بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين ، وعجل فرجهم الشريف
استوقفني قوله تعالى :
" وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين " .
فهل التثنية هنا حقيقية ؟ أم لا ؟
لماذا نسأل ؟
لاحظ الآيات الكريمة التالية ، حيث نجد فيها نفس الشبـــهة بـــين التثنية والجمع ، يقول تعالى :
" فإذا هم فريقان يختصمون " .
تتحدث الآية عن " فريقين " إثنين ، ولكنها مع ذلك تجمع "يختصمون " ولم يقل ( يختصمان ) .
ويبدو أن ذلك من باب كون المقصود هنا هم الجموع التي تشكل أفراد الفريقين .. لذا صح استخدام الجمع مع أن (فريقين) مثنى .
وكقوله تعالى :
" وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بين أخويكم " .
فلاحظ كيف يقول " طائفتان " ، ويقول عنهما " اقتتلوا " بالجمع ، وكيف يردفها بقوله " أخويكم " بالتثنية .
حيث يبدو واضحا أن التثنية نابعة من كونهما فريقين ، والجمع ناتج من كون المقصودون جمع حقيقي وراء هذين الفريقين .
وأيضا ، قوله :
" هذان خصمان اختصموا في ربهم " .
فالإشارة هنا إلى مجموعتين " خصمان " ، وأما قوله " اختصموا " فيشير إلى أن الخصمين إنما هم مجموعة من الأفراد .. لذا صح الجمع .
نعود لقوله تعالى :
" وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين " .. فهل الجمع هنا حقيقي ؟ أم لا ؟
لاحظ :
أولا : إن الكلام عن تثنية حقيقية ، بدلالة بقاء التثنية مستمرة حتى نهاية الآية " الذيْن " و " اضلانا " و " نجعلهما " و" ليكونا " .
ثانيا : لاحظ قوله تعالى " ليكونا من الأسفلين " ، وعلاقة هذه الآية بقوله تعالى : " إن المنافقين لفي الدرك الأسفل من النار " ، مما يدل على أن هذين الإثنين المذكورين هما من المنافقين بل رأسين في المنافقين استحقا أن تنزل بهما الآية .
ثالثا : نقطة التوقف التي قد تشتبه على القاريء المتدبر هي الجملة الإعتراضية " من الجن والإنس " ، والواقع بأن أنسب موقع لها تفسيرا هو هكذا :
( وقال الذين كفروا من الجن والإنس : ربنا أرنا الذين أضلانا نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين ) .
أو : ( وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا ( نحن ) من الجن والإنس ، نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين ) .
فلو كان المقصود أن الذين اضلانا هما من جنس الجن والإنس لكان الأنسب أن يقول ( وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلونا من الجن والإنس نجعلهم تحت أقدامنا ليكونوا من الأسفلين ) .. وهذا هو الصحيح بدلا عن التثنية التي لا تطابق الحقيقة إن كان المقصودون مجموعة ، كتلك المستخدمة في قوله تعالى : " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بين أخويكم " حيث يتعامل هكذا مع الجمع الحقيقي .
فخلاصة الفهم :
إن عدد الذين أسسا الضلال في هذه الأمة في الأساس إثنين ، وعدد الذين ضلوا كبير كما توضح الآية حسب شكوى الجن والإنس.
وأما عن هوية الإثنين :
فلا نجد في الواقع أن هنالك ( إثنان ) في المسلمين قادا أتباعهما إلى قعر النار سوى اثنين ، هما الجبت والطاغوت .
ويؤكد ذلك وروده على لسان المعصومين ، كما في الكافي الشريف للمرحوم الكليني:
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قول الله تبارك و تعالى :
" ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنها ليكونا من الاسفلين " قال : هما ، ثم قال : وكان فلان شيطانا [1] .
وفيه ، في الجزء 8 ص 334 :
عن سورة بن كليب عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قول الله تبارك وتعالى : " ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الاسفلين " قال : يا سورة ، هما والله هما - ثلاثا ، والله يا سورة إنا لخزان علم الله في السماء ، وإنا لخزان علم الله في الارض " .
والحمد لله رب العالمين
[1] - ج 8 ص 334 .
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين ، وعجل فرجهم الشريف
استوقفني قوله تعالى :
" وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين " .
فهل التثنية هنا حقيقية ؟ أم لا ؟
لماذا نسأل ؟
لاحظ الآيات الكريمة التالية ، حيث نجد فيها نفس الشبـــهة بـــين التثنية والجمع ، يقول تعالى :
" فإذا هم فريقان يختصمون " .
تتحدث الآية عن " فريقين " إثنين ، ولكنها مع ذلك تجمع "يختصمون " ولم يقل ( يختصمان ) .
ويبدو أن ذلك من باب كون المقصود هنا هم الجموع التي تشكل أفراد الفريقين .. لذا صح استخدام الجمع مع أن (فريقين) مثنى .
وكقوله تعالى :
" وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بين أخويكم " .
فلاحظ كيف يقول " طائفتان " ، ويقول عنهما " اقتتلوا " بالجمع ، وكيف يردفها بقوله " أخويكم " بالتثنية .
حيث يبدو واضحا أن التثنية نابعة من كونهما فريقين ، والجمع ناتج من كون المقصودون جمع حقيقي وراء هذين الفريقين .
وأيضا ، قوله :
" هذان خصمان اختصموا في ربهم " .
فالإشارة هنا إلى مجموعتين " خصمان " ، وأما قوله " اختصموا " فيشير إلى أن الخصمين إنما هم مجموعة من الأفراد .. لذا صح الجمع .
نعود لقوله تعالى :
" وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين " .. فهل الجمع هنا حقيقي ؟ أم لا ؟
لاحظ :
أولا : إن الكلام عن تثنية حقيقية ، بدلالة بقاء التثنية مستمرة حتى نهاية الآية " الذيْن " و " اضلانا " و " نجعلهما " و" ليكونا " .
ثانيا : لاحظ قوله تعالى " ليكونا من الأسفلين " ، وعلاقة هذه الآية بقوله تعالى : " إن المنافقين لفي الدرك الأسفل من النار " ، مما يدل على أن هذين الإثنين المذكورين هما من المنافقين بل رأسين في المنافقين استحقا أن تنزل بهما الآية .
ثالثا : نقطة التوقف التي قد تشتبه على القاريء المتدبر هي الجملة الإعتراضية " من الجن والإنس " ، والواقع بأن أنسب موقع لها تفسيرا هو هكذا :
( وقال الذين كفروا من الجن والإنس : ربنا أرنا الذين أضلانا نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين ) .
أو : ( وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا ( نحن ) من الجن والإنس ، نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين ) .
فلو كان المقصود أن الذين اضلانا هما من جنس الجن والإنس لكان الأنسب أن يقول ( وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلونا من الجن والإنس نجعلهم تحت أقدامنا ليكونوا من الأسفلين ) .. وهذا هو الصحيح بدلا عن التثنية التي لا تطابق الحقيقة إن كان المقصودون مجموعة ، كتلك المستخدمة في قوله تعالى : " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بين أخويكم " حيث يتعامل هكذا مع الجمع الحقيقي .
فخلاصة الفهم :
إن عدد الذين أسسا الضلال في هذه الأمة في الأساس إثنين ، وعدد الذين ضلوا كبير كما توضح الآية حسب شكوى الجن والإنس.
وأما عن هوية الإثنين :
فلا نجد في الواقع أن هنالك ( إثنان ) في المسلمين قادا أتباعهما إلى قعر النار سوى اثنين ، هما الجبت والطاغوت .
ويؤكد ذلك وروده على لسان المعصومين ، كما في الكافي الشريف للمرحوم الكليني:
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قول الله تبارك و تعالى :
" ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنها ليكونا من الاسفلين " قال : هما ، ثم قال : وكان فلان شيطانا [1] .
وفيه ، في الجزء 8 ص 334 :
عن سورة بن كليب عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قول الله تبارك وتعالى : " ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الاسفلين " قال : يا سورة ، هما والله هما - ثلاثا ، والله يا سورة إنا لخزان علم الله في السماء ، وإنا لخزان علم الله في الارض " .
والحمد لله رب العالمين
[1] - ج 8 ص 334 .
تعليق