معنى حصول جعفر والعباس (ع) على جناحين يطيران بهما في الجنة .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
روى الشيخ الصدوق الرواية التالية : (عن أحمد بن محمد بن الصقر ، عن موسى بن إسحاق القاضي ، عن أبي بكر بن شيبة ، عن حريز بن عبد الحميد ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس أنه قال : دار السلام الجنة ، وأهلها لهم السلامة من جميع الآفات و العاهات والأمراض والأسقام ، ولهم السلامة من الهرم والموت وتغير الأحوال عليهم ، وهم المكرمون الذين لا يهانون أبدا ، وهم الأعزاء الذين لا يذلون أبدا ، وهم الأغنياء الذين لا يفتقرون أبدا ، وهم السعداء الذين لا يشقون أبدا ، وهم الفرحون المسرورون الذين لا يغتمون ولا يهتمون أبدا ، وهم الاحياء الذين لا يموتون أبدا ، فمنهم في قصور الدر والمرجان ، أبوابها مشرعة إلى عرش الرحمن ، والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) - 1 -
والذي يعنينا من هذه الرواية هو المقطع التالي : ( دار السلام الجنة ، وأهلها لهم السلامة من جميع الآفات و العاهات والأمراض والأسقام .... ) وسنسلط الضوء على هذا المقطع لننطلق منه الى ما نريد التحدث عنه فنقول :
قد وردت الروايات الشريفة عن طريق النبي الاكرم محمد (ص) واهل البيت (ع) بأن بعض المؤمنين الذين قطعت أيديهم وهم في ساحات الجهاد في سبيل الله - وكان الجهاد بأمر رسول الله محمد (ص) او بأمر احد الائمة المعصومين (ع) - قد أبدلها الله سبحانه وتعالى بجناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة كجعفر بن ابي طالب المسمى بجعفر الطيار (ع) والعباس بن علي بن ابي طالب (ع) ومن هذه الروايات هي :
روي عن رسول الله (ص) انه قال : ( دخلت البارحة الجنة فإذا فيها جعفر يطير مع الملائكة ، وإذا حمزة مع أصحابه ) - 2 -
وروي عن الامام علي بن الحسين (ع) انه قال : ( رحم الله - 3 - العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب ، وإن للعباس عند الله تبارك وتعالى لمنزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة ) - 4 -
ولو تأمل القارئ هذا المقطع في رواية الشيخ الصدوق في معاني الاخبار ( دار السلام الجنة ، وأهلها لهم السلامة من جميع الآفات و العاهات والأمراض والأسقام .... ) مع هذا المقطع ( .... فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب .... ) قد يظن أويتوهم بأن هناك خلل أو تعارض بين الروايتين من ناحية المضمون ، ولكن يمكن دفع وهم وظن التعارض بين الروايتين بالنقاط التالية :
1 - ان المقطع المذكور أعلاه في رواية الامام السجاد (ع) ( .... فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب .... ) يتحدث عن الجنة البرزخية .
واما المقطع في رواية الشيخ الصدوق في معاني الاخبار ( دار السلام الجنة ، وأهلها لهم السلامة من جميع الآفات و العاهات والأمراض والأسقام .... ) يتحدث عن الجنة الأخروية . وبذلك يندفع التناقض الموهوم بين الروايتين .
2 - لو سلمنا و تنزلنا جدلا بأن الحديث في كلى الموضعين عن الجنة الاخروية يتحتم علينا لدفع التعرض و للجمع بين الخبرين ان نؤول معنى الجناح .
فليس المراد من الجناح هو العضو الذي يستخدم للطيران بل المراد به أمر أخر ولتوضيح ذلك نقول :
انقسمت الاقوال والاراء في مسألة أجنحة الملائكة بشكل عام إلى قسمين :
القسم 1 : يرى بأن الملائكة أجسام لطيفة نورانية قابلة على التمثّل والتشكّل في صور وأشكال مختلفة ، ولا يمنع ذلك من وجود الأجنحة للطيران والتحليق في آفاق السموات والأرض ، وأصحاب هذا الراي انقسموا بدورهم أيضا إلى فئتين :
أ - فئة تذهب إلى أنَّ لأجنحة الملائكة ريشاً وزغباً اعتمادا على بعض الروايات .
ب - وفئة ترى أن أجنحة الملائكة ليست من سنخ أجنحة الطيور من الريش والزغب وإنما تشترك معها في الوظيفة فقط وهي الانتقال والحركة من مكان إلى آخر .
القسم 2 : يرى بأن الملائكة موجودات عاقلة مجرّدة لا مادة لها وهي بذلك لا تحتاج إلى أجنحة كما للموجودات الجسمانية وأما الأجنحة فهي تعبرعن الاختلاف في الرتب والمقامات والقوى .
فعلى ما تقدم يمكننا القول بأن معنى المقطع التالي في رواية الامام السجاد (ع) ( .... فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب .... ) ليس هو الجناح المتبادر الى الذهن بل هو الرتبة والمنزلة والمقام والقرب الى الله سبحانه وتعالى بسبب تضحيته وجهاده في سبيل الله حتى نال الشهادة .
******************************
الهوامش :
1 - معاني الاخبار ، الشيخ الصدوق ، ص 55 .
2 - بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 22 ، ص 276 .
3 - في بعض الروايات : رحم الله عمي العباس .
4 - الخصال ، الشيخ الصدوق ، الصفحة 68 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
روى الشيخ الصدوق الرواية التالية : (عن أحمد بن محمد بن الصقر ، عن موسى بن إسحاق القاضي ، عن أبي بكر بن شيبة ، عن حريز بن عبد الحميد ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس أنه قال : دار السلام الجنة ، وأهلها لهم السلامة من جميع الآفات و العاهات والأمراض والأسقام ، ولهم السلامة من الهرم والموت وتغير الأحوال عليهم ، وهم المكرمون الذين لا يهانون أبدا ، وهم الأعزاء الذين لا يذلون أبدا ، وهم الأغنياء الذين لا يفتقرون أبدا ، وهم السعداء الذين لا يشقون أبدا ، وهم الفرحون المسرورون الذين لا يغتمون ولا يهتمون أبدا ، وهم الاحياء الذين لا يموتون أبدا ، فمنهم في قصور الدر والمرجان ، أبوابها مشرعة إلى عرش الرحمن ، والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) - 1 -
والذي يعنينا من هذه الرواية هو المقطع التالي : ( دار السلام الجنة ، وأهلها لهم السلامة من جميع الآفات و العاهات والأمراض والأسقام .... ) وسنسلط الضوء على هذا المقطع لننطلق منه الى ما نريد التحدث عنه فنقول :
قد وردت الروايات الشريفة عن طريق النبي الاكرم محمد (ص) واهل البيت (ع) بأن بعض المؤمنين الذين قطعت أيديهم وهم في ساحات الجهاد في سبيل الله - وكان الجهاد بأمر رسول الله محمد (ص) او بأمر احد الائمة المعصومين (ع) - قد أبدلها الله سبحانه وتعالى بجناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة كجعفر بن ابي طالب المسمى بجعفر الطيار (ع) والعباس بن علي بن ابي طالب (ع) ومن هذه الروايات هي :
روي عن رسول الله (ص) انه قال : ( دخلت البارحة الجنة فإذا فيها جعفر يطير مع الملائكة ، وإذا حمزة مع أصحابه ) - 2 -
وروي عن الامام علي بن الحسين (ع) انه قال : ( رحم الله - 3 - العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب ، وإن للعباس عند الله تبارك وتعالى لمنزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة ) - 4 -
ولو تأمل القارئ هذا المقطع في رواية الشيخ الصدوق في معاني الاخبار ( دار السلام الجنة ، وأهلها لهم السلامة من جميع الآفات و العاهات والأمراض والأسقام .... ) مع هذا المقطع ( .... فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب .... ) قد يظن أويتوهم بأن هناك خلل أو تعارض بين الروايتين من ناحية المضمون ، ولكن يمكن دفع وهم وظن التعارض بين الروايتين بالنقاط التالية :
1 - ان المقطع المذكور أعلاه في رواية الامام السجاد (ع) ( .... فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب .... ) يتحدث عن الجنة البرزخية .
واما المقطع في رواية الشيخ الصدوق في معاني الاخبار ( دار السلام الجنة ، وأهلها لهم السلامة من جميع الآفات و العاهات والأمراض والأسقام .... ) يتحدث عن الجنة الأخروية . وبذلك يندفع التناقض الموهوم بين الروايتين .
2 - لو سلمنا و تنزلنا جدلا بأن الحديث في كلى الموضعين عن الجنة الاخروية يتحتم علينا لدفع التعرض و للجمع بين الخبرين ان نؤول معنى الجناح .
فليس المراد من الجناح هو العضو الذي يستخدم للطيران بل المراد به أمر أخر ولتوضيح ذلك نقول :
انقسمت الاقوال والاراء في مسألة أجنحة الملائكة بشكل عام إلى قسمين :
القسم 1 : يرى بأن الملائكة أجسام لطيفة نورانية قابلة على التمثّل والتشكّل في صور وأشكال مختلفة ، ولا يمنع ذلك من وجود الأجنحة للطيران والتحليق في آفاق السموات والأرض ، وأصحاب هذا الراي انقسموا بدورهم أيضا إلى فئتين :
أ - فئة تذهب إلى أنَّ لأجنحة الملائكة ريشاً وزغباً اعتمادا على بعض الروايات .
ب - وفئة ترى أن أجنحة الملائكة ليست من سنخ أجنحة الطيور من الريش والزغب وإنما تشترك معها في الوظيفة فقط وهي الانتقال والحركة من مكان إلى آخر .
القسم 2 : يرى بأن الملائكة موجودات عاقلة مجرّدة لا مادة لها وهي بذلك لا تحتاج إلى أجنحة كما للموجودات الجسمانية وأما الأجنحة فهي تعبرعن الاختلاف في الرتب والمقامات والقوى .
فعلى ما تقدم يمكننا القول بأن معنى المقطع التالي في رواية الامام السجاد (ع) ( .... فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب .... ) ليس هو الجناح المتبادر الى الذهن بل هو الرتبة والمنزلة والمقام والقرب الى الله سبحانه وتعالى بسبب تضحيته وجهاده في سبيل الله حتى نال الشهادة .
******************************
الهوامش :
1 - معاني الاخبار ، الشيخ الصدوق ، ص 55 .
2 - بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 22 ، ص 276 .
3 - في بعض الروايات : رحم الله عمي العباس .
4 - الخصال ، الشيخ الصدوق ، الصفحة 68 .
تعليق