اللهم صل على محمد وآل محمد
قد يتبادر الى الذهن إن لازم التحذير من التفكير بالمعصية هو الغضب و الإنتقام على من يرتكبها . إلا إن الأمر ليس كذلك فحتى المؤمن الذي يمر في هذه المرحلة لسبب أو لآخر فإن لطف الله (تبارك و تعالى) يشمله بعدم محاسبته على ما يخطر في ذهنه من الهم بالذنب أو التفكير في المعصية .
و قد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في هذا المقام إنه قال : " ان آدم (عليه السلام) قال : يا رب !.. سلطت عليّ الشيطان ، واجريته مني مجرى الدم ، فاجعل لي شيئاً .. فقال: يا اَدم !.. جعلت لك ان من همّ من ذريتك بسيّئة لم تكتب عليه سيئة ، ومن هم منهم بحسنة فان لم يعملها كتبت له حسنة ، فان هو عملها كتبت له عشراً " (1)
فعلى المؤمن أن يستفيد من هذا اللطف الالهي و يستثمر هذه الفرصة في ذكر الله (تعالى ) و يستشعر المقام الإلهي ليتوقف عن الاسترسال في التفكير في المعصية لئلا تتحول الى حيز التنفيذ .
و لا يتوقف اللطف الالهي عند مرحلة التفكير بالذنب ، بل و حتى في مرحلة إرتكاب الذنب فقد روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله ) : " صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال، فإذا عمل العبد السيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال لا تعجل و أنظره سبع ساعات، فإن مضى سبع ساعات و لم يستغفر قال اكتب، فما أقل حياء هذا العبد "(2)
و حتى لو لم يستغفر العبد و كُتِبت عليه سيئة جراء إرتكابه للمعصية فإن اللطف الالهي و الرحمة الربانية لا يغلقان بوجه العبد . بل يمكنه اللجوء الى التوبة لتمحى سيئاته . قال (تعالى) : " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) " (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*(1) بحار الأنوار ج108 ص75*
*(2) الأمالي للطوسي ج1 ص233*
*(3) الزمر 53*