بسم الله الرحمن الرحيم
*أصبحتُ والله يا جابر محزوناً مشغول القلب*.
فقال جابر :
جعلت فداك ما حزنك وشغل قلبك كل هذا على الدنيا؟ .
فقال عليه السلام:
*لا يا جابر !!! ولكن حزن هم الآخرة*.
*يا جابر من دخل قلبه خالص حقيقة الإيمان ؛ شغل عما في الدنيا من زينتها*.
*إن زينة زهرة الدنيا إنما هو لعب ولهو، وإن الدار الآخرة لهي الحيوان*.
*يا جابر إن المؤمن لا ينبغي له أن يركن ويطمئن إلى زهرة الحياة الدنيا*.
*واعلم أن أبناء الدنيا هم أهل غفلة وغرور وجهالة*.
*وأن أبناء الآخرة هم المؤمنون العاملون الزاهدون، أهل العلم والفقه، وأهل فكرة واعتبار واختبار، لا يملون من ذكر الله*.
*واعلم يا جابر أن أهل التقوى هم الأغنياء، أغناهم القليل من الدنيا فمؤونتهم يسيرة*.
*إنْ نسيتَ الخير ذَكَّرُوكَ، وإن عَملتَ به أعانوك*.
*أخرَوا شهواتهم ولذاتهم خلفهم*.
*وقدّموا طاعة ربهم أمامهم*.
*ونظروا إلى سبيل الخير وإلى ولاية أحباء الله فأحبوهم، وتولوهم واتبعوهم*.
*فأنزِلْ نفسَك من الدنيا ؛ كمثل منزلٍ نزلْتَهُ ساعة ثم ارتحلتَ عنه*.
*أو كمثل مالٍ استفدتَه في منامك ؛ ففرحتَ به وسررت ، ثم انتبهتَ من رقدتكَ وليس في يدك شيء*.
*وإني إنما ضربتُ لك مثلا لتعقلَ وتعملَ به ، إن وفقك الله له*.
*فاحفظ يا جابر ما استودعك من دين الله وحكمته*.
*وانصح لنفسك، وانظر ما الله عندك في حياتك*.
*فكذلك يكون لك العهد عنده في مرجعك*.
*وانظر فإن تكن الدنيا عندك على [غير] ما وصفت لك؛ فتحول عنها إلى دار المستعتب اليوم*.
*فلَرُبَّ حريص ٍ على أمر من أمور الدنيا قد ناله، فلما ناله كان عليه وبالاً وشقي به*.
*ولَرُبَّ كارهٍ لأمر من أمور الآخرة ؛ قد ناله فسعد به*.
------------------------------------
بحار الأنوار.-العلامة المجلسي.-الجزء : ٧٥.ص :١٦٥.