بسم الله الرحمن الرحيم
الحياء عند النساء في ظل منهج اهل البيت (عليهم السلام)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.
الحياء ملكة نفسانية هي عبارة عن انقباضها عن القبيح وانزجارها عن كل فعل أو ترك تعده سيئاً بل يمكن أن يكون مصدراً لجميع الأفعال الأخلاقية لأنه و هو روح النّفور من الذّنب و القّبائح, وبعكسها فإنّ الجرأة على إرتكاب المنكر و عدم الحياء، يلوّث روح و قلب الإنسان، و يعمّق في نفسه الميل إلى الرذائل الأخلاقيّة.
لذا نلاحظ ان الشرع المقدس قد اخذ بالحث على الحياء ولقد قدّم القرآن الكريم نماذج من النساء الصالحات، وبيّن سلوكهنّ وصفاتهنّ، ومن بين هذه الصفات الحياء، يقول تعالى:
وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ1.
تقصّ هذه الآيات قصّة لقاء موسى عليه السلام مع ابنتي شعيب عليه السلام، وتُظهر صفة هاتين الصالحتين وحياءهما بشكل واضح في مسألتين، الأولى: ... قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء ....
حيث امتنعتا عن الدخول بين الرجال وفضّلتا الانتظار حتّى يخلو المكان لهما، وهذا له ارتباط واضح بالحياء ورفض الاختلاط. والثانية: فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء....
أهميّة الحياء:
عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: "الحياء والإيمان في قرن واحد فإذا سُلب أحدهما أتبعه الآخر"2.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "لا إيمان لمن لا حياء له"3.
يظهر من هذه الروايات أنّ هناك ارتباطاً وثيقاً بين الإيمان والحياء، حتّى صار الإيمان غير ممكن التحقّق من دون الحياء!.
وهذا يعني أنّ عدم وجود الحياء سينعكس على سلوكيّات الإنسان في هذه الدنيا بحيث يجعله بعيداً كلّ البعد عن سلوك الإنسان المؤمن الملتزم، وحيث إنّ أعمال الإنسان وسلوكيّاته ستنعكس في الآخرة، فإنّ صورة عدم الحياء ستكون في الآخرة خسراناً مبيناً!.
وقد ورد عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: "من لم يكن له حياءٌ في الدنيا لم يدخل الجنّة"4.
إنّ الحياء مطلوب من الإنسان بشكل عامّ، ولكنّه مطلوب من النساء بشكل أكيد، فعن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: "إنّ الله قسّم الحياء عشرة أجزاء فجعل في النساء تسعة وفي الرجال واحداً"5.
وقد ذكر للحياء في الروايات على اقسام نذكر منها:
أ- من الله تعالى:
قيل للنبيّ صل الله عليه وآله وسلم: أوصني، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "استحي من الله كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك"6.
ب- من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة (عليهم السلام):
فعن الباقر عليه السلام: "إنّ أعمال العباد تعرض على نبيّكم كلّ عشية خميس، فليستحي أحدكم أن يُعرَض على نبيّه العمل القبيح"7.
وعن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى: ... اعْمَلُواْ فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون...8، قال عليه السلام: "هم الأئمّة عليهم السلام"9.
ج- الحياء من الملائكة:
عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: "ليستحِ أحدكم من ملكيه اللذين معه كما يستحي من رجلين صالحين من جيرانه وهما معه بالليل والنهار"10.
د- الحياء من الناس:
عن عليّ عليه السلام: "من لم يستحِ من الناس لم يستحِ من الله سبحانه"11.
هـ- الحياء من النفس:
عن علي عليه السلام: "أحسن الحياء استحياؤك من نفسك"12.
الحياء ممّا؟
عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: "الحياء هو الدين كلّه"13.
وعن عليّ عليه السلام: "الحياء يصدّ عن فعل القبيح"14.
وعنه عليه السلام: "الحياء مفتاح كلّ خير"15.
إنّ هذه الروايات بمجملها تشير إلى أنّ على الإنسان أن يستحي من ارتكاب المعاصي، وعليه أن يستحي من ترك الواجبات وفعل المحرّمات!؛ لأنّ الذي يستحي من الله تعالى لا يمكن أن يعصيه وهو ينظر إليه، وكذلك الذي يستحي من النبيصلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن أن يقع في المعصية وهو يعلم أنّ معصيته هذه ستُعرض على النبيّ صل الله عليه وآله وسلم... نعم إنّ الحياء هو الدين كله! ومتعلّقه هو الدين كلّه. فكلّما ازداد الحياء ازداد الدين، وعن عليّ عليه السلام: "على قدر الحياء تكون العفة"16.
ولكن على رغم ذلك هناك بعض الأمور التي نشير إليها كمفردات للحياء:
أ- الحياء في الستر:
عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أيّها الناس إنّ الله يحبّ من عباده الحياء والستر فأيّكم اغتسل فليتوارَ من الناس فإنّ الحياء زينة الإسلام"17.
ب- الحياء في النظر:
يقول تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ...18.
ج- الحياء في القول:
عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: "إنّ الله حرّم الجنّة على كلّ فاحش بذيء قليل الحياء لا يبالي ما قال وما قيل فيه"19.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- القصص: 23 ـ 25.
2- وسائل الشيعة، ج8، ص517.
3- الكافي، ج2، ص106.
4- كنز العمال، ج3، ص125.
5- كنز العمال، ج3، ص127.
6- بحار الأنوار، ج68، ص336.
7- بحار الأنوار، ج23، ص344.
8- التوبة: 105.
9- مستدرك سفينة البحار، ج7، ص165.
10- كنز العمال، ج3، ص118.
11- ميزان الحكمة، ج1، ص718.
12- ميزان الحكمة، ج1، ص719.
13- ميزان الحكمة، ج1، ص717.
14- عيون الحكم والمواعظ، ص28.
15- عيون الحكم والمواعظ، ص33.
16- عيون الحكم والمواعظ، ص327.
17- مستدرك الوسائل، ج1، ص488.
18- النور: 31.
19- بحار الأنوار، ج76، ص112.
الحياء عند النساء في ظل منهج اهل البيت (عليهم السلام)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.
الحياء ملكة نفسانية هي عبارة عن انقباضها عن القبيح وانزجارها عن كل فعل أو ترك تعده سيئاً بل يمكن أن يكون مصدراً لجميع الأفعال الأخلاقية لأنه و هو روح النّفور من الذّنب و القّبائح, وبعكسها فإنّ الجرأة على إرتكاب المنكر و عدم الحياء، يلوّث روح و قلب الإنسان، و يعمّق في نفسه الميل إلى الرذائل الأخلاقيّة.
لذا نلاحظ ان الشرع المقدس قد اخذ بالحث على الحياء ولقد قدّم القرآن الكريم نماذج من النساء الصالحات، وبيّن سلوكهنّ وصفاتهنّ، ومن بين هذه الصفات الحياء، يقول تعالى:
وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ1.
تقصّ هذه الآيات قصّة لقاء موسى عليه السلام مع ابنتي شعيب عليه السلام، وتُظهر صفة هاتين الصالحتين وحياءهما بشكل واضح في مسألتين، الأولى: ... قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء ....
حيث امتنعتا عن الدخول بين الرجال وفضّلتا الانتظار حتّى يخلو المكان لهما، وهذا له ارتباط واضح بالحياء ورفض الاختلاط. والثانية: فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء....
أهميّة الحياء:
عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: "الحياء والإيمان في قرن واحد فإذا سُلب أحدهما أتبعه الآخر"2.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "لا إيمان لمن لا حياء له"3.
يظهر من هذه الروايات أنّ هناك ارتباطاً وثيقاً بين الإيمان والحياء، حتّى صار الإيمان غير ممكن التحقّق من دون الحياء!.
وهذا يعني أنّ عدم وجود الحياء سينعكس على سلوكيّات الإنسان في هذه الدنيا بحيث يجعله بعيداً كلّ البعد عن سلوك الإنسان المؤمن الملتزم، وحيث إنّ أعمال الإنسان وسلوكيّاته ستنعكس في الآخرة، فإنّ صورة عدم الحياء ستكون في الآخرة خسراناً مبيناً!.
وقد ورد عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: "من لم يكن له حياءٌ في الدنيا لم يدخل الجنّة"4.
إنّ الحياء مطلوب من الإنسان بشكل عامّ، ولكنّه مطلوب من النساء بشكل أكيد، فعن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: "إنّ الله قسّم الحياء عشرة أجزاء فجعل في النساء تسعة وفي الرجال واحداً"5.
وقد ذكر للحياء في الروايات على اقسام نذكر منها:
أ- من الله تعالى:
قيل للنبيّ صل الله عليه وآله وسلم: أوصني، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "استحي من الله كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك"6.
ب- من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة (عليهم السلام):
فعن الباقر عليه السلام: "إنّ أعمال العباد تعرض على نبيّكم كلّ عشية خميس، فليستحي أحدكم أن يُعرَض على نبيّه العمل القبيح"7.
وعن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى: ... اعْمَلُواْ فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون...8، قال عليه السلام: "هم الأئمّة عليهم السلام"9.
ج- الحياء من الملائكة:
عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: "ليستحِ أحدكم من ملكيه اللذين معه كما يستحي من رجلين صالحين من جيرانه وهما معه بالليل والنهار"10.
د- الحياء من الناس:
عن عليّ عليه السلام: "من لم يستحِ من الناس لم يستحِ من الله سبحانه"11.
هـ- الحياء من النفس:
عن علي عليه السلام: "أحسن الحياء استحياؤك من نفسك"12.
الحياء ممّا؟
عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: "الحياء هو الدين كلّه"13.
وعن عليّ عليه السلام: "الحياء يصدّ عن فعل القبيح"14.
وعنه عليه السلام: "الحياء مفتاح كلّ خير"15.
إنّ هذه الروايات بمجملها تشير إلى أنّ على الإنسان أن يستحي من ارتكاب المعاصي، وعليه أن يستحي من ترك الواجبات وفعل المحرّمات!؛ لأنّ الذي يستحي من الله تعالى لا يمكن أن يعصيه وهو ينظر إليه، وكذلك الذي يستحي من النبيصلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن أن يقع في المعصية وهو يعلم أنّ معصيته هذه ستُعرض على النبيّ صل الله عليه وآله وسلم... نعم إنّ الحياء هو الدين كله! ومتعلّقه هو الدين كلّه. فكلّما ازداد الحياء ازداد الدين، وعن عليّ عليه السلام: "على قدر الحياء تكون العفة"16.
ولكن على رغم ذلك هناك بعض الأمور التي نشير إليها كمفردات للحياء:
أ- الحياء في الستر:
عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أيّها الناس إنّ الله يحبّ من عباده الحياء والستر فأيّكم اغتسل فليتوارَ من الناس فإنّ الحياء زينة الإسلام"17.
ب- الحياء في النظر:
يقول تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ...18.
ج- الحياء في القول:
عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: "إنّ الله حرّم الجنّة على كلّ فاحش بذيء قليل الحياء لا يبالي ما قال وما قيل فيه"19.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- القصص: 23 ـ 25.
2- وسائل الشيعة، ج8، ص517.
3- الكافي، ج2، ص106.
4- كنز العمال، ج3، ص125.
5- كنز العمال، ج3، ص127.
6- بحار الأنوار، ج68، ص336.
7- بحار الأنوار، ج23، ص344.
8- التوبة: 105.
9- مستدرك سفينة البحار، ج7، ص165.
10- كنز العمال، ج3، ص118.
11- ميزان الحكمة، ج1، ص718.
12- ميزان الحكمة، ج1، ص719.
13- ميزان الحكمة، ج1، ص717.
14- عيون الحكم والمواعظ، ص28.
15- عيون الحكم والمواعظ، ص33.
16- عيون الحكم والمواعظ، ص327.
17- مستدرك الوسائل، ج1، ص488.
18- النور: 31.
19- بحار الأنوار، ج76، ص112.