وبه نستعين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين . اللهم صل على محمد وآل محمد .
لقد كانت ولا زالت السيدة الحوراء زينب (عليها السلام) القدوة الأولى والمثل الأعلى لجميع النساء الزينبيات في الحجاب والستر .
فقد تعلمت وجوب الحجاب والإلتزام به من القرآن الكريم وتحديدا في قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ } . (1) .
وقوله تعالى : { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} . (2) .
ولقد تربت السيدة زينب (عليها السلام) على الاهتمام بالستر والحجاب منذ نعومة اظفارها من جميع أفراد عائلتها ، فعندما كانت تخرج ليلاً كان يخرج معها أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) يحيطون بها ويقللون من ضوء القناديل لكي لا يرى لها شخصاً ولا ضلاً في الليل .
ولقد دخلت الحوراء زينب (عليها السلام) في مدرسة العفة والطهارة بإشراف أمها فاطمة الزهراء (عليها السلام) وتلقت فيها جميع أنواع الدروس الأخلاقية الحميدة والفضائل الرشيدة ومنها درس الحجاب فروي أن فاطمة الزهراء (عليها السلام) سئلت : أي شيء خير للنساء ؟ أجابت : خَير لَهُنَّ أن لا يَرَيْنَ الرجالَ ، وَلا يَرَاهُنَّ الرجالُ . وقد منعت سيدة النساء الرجل الضرير من الدخول عليها وقالت : إن لم يكن يراني فأنا أراه ، وان لم يكن يراني يشم ريحي .
ولم تثني مصائب كربلاء السيدة زينب الحوراء (عليها السلام) عن الحجاب ولقد ذكرها وأوصاها الإمام الحسين (عليه السلام) و أوصى سائر النساء بالحجاب والحشمة فدعا النساء بأجمعهنَّ ، وقال لهنَّ : (( استعدّوا للبلاء ، واعلموا أنّ الله حافظكم وحاميكم ، وسينجيكم من شرّ الأعداء ، ويجعل عاقبة أمركم إلى خير ، ويعذّب أعاديكم بأنواع العذاب ، ويعوّضكم عن هذه البلية بأنواع النعم والكرامة ، فلا تشْكُوا ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص قدركم . ثمّ أمرهنَّ بلبس أزرهنَّ ومقانعهنَّ ، فسألته السيّدة زينب عن سبب ذلك ، فقال : كأنّي أراكم عن قريب كالإماء والعبيد ، يسوقونكم أمام الرِكاب ، ويسومونكم سوء العذاب . فلمّا سمعت السيّدة زينب ذلك بكت ونادت : وا وحدتاه ! وا قلة ناصراه ! ولطمت على وجهها ....... إلى أن قالت : يابن اُمّي ، طب نفساً ، وقرّ عيناً ، فإنّك تجدني كما تحبّ وترضى )) . (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الآية 59 من سورة الأحزاب .
(2) الآية 31 من سورة النور .
(3) زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد / السيد محمد كاظم القزويني / الصفحة 280 - 283 .
تعليق