءهــا
مـا كـان أقســاها تــروّع بضعــةً * من أحمــدٍ فــرض الألــه ولاءهــا
ولقــد جفــت حتــى تلـبّـد أفـقها * بالظلــم واشتـكـت البتـول جفاءهــا
أيكــون حــب محمّــد فـي قلبــه * مـن مـات حيرانــاً يكــنّ عداءهــا
غضبـت وكــان الله شاهــد سرّهــا * مــذ أعلـنـت للعـالمـيـن عناءهــا
ودعــت عليــه بعــد كـل فريضةٍ * ولَيسـمـعـنّ الله فيـــه دعــاءهــا
ولئـن بكـى يـومـاً وطــال شقــاؤه * مـن هجرهــا فلقــد أطــال بكاءهـا
شعر
السيد مسلم فاخر الجابري
تعليق