من قصص سلسلة تائهات في الطريق
أمي أدركيني
تمتمت شفتاها بهذه الكلمات التي تكررها منذ دخلت المشفى للعلاج من حالة التسمم بالغاز التي أصابتها،
فقد تحلّق حولها الأطباء ليحاولوا إنقاذها خصوصاً وإنها مصابة بالربو منذ الصغر مما جعل علاجها صعباً جداً،
وفي الرواق جلست امرأة القرفصاء تبكي كأنها طفلة أضاعت أباها تكلم نفسها كالذي أصابه مس:
أنا من أضعت ابنتي، أنا من تركتها لوحدها، كان عليّ أن أطفئ الطباخ قبل أن اخرج يومياً كعادتي إلى جاراتي
ولكني اعتمدت عليها في إطفائه ككل يوم، آه يا ابنتي الآن أحسست بكِ كنت تكابدين الوحدة بينما استمتع
بالأحاديث والضحك الذي أصبح شغلي الشاغل، إذ إنني اخرج من البيت صباحاً أدور على بيوت الجيران
ولا أعود إليه إلاّ حين عودة أبيك من العمل تاركة أعباء المنزل على كتفيك الصغيرين وحينما أعود وأجد
تقصيراً أقوم بتأنيبك وأحياناً ضربك، وفي أحيان كثيرة أتركك وأبيت لليالٍ عند الأقرباء والأصدقاء
لا اعلم عن البيت شيئاً سوى أني تركت فيه من تؤدي مهامه، كم كنت تقولين لي: أمي أنا تعبة وأنا لا اهتم
لقولك، أتمنى لو كنت فكرت أن اجلس معكِ يوماً واحداً عوضاً عن جاراتي، ولكن لا ينفع التمني الآن،
ماذا لو كنت اتخذتك صديقة بدلاً منهنّ؟ ماذا لو احتضنتك وقضيت أوقاتي معكِ؟
بينما هي تدور في دوّامة الأمنيات خرج الأطباء من غرفة ابنتها ليطمئنوها بأنهم استطاعوا بصعوبة إنقاذ حياة
ابنتها لأنها استنشقت كميات كبيرة من الغاز مما يؤدي إلى مشاكل في التنفس ستعاني منها مستقبلاً لذا فمن
الضروري ألاّ تقوم بأي مجهود في البيت طوال حياتها لأنها ستكون معرضة للخطر وعليها أن لا تطيل في
الكلام أيضاً لأنه يتعبها ويجهد رئتيها، وقع كلام الأطباء عليها كالصاعقة على أم رأسها ثم قادتها قدماها نحو
سرير الابنة التي انتزعت الكمامة وبدأت تعاتبها:
مرّ وقت طويل وأنا أناديك أمي أدركيني ولكن ما من مجيب،
أين كنت؟
أمي أدركيني
تمتمت شفتاها بهذه الكلمات التي تكررها منذ دخلت المشفى للعلاج من حالة التسمم بالغاز التي أصابتها،
فقد تحلّق حولها الأطباء ليحاولوا إنقاذها خصوصاً وإنها مصابة بالربو منذ الصغر مما جعل علاجها صعباً جداً،
وفي الرواق جلست امرأة القرفصاء تبكي كأنها طفلة أضاعت أباها تكلم نفسها كالذي أصابه مس:
أنا من أضعت ابنتي، أنا من تركتها لوحدها، كان عليّ أن أطفئ الطباخ قبل أن اخرج يومياً كعادتي إلى جاراتي
ولكني اعتمدت عليها في إطفائه ككل يوم، آه يا ابنتي الآن أحسست بكِ كنت تكابدين الوحدة بينما استمتع
بالأحاديث والضحك الذي أصبح شغلي الشاغل، إذ إنني اخرج من البيت صباحاً أدور على بيوت الجيران
ولا أعود إليه إلاّ حين عودة أبيك من العمل تاركة أعباء المنزل على كتفيك الصغيرين وحينما أعود وأجد
تقصيراً أقوم بتأنيبك وأحياناً ضربك، وفي أحيان كثيرة أتركك وأبيت لليالٍ عند الأقرباء والأصدقاء
لا اعلم عن البيت شيئاً سوى أني تركت فيه من تؤدي مهامه، كم كنت تقولين لي: أمي أنا تعبة وأنا لا اهتم
لقولك، أتمنى لو كنت فكرت أن اجلس معكِ يوماً واحداً عوضاً عن جاراتي، ولكن لا ينفع التمني الآن،
ماذا لو كنت اتخذتك صديقة بدلاً منهنّ؟ ماذا لو احتضنتك وقضيت أوقاتي معكِ؟
بينما هي تدور في دوّامة الأمنيات خرج الأطباء من غرفة ابنتها ليطمئنوها بأنهم استطاعوا بصعوبة إنقاذ حياة
ابنتها لأنها استنشقت كميات كبيرة من الغاز مما يؤدي إلى مشاكل في التنفس ستعاني منها مستقبلاً لذا فمن
الضروري ألاّ تقوم بأي مجهود في البيت طوال حياتها لأنها ستكون معرضة للخطر وعليها أن لا تطيل في
الكلام أيضاً لأنه يتعبها ويجهد رئتيها، وقع كلام الأطباء عليها كالصاعقة على أم رأسها ثم قادتها قدماها نحو
سرير الابنة التي انتزعت الكمامة وبدأت تعاتبها:
مرّ وقت طويل وأنا أناديك أمي أدركيني ولكن ما من مجيب،
أين كنت؟
تعليق